محاكمات الفساد.. معركة العبادي وقادة الميليشيات الشيعية الدولة أو الفوضى

الثلاثاء 01/سبتمبر/2015 - 11:39 ص
طباعة محاكمات الفساد..
 
في ظل التظاهرات التي خرجت للمطالبة بالقضاء على الفساد، يبقى موقف حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، غامضًا تجاه قيادات الميليشيات الشيعية "الحشد الشعبي"، وخاصة عقب حصول نوري المالكي على عضو بالبرلمان العراقي، كحماية له من المحاكمة.

مطالب بمحاسبة قادة الميليشيات

مطالب بمحاسبة قادة
قوبلت الشعارات التي رفعها محتجون عراقيون خلال المظاهرات التي شهدتها مؤخرًا عدة مدن، وتضمّنت مطالبة صريحة بأن تشمل عملية الإصلاح التي بدأها رئيس الوزراء حيدر العبادي الفاسدين من قادة الميليشيات الشيعية والمورطين منهم في عدّة جرائم، بتجاهل تامّ من القيادة السياسية، فيما غضت معظم وسائل الإعلام العراقية الطرف عن مختلف تلك المطالب.
وقد طالب بعض المحتجين بتحجيم سطوة الميليشيات بحدّ ذاتها وكفّ أذاها عن المواطنين.
ويخشى عراقيون من أن يكون ذلك مظهرًا «لهالة القدسية» التي تحيط بالميليشيات الشيعية، خصوصًا بعد انتظام أغلبها ضمن الحشد الشعبي المشكّل بالاستناد إلى فتوى من مرجعية النجف تعرف بفتوى «الجهاد الكفائي»، وتُسهم في تلميع صورة تلك الميليشيات وإضفاء مسحة من «الطهر» عليها ومن «النبل» على مهمتها، رغم تجاوزاتها الكثيرة والخطرة أحيانا بحقّ المدنيين، وحتى بحق أجهزة الدولة.
ويسجّل متابعون للشأن العراقي بنوع من الاستغراب أن تشمل حزمة الإصلاحات التي أعلن عنها رئيس الوزراء حيدر العبادي مسئولين من مختلف القطاعات بما في ذلك القطاع العسكري، ولا تمسّ قادة الميليشيات الشيعية وبعض منتسبيها، رغم أنهم شركاء في الفساد وفي اقتراف جرائم واضحة مع بعض الساسة والمسئولين المشمولين بالإحالة على التحقيق وعلى المحاكمة.

فساد الميليشيات

فساد الميليشيات
ويرى مراقبون أن الفساد والنهب إحدى السمات البارزة لدى الحشد الشعبي رغم أن هذه العناصر مرتبطة من المنطلق القانوني والمالي بمكتب مستشار الأمن الوطني، غير أن أبعاد السرقة والنهب والقتل وقتل المواطنين من قبل هذه المؤسسة التابعة لفيلق القدس في العراق تزداد يومًا بعد يوم.
وأصبحت سرقة حصة الأرزاق لعناصر الحشد الشعبي في مناطق الاشتباك وعشرات أنواع السرقات الأخرى أمرًا متداولًا وروتينيًّا؛ مما أدى إلى اشتباكات وخلافات بين الميليشيات، وكذلك إحباط معنوياتهم بحيث أخذ عدد كبير منهم يتركون الجبهات ويهربون من ساحة المعارك.
ويؤكّد ذلك ما تتمتع به الميليشيات الشيعية في العراق وقادتها من سلطات تفوق مختلف سلطات الدولة، بل إنّ تلك الهياكل شبه العسكرية جيدة التسليح والتنظيم يمكن أن تستخدم في حماية بعض الساسة الفاسدين، على غرار رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي يؤكّد خصومه السياسيون أن علاقته مع ميليشيا بدر وبعض الميليشيات الأخرى المنشقة عن خصمه اللدود مقتدى الصدر توفّر له حماية تامة من المحاسبة رغم ورود اسمه بشكل متواتر في ملفات فساد خطرة فضلًا عن مسئوليته المباشرة على سقوط أجزاء واسعة من العراق بيد تنظيم داعش بما انجرّ عن ذلك من أوضاع كارثية ومن خسائر بشرية ومادية فادحة.

