المواجهة الشاملة للإرهاب "الداعشي".. هي الحل
الإثنين 16/فبراير/2015 - 10:45 م
طباعة
من الثابت في وسائل الإعلام المختلفة ولدى المهتمين بشأن الحركات الاسلامية عموما والراديكالية منها على وجه الخصوص أنه كان أول ظهور مدوي لتنظيم داعش الإرهابي على الأراضي الليبية إعلان مسئوليته عن تفجير سيارة مفخخة بموقف سيارات أحد فنادق وسط العاصمة طرابلس، مما أدى إلى سقوط قتيل وإصابة عدد من الجرحى، وهو يؤكد إلى أن داعش نقل بعضًا من نشاطاته من العراق والشام إلى الأراضي الليبية بشكل رسمي، وقال إن دافعه من وراء تلك العملية هو احتواء الفندق على بعثات دبلوماسية أجنبية، ما يعني أن داعش يستهدف المدنيين الأجانب الذين لم يرفعوا السلاح في وجه المسلمين، في دلالة على أن تنظيم داعش يجهل تعاليم الدين الإسلامي بشكل واضح، وكانت آخر رسائل داعش المسمومة لمصر وللدول الغربية، وبشكل واضح وقوي في ليبيا وتحديدا على السواحل الليبية التي تعد بوابة التنظيم للغرب، واتضح من خلال الشريط المصور لداعش بث التنظيم رسالة غير مباشرة للدول الغربية بدماء المصريين الزكية التي اختلطت بمياه البحر المتوسط أن دماء "بن لادن" الذى قتل على أيدى الغرب سيسفكها التنظيم في أوروبا، وكان لسقوط معمر القذافي دور كبير جدًا في حالة عدم الاستقرار الذى تعيشه الدولة الليبية التي أضحت مستنقعا للتنظيمات الإرهابية، وقد وفرت الفوضى السياسية والعسكرية المستمرة أرضية خصبة للتنظيمات المتطرفة للتوسع في أرجاء ليبيا، حيث يقدر عدد عناصر داعش المتواجدين في ليبيا ما يقرب من 3000 مقاتلا من عدة جنسيات مختلفة، ويدفع صمت المجتمع الدولي تنظيم داعش إلى التوسع بشكل أكبر على الأراضي الليبية واستقطاب أكبر عدد ممكن من الشباب الليبيين بشتى السبل، وكما هو الحال في العراق قبل ثماني سنوات، تعيش ليبيا في فوضى يتحمل الغرب فيها جزءا من المسؤولية نتيجة تدخله في اسقاط النظام السابق دون وضع خطة مستقبلية تضمن الحفاظ على أمن واستقرار الدولة الليبية. وقام تنظيم داعش بتقسيم ليبيا إلى ما يسمى بالولايات منها ولاية برقة وفزان وطرابلس،. وفى حال تقاعس المجتمع الدولي في التعامل مع تنظيم داعش الإرهابي فان التنظيم سيشكل تهديدا مباشرا على مصر وعلى السواحل البحرية للمتوسط التي تعد بوابة التنظيم لأوروبا، وقد أيقنت إيطاليا الخطر الداهم بالبلاد وقامت بإجلاء رعاياها من البلاد خشية تعرضهم لأعمال إرهابية، وحتى اللحظة يتمدد التنظيم في مدن سرت وطرابلس ودرنة وبعض ضواحي بنغازي آملا أن يحقق هدفه المنشود في السيطرة على مفاصل الدولة في ظل الحرب الدائرة بين الجيش الليبي والتنظيمات الإرهابية.
و بعد أن قام تنظيم داعش بليبيا ببث شريط فيديو لذبح المواطنين المصريين على شاطئ المتوسط، أصبح ملحا على الجميع التفكير في كيفية المواجهة حيث هناك من يؤيد الحل العسكري ومن يعارضه، ومن بين ردود الافعال التي يجب ذكرها للاهتداء لوضع استراتيجية شاملة لمواجهة هذا التنظيم موقف الحكومة المصرية، فقد شارك سلاح الجو الليبي مع القوات الجوية المصرية في شن ضربات موجعة لتنظيم داعش في اتجاه لتبني المواجهة العسكرية لهذا التنظيم، وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قال في كلمة تلفزيونية مساء أمس إن مصر تحتفظ في حق الرد "بالأسلوب والتوقيت المناسبين للقصاص من هؤلاء القتلة المجرمين المتجردين من أبسط قيم الإنسانية". وفي فجر اليوم الاثنين قامت القوات المسلحة المصرية بتوجيه ضربة جوية لأهداف تابعة لداعش ليبيا وجاء في بيان صادر من القوات المسلحة تناقلته وكالات الأنباء إن مصر وجهت فجر اليوم (الاثنين) ضربة جوية مركزة ضد أهداف تابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في ليبيا، بعد يوم من نشر مقطع فيديو يظهر قيام التنظيم بذبح 21 شاباً مسيحياً مصرياً.
