عبد اللطيف موسى.. مؤسس أول إمارة إسلامية في غزة
الخميس 15/أغسطس/2024 - 09:00 ص
طباعة
حسام الحداد
عبد اللطيف موسى الملقب بـ"أبو النور المقدسي" و "معلن الإمارة في أكناف بيت المقدس"، مدير عيادة "مركز شهداء رفح الأولية الحكومية، وهو معروف كداعية واحد الناشطين السابقين في جماعة "الكتاب والسنة السلفية" في قطاع غزة ثم تحول إلى جماعة جند أنصار الله.
حياته
ولد خالد محمد عبد اللطيف موسى الملقب بـ"أبو النور المقدسي"، في عام 1959.
بدأ تعليمه في مدارس قطاع غزة إلى أن حصل على شهادة الثانوية العامة في أواخر السبعينات. في 1979 التحق بكلية الطب من جامعة الإسكندرية، كما حصل على دبلوم التخصص في طب العائلة، ثم عمل بوظيفة المدير الطبي لمركز شهداء رفح الصحي، حتي مقتله في 2009.
الفكر السلفي
كان حتى وقت قريب عضوا كبيرا في جمعية دار الكتاب والسنة، قبل أن يتحول فكريا، حيث بدأ منذ مدة إلقاء خطب الجمعة وإعطاء الدروس المؤيدة لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وأيمن الظواهري وأبي مصعب الزرقاوي وأبي عمر البغدادي.
كان يواظب على حضور ندوات مشايخ الإسكندرية ومن بينهم الشيخ سعيد عبد العظيم، والشيخ محمد بن إسماعيل المقدم، والشيخ أحمد فريد، والشيخ أحمد إبراهيم.
عمل مدرسًا في معهد أهل الحديث الشريف التابع لجمعية دار الكتاب والسنة لمدة خمس سنوات.
كما عمل خطيبًا لمسجد أهل السنة في خانيونس لمدة خمسة عشر عامًا.
ثم خطيبًا لمسجد النور على الحدود المصرية الفلسطينية لمدة عام ونصف، والذي هدم من قِبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، ثم إمام مسجد ابن تيمية ـ الذي أعلن منه قيام الإمارة ـ منذ عامين ونصف تقريبًا.
ألقى 40 درس في العقيدة و 200 خطبة جمعة في مسجد ابن تيمية في حي البرازيل في أقصى جنوب مدينة رفح و الذي ساهم في إنشائه شخصيا على نفقته الخاصة و في أول خطبة له في هذا المسجد منع القيام بأي نشاط سياسي لأي حزب كان و منع الملصقات في المسجد من أي نوع و منع إلقاء أي درس أو وعظ أو جمع تبرعات إلا بإذنه و قد كان المسجد منارة للعلوم الدينية على مدار ثلاث سنوات حيث كانت تقام العديد من دروس التلاوة و علوم القرآن للصغار و الكبار و كان يؤمه العديد من المصلين خصوصا في صلاة الجمعة و صلاة التراويح في رمضان لشهرة المسجد بحياديته السياسية و عدم انتماؤه لأي حزب أو فصيل.
تأسيس جند أنصار الله
وأسس عبد اللطيف موسى في قطاع غزة، جماعة "جند أنصار الله" في نوفمبر2009، وهي جماعة ذات توجه سلفي جهادي موالية لتنظيم القاعدة. تزعمها. نشأت الجماعة في نوفمبر 2008.
وشارك "جند انصار الله" في القتال مع حماس ضد العدوان الإسرائيلي على غزة، ثم بدأت خلافاتها تظهر مع حماس لرفضها الدائم تطويع حماس لها حتى اتهمتها حمس بأنها أصدرت بيانًا أعلنت فيه أنها لن تعين كافرًا على كافر وتعني بذلك حركة حماس مقابل الاحتلال الإسرائيلي، ولكن سرعان ما نفي عبد اللطيف موسى، كما نسب قبلها للجماعة تفجير عدد من محلات الحلاقة النسائية، إضافة لتفجير عدد من مقاهي الإنترنت التي ترى أنها أماكن للرذيلة, لكن الجماعة نفت نفيا قاطعا علاقتها بأي تفجيرات داخلية.
وتعد "غزوة البلاغ" أبرز العمليات العسكرية التي قام بها جند أنصار الله ضد قوات الدفاع الإسرائيلية رغم أنها قد فشلت. وقد نفذها عناصر التنظيم في 8 يونيو 2009 ضد موقع عسكري إسرائيلي قرب السياج الفاصل شرق قطاع غزة وقتل خلالها ثلاثة من عناصر التنظيم الذي استخدم الجياد في هذا الهجوم.
إعلانه الإمارة الاسلامية
أعلن في خطبة الجمعة يوم 14 أغسطس 2009 في مسجد ابن تيمية قيام الإمارة الإسلامية في أكناف بيت المقدس وسط هتافات تكبير من العشرات من أنصاره الذين كان بعضهم مسلحا، وطالب بقيام إمارة إسلامية وطالب الحكومة المقالة في غزة "حكومة حركة حماس" بالخضوع لأحكام الشريعة الإسلامية.
