الإمام الأكبر في العراق.. الأزهر والنجف في مواجهة الإرهاب والتشدد
الجمعة 06/فبراير/2015 - 01:38 م
طباعة
وجه ديوان الوقف الشيعي في العراق دعوة رسمية إلى شيخ الأزهر أحمد الطيب، لزيارة العراق ولقاء آية الله السيد علي السيستاني المرجع الديني الشيعي الأعلى بالبلاد.
الدعوة التي كانت لها مقدمات عديدة، حتى تصل إلى دعوة من الديوان الشيعي، يعتبر ر ئيس ديوان الوقف الشيعي سماحة السيد صالح الحيدري، بدرجة وزير في الحكومة العراقية، وجاءت في توقيت مناسب وقوي في إطار إنهاء لأي صراع مذهبي، وعودة إلى الحوار بين المذاهب الإسلامية، ولتخفيف حدة التشدد الديني والتعبير عن الإسلام الصحيح.
مقدمات الدعوة
جاءت دعوة شيخ الأزهر لزيارة العراق ولقاء مراجع الشيعة وعلى رأسهم السيد علي السيستاني- ردا على دعوة الأزهر الشريف لديوان الوقف الشيعي العراقي، للمشاركة في مؤتمر الأزهر لمواجهة الإرهاب والتطرف.
الوفد الذي ترأسه السيد صالح الحيدري، رئيس ديوان الوقف الشيعي، وناقش المؤتمر عدة محاور، منها تصحيح المفاهيم والمواطنة والأقليات الدينية وظهور الجماعات الدينية المتطرفة التي تأخذ من الإجرام سبيلاً لنشر موجة الإرهاب باسم الإسلام، وتحرير الخطاب الديني من الروتين، ومواجهة الفكر التكفيري، وإعادة الصورة السمحة للدين الإسلام.
وأكد رئيس ديوان الوقف الشيعي العراقي أن حاجة العالم الإسلامي إلى توجيهات الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، وأن يضع بصماته الأخيرة خدمة للشارع العربي والإسلامي، قائلا: إننا ننتظر بفارغ الصبر زيارة الإمام الأكبر، ونتمنى أن يزور فضيلة شيخ الأزهر العراق، وهي الزيارة التي يتطلع إليها ويتمناها الجميع في العراق.
وأضاف الحيدري: "نحن نعتقد أن الدكتور الطيب يمتلك من الحكمة وسعة الأفق الشيء الكثير ويدرك تماما أن المسئولية الملقاة على عاتقه ليست مسئولية مصر فقط، بل تمتد إلى العالم الإسلامي الذي هو بحاجة إلى حكمته وتوجيهاته، هكذا ننظر إلى الدكتور الطيب وهو كذلك وربما أكثر من ذلك".
وقال: "إننا في العراق نتطلع لزيارة شيخ الأزهر، وحال إتمامها ستكون فرصة للقاء قمة بين الإمام الأكبر شيخ الأزهر والمرجع الأعلى السيد علي السيستاني في النجف الأشرف، ونعتقد أن هذا اللقاء المأمول سيكون له بحد ذاته تأثير أكثر إيجابية على جميع المسلمين في العالم وفي العراق خاصة بسنته وشيعته، بل وللمسيحيين والعرب والأكراد بوصف العراق هو المبتلى حاليا ويحتاج الدعم والمؤازرة".
كما وجه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، لزيارة العراق لإعادة العلاقة التاريخية بين النجف والأزهر.
وقال العبادي: إن مصر والعراق لديهما عمق حضاري إسلامي وهدفهما واحد في مواجهة الإرهاب وإدانة كل الأعمال الإرهابية، مشددًا على أهمية دور الأزهر من خلال فكره الوسطي المستنير في مواجهة الأفكار الإرهابية ومحاربة التطرف.
كان العبادي صائبا عندما أشار الى استعداد الحوزة العلمية في النجف الأشرف، والمتمثلة بمرجعية سماحة السيد علي السيستاني، للتعاون مع الأزهر في هذا الجهد المبارك في صد الهجمات التكفيرية الإرهابية عن المجتمعات الإسلامية؛ لما تمثله هذه المرجعية من خط إسلامي معتدل.
