آفاق سياسية عدد أغسطس: استراتيجيات فاعلة لمواجهة المخاطر ومصادر التهديد
الإثنين 24/أغسطس/2015 - 07:32 م
طباعة

في العدد العشرين "أغسطس 2015"، تناولت مجلة "آفاق سياسية" الصادرة عن المركز العربي للبحوث والدراسات، عددًا من القراءات والرؤى حول: استراتيجيات فاعلة لمواجهة المخاطر ومصادر التهديد.

وشدد رئيس تحرير المجلة السيد ياسين على أنه ليس هناك مبالغة لو أكدنا أن العالم كله يعيش خطرًا معولمًا وأسبابه متعددة، على رأسها شعارات حرية السوق المطلقة؛ مما خلق تواترات عنيفة بين الشمال والجنوب.
وتابع: أنظر أيضا إلى ظهور تنظيم داعش، وأن النظام الدولي والإقليمي أصبح لا يتعامل مع دول، بل مع كيانات إرهابية هلامية القوام ولا يمكن التفاهم العقلي معها.
وأشار إلى أننا في هذا العدد بصدد تقديم تحليلات على رأسها دراسة بالغة الأهمية لمروة صبحي عن العائدين من التطرف: العوامل النفسية والاجتماعية للتحول عن الإرهاب مراجعات نظرية ومقاربات واقعية وهي مشكلة خطيرة بالنسبة للدول العربية والغربية على السواء بالإضافة إلى دراسة عنوانها البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية: منعطف تاريخي ضد الهيمنة الأمريكية؟ للدكتور أحمد قنديل ومستقبل الدور التركي في سوريا في ضوء تصاعد النفوذ الكردي لمحمد حامد وشراكة أم تبعية: أوروبا والعرب والاتحاد من أجل المتوسط للدكتور أحمد موسى بدوي وصراع الحرب والديبلوماسية وسيناريوهات حل الأزمة في اليمن لإبراهيم نوار والتطورات السياسية في الجزائر: الإعداد لمرحلة ما بعد بوتفليقة لأميرة عبد الحليم والتهديدات المتصاعدة: المأزق السياسي للمسيحيين في لبنان لمحمود حمدي أبو القاسم والآثار الاقتصادية لانتشار ظاهرة تريف الحضر في مصر لأماني فوزي وفي ظل المطالبة بالإصلاحات الدينية: البنية الثقافية والثورة الدينية لصبري سعيد لحرب الجواسيس في شبه جزيرة سيناء... البداية والنهاية لصلاح الدين حسن

وفي دراسة العدد التي جاءت تحت عنوان "العائدون من التطرف: العوامل النفسية والاجتماعية للتحول عن الإرهاب لمروة صبحي مدرس العلوم السياسية المساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة أكدت فيها على أن قرار تنظيم الدولة "داعش" في يومي 18 و19 من يونيو الجاري بإعدام ما يقرب من 25 مقاتلًا إعدامًا جماعيًّا بتهمة التجسس لصالح الحكومة العراقية وقوات البيشمركة، وكان قبل ذلك قد نفذ العديد من حالات الإعدام، كان من أبرزها في ديسمبر من العام الماضي بإعدام مائة مسلحٍ من مقاتليه الأجانب الذين حاولوا الهرب من مدينة الرقة شمال سوريا هربًا من المعارك. وقد لفتت تلك القرارات، التي زادت وتيرتها الأيام السابقة، انتباه الباحثين والأكاديمين حول ما إذا كانت تلك ظاهرة جديدة تستحق الدراسة وتنذر بمستقبل زوال التنظيم؟ أم أنه مجرد هروب من تنظيم إلى آخر وليس انفصال كامل عن الإرهاب عمومًا؟ تعكس تلك التساؤلات حالة الغموض التي تكتنف ظاهرة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط خاصة إرهاب "داعش" والتنظيمات المنشقة عنه، وخاصة بعد أن أصبح يتميز بأبعاد جديدة لم تكن موجودة من قبل مثل الإرهاب العابر للحدود.
وتابعت: وبالرغم من أن معظم الأبحاث المهتمة بدراسات الإرهاب تركز تقليديًّا على كيفية اندماج الأفراد في الجماعات الإرهابية، هناك بعض الجهود الحديثة بدأت بمعالجة سؤال لماذا يترك الأفراد تلك الجماعات الإرهابية؟ والذي بدوره يعتبر السؤال الأهم من أجل إعادة تأهيل هؤلاء المنشقون عن الإرهاب- إذا صح التعبير- وضمان عدم عودتهم ثانية إليه ومن أجل تطوير فهم شامل عن ظاهرة التحول عن الإرهاب، تحاول تلك المقالة تقديم تفسير متعدد الأبعاد ذو طبيعة بينية من علم النفس وعلم الاجتماع. وذلك من خلال محاولة فك بعض الغموض المفاهيمي حول الظاهرة، ثم تفنيد أهم الأسباب التي تدفع أعضاء الجماعات الإرهابية إلى الهرب منه، وذلك من أجل تفسير بعض الانشقاقات الأخيرة التي حدثت داخل صفوف التنظيم، وأخيرا تقديم تقييم الاستراتيجيات المتبعة من قبل الحكومات الغربية والعربية في مكافحة الإرهاب والتطرف.

