هل يكتب الإخوان فى ليبيا سيناريو انتهاء التنظيم الدولي.. ؟
الثلاثاء 04/مايو/2021 - 03:39 م
طباعة
حسام الحداد
فى خطوة مفاجئة، أفادت جماعة "الإخوان المسلمون" الليبية في 2 مايو 2021، بانتقالها إلى جمعية باسم "الإحياء والتجديد"، وبأن "هذه الجمعية ستؤدي رسالتها في المجتمع الليبي من خلال عملها الدؤوب في مجالات العمل العام".
وفي بيان لها، قالت جماعة "الإخوان المسلمون" الليبية إنه "إيمانا منها بأن المدخل الحضاري للتغيير والنهضة هو العمل المجتمعي، للإسهام في قيام مجتمع مدني لا يضيق بالتنوع والاختلاف".
وأضافت: "نعلن لكل الليبيين أن الجماعة قد انتقلت بتوفيق الله وعونه إلى جمعية تحمل اسم "الإحياء والتجديد"، إحياء بالدعوة إلى التمسك بمنهج الإسلام الوسطي وتعاليمه"، مشيرة إلى أن "هذا التطور جاء عقب مؤتمري الجماعة العاشر والحادي عشر، وبعد جولات من الحوار والبحث انتظم فيها أعضاء الجماعة في ورش عمل متعددة".
وحثت جمعية "الإحياء والتجديد" أبناء وبنات الوطن على "التعاون والعمل معنا لتحقيق ما نصبو إليه جميعا لرفعة الوطن، وترسيخ هويته الجامعة".
وبحسب البيان، خلال 10 سنوات، تعرضت جماعة الإخوان في ليبيا لـ"التشويه والتزوير بغية إقصائها عن مجتمعها، ونشر ظلال الشك حول أهدافها النبيلة".
وأشار بيان الجماعة إلى أن "مراعاة متغيرات الواقع أمر تقتضيه الحكمة ويفرضه منطق العقل"، وأن الجماعة "تتعامل مع كل مرحلة بما تستحقها من مطالب الاجتهاد وواجبات التغيير".
وبحسب قناة العربية، أجمع مراقبون ومحللون ليبيون على أن إعلان تنظيم الإخوان فى بلادهم عن تغيير اسمه وهويته وانتقاله إلى جمعية تحت اسم "الإحياء والتجديد" هو "مناورة إخوانية" الهدف منها تجديد نفسه وإعادة تنظيم صفوفه للوصول إلى السلطة عبر الانتخابات القادمة، خاصة بعد تراجع شعبية هذه الجماعة داخل ليبيا وتلقيها عدة ضربات وخسائر أدت إلى انقسامها، إضافة إلى انكشاف خططها وارتباطاتها بالتنظيمات المتطرفة والإرهابية.
اعتبر المحلل السياسى فرج الفركاش أن الغرض من تغيير الاسم كما هو معلن هو نفض عباءة جماعة "الإخوان" المعروفة بارتباطاتها الخارجية خاصة مع الجماعة الأم فى مصر ومحاولة التموضع داخليا، مضيفا أنه اعتراف منهم أن اسم "جماعة الإخوان المسلمين" أصبح عبئا بعد أن تم تصنيفه فى بعض الدول العربية كجماعة إرهابية، وفقا لما جاء فى قناة العربية.
وأضاف فركاش، أن انخراط هذه الجماعة تحت اسمها الجديد "الإحياء والتجديد" فى العمل السياسى لا يزال أمرا غير معلوم، لافتا إلى أنه سيكون من الصعب التخلى عن إرث الماضى بوجود القيادات الحالية المرتبطة ارتباطا وثيقا بـ"جماعة الإخوان" التقليدية، والتى ستكون أمام مهمة صعبة لاستعادة ثقة الشارع الليبى، خاصة بعدما لطخت الحقبة الماضية من استحواذ على بعض المؤسسات وتمكينها فيها وحرب "فجر ليبيا" وتغاضيها عن بعض الجماعات المصنفة إرهابيا، وأحيانا دعمها لها سياسيا وماديا، وعدم اعترافها المبكر بوجود الإرهاب من سمعتها أكثر وجعل منها مادة إعلامية ثرية، كما قلّل من حظوظها فى كسب أى مقاعد فى انتخابات برلمانية سابقة أو قادمة.
