تقرير مجلة الجيش.. هل يحدث صدام بين الجزائر وتركيا بسبب دعم ارهاب الإخوان؟
في تحرك جديد ضد الجماعات الاخوانية في البلاد، وصف الجيش الجزائري حركتي
"رشاد" الإخوانية و"الماك" الانفصالية بـ"التنظيميْن الإرهابييْن" ، لافتا
الى أن هناك اطرافا وصفتها بالتخريبية والاجرامي بتحريض موظفي بعض القطاعات على شن الاضرابات، ظاهرها
المطالبة بالحقوق وباطنها إفشال الانتخابات التشريعية المقبلة.
واتهم الجيش الجزائري، في العدد الأخير من مجلة "الجيش" الصادرة
عن وزارة الدفاع الجزائرية "وضع النقاط على الحروف" بشكل غير مسبوق، الحركتين
المتطرفتين، في مؤشر بتلقي دعما خارجيا لاستهداف استقرار الجزائر.
وجلس الجيش الجزائري وصفت عناصر حركة "رشاد" الإخوانية الإرهابية
و"الماك" الانفصالية المتطرفة بـ"بقايا الطابور الخامس"
و"الخونة"، وتوعدتهما بأن يكون "الشعب والجيش سداً منيعاً في وجه
كل المؤامرات التي تستهدف المساس بوحدة الجزائر وأمنها واستقرارها".
وخاطبت المؤسسة العسكرية الجزائرية الحركتين وفضحت محاولة "رشاد"
الإخوانية دغدغة مشاعر الجزائريين باستعمال الدين، وكذا متاجرة "الماك"
الانفصالية بـ"التنوع الثقافي".
وشددت على أن "هؤلاء الخونة الذين يسبحون في وجه التيار المعاكس، فإن
التنوع الثقافي والتعدد اللغوي وسماحة الدين الحنيف الذي تزخر بها بلادنا هي مصدر
قوة وعامل نهضة وتجسيد للشخصية الجزائرية، على الرغم من أن شذاذ الآفاق يستعملونه
سجلاً تجارياً لأغراض شخصية ذاتية ضيقة".
مجلة وزارة الدفاع الجزائرية أسقطت جميع أقنعة التجارة الدينية والسياسية
عن حركة "رشاد" الإخوانية الإرهابية وعناصرها الهاربين دون أن تسمها،
وكذا تحالفها مع "الماك" رغم التناقض في أفكارهما بهدف "ضرب
استقرار الجزائر"، وكشف عن مخططات للقيام بأعمال إرهابية.
وأكدت وجود "تنظيم يحسب على التنظيمات الإسلاموية الراديكالية لكنه
يتحالف مع حركات علمانية لائكية، حيث لا يوجد بينهما ولو عامل مشترك، والأمر يتعلق
بحركة متطرفة عنصرية، أفكارها بالية ومهترئة، لا تزال تطرح موضوع السكان الأصليين
ومن هم أقدم على هذه الأرض.
وكشفت المجلة التي تصدر بشكل شهري على أن الحركتين الإرهابيتين
"تتحالفان مع أعداء الجزائر لضرب أمنها واستقرارها عن طريق تجنيد المرتزقة
وتدريب الخونة وإعدادهم لعمليات إرهابية داخل التراب الوطني لتقتيل أبناء الجزائر
وتدمير الوطن المفدى".
كما وصفت عناصر الحركتين بـ"جاهلي التاريخ ومتنكري تضحيات كل الشهداء
والمجاهدين"، وشددت على أن "العدو مهما قدمت له من تنازلات وأظهرت من
خيانات وأفصحت عن السفالة فستبقى بالنسبة له خائناً وضيعاً يبيع وطنه من أجل
الكرسي وحفنة من الدولارات".
وتصاعدت المطالب الشعبية بشكل واسع جدا في الجزائر لتصنيف "حركة
رشاد" الإخوانية "والماك" الانفصالية "تنظيمين
إرهابيين"، لتتوسع المطالب إلى جلب عناصرها الهاربة ومحاسبتها على ما وصفه
حقوقيون ونشطاء بـ"الخيانة العظمى".
