تزايد أعمال العنف في الصومال وانتشار قوات الأمن في العاصمة
الثلاثاء 27/أبريل/2021 - 03:07 ص
طباعة
حسام الحداد
اندلع القتال في العاصمة الصومالية مقديشو مع تصاعد التوتر بين قوات الرئيس محمد عبد الله محمد ومجموعات معارضة في أسوأ أعمال عنف تشهدها البلاد منذ سنوات.
جاءت الاشتباكات بعد الفشل في إجراء انتخابات أواخر 2020 ومطلع 2021 كما هو مقرر بسبب غياب الإجماع السياسي وتمديد الرئيس ولايته لمدة عامين، ما جعل هذه الدولة المضطربة في منطقة القرن الأفريقي على شفير أزمة جديدة.
وخيمت حالة من التوتر الأمنى على العاصمة الصومالية مقديشو، منذ أمس الأول، حيث أغلق مقاتلون موالون للمعارضة، منافذ الدخول إلى بعض الأحياء، وحولوها إلى ثكنة عسكرية، غداة اندلاع مواجهات بينهم فى مواجهة الجيش الصومالى، على خلفية أزمة تمديد ولاية الرئيس محمد عبدالله محمد «فرماجو»، وتم تقييد الحركة على المحاور الرئيسية للعاصمة، ونصب مسلحون حواجز ليلا على الطرق المؤدية إلى معاقل المعارضة بينما انتشر مسلحون وعربات مزودة بأسلحة رشاشة.
ومطلع فجر أمس خفت حدة الاشتباكات لكن الطرقات المؤدية الى الاحياء التي شهدت مواجهات ظلت مقطوعة بأكياس الرمل وجذوع الاشجار، وبعض السكان كانوا يتحضرون للفرار خوفا من تجدد أعمال العنف في العاصمة.
يواجه الرئيس محمد عبد الله محمد المعروف بلقب فرماجو مجموعة من الخصوم بعضهم قادر على حشد ميليشيات مسلحة بشكل جيد وموالية للقبائل.
وادعى الرئيس الصومالي السابق حسن شيخ محمود أن القوات الموالية لفرماجو هاجمت منزله في مقديشو، لكن الحكومة نفت ذلك قائلة إن قواتها صدت اعتداءات عدة من قبل "ميليشيا منظمة دخلت العاصمة".
وتم إغلاق بعض المدارس والجامعات في وقت استمرت فيه الحياة بشكل طبيعي في بعض أجزاء العاصمة.
تصاعدت الحدة السياسية في مقديشو التي تعد من المناطق القليلة في الصومال الخاضعة لسيطرة الحكومة المركزية منذ فبراير الماضي، بعد انقضاء ولاية فرماجو الرئاسية التي استمرت أربع سنوات وقبل إجراء انتخابات جديدة.
خصوم فرماجو اتهموه برفضه ترك منصبه ونظموا احتجاجات في الشوارع ضد استمرار حكمه انتهت بإطلاق النار واثارة الفوضى.
ومع ازدياد التوترات وقّع فرماجو في وقت سابق من هذا الشهر على قانون مثير للجدل لتمديد ولايته متعهدا بإجراء انتخابات في غضون عامين.
وحسب مونتكارلو أعلن خصوم فرماجو عدم دستورية هذه الخطوة، كما لاقت رفض الدول الغربية الداعمة للصومال التي حضت الرئيس للعودة الى طاولة المفاوضات وهددت بفرض عقوبات في حال لم يمتثل.
أخذت الأزمة منحى تصاعديا بين فرماجو وزعيمي بونتلاند وجوبالاند، وهما ولايتان من ولايات الصومال الخمس شبه المستقلة، لتصل الى خلاف حول كيفية إجراء الانتخابات.
وفي سبتمبر الماضي تم التوصل الى اتفاق مهد الطريق لإجراء انتخابات غير مباشرة بحلول فبراير الماضي، لكن هذا الاتفاق انهار وفشلت جولات متعددة من المفاوضات المدعومة من الأمم المتحدة في احداث خرق.
شكل خصوم فرماجو في بونتلاند وجوبالاند تحالفات مع طامحين للرئاسة وغيرهم من شخصيات المعارضة المهمة في مقديشو.
وبين هؤلاء رئيسان سابقان ورئيس مجلس شيوخ لم يحظ بفرصة مراجعة قانون تمديد الولاية الرئاسية قبل اقراره واعتباره باطلا ولاغيا.
وحذر الرؤساء السابقون من الحكم بمرسوم يهدد السلام والاستقرار في الصومال، وهو تحذير ينطوي على تهديد بالنظر الى ان جوبالاند والقوات الصومالية شاركتا في المواجهات، وبعض أعداء فرماجو يقودون ميليشيات قبلية.
ويخشى محللون من انقسام قوات الأمن الصومالية على أسس سياسية وقبلية وان تتحول مقديشو الى مسرح لحرب شوارع.
وأعربت سفارة بريطانيا ومبعوث الاتحاد الأوروبي في مقديشو عن قلقهما إزاء أعمال العنف الأخيرة، فيما حضت بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة الى الصومال على "التزام الهدوء وضبط النفس الى اقصى الحدود من قبل جميع الأطراف".
وكتبت البعثة على تويتر "العنف ليس هو الحل للمأزق السياسي الحالي. ندعو جميع الأطراف بشكل عاجل الى استئناف الحوار بشكل فوري".
لكن محللين يقولون إن فرماجو يعتمد على دعم قطر وتركيا وحلفاء إقليميين مثل اريتريا واثيوبيا مستغلا الانقسامات الغربية بشأن كيفية التعامل مع الإدارة المتمردة.
وحذرت الأمم المتحدة منذ شهور من أن المجتمع الدولي الذي يقدم المساعدات المالية للصومال لن يتساهل مع أي تأخير إضافي للانتخابات أو تمديد للولاية الرئاسية.
وتصب الأزمة مباشرة في مصلحة حركة الشباب المتطرفة التي تسيطر على مساحات شاسعة من الصومال وتسعى للإطاحة بالحكومة في مقديشو وفرض الشريعة الإسلامية.
ونشرت الحركة المرتبطة بالقاعدة مقاطع فيديو دعائية في الأسابيع الأخيرة تستغل هذه الفوضى السياسية وتصور النخبة السياسية في البلاد على أنها متعطشة للسلطة وغير صالحة للحكم.
وقالت موريثي موتيغا من مجموعة الأزمات الدولية إن الخلاف الداخلي يمنح حركة الشباب فرصة لاستغلال الانقسامات في القوات المسلحة وتعزيز أجندتها العنيفة.
وأضافت المسؤولة عن القرن الأفريقي في المجموعة لوكالة فرانس برس أن "هذه بمثابة هدية لحركة الشباب"