وتضمنت الدراسة عدة عناصر أساسية تمثلت فيما يلي:
أولا: ارتباك وغموض مفاهيمي؛ لأنه بات من الضروري لصناع القرار والمسئولين مع انتشار وتصاعد تهديدات الجماعات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط وفي أنحاء متفرقة من العالم، ازدادت الضرورة الملحة حول فهم لماذا يترك المنضمون إلى الجماعات الإرهابية تلك الجماعات. وتتنوع الأسباب التي تفسر إمكانية حدوث ذلك من عدة علوم سيكولوجية، اجتماعية، ومن علوم الجريمة. ومن هنا بات من الضروري لصناع القرار والمسئولين الحكوميين الانتباه لمثل تلك التفسيرات؛ من أجل السعي نحو تفكيك تلك الجماعات الإرهابية للحد من تزايد أعداد المنضمين لها من الشباب المتحمسين والمغيبين في الوقت نفسه، ومن أجل العمل على تشجيع هؤلاء الشباب على تركها. والسبب الأكثر أهمية هو الاستفادة من جهود الإرهابيين السابقين في المساعدة في مكافحة ومواجهة التطرف العنيف.
ومن هذه المفاهيم مفهوم "الانفصال عن الجماعات الإرهابية"Terrorist Disengagement، " نزع الراديكالية" Deradicalization، و"الإحجام" Desistance . أما الإحجام الجنائى Desistance Criminal هي العملية التي يصل من خلالها الفرد إلى حالة التوقف عن ارتكاب الجرائم. وبالتالي فهي عبارة عن تحول اجتماعي تدريجي يتضمن تغيرًا حقيقيًّا في كيفية تفاعل الأفراد مع عالمهم .

ثانيا: مراجعة أدبيات التحول عن الإرهاب: منظور بيني ويرتبط تفسير تحول الأفراد عن الإرهاب بمراجعة عدد من الأدبيات البينية التي تعالج إشكالية الانفصال عن الإرهاب من خلال عرض عدد من العوامل الاجتماعية، النفسية، المادية، التنظيمية. ثم تحليل إطارين نظريين يتم من خلالهما تعزيز فهمنا عن الظاهرة: نموذج الالتزام والرضا لـ Rusbult وهو نموذج من علم النفس الاجتماعي، والذي يفسر لماذا ومتى يقرر الأفراد الخروج من بعض الأدوار الاجتماعية؟ ونظرية Ebuagh من علم الاجتماع، والذي يركز على كيف يغادر الأفراد أدوارهم الاجتماعية.
وبالتالي، فإن الإرهابيين الذين يتلقون مكافآت عالية من جراء انضمامهم للتنظيمات الإرهابية، مثل (روح الإنجاز، الروابط الاجتماعية، مكافآت مالية) مع تكلفة أقل مثل (مستوى منخفض من الصراع البيني للتنظيم، مستوى تهديدات منخفضة)، هؤلاء الأشخاص يكونون الأكثر احتمالا ليحوزوا على درجة عالية من الرضاء. ومع ذلك لا يؤدي تراجع درجة الرضاء بالضرورة إلى انخفاض مستوى التزام الفرد تجاه تنظيمه (أو احتمال أن يرتبط أو يظل معهم في التنظيم)؛ حيث تلعب جودة البدائل وظيفة هامة في بقاء الفرد في تنظيمه؛ حتى مع انخفاض درجه رضائه عن التنظيم. ومن هذه البدائل التي ترفع من احتمالية بقاءه (توفير وظيفة مستقرة، دعم الأسرة، فرص الزواج)، أو قد ترتفع احتمالية الخسارة مع تركه للتنظيم مثل (يخسر صداقة، روابط اجتماعية، وقت، مال، أو يتلقى تهديدًا مباشرًا عندما يتركه). والأهم، يدمج نموذج الاستثمار دور "المشاعر" في الاستمرار أو الخروج من التنظيم. وقد يولد مستوى التكلفة العاطفية المرتفعة حالة عدم الرضا والسخط، ويكثف من فكرة الخروج، بينما تخلق العواطف الإيجابية أو الروابط الفعالة حالة الرضا، ومن ثم تقلل من احتمالية ترك الفرد تنظيمه.