وتأسست حركة "رشاد" الإخوانية عام 2005 من قبل 5 عناصر إرهابية
متورطة في عمليات إجرامية في الجزائر أو التعامل مع منظمات إرهابية دولية، وهي
منبثقة عن "الجبهة الإرهابية" للإنقاذ التي أدخلت البلاد في أتون حرب
دموية راح ضحيتها نحو ربع مليون جزئري، وتعتبر نفسها "وريثها الشرعي"،
ومقرها جنيف.
وباتت الحركة الإخوانية المتطرفة محط إجماع غير مسبوق بين السلطة والمعارضة
من جهة، وأطياف الحراك الشعبي من جهة أخرى، الذين يؤكدون خطر مخططاتها وأجنداتها
الإرهابية على أمن البلاد.
وفي وقت سابق قام 4 محامين جزائريين بخطوة وُصفت بـ"الجريئة"
عندما راسلوا وزير العدل بلقاسم زغماتي، طالبوه بتنصيف حركة رشاد الإخوانية
"تنظيماً إرهابياً والتعامل معها على هذا الأساس"، مؤكدين أن خطوتهم
تأتي "إيمانا منهم بأن الوطن تبنيه الأيادي النظيفة والقوية لا المرتجفة
والخائفة".
كما أصدرت الجزائر 4 مذكّرات توقيف دوليّة بحقّ 4 ناشطين موجودين في الخارج
متّهمين خصوصاً بالانتماء إلى جماعة إرهابيّة والمستهدفون بمذكّرات التوقيف هم:
محمّد العربي زيتوت، أمير دي زد، هشام
عبّود و محمّد عبد الله المنتمين لحركة رشاد الإخوانية.
زيتوت متهم بتسيير جماعة إرهابية تقوم بأفعال تستهدف أمن الدولة والوحدة
الوطنية وجناية تمويل جماعة إرهابية تقوم بأفعال تستهدف أمن الدولة وجنح المشاركة
في التزوير واستعمال المزور في محررات إدارية وتبييض الأموال في إطار جماعة
إجرامية.
أمير ديزاد، هشام عبود و محمد عبد الله متهمين بجناية الانخراط في جماعة إرهابيّة تقوم
بأفعال تستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية وجناية تمويل جماعة إرهابيّة تقوم
بأفعال تستهدف أمن الدولة وجنحة تبييض الأموال في إطار جماعة إجراميّة.
أيضاً حسب الجريدة، فإن قاضي التحقيق لمحكمة بئر مراد رايس أصدر أمر إيداع
ضدّ أحمد منصوري وهو ناشط سابق اعتُقل في 28 فبراير والموجود رهن الحبس الموقت.
وأضح بيان لوكيل الجمهورية لدى محكمة بئر مراد رايس في الجزائر العاصمة أنّ
منصوري التحق "بالجماعات الإرهابية وصدر في حقه عام 1994 حكم بالإعدام قبل أن
يستفيد من تدابير الرحمة والوئام المدني".
وأضاف البيان أن "التحريات التقنية" أثبتت أن أحمد منصوري ربطته
علاقات خصوصا مع أمير دي زد وهشام عبود ومحمد عبد الله من اجل "تجسيد مخططات
ماسّة بالنظام العام والسكينة العامة وبالأخص استغلال الحراك الشعبي الذي تعيشه
البلاد لإخراجه من طابعه السلمي".
وقالت صحيفة "الخبر" الجزائرية في تقريرلها، إن العلاقات بين
الجزائر وتركيا أصبحت على المحك، بعد كشف لقاءات بين ممثلين عن تركيا وتنظيم
"حركة رشاد" في اسطنبول للنظر في دعم وتمويل واحتضان تركيا، للحركة
وقياداتها في الخارج.
وحسب الصحيفة، يبدو أن تركيا قررت إضافة الجزائر إلى قائمة أهدافها في شمال
إفريقيا "عبر تحريك الخلايا النائمة لهذا التنظيم".
وتنظيم الرشاد غير مرخص في الجزائر، وسعى منذ أشهر لركوب موجة الحراك، حسب
تقارير عدة، أكدت أن الحركة الإرهابية عمدت لتأجيج الاحتجاجات التي عادت إلى
نشاطها في مطلع العام بشعارات "أكثر تطرفا" سعياً للسيطرة على الشارع
الجزائري.