وجاء في البيان "قامت قواتكم المسلحة المصرية فجر اليوم الإثنين بتوجيه ضربة جوية مركزة ضد معسكرات ومناطق تدريب ومخازن وذخائر تنظيم داعش الإرهابي في الأراضي الليبية".
وأوضح البيان "حققت الضربة أهدافها بدقة، وعادت نسور قواتنا الجوية إلى قواعدها سالمة".
البيئة المنتجة للإرهاب:
سؤال مهم لابد من الإجابة عليه: كيف لنا أن نجفف منابع الإرهاب ونحن لا نتصدى بشكل جاد وشامل للمناخ والمسببات المنتجة لهذا الإرهاب؟
ومن أهم الأفكار والممارسات المنتجة للإرهاب التعامل مع الآخر كثانوي أو عدو يفترض إبقاؤه مشغولًا بجروحه، ليس ضمانا للمصالح، فالحرب العالمية الثانية لم تكن لتجري لولا هذه السياسة، تعامل المنتصرون في الحرب الاولى مع المانيا كمهزوم ذليل. تغذت النزعة العدوانية المتفاقمة أساسًا داخل العنصر الجرماني، انتفض هتلر فارتكب بحق بلده والعالم كارثة كبيرة.
في المقابل، هناك مفاهيم ورؤى إسلامية تنطلق أيضا من ذات الزاوية. الآخر كافر يجب إخضاعه للغزو أو الاستسلام العقائدي، بعيداً عن أي شعارات للبراءة والتنصل من ذلك، لنفكر بكيفية نظرة الكثير من قراءات الإسلام للآخر، سنعرف أنها كذلك، تؤمن بصراع مستمر معه، لأنه عدو. الكافر وفق تلك النصوص الإسلامية ، كل من لا يؤمن بالخالق على الطريقة الاسلامية. اليهودي والمسيحي والمشرك واللا ديني والملحد....وتطول القائمة، كفرة. ثم تكفير الداخل الاسلامي لبعضه في عملية انشطار مستمرة. وهذه الفكرة تغلغلت في ثقافة كل المجتمعات الاسلامية. وكل الاتجاهات التي أثرت في واقعنا الحديث وجدت في هذه الفكرة بيئة وحاضنة لها، حتى لو تغيّرت المضامين من اسلامية الى شيء آخر. وكان يمكن أن تواجه بتطور حضاري غير مهزوم للبلدان الاسلامية المؤثرة. الا أن هذا لم يحصل، الارادة العليا لسادة العالم لم تكن تريد ذلك. فتم تقزيم البلدان التي تحمل الكفاءة للقيام بذلك، والنزول عند المصالح ليتمسك بتحالفه مع انظمة عرف عنها انها حواضن للعقيدة الارهابية أو داعمة مباشرة لها.
إن زاوية صراع الحضارات التي يقف فيها كل من الإسلام السياسي والغرب السياسي، لها ضحايا كثر، بدأت في التطلعات لبناء مستقبل أفضل في المنطقة، العراق وغيره، تلك التطلعات لو تحققت لما استطاع الاسلام السياسي وغيره من العقائد الجارفة، الوصول. هي جميعاً عاشت على هزيمة التطلعات، فيبقى العقل الإسلامي فقيراً، والعقل العربي عقيماً، وتتسع دائرة الضحايا اليوم لتشمل العالم كله، واذا تخلص الغرب اليوم من داعش، ستبقى اسبابها قائمة. البيئة المنتجة لا تزال منتجة وستبقى، ما دام مستقبل البلدان "المهزومة" مبهماً.
