وسائل "داعش" للعودة من جديد على الأراضي السورية
رغم اشتعال الصراع الروسي الأمريكي والغزو الروسي لأوكرانيا، وانشغال الصحف العالمية والمحلية بهذا الحدث، والرعب الذي يجتاح العالم من احتمالية حرب عالمية ثالثة، إلا أن تنظيم الدولة "داعش" يستثمر هذه الحرب وانشغال العالم بها لمحاولة إعادة هيكلته مرة أخرى في سوريا.
ومن المتابعات المهمة لعدد من الصحف الغربية التي تناولت تنظيم داعش نشرت الاندبندنت تقريرا بعنوان "عودة داعش تنشر الخوف في سوريا حيث يعيد العنف الجديد فتح الجراح القديمة".
ويقول التقرير إن "سكان دير الزور يخشون عودة تنظيم داعش"، ويوضح أن زعماء القبائل والقادة العسكريين والمحللين يعتقدون أن تنظيم الدولة الإسلامية "يقوم بتجنيد أعضاء جدد بين السكان المحليين الذين يعانون من الفقر، ويصبح أكثر جرأة على تنفيذ أعمال العنف من خلال استغلال حالة عدم اليقين والتوتر الناجم عن الفصائل المتحاربة في المناطق الحدودية المتوترة. وتم ابتزاز الشركات التجارية ومداهمة المتاجر، في حين تم اغتيال العديد من القادة المحليين، من الشرطة إلى أعضاء البلدية".
ويضيف التقرير، لقد بدأ بعض السكان "الساخطين من جميع أطراف الحرب الأهلية التي لا تنتهي في سوريا على ما يبدو، مستائين بشكل متزايد من قوات الأمن المحلية التي يقودها الأكراد، في الاستجابة لنداء داعش".
وينقل عن أحد السكان، ويدعى طارق، قوله إن الأمر وصل إلى نقطة يكون فيها "أي شخص يشغل منصبا رفيعا في أي نوع من العمل معرضا للخطر.. الاغتيالات تقلقنا".
ويذكر التقرير أن "قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد تسيطر على هذه الشريحة من شمال شرق البلاد. لقد حذرت الغرب منذ فترة طويلة من أن داعش آخذة في الصعود، ولذا فقد توسلت للحصول على المزيد من الدعم والمعدات، وحثت الدول أيضا على إعادة مواطنيها الذين انضموا إلى التنظيم المتشدد والذين ظلوا محتجزين منذ ذلك الحين".
أعداد التنظيم:
وعلى الرغم من أن المدير التنفيذي لمركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب فلاديمير فورونكوف أخبر مجلس الأمن الدولي هذا الشهر أن هناك ما يصل إلى 10000 عضو نشط في العراق وسوريا يواصلون شن الهجمات بمعدل ثابت، بما في ذلك عمليات الكر والفر والكمائن والقنابل المزروعة على جوانب الطرق في كلا البلدين".
يقول الخبراء إن ما لا يقل عن 1000 من أعضاء داعش المتفرغين يعملون في شمال سوريا في الوقت الحالي، والمزيد ما زالوا رهن الاعتقال. وقد أصبحت هذه مشكلة كبيرة. وقالت قوات سوريا الديمقراطية مرارا وتكرارا إنها لا تملك الموارد اللازمة لمراقبة 10 آلاف مقاتل مشتبه بهم من داعش محتجزين حاليا في حوالى 20 مركز احتجاز. ومن بينهم 2000 أجنبي، معظمهم لم يواجهوا محاكمة بعد ورفضت بلدانهم الأصلية إعادتهم إلى أوطانهم، أو، مثل بريطانيا، التي جردتهم من جنسيتهم".
وتقول دارين خليفة، الخبيرة في الشؤون السورية في مجموعة الأزمات الدولية إن "الناس اتهموا (قوات سوريا الديمقراطية) بالاستفادة من تهديد داعش لكن لا أعتقد أن هذا صحيح".
وتضيف "بالطبع، يتم استخدامه سياسيا، لكن الأبحاث تظهر أن تهديد داعش يزداد سوءا. وسيؤدي التقليل من قدرات داعش والمبالغة في تقدير قدرات قوات سوريا الديمقراطية إلى عواقب كارثية وتأثير غير مباشر".
وسائل داعش للعودة
أفادت صحيفة "واشنطن بوست" بأنه بعد ثلاث سنوات من هزيمة تنظيم "داعش" في سوريا، يعيد التنظيم تشكيل نفسه في "الظل"، مستغلا أعمال "البلطجة والرشاوى".
وأشارت الصحيفة الأمريكية في تقرير إلى أن "داعش في عام 2022، لم يعد يسيطر على الأراضي، كما فعل حتى عام 2019، لكنه ظل متخفيا في مجموعات صغيرة، ويعمل بتطور متزايد ويستغل سياسات سوريا لإعادة الإعمار. كما أنه يستفيد من نضالات الإدارة المحلية التي يقودها الأكراد من أجل الحكم الكامل لجزء كبير من شمال شرق سوريا الذي سيطرت عليه منذ سقوط الخلافة، ويقومون بتجنيد مخبرين من المجتمعات الفقيرة وترهيب الأفراد الذين يعملون مع الحكومة المحلية".
وقالت إنه "تم التأكيد على المخاطر بشكل كبير الشهر الماضي عندما هاجم المئات من مقاتلي التنظيم سجنا يشتبه في مدينة الحسكة واستمرت المعارك 10 أيام وأدت إلى مقتل أكثر من 500 شخص، نحو ثلاثة أرباعهم من عناصر التنظيم".
ونقلت الصحيفة عن قال مظلوم كوباني، قائد ميداني في قوات سوريا الديمقراطية، قوله، إن "هذه الخلايا جاءت من أماكن مختلفة، قاموا بنشر الناس في الأحياء المحيطة بالسجن لإثارة الفوضى بمجرد بدء الهجوم". ومع اندلاع أعمال العنف في الحسكة، شن مسلحون هجمات في أماكن أخرى في شمال شرق سوريا.
وبينت الصحيفة أن "المسلحين يستغلون الانقسامات السياسية في سوريا لإعادة بناء قدراتهم القتالية. وتحت ضغط من قوات سوريا الديمقراطية والتحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة، تراجعت بعض خلايا "داعش" في 2019 من شمال شرق سوريا إلى الأراضي التي يسيطر عليها الجيش السوري، حيث كانت العمليات ضد التنظيم أقل استمرارا".
وعن استراتيجية التنظيم في إعادة تشكيل نفسه، أوضحت دارين خليفة، كبيرة المحللين في مجموعة الأزمات الدولية، أن "مقاتلي داعش استفادوا من صراعات الإدارة التي يقودها الأكراد للحكم في المناطق ذات الأغلبية العربية التي وقعت تحت حكمه، حيث احتج السكان العرب على سوء الخدمات العامة وما وصفوه بالاعتقالات التعسفية خلال الغارات ضد داعش".
وقالت إن "المسلحين يستغلون هذا السخط، ويدفعون لبعض السكان مبالغ صغيرة ليكونوا مخبرين، على سبيل المثال تزويدهم بمعلومات عن نشاط قادة المجتمع أو حركة قوات الأمن. في بعض الحالات ، قام المتمردون بترهيب وحتى قتل الأشخاص الذين يتعاونون مع الحكومة المحلية"، مبينة أنه "نتيجة لذلك، تجد السلطات المحلية صعوبة أكبر في جمع معلومات استخبارية عن أنشطة المتشددين.. كما أن بعض الأفراد لا يعتقدون أن السلطات المحلية قادرة على حمايتهم".