يونيو المقبل مؤتمر ثانٍ حول ليبيا في برلين.. لبحث المرتزقة والانتخابات
الخميس 13/مايو/2021 - 01:15 م
طباعة
حسام الحداد
على الرغم من الضغوط الدولية والدعوات التي تدفع في اتجاه تنفيذ خريطة الطريق في ليبيا، فإن هناك تحديات وعقبات كثيرة، فقد دعت كل من بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة، السلطات الليبية إلى المضي قدماً في تنفيذ خريطة الطريق التي تم الاتفاق عليها، والتي تفضي إلى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة وشفافة في 24 من ديسمبر المقبل.
وبعد أن رسم مؤتمر برلين الأول خارطة طريق لمستقبل ليبيا وأفضى لحكومة انتقالية، كشفت مصادر بوزارة الخارجية الألمانية لوكالة "نوفا" الإيطالية أنه من المقرر أن يعقد مؤتمر وزراء الخارجية بشأن ليبيا في برلين "في النصف الثاني من يونيو المقبل".
وأكد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره الإيطالي لويجي دي مايو أمس الأربعاء 12 مايو 2021، تعاون إيطاليا وألمانيا في هذا الملف.
وأضاف ماس خلال زيارة رسمية لإيطاليا: "في ليبيا نتعاون مع الحكومة الانتقالية الجديدة"، مشيراً إلى "التحديات العديدة الواجب التغلب عليها"، من انتخابات 24 ديسمبر وحتى هدف الانسحاب الكامل للمقاتلين الأجانب من البلاد.
زيادة فرص السلام
وتابع: "نعمل معاً في تعاون وثيق حتى من وراء الكواليس"، مشيراً إلى أن ألمانيا وإيطاليا تريدان "مرافقة ليبيا على هذا المسار".
كما أشار إلى أن "فرص السلام زادت" في ليبيا، لكن لا يزال هناك تحدي الانتخابات وانسحاب المرتزقة والمقاتلين الأجانب.
كانت برلين قد استضافت المؤتمر الشهير لتسوية الأزمة الليبية في يناير 2020.
وشارك في المؤتمر مسؤولون من 11 دولة بالإضافة إلى ألمانيا، اتفقوا خلاله على توحيد مؤسسات البلاد، ووقف التدخلات الخارجية، واحترام حظر الأسلحة المفروض على ليبيا، بجانب وقف إطلاق النار.
واقتضى الحل 3 مسارات؛ منها المسار العسكري، وذلك عبر تشكيل "لجنة" مؤلفة من 10 ضباط، و5 عن كل جانب، لتحديد آليات تنفيذ وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى نزع سلاح الميليشيات في ليبيا وتفكيكها وإعادة إطلاق مسار المصالحة.
وعلى الرغم من حالة الزخم الكبيرة التي تشهدها ليبيا في ظل تثبيت وقف إطلاق النار، وتشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة، يعد وجود القوات الأجنبية والمرتزقة أحد أكبر العقبات والألغام التي يمكن أن تفجر العملية السياسية الليبية في ظل عدم إحراز أي تقدم ملموس في مسار إخراجها. فعلى الرغم من قرارات مجلس الأمن الدولي، خاصة القرار الذى صدر في مارس الماضي، والقرار (2570) الصادر في إبريل الماضي، والتي تدعو بشكل مباشر وصريح إلى ضرورة إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا بشكل فورى، فإن هناك بعض الأطراف الداخلية والخارجية تضع عقبات أمام تنفيذ تلك القرارات؛ وذلك لاعتبارات عدة؛ أولها أن هذه الأطراف الخارجية تستخدم تلك القوات والمرتزقة كأدوات في تدعيم نفوذها العسكري والأمني في المشهد الليبي، ومن ثم توطيد نفوذها في المشهد السياسي، ومحاولة صياغته وتوجيهه بما يخدم مصالح تلك الدول بالأساس على حساب مصالح الشعب الليبي؛ ولذلك فإن هذه الدول التي لديها قوات في ليبيا تبدي خطاباً متناقضاً، فبينما تصرح بأنها مع إخراج المرتزقة إلا أنها عملياً لا تتخذ الخطوات المطلوبة لتنفيذ ذلك، كما أن بعض هذه الدول يستخدم اتفاقات أمنية وعسكرية تم توقيعها مع حكومة فايز السراج السابقة؛ لشرعنة استمرار تلك القوات؛ ومحاولة توفير مظلة قانونية لها، وهو ما يخالف بشكل صريح مقتضيات المرحلة الليبية الجديدة، إضافة إلى مخالفة قرارات مجلس الأمن. كما أن هناك أطرافاً داخلية في ليبيا خاصة الميليشيات المسلحة التي تستقوي بهذه القوات؛ لتثبيت نفوذها في المعادلة السياسية؛ وضمان تواجدها ونفوذها في المرحلة الجديدة التي ستفرزها خريطة الطريق والانتخابات المقبلة.