سقوط أحلام الإخوان في ليبيا
ويسعى تنظيم الإخوان الإرهابي للعودة إلى المشهد السياسي الليبي بكل الطرق، وذلك بعد سقوطه في انتخابات مجلس النواب الليبي منذ 4 سنوات، وهو السقوط الذي قضى على أحلام التنظيم الإرهابي في الهيمنة على ثروات ومقدرات أبناء الشعب الليبي.
وفي مقال له حول هذا الموضوع نشر في الشرق الأوسط قال الكاتب والباحث الليبي جبريل العبيدي أن التجارب مع تنظيم "الجماعة"، تجعلنا نتلقى الخبر بحذر شديد جداً، خصوصاً أنَّ الجماعة وأعضاءها تكررت منهم حالات التلون والتبدل والنكوص في حالات كثيرة، ولهذا، في نظر أغلب المراقبين، فإنَّ هذا الإعلان ليس سوى تكتيك لجماعة وتنظيم ارتبط بالتقية والتضليل ونكث العهود والمراوغة.
الدارس والمطلع على تنظيم "الجماعة"، والقوانين المنظمة له، سيكون في دهشة أمام هذا الإعلان؛ لأن النظام الداخلي لتنظيم "الجماعة" العالمي وحالة الارتباط فيه تنظمها بيعة معقودة بالولاء، ويعدّ الخروج عنها "ردة" يباح بها دم صاحبها، فكيف لنا أن نصدق إعلان تنظيم وجماعة انفكاكها عن التنظيم الدولي، وهي إلى الأمس القريب تنكر أي علاقة لها بالتنظيم الدولي الذي تعلن اليوم فك الارتباط به، كما جاء في تصريحات أحد قياداتها بالقول: "الجماعة بهذه الخطوة أصبحت لا تتبع أي جهة خارج ليبيا، ولا تتبع جماعة الإخوان المسلمين عالمياً؛ وإنما صارت جمعية تعمل داخل الوطن فقط".. وهم الوجوه نفسها التي كانت تنكر أي علاقة لها بالتنظيم الدولي.
السؤال الصعب: ما مصير البيعة للمرشد؟ وهل سيصبح شخصية رمزية لا أوامر أو تعليمات تصدر عنها من مكتب الإرشاد، والتي ارتبطت به لأكثر من مائة عام من عمر تنظيم "الجماعة" ومرشده حسن الساعاتي؟
بيان "الفرع الليبي" من تنظيم "الجماعة" الدولي، شدَّد على أن الجماعة "تعرضت للشيطنة والتشويه والتزوير"، في حين أن قياداتها كانوا ولا يزالون يجاهرون بدعم الجماعات المتطرفة؛ وهذا موثق بلسان قيادات بارزة للجماعة، مروراً أيضاً بالمجاهرة بدعم المقاتلين المتمردين على الجيش في بنغازي ودرنة، خصوصاً جماعات "مجالس شورى المجاهدين" التي هي جماعات مرتبطة عقدياً بتنظيم "القاعدة" وكانت تلقى الدعم المالي والسياسي من قيادات "جماعة الإخوان - الفرع الليبي".
هل مجرد إعلان بيان إعادة تموضع وتشكيل كيان باسم جديد، كفيل بإقناع الناس كافة، والليبيين خاصة، بأنَّ تنظيم "الجماعة" قد تغير وتبدل فعلاً، وخلع ثوب الكهانة وسوف يتوقف عن العنف منهجاً وسلوكاً في التعاطي مع خصومه، ويسلك الطريق والنهج الديمقراطي كأي كيان سياسي يطمح إلى السلطة، أم إنه مجرد تكتيك، وهذا الأرجح والأقرب للحقيقة؛ لأن هذا التنظيم مارس الكذب ثم الكذب ثم الكذب؟
إعلان تنظيم «الجماعة - الفرع الليبي»، كان موجهاً لليبيين خاصة، وجاء نتيجة متوقعة بعد حالة الفشل وافتضاح أمر هذ التنظيم ممثلاً في جماعته وحزبه، وخسارتها آخر انتخابات ليبية انقلبت عليها، وتمترست خلف السلاح بعد خسارتها الفادحة لها، فتنظيم «الجماعة» يؤمن بنتائج الديمقراطية الانتخابية فقط إذا كانت النتائج في صالحه... عدا ذلك؛ ينقلب عليها.