موقف الأزهر
فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب دعا المرجعيات الدينية العراقية جميعها لزيارة مشيخة الأزهر؛ من أجل توحيد كلمة الأمة الإسلامية بوجه المنظمات الإرهابية، التي اعتبرها "عصابات إجراميةً بعيدة عن الدين الإسلامي الحنيف".
وأكد الإمام الأكبر أن الأزهر الشريف والشعب المصري مع وحدة العراق وترابه، معتبرا ما يحدث بين المسلمين ليس إلا طمعا من أعداء الإسلام ولا بد من التصدي له، مؤكدا بالقول: "نحن دين وأمة وكعبة ورسول واحد ولا خلافات في أصول العقيدة وفروعها".
وأوضح أن تفويت الفرصة على الأعداء يكمن في توحيد الكلمة بين المسلمين، لا سيما أن في "أمتنا الكثير من عوامل القوة التي تجعلنا أمة عظيمة بمقدورها دحر الاٍرهاب بأجمعه"، مؤكدا تطلعه لإجراء زيارة قريبة للعراق تصب في اتجاه توحيد الأمة، والالتقاء بالمرجعيات المختلفة.
وأشاد شيخ الأزهر بدور العبادي في توحيد العراقيين بعد توليه الرئاسة، مثنيا في الوقت عينه على التوجهات الحكومية في لم شمل الشعب وتوحيده والتوجه الصحيح للدفاع عن مصالحه.
ويرى الطيب أن "تفعيل التعاون بين مصر والعراق مهم ومفيد للأمة الإسلامية؛ لأنهما يملكان حضارة وتاريخا عريقين، وتقاربا اجتماعيا مشتركا"، مبينا أن "تعاونهما سيكون مثمرا ومفيدا في مصلحة الأمة الإسلامية وفي دحر الإٍرهاب".
اهتمام شعبي ورسمي
يتوقع أن تلتقي زيارة شيخ الأزهر إلى المراجع العراقية، اهتماما رسميا وشعبيا في بلاد الرافدين، كما أنه سيكون لها صدى قوي في المنطقة العربية والعالم الإسلامي؛ لما يمثله الأزهر الشريف ومرجعية النجف الأشرف من مكانة كبيرة في أوساط المسلمين.
ويأمل المراقبون أن يكون لها دور كبير في إعادة العلاقات التاريخية بين المؤسستين الكبريين، بالإضافة إلى إنهاء حالة الصراع المذهبي الذي اشتعل في المنطقة والعالم الإسلامي عقب 2011.
الصراع المذهبي
يأتي توقيت دعوة شيخ الأزهر للعراق في ظل اشتعال للصراع المذهبي بين الشيعة والسُّنَّة في عدد من الدول العربية، خاصة سوريا والعراق، والتي تهدد الوحدة الوطنية لهذه البلاد تحت عنوان الحرب بين "السُّنَّة والشيعة"، وهو ما يؤكد على أن الزيارة سوف تُسهم بشكل كبير في إنهاء تحجيم ومواجهة هؤلاء المتطرفين في الجانبين، والذين يشعلون الحرب بين المذاهب الإسلامية باسم الدين.
وقال علي الخطيب، نائب رئيس ديوان الوقف الشيعي: "نريد من الأزهر الشريف الاطلاع عن كثب عما يجري في العراق لوضع حد للتخندق حول المذهبية والطائفية، فالإسلام هو الدين الذي جاء بالتسامح والعفو واحترام معتقدات الآخر بعيدا عن أفعال أعداء الإسلام".
وأوضح الخطيب أن "الزيارة إن تحققت سيتم خلالها عقد لقاء بين مشيخة الأزهر وعلي السيستاني المرجع الديني، إضافة إلى وجهاء الدين الساعين إلى وحدة المسلمين في العراق".
