هروب وهجمات. لماذا يستهدف داعش مخيم الهول؟
شكلت الأحداث المتوالية في مخيم الهول أقصى جنوب شرقي الحسكة بسوريا- الواقع
الذي يجمع عناصر داعش وعائلاتهم - تهديدا
لعودة التنظيم مرة اخرى، في ظل محاولاته تحرير عناصر في سجن الادارة الذاتية.
وبات مخيم الهول للاجئين والنازحين أشبه بـ”دويلة” لعناصر وعائلات التنظيم،
وهي أزمة تسعى معظم دول العالم إلى تجاهلها والتغاضي عنها تجنبا لاستعادة مواطنيها
الذين انضموا إلى عناصر التنظيم. وتنتشر الفوضى والانفلات الأمني بصورة كبيرة داخل
المخيم الذي يعد بمثابة قنبلة موقوتة.
ويؤوي المخيم الواقع في محافظة الحسكة نحو 56 ألف شخص، أكثر من نصفهم دون سن
الـ18 عاماً، وفق الأمم المتحدة. ويضمّ نحو 10 آلاف من عائلات مقاتلي تنظيم داعش الأجانب
ممن يقبعون في قسم خاص قيد حراسة مشدّدة.
ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان توثيق أي جريمة قتل على يد أذرع تنظيم “داعش”
للشهر الثاني على التوالي، إلا أن المخيم شهد أحداثاً بارزة في إطار الفلتان الأمني
والحملات الأمنية المضادة يسلط الضوء عليها في خضم التقرير التالي.
ففي الثاني عشر من مارس، استنفرت القوات العسكرية العاملة في مخيم الهول ونفذت
حملة دهم لخيام هناك، بحثاً عن خلايا تنظيم “داعش” وأسلحة، بالتزامن مع تحليق لمروحيات
التحالف الدولي في أجواء المخيم، وفي 16 الشهر فرت امرأتين من عوائل عناصر التنظيم
من القسم الخامس من مخيم الهول إلى خارج المخيم، لتستنفر بعد ذلك القوات العسكرية وتستقدم
تعزيزات عسكرية وتقوم بعمليات تمشيط لمحيط المخيم وتفتيش خيام بداخله.
فيما كان الحدث الأبرز والأعنف في شهر مارس ، حين حاصرت قوات أمنية القسم الخامس
في مخيم الهول بريف الحسكة، وألقت القبض على شخص كان يحاول تفجير نفسه، فيما دارت اشتباكات
مع مسلحين في القسمين الرابع والخامس بمخيم الهول، استخدم خلالها قذائف من نوع “RPG”، وتسببت هذه
المواجهات بمقتل رجل ومواطنة وطفل، وإصابة 4 مواطنات و6 أطفال، بالإضافة إلى مقتل عنصر
من خلايا التنظيم خلال المواجهات.
وبحسب مصادر المرصد السوري، فإن قوات تابعة للتحالف الدولي وقوات “HAT” المختصة بـ “مكافحة
الإرهاب” وصلت إلى بلدة الهول والمخيم في ظل التوتر السائد وفرضت حظرًا كاملًا للتجوال
في البلدة والمخيم، تزامن ذلك مع تحليق طيران مروحي واستطلاع تابع للتحالف الدولي في
أجواء المنطقة.
بعد ذلك، عمدت قوات سوريا الديمقراطية والأسايش وقوات مكافحة الإرهاب “HAT” إلى اعتقال أكثر
من 46 شخصًا في مخيم الهول ومحيطه على خلفية الأحداث الأخيرة التي شهدها المخيم.
وفي سياق آخر، شهدت مخيم الهول خلال شهر مارس 3 حرائق أفضت لوفيات وإصابات،
ففي الخامس من آذار، اندلع حريق في خيمة القطاع الخامس الخاص بالسوريين لإحدى النساء
اللواتي يعملن مع المنظمات في مخيم الهول بريف الحسكة الشرقي، وامتد الحريق إلى الخيام
المجاورة، ما أدى إلى احتراق 4 خيام، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية، وأكدت مصادر
المرصد السوري، أن أسباب الحريق مجهولة حتى الآن، فيما قالت مصادر أمنية أن الحريق
مفتعل من قبل عوائل تنظيم “داعش”، في محاولة لقتل السيدة العاملة.
وفي 11 مارس، توفيت امرأة وأصيبت طفلتها وامراة أخرى، جراء حريق نشب في القسم
الخاص بالعوائل الأجنبية لتنظيم “الدولة الإسلامية” في مخيم الهول شرق الحسكة، دون
معرفة ما إذا كان الحريق مفتعل أو نتيجة حادث طبيعي.
أما الحريق الثالث والأخير فكان في 18 مارس، حين توفي طفل وفتاة وأصيب 3 أشخاص
آخرين بحروق متفاوتة نتيجة حريق اندلع في مخيم الهول شرقي مدينة الحسكة.
مصادر المرصد السوري أكدت أن الحريق نشب في إحدى الخيم التي تقطنها عائلة من
عوائل تنظيم “الدولة الإسلامية”، دون معرفة الأسباب، في حين تم نقل المصابين إلى المستشفى
لتلقي العلاج.
وفي الوقت ذاته أيضاً، لم يشهد شهر فبراير، أي عملية خروج لعوائل سورية من المخيم
ضمن مبادرة “مسد” على غرار الأشهر السابقة، في حين كان شهر كانون الثاني الفائت، شهد
خروج 22 عائلة مؤلفة من نحو 217 شخصًا، خرجوا نحو محافظة دير الزور، وذلك في إطار مبادرة
مجلس سورية الديمقراطية بإفراغ المخيم من السوريين.
جدد المرصد السوري لحقوق الإنسان مناشدته
للمجتمع الدولي بضرورة إيجاد حل لأزمة “دويلة الهول” التي تهدد بالانفجار بأي لحظة
في وجه العالم أجمع، ويوصي المرصد السوري منظمات حقوق الإنسان الدولية بوضع آلية جادة
وفورية لإعادة تأهيل النساء والأطفال داخل المخيم ممن تشربوا بأفكار تنظيم “داعش” سابقاً،
لا سيما مع العدد الهائل من الأطفال المتواجدين هناك والانتشار الكبير لأذرع التنظيم
واستمرار تغذية عقول النسوة والأطفال بأفكار التنظيم.