وتمنى موسى خلال خطبة الجمعة في مسجد ابن تيمية بمدينة رفح أن يكون رئيس الوزراء في حكومة غزة اسماعيل هنية من ضمن المصلين ليسمع النصائح الذهبية مباشرة منه، قائلاً:" لا تزال حركة "حماس" وحكومتها في فسحة وبحبوحة من أمرها ما لم تقترب من مسجد شيخ الإسلام ابن تيمية". وتابع:" أما آن لكم يا حكومة "حماس" أن تطبقوا شرع الله وتقيموا الحدود وأحكام الجنايات حتى يرضى الله عنكم ورسوله"، معتبراً أن "حماس" إن بقيت على ما هي عليه فهي بمثابة حزب علماني ينتسب إلى الإسلام زوراً مثل الرئيس التركي رجب طيب أردوجان، على حد قوله.
وقال موسى إنه لو طبقت حركة "حماس" وحكومتها شرع الله وأقامت الحدود لعملنا خدماً لهذه الحكومة كونها تطبق شرع الله، حتى لو جلدوا ظهورنا ونشرونا بالمناشير. وما دون ذلك فإنها تشرع شرعاً لم يأذن به الله عز وجل. وانتقد موسى حركة "حماس" لمقابلتها عددا من الحاخامات "الإسرائيليين" ورؤساء وشخصيات أجنبية كرئيس الوزراء البريطاني توني بلير والرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر، كما انتقد في خطبته الحكم بالقانون الفلسطيني الوضعي بدلاً من الحكم على قاعدة الشرع والدين الإسلامي، معتبراً أن حركة "حماس" تتخذ من الإسلام شعاراً ومن العلمانية والديمقراطية شرعاً ومنهاجاً، على حد قوله.
وفي تطور لاحق قالت جماعة جند أنصار الله في أكناف بيت المقدس في بيان لها نشر على موقعها الإلكتروني إنها "تعلن الولاء التام للإمارة الإسلامية في أكناف بيت المقدس، بإمارة مولانا الشيخ أبي النور المقدسي حفظه الله ورعاه أمير المؤمنين في الإمارة الإسلامية".
مقتله
في 15أغسطس 2009، أعلنت الداخلية الفلسطينية في الحكومة المقالة أن موسى المعروف بين أنصاره باسم أبو النور المقدسي قتل في اشتباكات مسلحة وقعت في محيط منزل تحصن به في حي البرازيل في رفح، فيما ارتفعت حصيلة القتلى إلى 20 قتيلا ونحو 135 جريحا.
رواية حماس
من جانبها علقت وزارة الداخلية التابعة للحكومة المقالة على إعلان عبد اللطيف موسى قيام إمارة إسلامية ومطالبته الحكومة المقالة بالخضوع لأحكام الشريعة الإسلامية، بقولها "إنه يبدو أنه أصيب بلوثة عقلية" مؤكدة أن "أي مخالف للقانون ويحمل السلاح لنشر الانفلات ستتم ملاحقته واعتقاله".
وقال الناطق باسم الحكومة طاهر النونو خلال مؤتمر صحفي عقده الجمعة (14/8):"إن هذه المجموعة قالت أثناء الحرب على غزة لا نعين كافرًا على كافر، وامتنعوا من المقاومة والدفاع عن شعبنا، ولقد جرت خلال الفترة الماضية العديد من الاتصالات مع هذه المجموعة ومحاولة إقناعها بخطأ توجهاتها الفكرية وأخذها القانون باليد إلا أنهم لم يلتزموا بهذه الجهود والوساطات ورفضوا الاستجابة لها جميعها"...
وأضاف: "إن الأحداث تفجرت ظهر الجمعة حينما قامت هذه المجموعة المنفلتة بالتحصن في أحد المساجد في رفح يقف على رأسهم المدعو عبد اللطيف موسى والمعروف بعلاقته الوثيقة مع الأجهزة الأمنية البائدة (الأجهزة التابعة لسلطة رام الله) وأعلن قيام كيان لا يعترف بالقانون والنظام ويبيح دماء المواطنين ويكفر شعبنا المسلم، وقد بادرت هذه العناصر المنحرفة بإطلاق النار تجاه المواطنين الأبرياء وتجاه رجال الأمن إضافة إلى إطلاقهم النار تجاه الأهالي الذين قدموا لإقناع أبنائهم المسلحين بترك المسجد والعودة إلى رشدهم".
وأوضح النونو أن إطلاق النار أدى إلى مقتل وإصابة العديد من الأشخاص، وأن الأجهزة المختصة تقوم بالتعامل مع الحدث بما يحفظ القانون ويحفظ دماء المواطنين ويضمن استمرار حالة الأمن الذي ينعم فيها شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة.
