قبل أيام من قرار معارضيه النهائي.. "الملا أختر" يتملق أنصاره بسيرة ذاتيه
الإثنين 31/أغسطس/2015 - 10:53 م
طباعة
بعد جدل طويل حول شرعية تولي الملا أختر منصور، زعامة تنظيم "طالبان" الذراع المسلح لتنظيم "القاعدة" في أفغانستان، يبدو أن التنظيم يحاول خلال الفترة المقبلة الترويج لتاريخ منصور في مسعى جديد منها لإقناع أنصار التنظيم بالقيادة الجديدة، ودفع الشبهات عنه وعن علاقته بالمخابرات الباكستانية.
ومع إعلان الحركة خبر وفاة زعيمها القديم الملا عمر، وتنصيب أختر محله ووجه الأخير حملة من عدم الاعتراف به ولا بشرعيته في القيادة، فضلاً عن الاتهامات بعدم الأمانة بسبب إخفاء وفاة الملا عمر.
حركة "طالبان" الأفغانية، قامت بتوزيع نبذة شخصية عن زعيمها الجديد الملا اختر منصور، اليوم (الاثنين)، في وقت يعقد مئات المتمردين اجتماعاً للبحث في الخلاف حول تعيينه بعد وفاة الزعيم السابق الملا محمد عمر.
اللافت أن التنظيم نشر تلك النبذة على البريد الإلكتروني على الصحافيين بخمس لغات، وسرد التنظيم فيها قصة الملا منصور الذي يقود طالبان حالياً في حربها على الحكومة الأفغانية.
وتولى منصور زعامة الحركة الإرهابية يوليو الماضي بعدما كشفت كابول عن وفاة الملا عمر في 2013. لكن عائلة الزعيم السابق اعترضت على التعيين وقالت ان الذين اختاروا منصور لا يعبرون عن الحركة، ما فجّر نزاعاً داخلياً، أنذر بوقوع انشقاقات داخلية في الحركة، فيما قالت تقارير إن المئات من مقاتلي "طالبان" يجتمعون، بمن فيهم قادة ميدانيون، في مدينة كويتا الباكستانية، في محاولة لحل النزاع على قيادة الحركة.
ورجح مراقبون أن يكون تزامن توزيع هذه النبذة الشخصية محاولة من أنصار الملا منصور تعزيز وضعه قبل أن يتخذ المجتمعون قرارهم النهائي في شأن من يقودهم، والذي يتوقع أن يعلن في غضون أيام.
وقال حبيب الله فوزي، وهو دبلوماسي عمل في عهد حكومة طالبان قبل أن تعينه الحكومة الأفغانية عضوًا في المجلس الأعلى للسلام المكلف بإنهاء الحرب، إن انشقاقاتٍ أخرى قد تقع في صفوف الحركة. وأشار الى ان العديد من قادة طالبان يؤيدون اختيار منّان، شقيق الملا عمر، أو ابنه يعقوب اللذين يتحديان منصور، ومن الواضح أن فريقاً آخر فرض منصور في قيادة الحركة.
النبذة الشخصية التي وزعها المكتب الإعلامي للحركة، تصف تعيين منصور بأنه "جرى وفقاً للشريعة الإسلامية" ما يجعله يتمتع بـ "شرعية كاملة"، وأقرت طابان ضمناً بأنها أخفت وفاة الملا عمر لأكثر من سنتين، حفاظاً على زخمها على الأرض ضد قوات الحلف الاطلسي التي كانت تستعد لسحب جنودها.
وأكدت في 30 يوليو الماضي في إعلان مفاجئ وفاة الملا عمر، رغم أن الاستخبارات الأفغانية قالت إنه توفي في 23 أبريل 2013 في مستشفى في كراتشي، كبرى مدن جنوب باكستان، وهو ما نفته الحركة وقتذاك، إلا أنها عادت واعترفت بخبر الوفاة، غير أن طالبان لم توضح حينها تاريخ وفاته، وبذلك تكون الحركة اعترفت الحركة لأول مرة في بيان اليوم أن الملا عمر توفي فعلاً في التاريخ نفسه.
كذلك أقرت الحركة في بيانها أن العديد من قدامى أعضاء المجلس الأعلى لحركة طالبان الأفغانية والمسئولين الدينيين قرروا بالتوافق إخفاء نبأ الوفاة، وأكد المتمردون أن "أحد الأسباب الرئيسية" خلف إبقاء الأمر سرًا هو أن سنة 2013 كانت محورية "لاختبار قواتهم" في مواجهة جنود حلف الأطلسي قبل أن يضع الأخير حداً لمهمته القتالية في هذا البلد نهاية 2014.
ويحتفظ الحلف منذ ذلك الحين بقوة محدودة قوامها 13 ألف عسكري مكلفة بتقديم الدعم والتدريب للقوات الأفغانية التي باتت وحدها في مواجهة تمرد طالبان، فيما دخلت الحركة في عملية سلام ضعيفة مع حكومة كابول في يوليو الماضي، وعقد أول اجتماع مباشر من مباحثات السلام بين الطرفين في موري بباكستان تحت إشراف مسئولين باكستانيين وأمريكيين وصينيين.