ثالثا: أسباب هروب المقاتلين من تنظيم الدولة "داعش؛" حيث شهد تنظيم داعش خلال الفترة الأخيرة هروب وانشقاق الكثير عن صفوفه. وازداد أعداد الراغبين في العودة مرة أخرى إلى بلادهم الأصلية وخاصة المقاتلين الأجانب ليعلن تركه للتنظيمات الإرهابية، وبين من أنشق عن التنظيم ليعلن التحاقه بتنظيمات أخرى مثل "جبهة النصرة" أو " الجيش السوري الحر". وبالاستعانة بالتحليل النظري السابق يمكن استخلاص عدد من الأسباب المفسرة لتلك الظاهرة:
- الأزمات المالية.
- الإحباط وكشف خداع التنظيم.
- المعاملة الفظة التي يعانيها مقاتلو التنظيم.
- أزمة القيادات.
رابعًا، ما بعد العودة:
تقييم استراتيجيات مكافحة الراديكالية حيث يقدر عدد المنضمين إلى داعش حوالي 20 ألف شخص من جميع أنحاء العالم منذ بداية اجتياحه للشرق الأوسط. ومن بين هذا العدد يقرر أشخاص العودة إلى بلدهم الأصلية أو مكان آخر هربا من التطرف. إلا أن مرحلة ما بعد العودة ستتوقف على كيف ستتعامل مجتمعاتهم معهم ثانية ومن هنا تزداد الضرورة الملحة لتطوير استراتيجيات توضح ليس فحسب الأسباب التي دفعت هؤلاء الأفراد الانضمام إلى الإرهاب، وإنما الأهم استيعاب الأسباب التي دفعتهم لمغادرته.
وأشار الباحثون الذين درسوا مشكلة التطرف العنيف من زاويةٍ نفسية إلى تحدي التنافر المعرفي في التخلص من التطرف. فمن غير المرجح أن يتخلى البشر بسهولة عن معتقداتٍ تبرر وتدعم سلوكهم، وخاصةً السلوك المتطرف. في الواقع، كما أظهرت بعض الدراسات، فإن المعتقدات تتغير عادةً بعد تغير سلوكنا، وليس العكس. كتب جون هورجن وتوريه بجورجو، الباحثان المعروفان في ذلك المجال، في كتابهم الصادر عام 2008 "لنترك الإرهاب خلفنا: فك الارتباط الفردي والجماعي": أن "بعض الأشخاص يتخلصون من أفكارهم المتطرفة نتيجةً لتركهم الجماعة بدلا من كون التخلص من تلك الأفكار سببًا لذلك" .