وكذلك من أهم عناصر البيئة الحاضنة للإرهاب في مصر عدة عوامل أبرزها الجهل بصحيح الدين، وإتاحة الفرصة أمام انتشار الأفكار المتطرفة بين الشباب في بعض القطاعات التي لا يستطيع رجل الدين الأزهري التقليدي التفاعل معها، فالأزهر يقوم بتدريس مناهج اقل ما توصف به بانها دورات مكثفة لإنتاج ارهابي فرغم أن الأزهر ممثل الوسطية في العالم الإسلامي، والداعي للتطور دائمًا في فهم النصوص الدينية، لم يلزم نفسه بتطوير المناهج الدراسية التي يتلقاها الدارسون في المعاهد المنتشرة في كل أنحاء البلاد، فأصابها "الجمود"، وأصبحت لا تلائم التطور البشرى والاستقرار المجتمعي، وابتعدت عن متن النص الديني من قرآن وسنة إلى تأويلات فقهاء عاشوا في عصور مضت كانت تناسبها تلك الأحكام، ولا تناسب بالضرورة زماننا هذا، وللأسف تُدرّس على أنها الدين الصحيح. بتلك المناهج يتحول الأزهر من كونه قلعة الدين الوسطى، إلى كونه مصدرًا للعقول المتطرفة، وغير المستقرة نفسيًا، ولا تستطيع الاندماج المجتمعي، فكارثة المناهج الأزهرية، وضع يده عليها شيخ الأزهر السابق محمد سيد طنطاوي، فقام بإلغاء المناهج التاريخية، واستبدل بها الكتاب الذى ألفه وسماه "المُيسّر"، ليقوم الشيخ أحمد الطيب من بعده بإلغاء الكتاب، بناء على طلب جبهة علماء الأزهر، وعودة المناهج القديمة مرة أخرى. ويعتمد الأزهر في تدريس الفقه لطلابه في المرحلة الثانوية على الكتب التراثية مثل "الشرح الصغير"، و"الروض المربع بشرح زاد المستقنع"، و"الإقناع في حل ألفاظ أبى شجاع"، و"الاختيار لتعليل المختار". الأزمة ليست في دراسة هذه الكتب في نطاق التأريخ لتطور الأحكام الشرعية، وفى مجالات التأصيل الفقهي والشرعي، لكن أن تكون مصدرنا لفقه اليوم، فقه القرن الـواحد والعشرين، ويتعلمها طلاب ينتمون لبلد يسعى للنهوض، ويحارب الإرهاب والتطرف.
ويأتي انتشار الفقر والبطالة في صدارة العوامل التي تشجع على وجود بيئة حاضنة للإرهاب، وهو ما أكده الدكتور شوقي علام مفتى الديار المصرية بقوله أن هناك جذورًا اقتصادية واجتماعية وثقافية للتطرف الديني الذي يتشكل في ظل الفقر والبطالة وفى الأحياء العشوائية، وهى بيئة لا توفر ضرورات الحياة لمن يعيش فيها، ولا توفر له التعليم الكافي أو النسق الأخلاقي المناسب، مما يسهل اصطياده وتلقينه أفكاراً خطيرة تنسب إلى الدين، والدين منها براء مثل تكفير المجتمع وتبرير العنف، موضحًا أن الدراسات العلمية أكدت أن التنمية الشاملة هي المدخل الحقيقي لتصفية الفكر المتطرف، وأن توفير فرص العمل وضرورات الحياة تهيئ المجتمع للقدرة على محاصرة التطرف.
كما لا يمكن نسيان الدور الخارجي في دعم وتمويل نشر الأفكار المتطرفة وتأسيس التنظيمات الإرهابية، فلم يعد سرا الدور الذى لعبته المخابرات الامريكية وحلفاؤها في حث الشباب المسلم على القتال في افغانستان وتسهيل سفره إلى هناك ومده بالمال والسلاح وصولًا إلى تأسيس تنظيم القاعدة، وهناك شواهد وأدلة عديدة على استمرار الدعم الخارجي للتنظيمات المتطرفة لأسباب سياسية تتعلق بإعادة تقسيم المنطقة والسيطرة عليها.
مناهج الأزهر المؤسسة للإرهاب والتي تتبناها "داعش":
سوف نقوم بعرض مختصر وسريع لبعض من هذه المناهج والكتب التراثية وما بها من خرافات وأحكام تدعو للكراهية والعنف ضد غير المسلم والمرأة.