القراءة الأولى في بيان تنظيم «الجماعة - الفرع الليبي»، الصادر بتاريخ الأحد 2 مايو 2021، لن تختلف عن القراءات السابقة لبيانات التوبة والمراجعات التي سبق للتنظيم القيام بها في 2006، وتحت إشراف كبيرهم «القرضاوي»، ومع ذلك نكثوا العهد ورجعوا للعنف والقتال منذ 2011، وبالتالي شبع الليبيون من بيانات هذا التنظيم وجماعته، وهم ينتظرون أفعالاً حقيقية، وليس مراوغات وبيانات فضفاضة أصبح من يصدقها مشكوكاً في قواه العقلية، لكثرة تكرار التنكر لها من تنظيم «الجماعة» نفسها، والشواهد كثيرة، والأيام بيننا، وستكشف عن زيف ما يقولون.
وفي نفس السياق قال المحلل السياسي الليبي محمد العبيدي إن بيان تنظيم الإخوان ما هو إلا محاولة سياسية لتعويض الخسائر التي تلقاها مؤخرا بانحصار دوره في العملية السياسية.
وأوضح أن ما فعله التنظيم وما ورد في البيان كان متوقعا وخاصة وأن الفترة الأخيرة عقدت الجماعة اجتماعات على أعلى مستوى شارك فيها قيادها من تنظيم الإخوان الدولي بتركيا في محاولة لتعويض خسائر الجماعة والتخطيط للظهور بشكل يتقبله الليبيين.
وأوضح أن الشكل الجديد الذي سيظهر به الإخوان لن يفيدهم خاصة أن هذه المناورة أتبعها التنظيم في أكثر من دولة وأثبتت التجربة فشلها في النهاية.
وأشار إلى أن الانشقاقات في الجماعة دفعت كثير من التيارات السياسية المتضامنة معهم للعزوف عن تأييدهم.
أما المحلل السياسي محمد جبريل اللافي قال لـ"سكاي نيوز عربية" إن الليبيين اعتادوا على مثل هذه المناورات الفاشلة من جماعة أساس فكرها متطرف مشيرا إلى أن هذا الفكر لم يستطيع إقناع أحد بمنهجيته وعقيدته.
وتابع اللافي أن هذا البيان يحاول أن يسوق بشكل مضلل ومزور بأنهم تعرضوا لتشويه، إلا أن الحقيقة عكس ذلك تماما فالكل شاهد تصريحات مباشرة من عناصر تنظيم الإخوان اعترفوا بأنهم كانوا داعمين لنمو جماعات متطرفة في ليبيا، كما أن قنواتهم التلفزيونية تعج بتصريحات لقيادات الإخوان تثني على مجالس إرهابية متحالفة مع أنصار الشريعة وأنصار القاعدة.
وأشار اللافي إلى أن تنظيم الإخوان يده ملوثة بالدم في ليبيا فكل التنظيمات الإرهابية، التي قاتلت الشعب الليبي كان الإخوان حليف لها باعتراف قادته، حيث أننا لم نجد تصريح واحد يدين أعمال تنظيم القاعدة وأنصار الشريعة.
وأوضح اللافي أن البيان يعكس قدرة هذا التنظيم المتطرف على المراوغة وكيف أن آلته الإعلامية تعمل لتجميل صورته، ولكنه لم يكن واعيا بأن الشعب الليبي البسيط اكتشف كل هذه الألاعيب ولم يكرر خطأه بانتخابه مرة أخرى.