صفع معمم في الشارع.. لماذا سقطت مكانة آيات الله في ايران؟
في ظل تصاعد الغضب الشعبي من رجال الدين ونظام ولي الفقيه الحاكم في ايران، اقدم شاب على صفح معمم على وجه، في شمال ايران.
وتداول نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي فير ايران، فيديو لشباب في العشرينيات يصفع رجل دين في الشارع على وجه، وهو ما يضع الشاب تحت طاولة القانون في ظل حامية القانون الايراني لرجال الدين.
وأوضحت تقارير ايرانية، إلى ان وقاعة صفع رجل الدين وقعت في مدينة كياشهر التابعة لمحافظة جيلان، شمالي إيران.
كما نزع شاب عمامة إمام جمعة مدينة آستانه أشرفية من على رأسه، و"لاذ بالفرار"، ولكن تم إلقاء القبض علي الشاب.
ويحظى رجال الدين في إيران بمكانة خاصة منذ سقوط نظام الشاه، ومساعدتهم للخمينى على إنجاحها، وبالطبع حاولوا ومازال الحفاظ على مكتسبات الثورة والمكانة الكبيرة التى منحتها لهم، لا يخفى أن دستور الجمهورية الإسلامية ونهجها السياسي يمنحان رجال الدين امتيازات فريدة. فهم غير ملزمين بالخدمة العسكرية الإجبارية المفروضة في البلاد، كما أنهم معفيين، هم ومؤسساتهم من الضرائب. بالإضافة إلى ذلك يملك آيات الله حقاً حصرياً في غالبية المراكز الرفيعة داخل النظام ومن بينها منصب المرشد الأعلى، ووزير الاستخبارات، ورئيس السلطة القضائية، و"مجلس خبراء القيادة"، ونصف أعضاء "مجلس صيانة الدستور" الذي يتمتع بنفوذ كبير.
ولكن في السنوات الاخيرة شهدت مكانته تراجعا كبير خاصة وسط الشعب في ظل تخضم ثروات "آيات الله" وعلى حساب الشعب الايراني.
وخلال السنوات الاخيرة تصاعدت الاتهامات المتبادلة بين رجال الدين في إيران بالفساد والتشكيك في النزاهة المالية وطريقة تكوين الثروة؛ في البداية، كان الكشف عن فساد رجال الدين يتمُّ على يد المعارضين في الخارج. ومع ظهور التيار الإصلاحي وتوليه رئاسة السلطة التنفيذية بتولي محمد خاتمي رئاسة الجمهورية في عام 1997م، بات الكشف عن فساد رجال الدين يظهرُ من الداخل أيضًا، لكن على يد رجال التيار الإصلاحي وهم في الأغلب ليسوا برجال دين. ثم جاءت مرحلة أحمدي نجاد الذي هاجم فساد الراحل هاشمي رفسنجاني علانيةً، وبعض رجال الدين الآخرين ممن عُرفوا بالمحافظين التقليديين، وبعد ابتعاد أحمدي نجاد عن دوائر الحكم شنَّ هجومًا حادًّا على الأخوين لاريجاني مُتهمًا إياهما بالفساد المالي والسياسي وكبت الحريات والاعتداء على المواطنين.
كذلك تعرض رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام ورئيس السلطة القضائية السابق، صادق لاريجاني، لهجوم شديد من قبل عضو مجلس خبراء القيادة في إيران وأحد أبرز علماء الدين الإيرانيين آية الله الشيخ تقى مصباح اليزدي، على خلفية اتهامه بالفساد واستغلال نفوذه داخل المؤسسات الحكومية للقيام بأعمال غير مشروعة.
كما تم توجيه الاتهام إلى صادق لاريجانى أيضًا من قبل حكومة الرئيس الإيرانى الحالى حسن روحانى بسبب الكشف عن امتلاكه حسابات مالية خاصة ليضع فيها الغرامات المالية التى يحصلها الجهاز الذى يتولى قيادته من المتقاضين.
كما فتح باب انتقاد السلطة القضائية وقائدها الباب على مصراعيه لكشف الفساد الموجود داخل الحوزات العلمية التى يٌنظر إليها من قبل المجتمع الإيراني، على أنها باتت بمثابة قصور لرجال الدين وليست مدارس لتلقى العلوم الفقهية.
وأشار الكثير من المحللين إلى أن أسرة لاريجانى تمثل حالة من احتكار السلطة الموجودة داخل المجتمع الإيرانى على خلفية الدعم غير المحدود الذى تتلقاه من المرشد الأعلى على خامنئي؛ حيث تبوء كل من صادق وعلى لاريجانى الكثير من المناصب، فحصل صادق في سن الثامنة والثلاثين على عضوية مجلس الخبراء ثم عضوية مجلس صيانة الدستور ثم رئيسًا للسلطة القضائية ثم رئيسًا لمجمع تشخيص مصلحة النظام في عام ٢٠١٨، أما فيما يتعلق بـ"على" فيشغل منصب رئيس مجلس الشورى الإسلامى (البرلمان الإيراني) لمدة ٣ دورات متتالية منذ عام ٢٠٠٨.
إلّا أنّ قلق رجال الدين من تراجع نفوذهم بلغ حدّ التشهير به على الملأ. ففي عام 2016، قام "مكتب التوعية الإسلامية"، وهو منظمة دينية ضخمة تابعة للنظام وخاضعة لإشراف خامنئي، بعقد ندوة تحت عنوان "الهيبة السياسية الاجتماعية لرجال الدين في العقد الرابع من الجمهورية الإسلامية". وتطرق المتحدثون إلى أسباب تراجع مكانتهم السياسية والاجتماعية، وأقرّوا بأن المشكلة وصلت إلى مرحلة حاسمة.