توتر دائم.. غضب عشائر غزة يهدد سلطة حماس
من وقت لأخر يشهد قطاع غزة، اشتباكات عنيفة بين مسلحين ينتمون لحركة "حماس" ، ومسلحين من إحدى العشائر الفلسطينية في القطاع ، او بين عشائر موالية لحماس وأخرى معارضة لها.
وأوضح المراقبون أن العشائر تشكل إحدى أهم العقبات التي تواجه حماس، في محاولتها توطيد سلطتها، في غزة، وعلى الرغم من أنها، رُبما تفتقر إلى الوحدة أو الحافز لكي تصبح معارضة منتظمة وفعالة، سواء بمفردها أو بالتحالف مع فتح، فإن بإمكانها أن تصبح أكثر فعالية، إذا ما تنامت مشاعر عدم الرضا الشعبي بالحالة القائمة في غزة. هنالك بعض الإشارات، ما زالت غير مؤكدة، على أن حماس تفهم ذلك، وأنها تُعدل من سلوكها في محاولة للتوصل إلى تعايش.
إن دور العشائر والعائلات، مركزي في تحقيق هذه المهمة. فعلى مدى الأعوام الأخيرة، كان نفوذها المتصاعد بمثابة سيف ذو حدين. فعن طريق تقديم سلة أمان اجتماعية للعديد من الغزيين المحتاجين، في زمن غير مضمون، ساعدت في الحيلولة دون حدوث انهيار تام، ومع ذلك، فقد ساهمت أيضاً في تصاعد الفوضى. وعلى الرغم من أنها ملأت الفراغ الناتج عن انهيار القضاء، فقد عملت أكثر من معظم الآخرين على تنمية الخروج على القانون.
ويتكون سكان غزة بغالبيتهم من عشائر بدوية مثل العزازمة، تريبين، جليلين، إضافة إلي عائلات كبيرة تضم مئات أو حتي آلاف الأفراد مثل حمولة المصري، دغمش، كفارنة، أبو حسنين.
وهناك العديد من حالات الصراع بين حماس والعشائر الفلسطينية في قطع غزة، ابرزها الصراع المحتدم بين حماس وعائلة حلس(الأغلبية الساحقة منهم ينتمون إلي حركة فتح، يتقدمهم أحمد حلس (أبوماهر) أمين سر الحركة في قطاع غزة، وعضو مجلسها الثوري)، والتي بدأت الاحتكاكات بين الجانبين بعد فوز الحركة في الانتخابات التشريعية في يناير 2006، إذ حدثت اشتباكات متفرقة بين عناصر القوة التنفيذية التابعة لحكومة حماس وأفراد مسلحين من العائلة. ووقعت اشتباكات كبيرة بين العائلة وأفراد أجهزة الأمن التابعة لحماس، أسفرت عن قتل 5 أشخاص من العائلة وعناصر الأمن.
وفي 2008 شهد قطاع غزة معركة عنيفة بالاسلحة بين مسلحي"حماس" ، ومسلحين من عشيرة "دغمش" ، بعد محاصرة منازلهم في منطقتي "صبرا" و"تل الهوا" غرب مدينة غزة ، أسفرت عن سقوط 12 قتيلاً على الأقل ، بينهم طفلة رضيعة ، لم يتجاوز عمرها عدة شهور.
واعتبر رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي أن الفلتان الأمني والاشتباكات المسلحة تعود إلى تجفيف مؤسسات المجتمع المدني، ومنع عمل الأحزاب والحركات الفلسطينية، مضيفاً أن المجتمع اتجه في تلك الظروف إلى العشيرة كإطار اجتماعي مختلف في ظل غياب العمل الحزبي.
وأوضح أن العشائر تقوم "على رابط لا إرادي قوامه النسب والدم، وليس على أسس فكرية كالأحزاب السياسية"، ومع أن الشوبكي أشار إلى أن الإسلام جاء لإبطال العلاقة بين الناس على أسس الدم، لكنه لفت إلى أن "التطبيقات العملية لذلك في المجتمعات الشرقية تقدم الدم على المبادئ".
في الأشهر الأخيرة، خفضت العشائر والعائلات من صورتها ودورها، بيد أنها رسمت خطوطاً حمراء: إنها لن تقبل بنزع سلاحها من قبل حماس، كما أنها لن تُفلت سيطرتها على حاراتها وضواحيها دون قتال.
وفي 2017 اجتمع رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية مع شيوخ العشائر والوجهاء بحضور يحيى السنوار، قائد حركة حماس بغزة،طالب السنوار، رؤساء العشائر، بالعمل على دعم جهود المصالحة الفلسطينية، بهدف "التوحد فى معركة القدس، والمشروع الوطنى الفلسطينى".
وقال فى كلمة له خلال اللقاء:" وضع المصالحة يحتاج إلى تضافر جهود كل الفلسطينيين للنهوض بهذا المشروع وعدم تحويله إلى عملية سياسية تستمر على مدار سنوات".
ولكن هذه اللقاءات لم تلطف الأجوا ء بين عشائر غزة وحماس، رفض العشرات من أبناء آل البحيصي، في دير البلح وسط القطاع لزيارة هنية ووفد الحركة، ورفع لافتات ترفض استقباله أعلنت عائلات أخرى رفض استقبال قيادة حماس.
و ذكرت تقارير فلسطينية ان عشيرة أبوعمرة، إحدى أكبر عشائر قطاع غزة، أعلنت رفضها استقبال وفد حركة حماس، ومثلها فعلت عائلة حلس في مدينة غزة، وعائلة الوحيدي شمال القطاع، وعائلة أبو سمرة، وعائلة الحرازين.
أعلنت عشيرة الوحيدي في قطاع غزة ، عن رفضها استقبال رئيس حركة حماس اسماعيل هنية والوفد المرافق، في إطار مساعي حركة حماس لتحسين الصورة.
وفي بيان رسمي لمختار عشيرة الوحيدي، قال "بصفتي انا الشيخ جمال حسن الوحيدي مختار عموم عشيرة الوحيدي، أكد لكم اننا نرفض استقبال اي وفد من حركة حماس"،
وأضاف: "لاننسى شهدائنا ولا دماء جرحانا ولا انتهاك حرمات بيوبنا وهدمها ولا الاعتقالات السياسيه المتكرره لأبنائنا"، مؤكدا : إن الاغلبيه الساحقه من أبناء عشيرتنا ينتمون لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح.
وأوضح: اننا نؤكد ان منظمة التحرير الفلسطينيه هى الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا.
وتتزايد موجة الغضب والانتقاد لحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ 2007، بسبب القمع المستمر للمعارضين من أبناء العائلات الفلسطينية في غزة.
أدان مجلس عشائر محافظة الخليل، القمع الذي تمارسه أجهزة حركة حماس الأمنية ضد الحراك الشعبي الشبابي في قطاع غزة، مؤكدا أن هذا القمع بعيد كل البعد عن مفهوم المقاومة "التي يجب أن تحتضن الشعب لا أن تقمعه".
ودعا المجلس في بيانه، عشائر غزة للوقوف إلى جانب أبناء شعبنا وإصدار موقف برفع الغطاء العشائري عن كل شخص يقمع أبناء شعبه بطريقة وحشية.