أولا: مناهج تحل أكل لحوم البشر
"للمضطر أكل آدمي ميت إذا لم يجد ميتة غيره.. واستثنى من ذلك ما إذا كان الميت نبيًا فإنه لا يجوز الأكل منه جزمًا.. أما إذا كان الميت مسلمًا والمضطر كافرًا فإنه لا يجوز الأكل منه لشرف الإسلام، وحيث جوزنا أكل ميتة الآدمي لا يجوز طبخها، ولا شيها، لما في ذلك من هتك حرمته، ويتخير في غيره بين أكله نيئًا وغيره".. هذا النص لم يتم اقتطاعه من مؤلفات تراثية عن الخرافة، إنما تم اقتطاعه بمساعدة الباحث والمستشار القانوني أحمد ماهر، بتصرف لا يخل، من الصفحات من 255 إلى 257 من كتاب "الإقناع في حل ألفاظ أبى شجاع" الذى يدرسه طلاب الأزهر الشريف، فرغم أن الله تعالى كرّم بنى آدم، وسخّر لهم الكون من حولهم، فأحل لهم الطيبات وحرّم عليهم ما دون ذلك، خاصة لحم الآدمي، فإن مناهج المعاهد الأزهرية تخالف ذلك، وتحض على إهدار كرامة الآدمي بحل أكله وقت المجاعة، بل أكل الإنسان لبعض جسمه. وحسب المرجع السابق: "وله- أي للمسلم- قتل مرتد وأكله، وقتل حربى، ولو صغيرًا، أو امرأة وأكلهما، لأنهما غير معصومين.."، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، لكنه يجوز للإنسان أكل لحمه حيًا، فحسب "حل ألفاظ أبى شجاع": "يحل قطع جزء نفسه لأكله إن فقد نحو ميتة، وكان خوف قطعه أقل، ويحرم قطع بعضه لغيره من المضطرين، لأن قطعه لغيره ليس فيه قطع البعض لاستبقاء الكل. نعم، إن كان ذلك الغير نبيًا لم يحرم، بل يجب. ويحرم على المضطر أيضًا أن يقطع لنفسه قطعة من حيوان معصوم لما مر".
ثانيا: الحض على العنف والإرهاب
رغم أن الدين الإسلامي دين الرحمة والعفو والنصيحة والتسامح، لكن ليس هذا ما تصوّره مناهج الأزهر، إنما تصدر الشريعة لدارسيها على أنها دعوة للقتل والعنف وإراقة الدم، وتدعو كتب الفقه التي تدّرس بالمعهد لقتل المخالفين كتارك الصلاة والزاني المحصن والمرتد، ولو بغير إذن الإمام، كما يجوز قتل الجماعة في الواحد، ولا يتوقف الأمر عند ذلك، إنما تقول بعدم القصاص لمن قتل أحدهم عن طريق إغراق إياه أو خنقه، لأن ذلك مما لا يقتل عادة، في نظرهم، وفيما يلى نصوص مناهج الأزهر: "وله- أي للمسلم- قتل الزاني المحصن، والمحارب، وتارك الصلاة، ومن له عليه قصاص، وإن لم يأذن الإمام في القتل، لأن قتلهم مستحق، ثم بعد ذلك يأكل منه ما يشاء"، "الشرح الصغير"، المقرر على الصف الثالث الثانوي. وفى منهج السنة الثالثة الثانوية الأزهرية نطالع في كتاب "الاختيار لتعليل المختار"، في صفحة 366 تحت عنوان "أحكام المرتد" ما يلى حرفيًا: "وإذا ارتد المسلم يُحبس ويعرض عليه الإسلام، وتُكشف شُبهته، فإن أسلم وإلا قُتل، فإن قتله قاتل قبل العرض لا شيء عليه.. ويزول ملكه عن أمواله زوالا مراعى، فإن أسلم عادت إلى حالها"، ونفهم من النص الأخير، أن من قتل مرتدًا فلا شيء عليه، كما أنه يتم الاستيلاء على مال المرتد، ويرد بالمناهج الأزهرية ما يخالف اجتهادات العلماء ورجال الدين المعاصرين من أنه لا تؤخذ الجماعة بذنب الفرد، فنجد نصوصًا في باب القصاص مثل "تُقتلُ الجماعة بالواحد، ويقتل الواحد بالجماعة اكتفاءً، وإن قتله ولى أحدهم سقط حق الباقين"، ويرد أيضًا: "كل ميت به أثر أنه تم قتله، فإذا وُجد في محلة لا يُعرف قاتله وادعى وليه القتل على أهلها أو على بعضهم عمدًا أو خطأ ولا بينة له يختار منهم خمسين رجلا يحلفون بالله ما قتلناه، ولا علمنا له قاتلًا، ثم يُقضى بالدية على أهل المحلة، وإن كان عدد المحلة يقل عن خمسين كرر بعضهم الحلف حتى يصل العدد لخمسين". أي أن 50 رجلاً يقسمون حتى لا يتم قتل كل أهل الحى الذى وُجدت به الجثة، لكن كل أهل الحى يدفعون الدية حتى بعد القسم.
