هل تغير زيارة "رئيس الأركان الأمريكي" استراتيجية الحرب على "داعش"؟

الإثنين 09/مارس/2015 - 12:48 م
طباعة هل تغير زيارة رئيس
 
 انتهجت الولايات المتحدة الأمريكية في قيادتها للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام "داعش" سياسة اتسمت بالتناقض والتردد، ففي بداية الحملة أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أنه أجاز للقوات الأمريكية شن غارات جوية ضد تنظيم داعش؛ لمنع ارتكابهم مجازر بحق المدنيين ومنع حصول عملية إبادة محتملة.
نائب مستشارة الأمن
نائب مستشارة الأمن القومي الأمريكية بن رودس
ليحدد بن رودس نائب مستشارة الأمن القومي الأمريكية استراتيجية بلاده بالقول: "لن تتقيد الولايات المتحدة الأمريكية بحدود جغرافية في الرد على التهديدات الإرهابية التي يمثلها تنظيم داعش وإذا هاجمتم أمريكيين فسنطاردكم أينما وجدتم، وهذا ما سيقود تخطيطنا خلال الأيام المقبلة"، وإن الرئيس الأمريكي باراك أوباما لم يعرض عليه وقتها أي خيار عسكري آخر غير القيام بالضربات الجوية التي تتم حاليا في العراق، إلا أنه لم يستبعد القيام بأعمال عسكرية أخرى هناك. 
وما بين "منع الإبادة وعدم التقيد بالحدود الجغرافية " فشلت الولايات المتحدة في تحقيق أي نتائج حقيقية على الأرض في هذه الحرب ليخرج علينا الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي بعد ما يزيد عن 6 شهور من الحرب بقوله إنه من الخطأ تكثيف الضربات الجوية للائتلاف الدولي على تنظيم داعش ويجب اعتماد "الصبر الاستراتيجي" في المواجهة مع هذا التنظيم في العراق وسوريا، وإن إلقاء كميات كبيرة من القنابل على العراق ليس الحل، وعلينا أن نكون دقيقين جداً في استخدام قوتنا الجوية، وأن زيادة وتيرة الغارات ستزيد المخاطر على السكان المدنيين، وستصب في مصلحة الأدبيات المتطرفة؛ ولذلك يجب التروي وأخذ الوقت اللازم لجمع المعلومات الدقيقة حول المواقع التي يجب أن تستهدف بالقصف؛ لأن وتيرة الضربات الجوية تبقى مرتبطة بقدرات الجيش العراقي على الأرض، ورغبة الحكومة العراقية بالتصالح مع السكان العرب السُّنَّة الذين يتوجسون من القوات العراقية التي يعتبرون أن الشيعة يهيمنون عليها.
 وكشف عن أن الحرب على المتطرفين بدأت باتخاذ منحى جديد، وأنها قد تمتد لسنوات طويلة، وأن الجيش الأمريكي ساعد القوات العراقية والكردية في انتشال العراق بعيداً عن حافة الهاوية ليعود إلى تناقضه بالقول، والآن أعتقد بأن الأمور بدأت تؤتي ثمارها.. وأن "داعش ليست قوة لا تقهر ولا يمكن إيقافها بل إنها مجموعة من الأقزام تتبنى في واقع الأمر فكرا متطرفا، وأن القوة العسكرية لن تقضي على "داعش" ما لم تنجح الحكومة العراقية في إنهاء الانقسام بين السنة والشيعة في البلاد، وأن بناء الثقة سيحتاج إلى وقت، وكذلك المهمة الأمريكية".
الجنرال مارتن ديمبسي
الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي
حديث ديمبسي يكشف مستوى التخبط في استراتيجية الولايات المتحدة في الحرب على داعش ومدى التزامها بالتنسيق مع الجهات المسئولة بالعراق، ففي الوقت الذي تقيم غرفة عمليات مشتركة بينها وبين إقليم كردستان مع وجود ضابط علاقات أمريكي في وزارة البيشمركة لتنسيق العمليات العسكرية ضد داعش، نجدها تتفاعل بشكل أقل مع القوات العراقية باعتبارها خاضعة لقيادة شيعية، وعندما سئلت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جين بساكي عن الأماكن التي حقق فيها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة مكاسب على الأرض في حربه ضد "داعش" تلعثمت وقالت: "لحظة، سأعثر عليها"، وهو ما دفع أحد الصحفيين لسؤالها: "هل يعني ذلك أنها لم تحقق مكاسب؟"، ثم ضجت القاعة بالضحك.
 هذا التخبط يوازيه اتجاه من الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي أكدت عليه مصادر في وزارة الخارجية الأمريكية بمراجعة استراتيجية مكافحة تنظيم "داعش" في سوريا، وأن البيت الأبيض عقد 4 اجتماعات مع خبراء في الأمن القومي، ركزت على كيفية ملاءمة الاستراتيجية الأمريكية تجاه سوريا، مع استراتيجة محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية"، وأن الرئيس طلب من وزارة الخارجية إعادة النظر في كيفية ملاءمة هذه الاستراتيجيات، وأن الأزمة السورية التي طال أمدها تزايد تعقيدها بظهور الحاجة لتدمير تنظيم "داعش"، وأن علينا تدمير هذا التنظيم ليس فقط في العراق، وإنما في سوريا".
 ليون بانيتا وزير
ليون بانيتا وزير الدفاع الأمريكي السابق
 ليون بانيتا، وزير الدفاع الأمريكي السابق ورئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية شدد على أنه يجب ألا يستبعد رؤساء الولايات المتحدة أي خيار عسكري، وعدم استبعاد خيار القوات البرية؛ لأن الاستمرار في هذه الاستراتيجية سيؤدي إلى اتساع خطر تهديدات تنظيم الدولة الإسلامية إلى بلاد مثل نيجيريا والصومال واليمن وليبيا، وأننا بذلك نواجه بذلك نوعا من الحرب التي يمكن أن تستمر 30 عاما.
 وتعتمد الحرب الأمريكية على التنظيم في العراق وسوريا على الاستراتيجية التي طورها الكولونيل الأمريكي كلينته هينوت أثناء الحرب العالمية الثانية ضد ألمانيا النازية واليابان، والتي يتم من خلالها انتقاء أهداف مهمة للعدو واستهدافها، وأنه كلما تم التخلص من أكبر عدد ممكن منهم كلما كانت الحرب أقصر وأقل خسائر للطرفين.
وتم التوسع في هذه الاستراتيجية في ثمانينيات القرن الماضي، من خلال زيادة تطوير أسلحة ذات قوة أكبر على التخفي ودقة أكبر، ولكن وبعد التخلص من صدام حسين ظل هناك خلاف بشأن ما إذا كانت الحرب الجوية وحدها قادرة على شل حركة العدو فعلا حسب الخطط الموضوعة؟ أم أن هذه الغارات يمكن أن تتسبب في المزيد من الفوضى والتهديدات على الأرض؟ وهو ما يضع الولايات المتحدة أمام الاختيار الوحيد لديها الآن وهو التدخل بقوات برية بعد تغير استراتيجيتها التي تريد أن تتحكم في مجريات الأمور عن بُعد. 

شارك