مع إلغاء قانون عزل رموز "القذافي".. هل تنتهي الصراعات في ليبيا؟

الثلاثاء 03/فبراير/2015 - 01:30 م
طباعة مع إلغاء قانون عزل
 
في ظل الصراعات التي تشهدها ليبيا الآن، وفشل محاولات احتواء الأزمة بين أطراف النزاع الحالية، والمتمثلة في حكومتي طبرق بقيادة عبدالله الثني والجيش الوطني، وأخرى في طرابلس بقيادة عمر الحاسي وجيش فجر ليبيا المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين، وكذلك الميليشيات المسلحة المنتشرة على الأراضي الليبية والمتمثلة أيضا في تنظيم "أنصار الشريعة" الإرهابي، قرر مجلس النواب الليبي "البرلمان" المنعقد في طبرق، إلغاء قانون "العزل السياسي" المثير للجدل، الذي أقره المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته، بضغط من الميليشيات المسلحة.
مع إلغاء قانون عزل
يعتبر إلغاء القانون محاولة من الحكومة المعترف بها دوليا بقيادة الثني، لتهدئة الأوضاع وعودة الاستقرار مرة أخرى للبلاد، في ظل الصراعات المستمرة التي أدت بالبلاد إلى مرحلة خطيرة قد تضعها في أزمة حقيقية دون العودة مرة أخرى.
وصدر قانون "العزل السياسي" منذ أقل من عامين، عندما حاصر مسلحون مقر المؤتمر الوطني العام "البرلمان" في العاصمة طرابلس مطالبين بتبني القانون.
ويستبعد القانون من الحياة السياسية أي شخص تولى منصبا في عهد النظام السابق، ويشمل الفترة من وصول معمر القذافي إلى الحكم العام 1969 حتى سقوط نظامه ومقتله عام 2011 إثر اندلاع الثورة ضد نظامه.
ووجهت في نفس الوقت، جماعات ناشطة في مجال حقوق الإنسان انتقادات له، قائلة إنه غير واضح وأن نطاقه واسع للغاية.
ويرى متابعون أن هناك محاولة جادة من الحكومة المعترف بها دوليًّا، لعودة الاستقرار والهدوء في ليبيا، مع عودة رجال القذافي الذين كانوا يتصدون للميليشيات المسلحة.
بالرغم من إصدار القرار بإلغاء القانون الذي حرم على رجال القذافي المشاركة في الحياة السياسية، فإن هناك احتمالية لعرقلة تطبيقه في ظل اشتعال غضب الحكومة الموازية المقيمة في طرابلس بقيادة عمر الحاسي وجيش فجر ليبيا، التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، حيث اعتبرت القرار محاولة للإطاحة بالإخوان كما حدث في مصر وتونس واليمن، حيث شهدت هذه الدول عودة الفلول واستبعاد الإخوان من المشهد السياسي، قد تشهد ليبيا نفس السيناريو خلال الفترة المقبلة.
القذافي
القذافي
ومن المعروف أنه منذ سقوط نظام القذافي، وليبيا تشهد اضطرابًا غير مسبوق على أراضيها من جانب الميليشيات المسلحة التي تصارع على فرض سيطرتها بالبلاد، وجميع الأطراف تتنازع على السلطة.
في هذا السياق، يقول مراقبون: إن تطبيق القانون أسهم في تفاقم الأزمة الليبية، بعد أن أجج الانقسام بين القوى السياسية في البلاد.
واعتبر كثير من المراقبين أن القانون صناعة إخوانية حيث قامت أحزاب وكتل داخل المؤتمر الوطني العام منتهي الولاية بفرضه بقوة السلاح على أعضاء المؤتمر للموافقة على إقراره في مايو من العام الماضي؛ لتتمكن جماعة الإخوان المسلمين من إقصاء التيارات السياسية الوطنية والمدنية بحجة عملها ضمن نظام القذافي الذي حكم ليبيا طيلة 42 عاماً.
ويوضح منتقدون أن هذا القانون جرد الحكومة من زعماء من ذوي الخبرة ما زاد صعوبات الانتقال بشكل منظم إلى الديمقراطية.
ويرى محمد عبد الله النائب في مجلس النواب أن إلغاء قانون العزل السياسي جاء في توقيت مهم وحاسم، وإن تأخر بعض الشيء؛ نظراً لحالة الفوضى التي تمر بها ليبيا، مضيفًا أن إلغاء القانون المعيب وغير المتوازن على الإطلاق هو ضربة موجعة للجماعات الإرهابية والمتأسلمين السياسيين؛ لأن هذا من شأنه إعادة شريحة مهمة من الكفاءات الليبية، إلى مواقعها السابقة التي انتزعوا منها، بغير وجه حق، خاصة وأن أغلب من طال القانون، لم يتورطوا في أعمال عدائية للثورة، بل بعضهم خدم ثورة 17 فبراير، مثله مثل الذين أسقطوا النظام عسكرياً.
