إيران في منطقة الصحراء الكبرى.. شبكة علاقات بقيادة الوحدة "400"
حذر تقرير لصحيفة إيرانية معارضة من خطر انتشار إيران في مناطق الصحراء الأفريقية، لافتا إلى أن إيران تبذل جهوا كبيرا في تثبيت وجودها في دول الصحراء الأفريقية، ضمن استراتيجية التواجد الإيراني في المناطق المشتعلة.
تلعب شبكة الوحدة "400" التابعة
لفيلق القدس الإيراني، دوراكبير في نشاط ونفوذ ايران داخل القارة الأفريقية، ورتبط
بالجماعات الشيعية المحلية والشيعة اللبنانيون في القارة السمراء، وأيضا الجماعات المسلحة
والمتمردة، وعصابات التهريب والاتجار، والجماعات الإرهابية.
ورأى مراقبون أن إيران زادت من نشاطها في منطقة الساحل والصحراء، في ظل عدم
استقرار السياسي والأمني لهذه الدول، ونسج "الوحدة 400" لفيلق القدس علاقات
مع جماعات متمردة ومتطرفة، أبرزها جبهة " البوليساريو" في مخيمات"تندوف"
على الحدود الجزائرية المغربية.
وفي مارس الماضي، كشف المستشار الأول للبعثة الدائمة لإيران لدى الأمم المتحدة، محمد رضا سهرايي، عن دعم طهران لجبهة البوليساريو، مؤكدا أن إيران تقف إلى جانب ما أسماه "حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير".
كذلك أوضحت صحيفة "تاغس شبيغل" الألمانية، في يوليو الماضي، أن ايران
زود جبهة البوليسايو بصواريخ أرض-جو، والإشراف على معسكرات تدريب مقاتلو الجبهة في
"تندوف" بتعاون مع حزب الله اللبناني.
وقدم المغرب وثائق للحكومة الإيرانية تثبت أن سفارة طهران بالجزائر تقوم بتسليح
وتدريب البوليساريو بمساعدة حزب الله، وشملت تلك المساعدات الصواريخ المضادة للطائرات
المحمولة على الكتف مثل (سام 9) و(سام 11)، ونتيجة لهذه الخطوة قطع المغرب علاقاته
الدبلوماسية مع إيران.
وفي 2018 اتهم وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي، ناصر بوريطة،
في 2018، إيران بدعم جبهة "البوليساريو"، لافتا إلى أن هدف إيران من دعم
البوليساريو توسيع نفوها في منطقة شمال وغرب إفريقيا.
الوحدة" 400"
ومن التندوف إلى الصحراء، حيث تنتشر خلايا الوحدة"400" بقياد حامد
عبد اللهيان، ومركزها الرئيسي في جنوب شرق
طهران، من أجل تحول منطقة الصحراء لمناطق نفوذ
إيرانية.
وأوضحت دراسة لمركز "عين على التطرف" في يونيو 2021، ان الوحدة" 400" التابعة لفيلق
القدس، تضم حاليًا ما بين 200 و300 عضو، وتنسق مع خلايا أخرى في تشاد والسودان، بهدف
تشكيل المزيد من الخلايا في الكاميرون وغانا والكونغو والنيجر، عبر علاقات مع أمراء
الحرب وزعماء الجماعات المسلحة .
سرايا الزهراء
و كشف تحقيق للأمم المتحدة أن ما لا يقل عن 12 من أعضاء سرايا الزهراء سافروا
إلى العراق ولبنان في 2018 بهدف تشكيل مجموعة من 200 إلى 300 مقاتل للتنسيق مع خلايا
أخرى في تشاد والسودان، خضعوا لتدريب عسكري في معسكرات تديرها إيران في لبنان والعراق
وسوريا.
نشاط إيران وحزب الله في أفريقيا، التي
تتسم بالاستقرار الهش ويغلب عليها الصراعات الداخلية ، تعد نقاط مغرية للحرس الثوري
الايراني للنشاط في هذه المناطق لتهريب الأسلحة والمخدرات وغسيل الأموال وتشكيل ميليشيات
محلية ونسج علاقات مع العناصر المتمردة والمسلحة لتحقيق أهدافها داخل القارة ، من ليبيا
ومخيمات "تندوف" إلى الصومال
.
الحرس الثوري نجح بالتواصل مع أحد أمراء الحرب و القيادي بميليشيا "سيليكا وهي جماعة مقاتلة في جمهورية أفريقيا الوسط
"اسماعيل جيدا" والذي تمتد علاقاته إلى عدة دول كأفريقيا الوسطى والسودان
وليبيا، وتشاد، ولكن اعتقلته السلطات التشادية في 2019.