تهديد الميليشيات

تهديد الميليشيات
وفيما يبدو أن الميليشيات الشيعية رأت في نفسها أنها دولة داخل الدولة العراقية، وبإمكانها إرضاخ الحكومة إلى قراراتها ورغباتها عبر الدعم الشعبي لمحاربة "داعش"، وهو ما وضح من قرار الميليشيات بالانسحاب من الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، في بيجي وعدد من خطوط المواجهة، مع سعي حكومة حيدر العبادي لمحاسبة عددا من قادة الميليشيات الشيعية، وفي مقدمتهم نوري المالكي والذي يمثل الأب الروحي لقائد الميليشيات الشيعية.
فقد حذر قائمقام بيجي في محافظة صلاح الدين محمد محمود، من عواقب انسحاب «الحشد الشعبي» من بيجي، ودعا قادة «حزب الله/ العراق» و«عصائب أهل الحق» إلى إعادة النظر في قرارهم الذي اتخذوه احتجاجاً على إلغاء منصب نائب رئيس الجمهورية الذي يشغله رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وعلى دمج الوزارات.
ودعا قائمقام بيجي، في تصريح إلى «الحياة»، قادة «الحشد الشعبي» إلى إعادة النظر في قرار انسحابهم من صلاح الدين «لما يمثله ذلك من تداعيات أمنية خطيرة على البلاد بشكل عام والمحافظة بشكل خاص». وأكد أن «القرار يأتي فيما قوات الحشد والجيش وأبناء العشائر نجحت في تحقيق انتصارات على داعش الذي فشل أكثر من مرة في استعادة بعض الأراضي المحررة».

مستقبل العبادي

مستقبل العبادي
وغير بعيد هذا السياق جاء تحذير مؤسسة «انترناشنال كرايسس غروب» من نهاية الحياة السياسية لحيدر العبادي في حال كانت الإصلاحات سطحية، وتأكيدها أن ذلك سيساعد قادة الحشد الشعبي للوصول إلى السلطة.
وقالت المؤسسة البحثية المعنية بمعالجة الأزمات، في تقرير لها، نشرت وكالة العباسية نيوز ملخصا عنه، إنه إذا ثبت بأن الإصلاحات الحالية لرئيس الحكومة حيدر العبادي ليست أكثر من مجرد إجراءات سطحية لإعطاء انطباع تجميلي، فسيعني ذلك نهاية الحياة السياسية للعبادي ومجموعة واسعة من الطبقة السياسية، وأن قادة الميليشيات الذين سيمتطون صهوة الغضب الشعبي والتفوق العسكري للوصول إلى السلطة.
كما لفت التقرير إلى أن نوري المالكي الذي يحمّله الكثير من العراقيين مسئولية انتشار الفساد وترسيخ الطائفية بدأ مؤخرًا- وبشكل يدعو للتشاؤم- بالتملق لقادة الميليشيات.

مستقبل الحشد الشعبي

 مستقبل الحشد الشعبي
أصبح حضور الميليشيات الشيعية أو "الحشد الشعبي" في الحياة السياسية العراقية أمرًا مزعجًا، وضد بناء الدولة، وأبدى عدد من المراقبين انزعاجهم للتدخل الواضح من قبل الميليشيات في القرار السياسي، ومحاولة رهن قرار الدولة العراقية وفقًا لرؤيتهم وأجندتهم الخاصة، في ظل الحرب التي يخوضها الجيش العراقي ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، ويبدو أن حيدر العبادي بحاجة بشكل قوي إلى دعم شعبي في مواجهة تسلط الميليشيات الشيعية وفرض قرارها على مؤسسات الدولة، الخطوات التي اتخذتها قادة «حزب الله/ العراق»، و«عصائب أهل الحق» بقدر ما ستؤثر علي محاربة تنظيم "داعش" بقدر ما ستخسر الميليشيات من دعمها الشعبي، وهي بقدر ما ستؤثر على خطط العبادي والجيش العراقي في مواجهة "داعش" وبقدر ما توفره له من قدرة ومساحة أكبر في القرارات السياسية، فهل ستنتهي معركة "العبادي" والميليشيات بفرض سلطة الدولة؟ أم سيكون لقادة الميليشيات رأي آخر؟

شارك