مع إلغاء قانون عزل
وأوضح في تصريحات له، أن إلغاء قانون العزل السياسي لا يعني عدم محاسبة من تورطوا في قتل الليبيين وسرقوا المال العام؛ لأن من يثبت عليه الدليل على ذلك فالقانون والقضاء سيقتص منه، لكن نحن نتحدث عن شريحة واسعة من الشعب، عملوا في عهد القذافي طويلاً، وكانت لهم إسهامات على كافة الأصعدة، متسائلا: كم من مسئول سياسي أو عسكري عمل مع القذافي، ولم يتورط معه؟!، وحرمنا قانون العزل من خدماته، التي نحن في أشد الحاجة إليها، خوفاً على مكتسبات ثورتنا، وعلى دولتنا التي يديرها سراق وقادة ميليشيات وقيادات إخوانية. 
وأشار النائب في البرلمان الليبي، بأن من شأن عودة شخصيات سياسية وعسكرية بارزة للخدمة في مؤسسات الدولة، بعد إلغاء قانون العزل السياسي- خلق توازن كبير على مستوى أداء المؤسسات المعنية، وانعكاسها إيجاباً على انتشال وقوع ليبيا في "فخ الصوملة" مثلما يتنبأ لها المجتمع الدولي، في حال استمرار حالة الاستقطاب السياسي وارتفاع حدة التصعيد العسكري.
في سياق مواز، اجتمع رئيس الحكومة الإخوانية عمر الحاسي وعدد من وزراءه، ورئيس الأركان العامة للجيش الليبي، مع قادة الثوار بجميع جبهات القتال لتوضيح مستجدات العملية السياسية في البلاد داخليا وخارجيا. 
وأوضح الحاسي خلال الاجتماع، الذي عقد بطرابلس، أن حكومته تواجه عدة عراقيل داخلية وخارجية ومالية وصلت مؤخراً إلى حد تجميد الغطاء المالي، ما تسبب في عرقلة تحقيق التزامات الحكومة تجاه قطاعات الدولة المختلفة.
 وأكد الحاسي أن هناك جهوداً تبذل من قبل الحكومة بالتواصل مع ما يسمى المؤتمر الوطني العام للخروج من هذه الأزمة، وأن الفترة القادمة ستشهد انفراجا في المشاكل والعراقيل التي تواجهها الحكومة .
وزير الخارجية الإيطالي
وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني
في غضون ذلك أعلن وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني، بالجزائر أنه لا حل عسكرياً في ليبيا، كما جاء في مؤتمر صحفي عقده مع نظيره الجزائري رمطان لعمامرة .
وقال جنتلوني: بطبيعة الحال فإن إيطاليا والجزائر تساندان العمل الذي يقوم به الممثل الخاص للأمين عام للأمم المتحدة لليبيا برناردينو ليون، قائلا: لا يوجد حل في تقسيم البلد كما لا يوجد حل عسكري للأزمة الليبية، و"من الضروري أن يبدأ مسار للمصالحة بين كل الأطراف".
من ضمن الرموز المتوقع عودتها إلى الحياة السياسية مرة أخرى، التهامي خالد رئيس جهاز الأمن الداخلي السابق، وناصر المبروك وزير الداخلية السابق، والسنوسي سليمان الوزاري وزير الداخلية السابق، وعمران بوكراع مسئول الشئون العربية في وزارة الخارجية الليبية السابق، ووزير الكهرباء السابق، ومحمد إسماعيل مدير مكتب سيف الإسلام القذافي، ومحمد عبد الجواد ممثل ليبيا في المصرف العربي الدولي، والطيب الصافي وزير الاقتصاد والتجارة، ومحمد الحويج وزير الاقتصاد السابق، بالإضافة إلى علي التريكي وزير الخارجية الليبي السابق، ومحمد حجازي وزير الصحة الليبي السابق، وأبريك المنقوش الزوي القيادي البارز بحركة اللجان الثورية، والخويلدي الحامدي صهر القذافي والعضو السابق في مجلس قيادة الانقلاب العسكري وابنه خالد، وأحميد إبراهيم القذافي شقيق أحمد إبراهيم وابن عم القذافي، والأصفر القذافي رجل أعمال، وبوزيد الجبو القذافي مدير المخابرات الحربية السابق، وعبدالله منصور أمين هيئة الإذاعة سابقاً والضابط بالجيش الليبي، وعطا الله قذاف الدم صهر أحمد قذاف الدم، وسيد قذاف الدم ابن عم القذافي.
المشهد الحالي يوضح، أن إلغاء القانون، يؤدي إلى أحد أمرين، إما أن يعود الاستقرار في ليبيا مع عودة رموز القذافي وتوليهم مناصب في الدولة، مع خبراتهم الذي اكتسبوه خلال عهد القذافي وكذلك مواجهتهم للميلشيات المسلحة بطريقة صحيحة، إما أن تستمر الصراعات في ظل غضب حكومة الإخوان وميليشيات فجر ليبيا من إلغاء القانون.

شارك