بعد تأييد أحكام الإعدام: صدمة الإخوان ورحلة البحث عن ملاذ آمن
الأربعاء 16/يونيو/2021 - 02:15 م
طباعة
كتب : عمرو عبد المنعم- علي رجب
أصيبت جماعة الإخوان في الخارج بصدمة عنيفة في جميع دوائرها الخارجية بعد أن قضت محكمة النقض أمس بتأييد حكم الإعدام على كل من: صفوت حجازي ومحمد البلتاجي وعصام العريان ووجدي غنيم وعبدالرحمن البر وطارق الزمر وعاصم عبد الماجد وعمرو زكي وأسامة ياسين، كما قضت بالسجن المؤبد لمرشد الإخوان محمد بديع وباسم عودة، والسجن عشر سنوات لأسامة محمد مرسي في قضية فض رابعة.
فقد جاء التقارب المصري التركي من جانب والتقارب المصري القطري من جانب آخر واكتسبت التصريحات السياسية روجًا إيجابية راعت الأصول الدبلوماسية والمصالح المشتركة ليحسم المعركة، ويؤكد أن الإدارة المصرية الخارجية تعي جيدا مقدرات أمور الوطن ولن يكون هناك تقارب على حساب أي تنازل مع من تلوثت أيديهم بالدماء وعليهم أحكام قضائية نهائية، وسعو بكامل إرادتهم للتعاون مع جهات خارجية أجنبية ضد مصالح الوطن واستقراره وصلت إلى حد الخيانة العظمى.
وهو ما أصاب عدد من قيادات الإخوان بالذعر من التحرك المصري الإيجابي على صعيد الدبلوماسية المصرية والعربية ونجاحها في كبح جماح العناصر الإرهابية في الخارج مما جعل الدول التي تؤويها من الأساس تطلب الحد من أنشطتها العدائية تجاه مصر.
على الأرض اتخذت تركيا منذ شهر تقريبًا بعض التدابير لمواجهة احتمالات تطور الأوضاع وخيانة الإخوان لهم وخاصة من العناصر التابعة لمجموعات "حسم" و"لواء الثورة" أو بعض حلفائهم مثل "الجبهة السلفية" و"الجماعة الإسلامية" ومنها على سبيل المثال وضع 3300 من العناصر التي رفضت تركيا منحهم الجنسية التركية على كود يسمى في وزارة الداخلية كود إرهاب، وقام مستشار أرودوغان السياسي ياسين اقطاي بالجلوس أمس لساعة متأخرة مع العناصر الموالية للإخوان والمدرجة فعلًا على قوائم الإرهاب والمحكوم عليهم في بعض الدول، محذرا من أي تصريحات عدائية، مؤكدا أن الدولة التركية لن تتعامل مع احكام الإعدام الأخيرة بشكل رسمي، ولن يصدر من الرئيس أردوغان أي تصريحات تخص هذا الشأن لأنه شأن داخلي، وأن الدولة التركية لن ولم تتدخل في شئون دولة أخرى لكنها في نفس الوقت ترفض هذا التوجه ولمح إلا أن أي تصريحات غير إيجابية ستعود على أصحابها بالسوء وفي تلك الحالة يكون من حق تركيا ومطالبتهم بمغادرة مؤقتة للأراضي التركية.
في نفس السياق أشارت قيادات داخلية في تركيا مثل حمزة زوبع ومحمد جمال حشمت إلى أن قطر أيضا لن يكون لها أي موقف رسمي تجاه أحكام الإعدام، مطالبا قواعد الجماعة بالصبر والثقة في قياداتهم في الخارج لأنها على حد وصفه تعمل لصالح الجماعة.
مصادر أكدت أن مصير السماحي وموسى المطلوبين للقاهرة، في جرائم إرهابية، لم يعد أمامهم الكثير في اسطنبول، وأن بقائهما مع مساعي أنقرة تحسين العلاقات مع مصر سوف يضع الحكومة التركية أمام طريقان هو مغادرتهم تركيا، أو تسليمهم إلى القاهرة.
على الفور أشاع يحي موسي وعدد كبير من قيادات الجماعة أن " يحي "غادر إلى كندا حيث يدير هناك بعض الاستثمارات الإخوانية، وأن علاء السماحي متواجد في هولاندا حيث قاعدة جديدة لانطلاق الإخوان هناك، وكذب هذه الإشاعات بعد ذلك بعض القيادات الإخوانية المتواصلة مع الحكومة التركية وخاصة وأن ادراج وزارة الخزانة التركية للسماحي وموسي على القوائم يمنع سفرهم أو التصرف في أموالهم داخليا أو التصرف في حساباتهم البنكية في ذات الوقت، فكيف لهم التحرك بأسمائهم الاصلية، فضلا عن مغادرتهم الاراضي التركية دون تأشيرات رسمية وتصريحات صحية من المستشفيات الرسمية لتأكيد خلوهم من الأمراض المعدية وخاصة فيروس كرونا المنتشر في جميع انحاء العالم.
