الجماعات الإرهابية في مالي.. الخطر المحدق بالجزائر وموريتانيا
الأحد 09/أغسطس/2015 - 04:17 م
طباعة
رغم أن الأوضاع في ليبيا، باتت تشكل مخاطر جسيمة على دول المغرب الإسلامي، عقب انتشار عناصر مسلحة في أنحاء البلاد، بسبب الفوضى التي تعيشها ليبيا في أعقاب الإطاحة بنظام معمر القذافي وانقسام السلطة ما بين مدنية وإسلامية، كذلك تهدد دولة "مالي" دول الجوار؛ نظرًا لما تشهده الآن من عدم استقرار أمني وانتشار للإرهاب والعناصر المسلحة.
وتصاعدت في مالي خلال الفترة الأخيرة حدة التوتر مع الجماعات الإسلامية المتطرفة بسبب الانفلات الأمني الذي تشهده البلاد؛ ما أدى إلى تهديد أمن دول الجوار على رأسهم الجزائر وموريتانيا.
وكانت مالي قد عاشت في مارس 2012 عقب الإطاحة بنظام الرئيس أمادو توماني؛ ما أدى إلى إحداث فراغ أمني بالبلاد؛ ما جعل الجماعات المسلحة التي لها ارتباطات وثيقة ببعضها البعض لتكثف من تحركاتها بالبلاد للسيطرة على أجزاء واسعة منها.
وتشهد مالي انتشار اثنتي عشرة مجموعة مسلحة رئيسية "مالية" تنتشر في بلاد الصحراء الكبرى، لكل واحدة مطالبها ومناطق نفوذها، وتحالفاتها وخصومها.
ويرى مراقبون أن تهديدات الإسلاميين المتطرفين المتزايدة في مالي تنعكس على الدول المغاربية التي تقف إلى حد الآن عاجزة عن حل الأزمة الليبية على حد وصفهم.
وشهدت مالي أول أمس مقتل ما لا يقل عن 12 شخصًا، بينهم جنود ماليون، بعد أن احتجز مسلحون رهائن في فندق بيبلوس، الذي يرتاده العاملون بالأمم المتحدة، في مدينة سيفاري الواقعة وسط البلاد.
وقد نجا أربعة من العاملين في الأمم المتحدة، وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة: إن الناجين لم يكونوا قيد الاحتجاز، بل تمكنوا من الفرار في وقت سابق.
ويعتقد أن نحو 12 شخصًا قد قتلوا منذ بدأ المسلحون هجومهم على مدينة سيفاري على متن دراجات نارية صباح الجمعة.
وقتل ثلاثة من المهاجمين على الأقل وقبض على 7 آخرين، ولكن لم يتضح إلى أي جهة ينتمون.
وندد بيان لبعثة الأمم المتحدة في مالي تنديدًا شديد اللهجة بهذا الهجوم الشائن، قائلا: إن إطلاق النار تواصل بشكل متقطع في الفندق وحوله.
ويقول متابعون: إنها المرة الأولى التي تتعرض فيها المدينة إلى هجوم بهذا الحجم، متوقعين بأن يحدث هذا في غاو أو تيمبوكتو، ولكنها المرة الأولى التي يحدث هذا في سيفاري.
وتشن جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة هجمات على مواقع للجيش شمالي مالي.
وكانت قوات الأمم المتحدة قد تسلمت المسؤوليات الأمنية في المنطقة من القوات الفرنسية عام 2013.
وتدخلت عسكريًّا في مالي بعد أن هدد متشددون إسلاميون باحتلال باماكو عام 2013، فيما أعلن المتحدث باسم وزارة دفاع "مالي" إنهاء قوات خاصة من الدولة مدعومة بجنود فرنسيين حصارًا للفندق في وسط البلاد، وإطلاق سراح أربع رهائن احتجزهم مسلحون يشتبه أنهم إسلاميون.
وقال الكولونيل دياران كونيه: يبدو أن الأمر انتهى وبسلام.. حررنا أربع رهائن ولكن للأسف عثرنا على 3 جثث في المكان، ولم يذكر جنسية الرهائن الذين أطلق سراحهم أو القتلى.