هناك أيضاً الدور الخارجى الضعيف والمتراخى إزاء استمرار القوات الأجنبية والمرتزقة، خاصة من جانب الدول الكبرى، فهذه الدول تطالب مراراً وتكراراً بإخراج كل القوات الأجنبية والمرتزقة الذين يصل عددهم لأكثر من عشرين ألفاً، تم نقل معظمهم من شمال سوريا إلى ليبيا؛ للقتال إلى جانب الميليشيات المسلحة في غرب ليبيا، خاصة في العاصمة طرابلس؛ لكن على الأرض لم تتخذ الدول الكبرى خطوات حقيقية وجادة للتحرك من أجل تحقيق هذه الهدف.
تداعيات خطرة
وعلى الرغم من نجاح الحكومة الليبية الجديدة في إنجاز بعض الخطوات المهمة، خاصة فيما يتعلق بتوحيد المؤسسات السياسية، وإنهاء الانقسام في السلطة بين الشرق والغرب، واتخاذ العديد من الخطوات؛ لدعم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، فإنها لم تنجح حتى الآن في توحيد المؤسسات الأمنية؛ بسبب استمرار القوات الأجنبية والمرتزقة والميليشيات المسلحة، وعلى الرغم من أن مجلس الأمن طالب بإعادة دمج هذه الميليشيات المسلحة في المؤسسات الأمنية الليبية، خاصة الجيش والشرطة، فإن هذا يواجه بمقاومة كبيرة من تلك الميليشيات المتعددة والمنتشرة تقريباً في كافة مناطق ومدن ليبيا، والتي تشكل كيانات موازية للدولة الليبية، ووصل الأمر إلى قيام الميليشيات المسلحة بحصار مقر إقامة رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي في طرابلس يوم الجمعة 7 مايو رفضاً لقيامه بإجراء تغييرات في الأجهزة الاستخباراتية ووزارة الخارجية.
إن استمرار المرتزقة والقوات الأجنبية والميليشيات المسلحة يحول دون تحقيق التوافق السياسى الليبي، خاصة فيما يتعلق بإجراء الانتخابات والخطوات الضرورية لتحقيق ذلك، ومنها القاعدة الدستورية التي ستجرى عليها الانتخابات، والتي قد تهدد بتأجيل تلك الانتخابات وعدم انعقادها في موعدها، فالمفترض أن ملتقى الحوار السياسي الليبي سيعقد في تونس بعد عيد الفطر؛ لمناقشة القاعدة الدستورية التي ستجرى عليها الانتخابات الرئاسية وتضمينها ضمن الإعلان الدستوري وتأجيل الاستفتاء، أما إذا فشل في ذلك فسيتم اعتماد قرار البرلمان الليبي رقم 5 لعام 2014 بشأن إجراء الانتخابات الرئاسية عبر الاقتراع المباشر من الشعب.
كما أن استمرار تلك القوات الأجنبية والمرتزقة يعد انتقاصاً من السيادة الليبية، ويستنفد جهود الحكومة الليبية التي عليها أن تتخذ خطوات وإجراءات اقتصادية؛ لتخفيف العبء عن المواطنين.
إجراءات رادعة
إن خروج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا وتفكيك الميليشيات المسلحة هو الأساس لتحقيق الأمن والاستقرار والمضي قدماً في تنفيذ خريطة الطريق وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، ولنجاح جهود توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية الليبية، وهذا يتطلب دوراً فاعلاً من قبل مجلس الأمن الدولي والدول الكبرى للتحرك بفاعلية من أجل إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة وفق جدول زمني محدد، وفرض عقوبات صارمة ورادعة سواء على الدول التي ترعى تلك القوات .