لكن إعلان وفاة الملا عمر مع ما أثاره ذلك من خلافات حول خلافته، أدى إلى إرجاء الاجتماع الثاني إلى أجل غير مسمى بعدما كان مقرراً أساساً في 31 يوليو.
واعتبرت العديد من التقارير الأمنية، تعيين الملا أختر منصور خلفاً للملا عمر انتصارا لباكستان، خاصة أنه اختار كلاً من الملا هيبة الله أخوندزاده، الوجيه الديني المتنفذ، وسراج الدين حقاني، الزعيم الشهير لشبكة حقاني والمعروف بقربه من تنظيم القاعدة ومن باكستان، التي وصفها الجيش الأمريكي في 2011 بـ"الذراع المسلحة لجهاز الاستخبارات الباكستاني" القوي.
وهو الأمر الذي تقبلته باكستان دون اعتراض، وقال الجنرال الباكستاني في الاحتياط محمود شاه إن منصور يقود طالبان منذ سنتين وقام بعمل جيد، وهو لذلك قادر على خلافة الملا عمر، وربما يكون حتى أفضل منه.
أما هيبة الله أخوندزاده فأوقفته القوات الباكستانية "للصدفة المحرجة" لفترة وجيزة قبل عشرة أيام في مخبئه في كويتا جنوب غرب باكستان، وقال كادر من طالبان يتخذ موقفا متشددا من باكستان تعليقا على ذلك "نعتقد أن باكستان واستباقا منها لخلافة الملا عمر، أوقفته لإعطائه توجيهات حول الوضع لاحقا".
وقال رحيم الله يوسفزاي الصحفي الباكستاني المتخصص في حركة طالبان إن الملا منصور "لعب دورا فاعلا في تنظيم مباحثات" موري، وهو الذي اتخذ قرار فتح مكتب للحركة في قطر.
وعززت تلك الاحداث الأخيرة من تهديد الحركة بالانقسام، ما يؤثر على المفاوضات التي تجريها الحركة مع حكومة باكستان.
الميلاد والنشأة
وُلد أختر محمد منصور شاه محمد عام 1963 في قرية بندي تيمور (مقاطعة ميواند) بولاية قندهار الأفغانية، لعائلة من عرقية البشتون.
الدراسة والتكوين
تفيد تقارير بأن الملا أختر منصور التحق - كغيره من قادة طالبان - بعدد من المدارس الدينية الباكستانية التي تعرف محليا بـ"الديوبندية".
الوظائف والمسئوليات
يعتبر الملا أختر منصور أحد قادة حركة طالبان المؤسسين لها في قندهار عام 1994، ولذلك فقد تولى عدة مناصب ومسؤوليات قبل وبعد سقوط نظام طالبان الذي حكم أفغانستان خلال 1996-2001.
شغل أختر أثناء هذه الفترة منصب وزير الطيران، وبعد 2001 كلفته الحركة بإدارة الشئون العسكرية والسياسية في مجلس شوراها وبنيابة رئيس هذا المجلس، ثم صار نائبا لأمير طالبان الراحل الملا محمد عمر بدلا من عبد الغني برادار الذي اعتقل في باكستان 2010.
الخبرة السياسية
راكم الملا منصور خلال 1996 - 2015 خبرة سياسية وعسكرية أهلته في الأخير ليتبوأ المسؤولية الأولى في "إمارة أفغانستان الإسلامية"، خلفا لزعيمها التاريخي الملا محمد عمر.
فمنذ انهيار حكم طالبان تحت وطأة القصف الجوي والاجتياح البري اللذين نفذهما التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة إثر هجمات 11 سبتمبر 2001 على أراضيها، كان منصور على موعد مع قيادة حركته في أكثر من ميدان وجبهة ضد التحالف الدولي ونظام الحكم الذي أقامه في أفغانستان.
وتقول مصادر الأمم المتحدة إنه خضع للاعتقال بباكستان ثم "أعيد" إلى أفغانستان في سبتمبر 2006، ليكون مسؤولا بصفة مباشرة عن أنشطة حركة طالبان في أربع ولايات جنوبي أفغانستان، إذ عُين "حاكم" طالبان على قندهار حتى مايو/أيار 2007.
وتضيف المصادر أن أختر منصور عمل عضوًا في مجلس قيادة طالبان مكلفاً بتولي رئاسة الشؤون العسكرية بمجلس الحرب التابع لها والمعروف بـ"غِردي جَنغل"، مستفيدا من خبرته القتالية الطويلة التي تعود إلى أيام مشاركته في صد الغزو السوفياتي لأفغانستان.
وتولى الملا منصور نيابة رئيس مجلس الشورى الأعلى لطالبان الملا عبد الغنى برادار، وبعد اعتقال الأخير في فبراير 2010 أصبح منصور مؤقتا المسؤول الأول عن المجلس، ثم عينته الحركة رئيساً لمجلس الشورى ونائبا لأمير الحركة الملا محمد عمر في مارس 2010.
وفي 29 يوليو 2015، انتخب مجلس شورى طالبان بـ"الإجماع" الملا أختر منصور خليفة لأميرها الملا عمر الذي أُعلنت الحركة وفاته رسميا.