ثالثا: استباحة دماء الآخر
في مشهد يُضرب به المثل في الرحمة إلى يومنا هذا، عفا النبي صلى الله عليه وسلم عن كفار قريش بعد فتح مكة، دون إجبار أحد منهم على اعتناق الإسلام، لكن ما نجده في مناهج الأزهر ينافى فعل الرسول، بل يشجع صراحة على سفك الدماء وسرقة أموال الآخر، وهو غير المسلم كما تورد هذه المناهج، ففي صفحة 340: "أما الأسارى فيمشون إلى دار الإسلام، فإن عجزوا قتل الإمام الرجال وترك النساء والصبيان في أرض مضيعة حتى يموتوا جوعًا وعطشًا، لأنا لا نقتلهم للنهى". وفى كتاب "الاختيار لتعليل المختار في فقه أبى حنيفة» المقرر على الصف الثالث الثانوي الأزهري نطالع بصفحة 338 وما بعدها: "وإذا فتح الإمام بلدة عنوة إن شاء قسمها بين الغانمين، وإن شاء أقر أهلها عليها ووضع عليهم الجزية، وعلى أراضيهم الخراج، وإن شاء قتل الأسرى، أو استرقهم، أو تركهم ذمة للمسلمين، ولا يفادون بأسرى المسلمين ولا بالمال إلا عند الحاجة، وإذا أراد الإمام العودة ومعه مواش يعجز عن نقلها ذبحها وحرقها، ويحرق الأسلحة"، ولم ينس الكتاب تذكير المسلمين بعدم قتل الحيات والعقارب في دار الحرب "البلد الذى يفتحونه"، وذلك حتى يكثر نسلها فيكثر أذاها للكفار. وفى كتاب "الإقناع في حل ألفاظ أبى شجاع"، فله- أي للمسلم- كفاية لشر الكافر "أن يفقأ عينه، أو يقطع يديه ورجليه، وكذا لو أسره، أو قطع يديه أو رجليه، وكذا لو قطع يدًا ورجلًا".
رابعا: إهانة أصحاب الديانات الأخرى وقتلهم
ففي صفحة 357 من كتاب "الإقناع" يعلم الأزهر تلاميذه كيف يهينون أصحاب الديانات الأخرى المخالفين للإسلام: "وتعطى الجزية من الكتابي على وصف الذل والصِغَار ويقولون له "أعط الجزية يا عدو الله"، وليس هذا فقط، بل يكون المسلم الجابي جالسًا والذمي واقفًا ويأخذ بتلابيبه ويهزه هزًا ويقول: "أعط الجزية يا عدو الله"، وفي منهج السنة الثالثة من الثانوية الأزهرية، يرد: "قتال الكفار واجب على كل رجل عاقل صحيح حر قادر.. ص290، ويجوز قتال الكفار بغير إنذار وبغير أن يدعوهم لدين الإسلام، لأن شيوع الإسلام قام مقام الدعوة إليه.. ص291، فإن أبوا استعانوا بالله تعالى عليهم وحاربوهم، ونصبوا عليهم المجانيق، وأفسدوا زروعهم وأشجارهم و حرّقوهم ورموهم وإن تترسوا بالمسلمين.. ص293، وإذا كان للمسلمين قوة لا ينبغي لهم موادعة أهل الحرب، لأنه لا مصلحة في ذلك، لما فيه من ترك الجهاد صورة ومعنى أو تأخيره.. ص293، والمرتدون وعبدة الأوثان من العرب لا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف ولا تتم موادعتهم أبدًا.. ص295".
خامسا: احتقار الآخر
ففي الوقت الذى تطالعنا فيه شاشات التليفزيون بصور الشيخ الأزهري قابضًا وبقوة على يد رجال الكنيسة، كدليل على انتصار الوحدة الوطنية، نجد أن مناهج الأزهر تحض على غير ذلك من عنف، وصل حد منع بناء الكنائس، بل هدمها في بلاد المسلمين، خاصة في مصر، كما يرد في هذه الكتب، إلى غير ذلك من إذلال وإهانة وصلت حد تمييز المرأة المسيحية عن غيرها من المسلمات، بطوق من حديد حول عنقها، ففي كتاب "الإقناع في حل ألفاظ أبى شجاع" المقرر على الصف الثالث الثانوي الأزهري ورد بصفحة 235 ما نصه: "وألا تبنى كنيسة في الإسلام لأن إحداث ذلك معصية، فلا يجوز في دار الإسلام، فإن بنوا ذلك هدم، ولا يجوز إعادة بناء كنيسة قد انهدمت وبالذات في مصر". وفى موضع آخر تحديدًا في صفحة من 236 - 238: «ويعرف أهل الكتاب في ديار الإسلام بلبس الغيار وشد الزنار، والغيار هو ما يتم ارتداؤه على أن تتم خياطة جزء من أماكن غير معتاد الخياطة بها كلون مخالف تتم خياطته على الكتف مثلًا، لأن عمر رضى الله عنه فعل ذلك كما يزعمون، ويمنعون من ركوب الخيل، ويلجئون إلى أضيق الطرق، ولا يمشون إلا أفرادًا متفرقين، ولا يوقرون في مجلس فيه مسلم لأن الله تعالى أذلهم». وحسب كتاب "الإقناع" فإنه: "تميز نساء المسيحيين بلبس طوق الحديد حول رقابهن ويلبسون إزارًا مخالفًا لإزار المسلمات، وتميز دورهم بعلامات حتى لا يمر السائل عليهم فيدعو لهم بالمغفرة". ويدعو الكتاب لكراهية الغير، وعدم الميل لهم، فبحسب ما ورد في صفحة 238: "بما أن الإساءة تقطع عروق المحبة فيجب الإساءة لهم وعدم الميل القلبي لهم، وقطع عروق المحبة معهم".