السماحي وموسي بات المأزق الحقيقي في الحالة الإخوانية في الخارج وفي مرمى الهدف التركي للتضحية بهم في اول محطة، وهو ما استدعي قيادي بالجماعة لعقد لقاء سري بموسى وطلب منه الهروب إلى جورجيا على الحدود التركية تمهيدا لتدبير ملاذ أمن له وهو وبعض القيادات الأخرى المطلوبة والمحكوم عليهم بالإعدام إلى دولة كسوفو والتي تعمل تحت ستار مؤسسات وأنشطة إغاثية يديرها قيادي إخواني مصري يدعى "عصام دياب " من محافظة كفر الشيخ شمال القاهرة، ويقيم في كوسوفو منذ سنوات ويعمل لصالح إحدى المنظمات الخيرية الكبيرة التابعة ليوسف القرضاوي،
ومن جهة اخرى تذهب بعض التحليلات بأن هناك سيناريوهات اخرى أمام "سماحي" و"موسى" في مقدمتها مغادرة تركيا إلى دول إيران أو ماليزيا أو أمريكا اللاتنية، فطهران ترتبط بعلاقة وثيقة مع تنظيم الإخوان الدولي، وكذلك تستضيف العديد من قادة الإخوان وفكرة تسليمهم لمصر ليست واردة، وماليزيا دولة استراتيجية للإخوان ولكن وجود "سماحي"وموسى" بهويتهم الحقيقة قد يضع الحكومة الماليزية في مأزق مع علاقتها بالقاهرة وأيضا لأن الإرهابيان مطلوبين على القوائم الإرهابية الأمريكية، فيما أمريكا اللاتنية قد تتوجه الإخوان إلى دولة كفنزويلا، وهي دولة في أزمة سياسية مع واشنطن وايضا لها علاقة وثيقة بطهران.
والسيناريو الثاني، هو اعطاء تركيا لـ"سماحي" و"موسى" هويات مزورة للتحرك بها داخل تركيا مع وضعهم تحت المراقبة، وتسريب أخبار بمغادرتهم تركيا، أو السفر بهذه الهويات المزورة إلى دولة ثالثة.
يبدو أن أحكام الإعدام النهائية والتي جاءت في ظل التغيرات الإقليمية والدولية، وقوة مصر داخليا بتماسك القيادة والشعب، وقوتها خارجيا بفرض كلمتها في الساحة الإقليمية والدولية كل ذلك وضع التنظيم الاخواني الارهابي في مأزق لم يعرض له من قبل، حيث خسر شعبيا برفعه السلاح ضد الشعب المصري والدولة، وأيضا بتنبيه الارهاب العنف وتورطه خارجيا في عدة دولة وخاصة الدول الأوروبية التي بدأت تأخذ مواقف حاسمة ضد التنظيم الإخواني كفرنسا وألمانيا.
كذلك خسر الإخوان الرهان على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، والذين كانوا يأملون في أن يتاخذ مواقف ضد الدولة المصرية، ولكن جاء الموقف المصري الفاعل والايجابي لوقف احداث غزة الاخيرة ، واقرار ودعم المجتمع الدولي لدور مصر واتصال الرئيس الأمريكي بالرئيس عبد الفناح السيسي، مرتين في أقل من أسبوع وحديث المسؤولين الأمريكيين على أهمية مصر في استقرار الاقليم، ليسقط كل رهانات الاخوان على الادارة الامريكية .
أيضا قدرة التنظيم الإرهابي على الحشد والتحريض داخل مصر تهاوت ، وهو ما وضح من دعوات الهارب "محمد علي" بما سماه ثورة النيل يوم 10 يونيو أي قبل أيام من أحكام الإعدام، وهو ما يوضح انعدام قدرة التنظيم على التأثير في الشارع، فالشارع المصري لفظ التنظيم الإرهابي ولم تعد فكرة "المظلومية" "تجدي" مع الشعب المصري وأيضا مع شعوب المنطقة، وتونس أبرز مثال.
ثالثا، قدرة التنظيم على تنفيذ عمليات إرهابية، قد أصابها العطب ايضا، مع نجاح الأجهزة الأمنية في اسقاط خلايا الاإخوان الإرهابية واخرها خلية "داعش" في إمبابة.
أحكام القضاء النهائية كشفت بوضوح عن سقوط الإخوان في الشارع المصري، واحتراقها كورقة في يد العابثين بأستقرار الدولة المصرية القوية.
لم يتعلم الإخوان درس الماضي وأن التاريخ لا يعود إلى الوراء، وأن الدولة المصرية قفزت قفزات سريعة ومتلاحقة على الصعيد الداخلي وعلى الصعيد الدولي، كما نجحت في كبح جماح الجماعة في الداخل تستطيع أن تطول كافة العناصر المتورطة في عمليات إرهابية في الداخل وهو ما سوف تسفر عنه الأيام القلية الماضية من مفاجآت قد تصعق القادة والقواعد على السواء.