وأكدت أوكرانيا وروسيا، في وقت سابق، أن هناك روسا وأوكرانيين بين الرهائن، ونقلت وكالات أنباء روسية، السبت، عن ملحق صحفي بسفارة موسكو في مالي قوله: إن هناك روسيا يعمل لدى شركة طيران "يو. تي. إير" بين الرهائن المفرج عنهم.
وقال مسئولون عسكريون من مالي، إنه يعتقد أن هناك مواطنين من جنوب أفريقيا وفرنسا كانوا يقيمون في الفندق.
وتعد سيفاري التي تبعد نحو 12 كلم من موبتي كبرى مدن المنطقة، مدينة استراتيجية؛ إذ إنها تضم مطارًا مهمًّا تستخدمه القوات المالية والقوات الفرنسية في عملية برخان في منطقة الساحل وكذلك بعثة الأمم المتحدة.
ويعتبر هذا الهجوم هو الثالث من نوعه خلال أقل من أسبوع في مالي بعد هجومين أوقعا 13 قتيلًا في صفوف العسكريين.
فقد قتل عسكريان في كمين قرب مدينة نامبالا في منطقة سيغو وسط البلاد في الأول من أغسطس. وقتل 11 آخرون في قاعدة للحرس الوطني في غورما راروس في منطقة تمبكتو في شمال غرب البلاد في الثالث من نفس الشهر.
وتبنى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي هذا الهجوم، ويؤكد متابعون أن توالي الهجمات الإرهابية في مالي يعكس عجز السلطة المركزية بقيادة إبراهيم أبو بكر كيتا عن ضبط الأمور، فضلا عن ضعف الجيش المالي نتيجة انخراطه في الصراعات السياسية على مدار العقود الماضية.
وعقب الإطاحة بنظام الرئيس أمادو توماني، في 2012، قامت الحركة الوطنية "الأزوادية" بالتنسيق مع مجموعات تنتمي لتنظيم القاعدة وجماعات إسلامية بالسيطرة على جزء كبير من شمال البلاد وإعلان استقلاله؛ الأمر الذي زاد من تعقيدات المشهد في هذا البلد، وتحول هذا الجزء إلى مركز استقطاب للجهادين من عدة دول إفريقية ومغاربية "جزائريين تونسيين"، مع سهولة الحصول على كميات ضخمة من السلاح من ليبيا.
الأمر الذي جعل فرنسا تشن عملية عسكرية واسعة شمال مالي لطرد الجماعات المسلحة في عام 2013؛ ما أدى إلي استغلال الأخيرة هذه الأحداث لاستقطاب المزيد من عناصرها، حيث أصدرت القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بيانا بتاريخ 17 مارس 2013 دعت فيه شباب شمال إفريقيا لمحاربة العلمانيين في بلدهم وشن الجهاد في مالي.. وصد هجمة فرنسا الصليبية ودحر عملائها في المنطقة.
فيما تمكنت القوات الفرنسية من الضغط على الجماعات الأزوادية من ضمنهم حركة التحرير للدخول في مفاوضات جديدة مع الحكومة المالية برعاية جزائرية أفضت قبل حوالي شهر إلى توقيع اتفاق تسوية حول إقليم أزواد، والذي لا يلقى تأييدا من معظم سكان هذا الإقليم الذي يشكل ثلثي مساحة مالي.
وبقي الوضع الأمني المتدهور على حاله، ليسجل مؤخرًا ارتفاعًا في الهجمات على مواقع لبعثات أجنبية وضد الجيش.
ويقول مراقبون: إن التهدئه التي وقعت في مالي والتخفيف من عملياتها لم يكن سوى "استراحة إرهابي". على حد وصفهم.
ويشدد المراقبون على أن على دول الجوار عدم البقاء على الحياد إزاء هذا الوضع المتدهور؛ لأن الأمر يشكل تهديدًا جديًّا لها.
ويرى معظم المحللين أن استمرار التدخل الأجنبي "الفرنسي"، سيؤدي إلي مزيد من الهجمات وإطالة الصراع والفوضى.