سادسًا: المرأة في مناهج الأزهر
فيما يتغنى علماء الأزهر بتكريم الإسلام للمرأة، وهو أمر صحيح يثبته ديننا الحنيف ويؤكده القرآن بقوله: "ولهن مثل الذى عليهن"، بل كرمهن لدرجة تسمية سورة من القرآن الكريم بـ "النساء"، ومع ذلك تأبى مناهج الأزهر إلا الحض من قيمتهن، ومعاملتهن باحتقار وانتقاص، كما نرى في النصوص المأخوذة من مناهجه. فيجوز إجبارهن على الزواج، ففي كتاب "الإقناع في حل ألفاظ أبى شجاع" يرد في صفحتي 430، 432: "أن النساء على ضربين: ثيبات وأبكار، فالبكر يجوز للأب والجد إجبارها على النكاح، والثيب لا يجوز تزويجها إلا بعد بلوغها وإذنها". ولا يلزم الزوج بمصاريف علاج زوجته، ففي كتاب "الروض المربع بشرح زاد المستقنع" الذى يدرس بالصف الثالث الثانوي الأزهري فى صفحتي 90 و91 يرد أنه: "لا يلزم الزوج لزوجته دواء وأجرة طبيب إذا مرضت"، لأن ذلك ليس من حاجتها الضرورية المعتادة، وكذا لا يلزمه ثمن طبيب وحناء وخضاب ونحوه، وإن أراد منها تزيينًا أو قطع رائحة كريهة وأتى به لزمها"، أى أنهم يجعلون المرء يتخلى عن زوجته المريضة، ويجبرها على وضع المساحيق التي يأتي بها الزوج رغمًا عنها. وفى أحكام النفقة نجد في نفس الكتاب "ومن حُبِسَت ولو ظلمًا أو نشزت أو تطوعت بلا إذنه بصوم أو حج، أو سافرت لحاجتها ولو بإذنه سقطت نفقتها، وإن أنفقت الزوجة في غيبة الزوج من مال، فبان أنه ميت غرّمها الوارث لانقطاع وجوب النفقة بعد موت الزوج"، ويرد في كتاب "الاختيار لتعليل المختار" المقرر على طلبة السنة الثالثة الثانوية الأزهرية صفحة 171: "ولا نفقة على من تم اغتصابها". ويرد بكتاب "الاختيار" ما يمثل إهانة للبشرية وللمرأة، ما نصه: "لو استأجر الرجل المسلم امرأة ليزني بها وزنى بها، أو وطئ أجنبية فيما دون الفرج، أو لاط فلا حد عليه ويعزر.. صفحة 250، والزنا في دار الحرب والبغي لا يوجب الحد.. صفحة 252». وفى كتاب «الروض المربع في زاد المستقنع»، دم المرأة وحياتها أرخص من دم الرجل وحياته، فـ"دية المرأة نصف ذلك، ولا تغليظ إلا في الإبل، ودية المسلم والذمي سواء"، وفى موضع آخر: "من غصبها غاصب فلا نفقة لها، ولو سُلّمت له مريضة فلا نفقة لها.. ص171"، أي أن المرأة التي يتم نهبها شرفها عنوة لا يصرف لها الزوج نفقة، وكذلك المرأة التي تمرض لا نفقة لها عند الطلاق. وفى كتاب "الاختيار لتعليل المختار"، المقرر على طلبة الصف الثالث الثانوي بدءًا من ص152 عن باب العدّة، يذكر الكتاب أن "عدة الحرة في الطلاق بعد الدخول ثلاث حيضات، والصغيرة الآيسة ثلاثة أشهر، وعدتهن في الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيام، وعدة الأَمَة في الطلاق حيضتان، وفى الصغر والإياس شهر ونصف، وعدتها في الوفاة شهران وخمسة أيام، ولا عدة على الذمية في طلاق الذمي". ويعرف أن من أهداف حكم مدة العدّة هو استفراغ الرحم، والتأكد من خلوّه من الحمل حتى لا تختلط الأنساب، فهل رَحِم الأَمَة يقبل البراءة من الحمل بعد شهرين، ورَحِم الذّمية يبرأ فورًا، بينما رحِم الحُرّة لا يستبرئ إلا بعد ثلاث حيضات أو على الأحرى ثلاثة قروء.