وصف رئيس جامعة المذاهب الإسلامية بإيران أحمد مبلغي، الحوارَ بين الأزهر والحوزة الشيعية بـ"الفرصة التاريخية"، مضيفا: سنشهد بتلك الخطوة تضييق الخناق على التكفيريين، وتابع: الماضى يشير إلى أن الأزهر من الممكن أن يلعب دورًا أساسيًا فى تهدئة وإزالة التوترات.
وقال رئيس جامعة المذاهب الإسلامية أحمد مبلغي: نظرا لإعلان شيخ الأزهر استعداده للسفر إلى العراق، فمن المناسب أن يحوّل مراجع الشيعة في العراق بالنجف هذا الاستعداد إلى دعوة الطيب، الآن المرحلة جيدة من الممكن أن يقوموا بمشاورات أيضا مع شيخ وجامعة الأزهر.
الإرهاب و"داعش"
وسيكون من ضمن الملفات التي ستتناولها الزيارة ملف الإرهاب وإساءته لصورة الدين الإسلامي.
رئيس ديوان الوقف الشيعي لفت إلى أن الدول العربية جمعاء، وعلى رأسها مصر، ودول الجوار شعوبا وحكومات تقف ضد الجماعات الإرهابية التكفيرية في العراق، قائلا: "إن حكومة مصر لا تسمح بأن يتحدث أي خطيب باتجاه دعم الجماعات الإرهابية أعداء البشرية، أو يطلب من الناس الذهاب للعراق للقتال ضد الشيعة أو ينضم إلى داعش".
وأضاف: «إن هذه الجماعات قبل ظهور داعش وبعدها لا تميز في تفجيراتها بين الشيعي والسُّنِّي والمسيحي والكردي والعربي، فعمليات القتل والتفجير تستهدف الجميع».
رؤية متقاربة
كما يحمل اللقاء رؤية متقاربة من قبل أكبر شخصيات علماء السُّنَّة والشيعة في مواجهة فتاوى التحريض المذهبية من صغار المشايخ الذين يؤججون الصراع المذهبي، ويكون علاجا في مواجهة قضايا سب الصحابة أو غيرها من القضايا التي تؤجج الصراع بين أبناء الأمة الواحدة.
وردًّا على طلب شيخ الأزهر بضرورة إيقاف سب الصحابة بين الشيعة، قال النائب الدولي للحوزات العلمية بإيران حسن زمانى: إن هذا الطلب تم الرد عليه بشكل إيجابى سواء من مراجع شيعة العراق أو إيران، وحتى الآن أكثر من 10 أشخاص من مراجع الشيعة الكبار فى إيران والعراق أصدروا فتاوى حول "تحريم سب الصحابة وخلفاء وزوجات النبي"، مشددا على علماء الشيعة فى العراق أن يعلنوا استعدادهم وإرسال ممثل عنهم طبقا لبرنامج محدد؛ كي تزيل الدعايا المغرضة بين الطرفين بعقد جلسات علمية.
المشهد الديني
إن على علماء الإسلام في الحوزة العلمية في النجف الأشرف وفي الأزهر الشريف في مصر، أن يتحملوا مسئوليتهم التاريخية في هذا المنعطف الخطير في تاريخ العراق ومصر والمنطقة، وألا يسمحوا للتيارات المتشددة من السُّنَّة والشيعة أن تسيء للدين الإسلامي وتزرع الفوضى في ديار المسلمين، وأن يكونوا على قدر المسئولية التي حملتهم الأمة إياها، كما كان أسلافهم من علماء الأمة من الشيعة والسُّنَّة على قدر المسئولية التي تحملوها وذهبوا وقد أدوا الأمانة.
وفي حالة من الأمل تسود أوساط رجال الدين الشيعة الذين يرون أن زيارة شيخ الأزهر إلى العراق ستكون لها نتائج كبيرة جدا تُسهم في إنهاء الصراع المذهبي والطائفي، وتعجل بنهاية الصراع الميداني بالبلاد العربية والإسلامية.