"جيدا" وعبر تواصل مع قائد الوحدة
400 في فيلق القدس في لبنان علي برهون، والحصول على من إيران عبر رجال أعمال لبنانيون
في أفريقيا أو عبر عناصر حزب الله والحرس الثوري
بشكل مباشر، على دعم مالي زاد نشاط "جيدا" من أجل تحول تشاد لقاعدة
انطلاق إلى ليبيا السودان، النيجر ومن ثم نيجيريا حيث هناك الحركة الاسلامية بقيادة
إبراهيم الزكزاكي والعروف بحسن نصرالله نيجيريا وهو يتمتع بنفوذ كبير في هذه المنطقة
ولديه آلاف من الأنصار، وهو ما يسمح لطهران بتشكل شبكة عمل قوية من الحلفاء.
و"جيدا" كان لديه علاقات مع أحد كبار النشطاء في وحدة فيلق القدس
هو مواطن نيجيري تم اعتقاله يُدعى علي محمد
الحسن، كان الحسن مسؤول الاتصال المركزي للوحدة 400موجود في أفريقيا ويجد ويجذب النشطاء
الأفارقة.
سرايا الزهراء، تشكل نواة قوية لانتشار ونفوذ للحرس الثوري الإيراني في تشاد وليبيا والسودان، ومن ثم يشكل خطر على الأمن
القومي المصري على الحدود الغربية، لافتا إلى أن إيران لديها علاقات قوية مع جماعات
مسلحة في السودان، وعلاقات قديمة متجددة مع الجماعة الليبية المقاتلة في ليبيا وبعض
نشطاء ومجموعات مسلحة من أمازيغ ليبيا، وأيضا الطوارق في مالي.
تغلغل إيراني في ليبيا
وكان وزير الخارجية الإيراني الأسبق، علي أكبر صالحي ، كشف عن لعب "فيلق
القدس" دورا في ليبيا بعد اسقاط نظام معمر القذافي ، وتقديم الهلال الأحمر الإيراني
وفيلق القدس، مساعدات لما وصفهم بـ"الثوار" في ليبيا.
كما استقبل ميناء مصراتة الذي يقع تحت سيطرة الميليشيات في أبرل 2019، سفينة
إيرانية "محملة بالأسلحة"، قادمة من مرفأ بورغاس البلغاري، وترفع العلم الإيراني،
وفق بيانات موقع «"مارين ترافيك" والسفينة، وفق موقع "بيفول"،
تعمل لحساب وزارة الدفاع الإيرانية.
كما تربط ايران بعلاقات مع جماعة الإخوان الليبية والجماعة المقاتلة في ليبيا
وهي مجموعة متطرفة يتزعمها الإرهابي عبد الحكيم بالحاج.
كذلك أوضح تقرير للأمم المتحدة أن هناك أدلة على التدخل الإيراني في الصراع
الليبي ودعمها لميليشي اتطرابلس، و أفاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش
مجلس الأمن، في ديسمبر 2020، أن تحليل الأمم المتحدة لصور أربعة صواريخ موجهة مضادة
للدبابات في ليبيا وجد أن أحدها "له خصائص تتوافق مع صاروخ دحلوية الإيراني المنتج".
وفي مارس 2011 قال مساعد وزير الخارجية الليبي آنذاك خالد الكعيم، إن أفراداً
من حزب الله اللبناني، شاركو في قتال إلى جانب الميلشيات في مدينة مصراته الواقعة على
بعد حوالي 200 كيلومتر شرقي العاصمة طرابلس، دعما لهم في مواجهة مع نظام العقيد معمر
القذافي.
يمكن أيضًا اعتبار ليبيا محطة مثالية لتجارة إيران غير المشروعة سواء كانت المخدرات
أو الأسلحة أو النفط أو غسيل الأموال. على الرغم من أن إسرائيل كشفت مؤخرًا أن قوات
حفتر كانت تستخدم أسلحة إيرانية الصنع مضادة للدبابات ، إلا أن هذا لم يكن استثناءً.
مالي
وفي مالي يوجد نشاط لإيران ، ويعد رجل الدين الشيعي الشيخ محمد أبو جفر جباتي
أبو جعفر، من أبرز القيادات الشيعية المرتبطة بطهران والحرس الثوري، كذلك قدم رئيس جمعية حزب الرحمان محمد حيدرة المعروف (بشوال
)، وصف بالمرجع الروحي لشيعة مالي، العزاء في السفارة الايرانية في مقتل قاسم سليماني،
وهو مرتبط بحزب الله اللبناني، ونجله محمد شولا يحي حيدر، يترأس حزب سياسي في مالي.