وبعد ما تقدم يتبين لنا ان المناهج الأزهرية تدعو للعنف والكراهية، ليس هذا فقط بل تعطي فتاوى جاهزة لما يسمى تنظيم داعش فبها الحرق والقتل وتقطيع الارجل والرقاب والايدي..الخ تلك الممارسات الارهابية والتي يطلق عليها شيخ الازهر انها ممارسات شاذة رغم وجودها في مناهجه التعليمية.
استراتيجيات المواجهة:
ومما سبق يتضح أن الإرهاب هو نتاج لظروف البيئة الداخلية والخارجية وهو أكبر الأمراض التي تعاني منها الحياة السياسية الدولية ويمكن تفادي ظهوره على مسرح الأحداث والتخلص منه ومعالجته معالجة حازمة بالقيام بالاستراتيجيات التالية :
1- العزوف عن استخدام العنف المضاد المتمثل في عنف الدولة لمواجهة أحداث العنف السياسي لأن هذا الأسلوب أثبت فشله وزاد من تغذية الكراهية بين الدولة والشعب وعمق الهوة بين القمة والقاعدة وآخر مشاريع التنمية والتطوير لذلك ينصح باعتماد أسلوب الحوار والمجادلة والادماج والتشريك الفعلي في اتخاذ القرار والشورى الشعبية عن طريق الاستفتاء النزيه.
2- الأخد بأسلوب التعددية السياسية والفكرية كقاعدة للمشاركة في تسيير شئون المجتمع مع احترام قيم الجدارة والكفاءة في تحمل المسؤوليات وذلك بأن تحاول الأنظمة تقوية شرعيتها من خلال احترامها لقدرات مواطنيها على الفعل والتفكير ونبذ النزاعات الانفصالية والقطرية والطائفية والمذهبية التي تؤدي الى التناحر.
3- ضرورة التخلي عن السلفية الفكرية والأصولية الايديولوجية الجنات لكونها عقيدة تغذي الصراع والتقاتل بالتقليل من أهمية المؤثرات الخارجية في الحياة السياسية الداخلية والتركيز على الدور المركزي الذي تلعبه المؤثرات الداخلية والتشجيع على صناعة القرار من خلال ارادة وطنية.
كما ينبغي التركيز على خلق بديل حضاري يستمد مشروعيته من قدرته على تجسيد مصالح الأغلبية لا بالقول والادعاء بل بالفعل والعزيمة والعمل الصالح الذي يضعه الناس بأيديهم كرد فعل طبيعي على التحديات التي تواجهها وتمس وجودها القومي وكيانها الثقافي.
4- تشجيع نظم التربية التي تساعد الإنسان على تكييف مظاهر العدوانية لأن التربية تلعب دورًا حاسمًا في حل هذه النزاعات، وذلك بتسهيل ظهور مواقف مبنية على التفهم العفوي تستبدل الصراع من أجل النفوذ وارادة الهيمنة بقواعد سلمية لفرض الذات مثل الرهان واللعب والمنافسة. انه يمكن وضع هذه العدوانية الجماعية في خدمة الحياة عوض وضعها في خدمة الموت ويتم ذلك من خلال ضبط هذه القوى المتميزة تحويلًا وتصعيدا وذلك بتوجيه قسم منها ضد العالم الخارجي والقسم الآخر ضد نفسه.
5- لابد من تغيير النظام الثقافي تغييرًا جذريا وتفكيك الثقافة التي تحاصرنا بإفساح المجال أمام طبقة ناشئة غير مستعدة فكريا لتعبر عن القيم التي تحملها، كما ينبغي أن تفسح الثقافة الرسمية المجال للثقافة الشعبية في نظامها الهيكلي، وينبغي أن يكون النقد الأساسي موجها ضد الثقافة السائدة وأن يدور بالأساس حول المجتمع الاستهلاكي والثقافة الاستعراضية التي تعيد إنتاج الوضع السائد، وذلك بتحديد وتجديد الأهداف الإنسانية للفعل البشري.
6- إن اجتثاث الإرهاب يمر عبر التقليل من الضغوط الاجتماعية والسياسية والأطماع الاستعمارية التوسعية والاستيطانية حتى لا تثار حركات التمرد أو الاعتراض، فتاريخ البشر يحدثنا عن تحركات عديدة اشعلها تفاقم البؤس الجسدي والظلم الاجتماعي والتدخل الأجنبي مثل الأوضاع التي تمس الانسان في كرامته وتعتدي على مقدساته وشرفه والتي هي أكثر انفجارية وخاصة عندما يتعلق الأمر بالأحوال الشخصية.