وقال أستاذ العلوم السياسية الجزائري، يونسي خير الدين في تصريح لموقع
"الحرة" يوم السبت الماضي، أن البعض أصبح يردد شعارات تصف جهاز
المخابرات الجزائري بـ"الإرهاب" ، وهو ما يوحي بأن "بعض التيارات
تريد ركوب موجة الحراك لتصفية حسابات مع السلطة".
ويؤكد خير الدين، إن بعض الأحزاب السياسية حاولت "بالفعل ركوب موجة
الحراك منذ بدايته، لكن الشباب المتظاهر تفطن لتلك المحاولات وأفشلها". وأضاف
أن "هناك بعض التيارات التي لا تزال تحاول وهي التي تقف وراء هذه الشعارات
المتطرفة".
وبعد رصد التحركات المشبوهة، حرصت الدولة الجزائرية على ملاحقة العديد من
الشخصيات المحسوبة على تنظيم رشاد، وفي نهاية مارس (آذار) الماضي أصدرت محكمة في
الجزائر العاصمة مذكرات توقيف دولية ضد 4 متهمين بالانتماء للجماعة الإرهابية، على
رأسهم، محمد العربي زيتوت، أحد قياديي حركة رشاد، والمُدوّن أمير بوخرس الشهير
باسم "أمير دي زد"، الذي يسبب إزعاجاً كبيراً للحكومة، وضابط جهاز
المخابرات السابق الصحافي المعروف هشام عبود، وشخص رابع يُدعى محمد عبد الله.
وبعد زيتوت من أبرز مؤسسي رشاد في 2007، بعد أن عمل طويلاً السلك
الدبلوماسي والاستخبارات الجزائرية، في ليبيا مثلاً حتى 1991، قبل الانشقاق
والتحول إلى لندن في 1995.
وبحسب السلطات الجزائرية تضم "رشاد" تضم ناشطين سابقين في الجبهة
الإسلامية للإنقاذ الإرهابية، التي حُلت في مارس (آذار) 1992، بعد تورطها في العنف
والإرهاب الذي أطبق على الجزائر، على امتداد ما يعرف بالعشرية السوداء، التي
تواصلت في الجزائر على امتداد عقد من الزمن خلف آلاف القتلى والجرحى، وفرخ تشكيلات
إرهابية، حملت السلاح في وجه الدولة، والمعارضين السياسيين من مختلف الأطياف.
وفي الأسبوع الماضي، أعلنت الاستخبارات الفرنسية في تقرير فجر قنبلة
حقيقية، أن الأتراك حرصوا على الاتصال بالحركة الجزائرية، ومعارضين إسلاميين من
دول عربية أخرى يُديرون وسائل إعلام تبثّ من تركيا، ومنهم الإخواني الليبي علي
الصلابي رئيس قناة "أحرار" الليبية، والمصري أيمن نور رئيس قناة
"الشرق" المصرية الإخوانية.
منصة إعلامية
واعتبر خبراء في الإسلام السياسي من مركز "غلوبال ووتش أناليز"
الفرنسي للدراسات الجيوسياسية، في باريس، أن الهدف من الزيارات السرية والاتصالات
بين إسلاميي رشاد الجزائرية إلى تركيا، هو جمع الأموال لإطلاق قناة تلفزيونية
جديدة في لندن أو إسطنبول، لتعزيز خطاب الحركة الإخوانية بما يعمل على استقطاب
الشارع الجزائري بلغة وأسلوب فاعلين.
ويعتبر مراد دهينة، القيادي الثاني في رشاد، من أبرز قيادات الجبهة
الإسلامية للإنقاذ في الجزائر، بعد توقيف المسار الانتخابي، واندلاع العنف.
ورغم هروبه إلى سويسرا، فإن ذلك لم يمنع وزير الداخلية الفرنسي الراحل شارل
باسكوا من اتهامه بالاسم بالتورط في تهريب الأسلحة إلى الجزائر، في 1993، انطلاقاً
من سويسرا، والسودان الذي كان يقيم فيه أيضاً في عهد حكومة الرئيس المعزول عمر
البشير.
أما "الماك" فقد تأسست في 2002 على يد النشاط الأمازيغي فرحات
مهني، فهي حركة متطرفة تطالب باستقلال منطقة القبائل الأمازيغية عن الجزائر، وتقع
هذه المناطق شرق البلاد وتضم ولايات تيزيوزو وبجاية والبويرة.