البحرين بين طائفية إيران والنموذج الخليجي في التعايش

الأربعاء 04/فبراير/2015 - 03:57 م
طباعة البحرين بين طائفية
 
يحاول النظام الإيراني بشكل مستمر فرض وصايته على النظام البحريني تحت دعاوى الحريات وحقوق الإنسان واستغلال الشيعة الموالين له في أعمال العنف، على النقيض منه يحاول النظام البحريني خلق حالة من التعايش السلمى بين كافة أطياف المجتمع البحريني باعتبارهم مواطنين بحرينيين لهم كامل الحقوق.  
البحرين بين طائفية
وقد أعربت البحرين أكثر من مرة عن استنكارها للتصريحات المتكررة والمستفزة من قبل المسئولين الإيرانيين ضد المملكة، ورفضها بشكل قاطع أي شكل من أشكال التدخل في شئونها الداخلية.
 وأكدت على أن إيران غير مؤهلة لتوجيه النصح أو تقديم الإرشادات فيما يتعلق بالحقوق والحريات لأنها أبعد ما يكون عنها ما جعلها نموذجاً سيئاً للتمييز بين المواطنين، فيما تعد البحرين مثالاً بارزاً للمساواة بين جميع مواطنيها.
وأكدت وزارة الخارجية البحرينية على رفضها رفضاً قاطعاً أي شكل من أشكال التدخل في شئونها الداخلية، والتي كان آخرها تصريح المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية والذي عبرت فيه عن القلق من إسقاط الجنسية عن بعض الأشخاص واستمرار ما وصفته باعتقال شخصيات سياسية ودينية، وأن مثل هذه التصريحات التي تفتقد للمصداقية وتحمل توصيفات خاطئة ومتعمدة للأحداث تندرج في إطار محاولات إيران الدائمة للهروب من مشكلاتها المحلية وأزماتها الداخلية، ولا تعبر مطلقاً عن أي توجه لتحسين العلاقات مع دول الجوار، وإنما تجسد نهجاً إيرانياً مرفوضاً باستمرار التدخل في شئون الدول.
وزير الخارجية الشيخ
وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة
وقالت الخارجية في بيان لها "الجمهورية الإسلامية الإيرانية غير مؤهلة لتوجيه النصح أو تقديم الإرشادات فيما يتعلق بالحقوق والحريات؛ لأنها أبعد ما يكون عن الالتزام بهذه المبادئ والقيم ما جعلها نموذجاً سيئاً للتمييز بين المواطنين، في الوقت الذي تعد فيه مملكة البحرين مثالاً بارزاً للمساواة بين جميع مواطنيها وتطبيق القوانين على الجميع دون أي تفرقة أو تمييز".
وطالبت إيران بضرورة الكف فوراً عن مثل هذه التصريحات والاتهامات، وأن تحترم سيادة الدول، ولا تتدخل في شئونها الداخلية وتلتفت لقضايا مواطنيها، وتهتم بالعمل على توفير مستويات معيشية مقبولة لا أن تتجاهل أزماتهم وتزيد من معاناتهم.
وتساءل وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة "ما إذا كان من الممكن أن تطلق إيران- «القلقة» من مزاعم استمرار- اعتقال شخصيات البحرين سراح المعارضين مير حسين موسوي ومهدي كروبي من الإقامة الجبرية؟".
البحرين بين طائفية
إيران لا تكف عن دس أنفها بشكل مستمر في البحرين بل ودعم المعارضة الشيعية بشكل كامل في محاولة لخلق حالة يمنية جديدة من خلال سيطرة الشيعة الموالين لها على الدولة، ودائما ما يكون التدخل تحت شعار حفظ الحريات مع أن استراتيجيتها في البحرين بشكل خاص قائمة على مطامع توسعية وفي الخليج بشكل عام على الاحتلال والعدوان، كما هو في الجزر الإماراتية المحتلة من إيران منذ عام 1971م، ولا تكتفي بذلك، بل تعمل على توسيع نفوذها، بل والتصريح علانية بالاحتلال مجددا لأراضي خليجية جديدة، كما أكد حسين علي شهرياري النائب في مجلس الشورى الإيراني في جلسة نيابية عام 2012م على أن البحرين كانت محافظة إيرانية، وأن الشاه ونظامه فرطا فيها، ليدعي علي أكبر ناطق ثوري رئيس التفتيش العام في مكتب قائد الثورة الإسلامية في مدينة مشهد الإيرانية، تبعية البحرين لإيران، واصفاً إياها بأنها كانت في الأساس المحافظة الإيرانية الرابعة عشرة، وكان يمثلها نائب في مجلس الشورى الوطني ولم تكتف إيران بذلك، بل طالب حسن فيروز آبادي رئيس هيئة الأركان في القوات المسلحة الإيرانية بكامل الخليج العربي، واعتبر أن اسم وملكية وعائدية الخليج الفارسي هي للإيرانيين حسب الوثائق والمستندات التاريخية والقانونية.
البحرين بين طائفية