ولعب رجل الدين البارز الشيعي في دولة مالي وعضو الجمعية العامة للمجمع العالمي
لأهل البيت "الشيخ أدريس تراوري" _توفي في 2018) دورا كبيرا في تمدد ونفوذ
يران في دولة مالي، وأسس "جميعة الثقافية – الدينية"المسماة باسم "الثقلين"
لتكون اول المؤسسات الشيعية في باماكو، كذلك هناك رئيس نظمت جمعية أهل البيت في مالي
الشيخ آدم سانغاري.
وتسعى إيران للحصول على ثروات مالي من تعدين الذهب وإنتاج البوكسيت، هو الخام
الطبيعي الذي يصنع منه معظم معدن الألومنيوم والتي تقدر احتياطيات مالي من البوكسيت
يأكثر من 570 مليون طن.
استراتيجية طويلة الأمد
لإيران استراتيجية طويلة الأمد في أفريقيا والتي تعد بيئة خصبة
للحرس الثوري في نشر وبسط نفوذه عبر أدوات عدة اهما البعثات التعليمية والمشاريع الاقتصادية
ورجال الأعمال من أصول شيعية لبنانية وعربية ، هؤلاء يشكلون خزان استراتيجي لطهران
وغطاء للحرس الثوري في التمدد وتأسيس جماعات موالية له.
العديد من الشخصيات في دول أفريقية تشيعوا عبر البعثات التعليمية ومن ثم تأسيس فروع لجامعة المصطفى في عدة دول أفريقية والتي لها نحو 20 فرعًا رئيسيًا في إفريقيا، وتدير نحو مائة مدرسة ومسجد ومعهد ديني في 30 دولة إفريقية، والتي تخرج منها أكثر من 5,000 أفريقي، بعضهم تحول إلى قادة ميليشيات وجماعات شيعية نواة لاستنساخ نموذج حزب الله في أفريقيا أبرزهم إبراهيم الزكزاكي في نيجيريا، والأوغندي شافي إبراهيم .
وفي تصريحات خاصة يقول المحلل السياسي التشادي، الدكتور إسماعيل محمد طاهر إن
سياسة إيران تجاه افريقيا تختلف باختلاف الأوضاع السياسية والأمنية لإيران نفسها، ففي
مطلع الثمانينات الى بداية الألفية الثانية كانت إيران تعمل بجد على مستوى الثقافة
ومساعدة المسلمين الشيعة وتمكين التشيع في أوساطهم ولذلك عبر المراكز الثقافية الإيرانية
التي أنشئت في بعض العواصم الأفريقية إضافة إلى المنح الدراسية التي قدمت للشباب الافريقي
.
اللعب على الوضع الأمني
وأضافت "طاهر" كانت في تلك الفترة تسعى لخلق نخبة ثقافية وسياسية ودينية تستخدمها لأغراض تفيد إيران في المحافل الدولية
دبلوماسيا. ولكن بعد عام 2005 بدأت إيران تأخذ منحى آخر وهو محاولة الاستفادة من الوضع
السياسي والامني المتدهور في القارة الأفريقية. أضف إلى ذلك أنها كانت تعاني من ضغط
كبير من المجتمع الدولي".
وأوضح المحلل السياسي التشادي إن ايران بعد 2005 كانت تعمل على مستويين، الأول
محاولة التحالف مع بعض الأنظمة أو التيارات الاسلامية أو الديكتاتورية في القارة مثل
ما فعلت مع النظام السوداني السابق (نظام عمر البشير) أو مثل ما قدمته من دعم لحركة
الشباب الصومالية او تقربها للنظام في إريتريا
للحصول على مراسي في مضيق باب المندب ذي الأهمية الاستراتيجية في الأمن القومي
لدول الخليج العربي خاصة.
ولكن لعدم وجود أنصار أقوياء ومخلصين لإيران في القارة فلقد لجأت طهران الى
استراتيجية جديدة وهي محاولة التغلغل في الاقتصاد الإفريقي. وذلك عبر استغلال ضعف البنية
الاقتصادية لأغلب دول القارة وبدأت في الاستثمار في أكثر من بلد بغرب افريقيا خاصه
مثل نيجيريا والسنغال والنيجر وغيرها مستغلة الوجود الشيعي احيانا وفقر الشباب الافريقي
أحيانا أضف إلى ذلك أن لها علاقات اقتصاديه كبيرة مع جنوب افريقيا وفي السودان، وفقال
لـ"طاهر".