من هنا لابد من تمكين الشعوب من حرية تقرير مصيرها واعطائها الاستقلال واحترام سيادتها الكاملة على أراضيها والكف عن التدخل السافر في شئونها الداخلية والاعتراف بحق وخصوصية ثقافتها.
7- ينبغي إعادة تعريف السياسة لتصبح ناتجة عن حصيلة العلاقات القائمة بين من يمارسون السلطة ومن يطيعونها ولتكن السلطة قائمة على الاقناع وليس على الاكراه، هذا لا يعني أن الإقناع وحده يكفي إلا أنه جوهري، فالضغط للأسف ضروري ولكنه قد يؤدي الى الاستبداد لهذا يمكن أن ننظر الى المقاومة السلمية الثقافية التي يبديها شعب بأسره على أنها في الغالب سلاح حاسم لإيقاف عجلة العنف الأعمى.
لذلك لابد من إعادة بناء ثقافة سياسية جديدة تقوم على الديمقراطية وتعمل على تحديد السلطات ولا تفرض سيطرة سياسية على المجتمع المدني لأن " السلطة السياسية لا تمارس حيال أشياء لا حياة فيها بل حيال بشر يجب أولا وقبل كل شيء إقناعهم".
8- المطلوب اليوم بالمعنى الدقيق للكلمة التفكير بحرية حتى تنشأ ثقافة فلسفية جديدة تعيد تأصيل العلاقة العتيقة بين النظرية والممارسة وذلك قصد تحرير النظرية من الممارسات المخجلة والمشوهة وتحرير الممارسة من النظريات المسقطة ومعوقات المذهبية حتى لا يقع تضليل الممارسة والهيمنة عليها من طرف النظرية وحتى لا يقع تمييع النظرية وجعلها تنقلب على نفسها.
9- مراجعة المناهج التعليمية عموما والازهرية على وجه الخصوص وتنقيحها وحذف ما فيها من مواد تحض على التطرف والارهاب وعدم قبول الآخر
10- تطبيق مواد الدستور المتعلقة بعدم انشاء احزاب على اسس دينية وأيضا عدم عمل تلك الجماعات التي تسمي نفسها اسلامية بالسياسة.
11- تجديد الخطاب الديني على ان لا يكون مقصورا على هؤلاء الذين يتبعون المناهج القديمة في الازهر وخلافه بل يكون حوار مجتمعي حول الاطروحات التي يقدمها الباحثون في مجال الدراسات الاسلامية.
12- عدم إغفال الحل الامني شريطة ان يكون في اطار القانون واحترام حقوق الانسان.
13- الاهتمام بالمناطق الفقيرة والاشد فقرا ومحاولة تطويرها ونشر التعليم بها، وتبنى مفهوم التنمية الشاملة حيث انه لا توجد تنمية دون تعليم وقبول الآخر.
14- مراجعة المواد الإعلامية والفضائيات التي تتبنى خطابا طائفيا بدرجة من الدرجات ووضع ميثاق شرف اعلامي احترافي بعيدا عن المزايدات في العداء للآخر أيا كان هذا الاخر.
15- يوجد الكثير من المراكز البحثية التي تعمل على ملف الارهاب والحركات الاسلامية في مصر سواء كان على المستوى الأمني أو المستوى الفكري، فيجب التنسيق بين هذه المراكز من ناحية ومن ناحية أخرى التنسيق بينها وبين الدولة لتبادل وجهات النظر في حال المواجهة.
خاتمة:
هذه الرؤية الشاملة لمواجهة الإرهاب، يجب أن يتم تفعيلها في كل نطاقات المجتمع والدولة، على ان تتبناها كل وزارة في إطار اختصاصها من شباب وتعليم وثقافة وتعليم عالي وبحث علمي، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني فالكل شريك في البناء ويقع عليه أضرار الهدم الذي يقوم به الإرهاب، ولابد من الاعتراف بأن ما تم تقديمه في هذه الورقة قابل للنقاش والحذف والإضافة، فليس هناك أحد يستطيع الادعاء بامتلاك الحقيقة، وأنه ليس معنى ما تقدم إهمال الحل الأمني، حيث إن هناك ضرورة ملحة في وقت ما لاستخدام الحل الأمني، خصوصا بعد تبني تلك الأطروحات أو الحلول سوف يؤتي الحل الأمني ثماره في القضاء على الإرهاب بعد تجفيف منابعه.