العلاقة بين إيران والبحرين؛ لها جذور استعمارية من الجانب الإيراني حيث خضعت البحرين للحكم الفارسي لسنوات معدودة، مما شكل تكتلا سكنيا من الشيعة في البحرين منذ أيام الدولة القرمطية (286-469هـ/ 899-1076م)، ثم الدولة العيونية (469-642هـ/ 1076-1244م)، وكان شيعة المنطقة يعتنقون العقيدة الإسماعيلية، ثم تحولوا تدريجياً إلى العقيدة الاثني عشرية لتصبح إيران بالنسبة لهم بمنزلة "الدولة الأم" التي تمثل الشيعة وسط محيط شاسع من دول "العامّة"، وهو التعبير المستخدم في أدبيات الشيعة لوصف أهل السنة وأصبح المجتمع الشيعي في البحرين يرتبط بقوة بروابط اجتماعية مع شيعة إيران، عن طريق الزواج بالإيرانيات، وبعد نجاح ثورة الخميني، انقلبت الأوضاع رأساً على عقب في البحرين، وخرج الشيعة في تظاهرات مؤيدة للحكم الجديد، وأرسل الشيعة وفوداً شعبية ومن علمائها لتقديم التهنئة للحكام الجدد.. لتبدأ إيران في محاولات انقلابية لإسقاط الحكم السنّي في البحرين في ثلاث محاولات انقلابية للوصول إلى الحكم في الأولى في بداية الثمانينيات من خلال إدخال أسلحة ومتدربين في معسكرات خاصة في إيران بقيادة هادي المدرّسي. 
والثانية: في أواسط التسعينيات (1994-1996)، بقيادة حزب الدعوة، الذين شكلوا فيما بعد (جمعية الوفاق)، أكبر الجمعيات السياسية الشيعية، وتم إخماد هذه المحاولة الثالثة وهي التي بدأت يوم 14 فبراير 2011م تحت شعارات ثورات الربيع العربي ويقودها آية الله عيسى قاسم، يعد وكيل المرجع الإيراني في البحرين وأعلى رأس يمثل مرجعية الولي الفقيه في البحرين ليقود مسيرة تندد بالوحدة الخليجية، لتدخل في صدام مع السلطة الحاكمة التي قامت بالقبض على "علي سلمان" أمين عام جمعية الوفاق البحرينية الشيعية الذي قاد الاحتجاجات التي استمر ت لمدة شهر، من منتصف فبراير حتى منتصف مارس 2011.. شكّلت الحكومة البحرينية بعدها لجنة دولية مستقلة لتقصي حقائق ما حدث، عُرفت بـ"لجنة بسيوني" نسبة إلى رئيسها محمود شريف بسيوني، والتي أكدت أنه "لا توجد أدلة قاطعة" تثبت أن إيران لعبت دورًا في تأجيج الشارع البحريني، غير أن العاهل البحريني اعتبر أن الممارسات التي تصدر عن الإعلام الإيراني دليل على التدخل السافر التي تقوم به طهران في شئون البحرين. وعبّر ملك البحرين عن أسفه العميق للهجمة الإعلامية الشرسة في القنوات الإعلامية الرسمية الإيرانية التي تحرّض أبناء البحرين على التخريب وارتكاب أعمال العنف؛ مما أسهم في إذكاء نار الطائفية، وقال: "إن ذلك يدل دلالة واضحة على تدخل سافر لا يُحتمل في شئون البحرين الداخلية، وإن هذا التدخل أدى إلى معاناة كبيرة للشعب والوطن"، موضحًا في هذا الصدد أن "حكومة البحرين ليست في وضع يمكّنها من تقديم أدلة على الصلات بين إيران وأحداث معينة في المملكة هذا العام".
 ولذلك فقد قام النظام البحريني باستخدام أسلوب المشاركة المقيدة، للشيعة في البحرين، من خلال التجاوب النسبي مع المطالب من خلال العديد من الخطوات والإجراءات الانفتاحية، والاحتواء والتكبيل عبر تدابير هدفت إلى منع الشيعة من السيطرة على المشهد السياسي، استثمارا لأغلبيتهم العددية، وهو ما أدى إلى أزمة للتيار الشيعي المعتدل لصالح التيار المقرب من إيران. 
البحرين بين طائفية
دول الخليج لم تقف مكتوفة الأيدي إزاء التدخل الإيراني، فقد أعربت دول مجلس التعاون الخليجي عن إدانتها "للتدخل الإيراني السافر" في شئون المنطقة، وأن مجلس التعاون المكون من 6 دول خليجية عربية، هي: السعودية، والبحرين، والإمارات، وسلطنة عمان، وقطر، والكويت، يُعرب عن "بالغ القلق لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشئون الداخلية لدول مجلس التعاون، وأن التدخل الإيراني في شئون دول الخليج العربية يتم "من خلال التآمر على أمنها الوطني، وبث الفرقة والفتنة الطائفية، بين مواطنيها في انتهاك لسيادتها واستقلالها ولمبادئ حسن الجوار والأعراف والقوانين الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، 
لتحسم الدول الخليجية أمرها لمنع التدخل الإيراني في البحرين بدخول قوات "درع الجزيرة" إلى البحرين بموجب الاتفاقات ضمن مجلس التعاون الخليجي، فإن "أي قوة خليجية تدخل إلى دولة من المجلس تنتقل قيادتها إلى الدولة نفسها، وأعلن وزير خارجية الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان من باريس إثر لقائه وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون أن بلاده أرسلت نحو 500 شرطي للمساعدة في حفظ أمن البلاد.
واعتبر مجلس التعاون أن أي مساس بأمن البحرين هو مساس بأمن المجلس ككل.
وعلى الرغم من استقرار الأوضاع في البحرين في الوقت الحالي إلا أنه ما زالت إيران تستخدم نفس ورقة الطائفية للقضاء على السلطة السنية هناك، فهل ستنجح إيران في مساعيها وتحولها إلى يمن جديد؟ أم ستحول الملكية في البحرين المملكة الصغيرة إلى نموذج للتعايش السني الشيعي في الخليج العربي؟ 

شارك