خطاب المظلومية.. كيف يوحد التطرف بين الإخوان وداعش؟

الإثنين 16/سبتمبر/2024 - 01:25 ص
طباعة
 
في العديد من الدراسات والتحليلات حول الخطاب الذي تتبناه الجماعات الإسلامية المتطرفة، يتبين أن هناك عناصر مشتركة يمكن تمييزها في خطاب المظلومية الذي تعتمده جماعات مثل الإخوان المسلمين وتنظيم داعش. يعكس هذا الخطاب نوعاً من التبرير الأخلاقي والإيديولوجي للعنف، كما يشكل وسيلة هامة لتجنيد الأفراد واستقطابهم نحو العنف المزعوم. ورغم أن الأهداف الاستراتيجية لكل من الجماعتين قد تبدو مختلفة، إلا أن استغلال المظلومية كأداة خطابية مشتركة يظهر بوضوح.
أولاً: خطاب المظلومية لدى الإخوان المسلمين
تبني الإخوان المسلمين خطاب المظلومية كان جزءاً أساسياً من تكتيكاتهم منذ نشأتهم، وتزايد استخدام هذا الخطاب عقب سلسلة من المواجهات السياسية والاجتماعية التي تعرضت لها الجماعة، سواء مع الأنظمة الحاكمة أو المجتمع الدولي. يتجسد هذا الخطاب في:
تاريخ الاضطهاد والملاحقة: الإخوان المسلمون دائماً ما يشيرون إلى مراحل القمع التي تعرضوا لها على أيدي السلطات، مثل الاعتقالات الجماعية أو حل التنظيمات. يتم تصوير هذه الأحداث على أنها دليل على ظلم النظام السياسي والقوى الدولية، مما يعزز سردية المظلومية التي يعتمدونها.
التعرض للمؤامرات الدولية: تشير الجماعة إلى كونها ضحية "مؤامرات" كبرى تُحاك ضد الإسلام والمسلمين عموماً، وتهدف إلى إضعاف الأمة الإسلامية وقمع حركات الإسلام السياسي.
استثارة العواطف الدينية: تستخدم الجماعة الرموز الدينية والمفاهيم الإسلامية مثل "الجهاد" و"الاستشهاد" لتعزيز شعور الظلم والاضطهاد، وتدعو المسلمين إلى الوقوف في مواجهة هذه التحديات باعتبارها "واجباً دينياً".
ثانياً: خطاب المظلومية لدى تنظيم داعش
تنظيم داعش، رغم طبيعته الأكثر عنفاً وتشدداً مقارنة بجماعة الإخوان المسلمين، يعتمد نفسياً وإيديولوجياً على خطاب المظلومية. يتجلى هذا الخطاب في:

الإشارة إلى ظلم عالمي: يشير التنظيم إلى ما يصفه بـ"الاضطهاد" الذي تتعرض له الأمة الإسلامية في كل أنحاء العالم، من فلسطين والعراق إلى بورما والصين. يستغل التنظيم هذه الحالات لبناء تصور شامل بأن الإسلام مستهدف عالمياً.
استراتيجية استقطاب الجهاد: يستخدم داعش خطاب المظلومية كوسيلة لتجنيد الأفراد، حيث يتم تصوير المسلمين كضحايا لا بد أن يهبوا للدفاع عن أنفسهم عبر العنف المسلح والجهاد. هذا الخطاب يشدد على أن العنف هو الوسيلة الوحيدة للتخلص من هذا الظلم المزعوم.
تكرار السرديات العاطفية: يعتمد التنظيم على تكرار سرديات القمع والاضطهاد بشكل مستمر لتثبيت شعور المظلومية لدى الأفراد وتحفيزهم على العنف.
نقاط التشابه بين الإخوان وداعش في تبني خطاب المظلومية
التركيز على فكرة المؤامرة: كلا التنظيمين يتبنيان فكرة أن هناك مؤامرة كبرى تستهدف المسلمين، سواء كانت سياسية، اجتماعية أو دينية. يسعى الإخوان المسلمون إلى استغلال هذه الفكرة لتعبئة دعم شعبي وسياسي لحركاتهم، بينما يستغلها داعش لتبرير العنف والجهاد.
الاستثارة العاطفية والدينية: كلا التنظيمين يستخدمان الرموز الدينية والعواطف لتحفيز جمهورهم على الاستجابة لخطاب المظلومية. هذا يشمل استثارة مشاعر الغضب والحزن تجاه ما يزعمون أنه قمع واضطهاد مستمر.
التبرير الأخلاقي للعنف: رغم أن الإخوان المسلمون لا يعتمدون على العنف في الظاهر كما يفعل داعش، إلا أن خطابهم يمكن أن يُعتبر مبرراً لتصعيد المواجهات السياسية والاجتماعية، بينما يستخدم داعش نفس الخطاب لتبرير العنف المباشر.
تكرار السرديات المظلومية: تعتمد الجماعتان بشكل كبير على تكرار السرديات التي تصور المسلمين كضحايا، سواء في سياق القمع السياسي أو التدخلات الأجنبية، مما يسهل استقطاب الأفراد نحو مشروعهم الأيديولوجي.
الاختلافات في تطبيق خطاب المظلومية
رغم التشابهات الواضحة، هناك اختلافات جذرية بين الجماعتين في كيفية استغلال خطاب المظلومية. فبينما يسعى الإخوان المسلمون إلى تحقيق أهدافهم من خلال الانخراط في العملية السياسية والمجتمعية، يعتمد داعش على العنف الممنهج والترويع لتحقيق أهدافه. الإخوان، على الأقل في العلن، يدعون إلى العمل السلمي والتغيير السياسي التدريجي، بينما يرى داعش أن العنف هو السبيل الوحيد لتحقيق "الخلافة" وتحرير المسلمين من الظلم.
الخلاصة
في النهاية، يتشارك كل من الإخوان المسلمين وتنظيم داعش في استغلال خطاب المظلومية كأداة قوية لتجنيد الأفراد وبناء دعم شعبي لمشاريعهم. هذا الخطاب يُستخدم لتبرير الفعل السياسي أو العسكري بناءً على مظلوميات دينية واجتماعية.

شارك