واختتمت الدراسة بالتأكيد على أن السعودية بدأت برنامجًا لإعادة تأهيل هؤلاء المقاتلين الذين عادوا من القتال في أفغانستان بعد 11 سبتمبر بفترةٍ وجيزة. وأكد البرنامج على جلسات للتخلص من التطرف مع رجال دين ومستشارين نفسيين، كما حفز المقاتلين ماليا على التخلي عن العنف. وظهرت أوجه قصور ذلك البرنامج في 2009، عندما ألقت السلطات السعودية القبض على تسعة من خريجيه لانضمامهم مجددًا إلى جماعات إرهابية. كما تم اكتشاف أن طالبين سابقين آخرين في البرنامج، كلاهما كان مسجونًا في جوانتانامو، انضما للفرع اليمني للقاعدة. قاد هذا إلى تحدٍّ للبرنامج زاد من الانتباه لمعالجة العوامل السلوكية في مقابل المعتقدات والأيديولوجيات الدافعة، مؤكدًا- بدلًا من ذلك- على العلاقات والفرص الاجتماعية لإعادة الانضمام للمجتمع. حيث ركز البرنامج فيما بعد على أسر العائدين وإدراك أهمية العلاقات الاجتماعية والأسرية والوطنية في إعادة دمج المقاتلين الأجانب ومن ثم، تعد العلاقات مع الأسرة والأقران عوامل رئيسية ليس فقط في تشكيل الخيارات للانضمام إلى الجماعات العنيفة المتطرفة في البداية، ولكن أيضًا في التخلص الناجح من التطرف وإعادة الدمج في المجتمع، كما اعتبرت البرامج المصممة لفك ارتباط المتطرفين اليمينيين في النرويج وألمانيا والسويد بالتطرف ناجحةً؛ بسبب تأكيدها على العلاقات الأسرية، المهارات الحياتية، وتركيز أقل على معالجة الأيديولوجية المتطرفة. هذا النوع من البرامج يقوم على فكرة أن إعادة الدمج في المجتمع هو ما سيقوم في الوقت المناسب بتخليص الأفراد من التطرف بشكل حقيقي ويمنعهم من الانخراط في العنف مجددا. هذه البرامج يمكن أن تمنح الأفراد فرصةً ثانية للحياة والتحول في اتجاهٍ مختلف. هذه البرامج، إذا وُجدت، هي لازمة بديهية لاستجاباتٍ عادلة وقابلة للمحاسبة لجهات إنفاذ القانون في بلادهم بعد العودة؛ لأنها لا تعتبر أن ليس كل مقاتل عائد هو قنبلة موقوتة في انتظار الحدوث.

وفي دراسة تحت عنوان البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية: منعطف تاريخي ضد الهيمنة الأمريكية؟ للدكتور أحمد قنديل أكد فيها أن اليابان والولايات المتحدة سعت إلى إقناع حلفائها بعدم الانضمام إلى البنك الآسيوي لخطورته عليهما.
وشدد على أن اليابان والولايات المتحدة لن تيأس في إقناع حلفائها يعدم الانضمام إلى البنك الآسيوي لخطورته عليهما ومنع تنامي النفوذ الصيني في العالم.
وفي دراسة تحت عنوان مستقبل الدور التركي في سوريا في ضوء تصاعد النفوذ الكردي للباحث محمد حامد أكد فيها على أن هناك ملامح للتنسيق التركي السعودي القطري في سوريا، وأن هناك تابينًا داخل تركيا بين الأحزاب حول حل الأزمة السورية.

وأشار إلى أن مستقبل الأزمة السورية لم يعد بيد الحكومة التركية وحلفائها الإقليميين السعودية وقطر فقط، بل أصبح الصعود السياسي والعسكري للأكراد عاملًا مؤثرًا في مستقبل الدور التركي في سوريا.
وفي دراسة تحت عنوان شراكة أم تبعية: أوروبا والعرب والاتحاد من أجل المتوسط للدكتور أحمد موسى بدوي أكد فيها على أن النظام العالمي متعدد الأقطاب يعظم من حجم التحديات على أوروبا التي لديها أهداف في الوطن العربي وإفريقيا.
وشدد على أن الاتحاد من أجل المتوسط ليعبر عن شراكة متعددة الأطراف، بل يهدف إلى زيادة التكامل والترابط الإقليمي بين دول المتوسط.

وتضمنت المجلة أيضًا دراسات مهمة، منها صراع الحرب والديبلوماسية وسيناريوهات حل الأزمة في اليمن للدكتور إبراهيم نوار والتطورات السياسية في الجزائر: الإعداد لمرحلة ما بعد بوتفليقة لأميرة عبد الحليم والتهديدات المتصاعدة: المأزق السياسي للمسيحيين في لبنان لمحمود حمدي أبو القاسم بالإضافة إلى الآثار الاقتصادية لانتشار ظاهرة تريف الحضر في مصر للباحثة أماني فوزي، والمطالبة بالإصلاحات الدينية: البنية الثقافية والثورة الدينية لصبري سعيد، وحرب الجواسيس في شبه جزيرة سيناء البداية والنهاية لصلاح الدين حسن.