موقف الجماعة السلفية
وأتى ذلك في وقت وصفت "الجماعات السلفية الجهادية بفلسطين" قيام حماس بالقضاء على عبد اللطيف موسى أحد أقطاب السلفية وجماعته في قطاع غزة برد الفعل المتسرع.
ونفت الجماعات في بيان لها أن يكون "خطاب إعلان الإمارة الإسلامية" قد دعا إلى تكفير "أبناء شعبنا" أو أي حكومات، مشيرة إلى أن "إعلان الإمارة" جاء بعد اتفاق قيادات جماعة "جند أنصار الله" وطرحها فيما بعد على الجماعات الأخرى للبيعة تحت اتفاق واضح يحرم التعدي على حرمات المواطنين.
وشدد البيان على حرمة الدم الفلسطيني، قائلا: "نحن أبناء شعب واحد وقضيتنا واحدة ولا يجوز إراقة الدم تحت أي ظرف من الظروف".
وأكدت الجماعات السلفية أنها ليست في حرب ضد حماس أو أي فصيل فلسطيني "بغض النظر عن الاختلافات والرؤى"، معبرة عن رفضها لتكفير من يقول "لا إله إلا الله".
وأضافت أن لدى حماس فهمًا خاطئًا لما دعا إليه الشيخ "عبد اللطيف موسى"، مستنكرة "تهويل" خطابه ووصف الناطقين باسم الداخلية المقالة موسى وأتباعه بأنهم جماعات تكفيرية.
واتهمت الجماعات السلفية "أجهزة أمن حكومة حماس" بملاحقة عناصرها الذين نفذوا عمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي، مشيرة إلى ملاحقات لأنصار الجماعة في الثامن من حزيران الماضي بعد هجوم على معسكر ناحل عوز العسكري شرقي مدينة غزة، والمسارعة بتحميل جماعة "جند أنصار الله" المسئولية عن الانفجار "الغامض" في حفل زفاف يعود لعائلة دحلان بخان يونس، ومن ثم ملاحقة قيادات وعناصر الجماعة.
وأضافت أن تلك الملاحقات توقفت بعد تدخل شخصيات إسلامية حتى اللحظات الأخيرة من أحداث الجمعة، التي سبقتها حرب إعلامية مكثفة قادها كُتاب من حماس في الداخل والإخوان المسلمين بالخارج ليهيئوا جو الحرب ضد السلفية الجهادية بفلسطين، وقد عملت الأجهزة الأمنية في غزة بأوامر من قيادات الحكومة على استغلال إعلان عبد اللطيف موسى "الإمارة الإسلامية"، في حسم الأمور عسكرياً دون المحاورة واتخاذ الطرق السليمة لوقف أي عمليات قد تؤجج حالة الصراع.
انتقاد هاني السباعي
وهاجم مدير مركز المقريزي للدراسات التاريخية هاني السباعي، حركة حماس، واصفا اياها بالفرقة القاتلة لقتلها أبو أنور المقدسي، قائلا:" إن هذه العصابات المنحرفة عقدياً ممن ينتسب إلى ملة الإسلام كالإخوان المسلمين وفروعها (حماس) المورقة حقداً وحسداً على الموحدين المؤمنين المجاهدين حان للأمة أن تستبين زيفها وخداعها! فهذه الجماعة التي أسست على خليط من حق قليل وباطل عميم! قد انكشفت سوأتها وبان عوارها وخبث طويتها!".
وأضاف: إن هذه الدماء الطاهرة التي أريقت في مسجد ابن تيمية بمدينة رفح قد كشفت ما كنا نقوله ونكتبه ونعلنه عن جماعة الإخوان المسلمين وفروعها الخبيثة! أنها جماعة تريد علمنة الإسلام! فكانوا يغضبون! ويرغون ويزبدون! بل ويتآمرون! فالحمد لله الآن حصحص الحق! وظهر الرشد من الغي! وقد استبان للإمة انحراف هذه الجماعة المخذولة، لم أكن مستغرباً أن يكون مصير الشيخ المجاهد الطبيب أبي النور المقدسي القتل على يد حماميس غزة لا نصرهم الله! لم أكن متوقعاً أن يبقوه حياً! لماذا؟".
مؤلفاته
جمع كتابًا في مادة العقيدة باسم «الياقوت والمرجان في عقيدة أهل الإيمان» طُبع منه إلى الآن 5 طبعات وجمع كتابًا آخر في مادة الفقه الإسلامي في مجلدين من الحجم الكبير باسم «الطريق السوي في اقتفاء أثر النبي» طبعت منه طبعتان، أصدر عددا كبيرا من أشرطة الكاسيت شرح فيها مادة العقيدة.
تم اختياره ضمن قائمة المفتين على مستوى العالم الإسلامي في كتاب (أسئلة وأجوبة شرعية حول القضية الفلسطينية) الذي أصدره مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية وقام بتقريظه له الشيخ الراحل محمد صفوت نور الدين.