شاكر العبسي .. مؤسس "فتح الإسلام"
الإثنين 02/سبتمبر/2024 - 09:27 ص
طباعة
حسام الحداد
شاكر العبسي هو زعيم مجموعة فتح الإسلام المتورطة في خوض مواجهات مسلحة مع الجيش اللبناني في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في طرابلس (شمال لبنان) منذ 20 مايو 2007. متهم من الحكومة الأردنية بقتل دبلوماسي أمريكي في عام 2002 وحكم عليه غيابيا بالإعدام مع أبو مصعب الزرقاوي في عام 2004.
حياته:
ولد شاكر يوسف حسن العبسي (معروف بألقاب الحاج أبو حسين – أبو حسين – أبو يوسف – الحجي أبو حسين) في مخيم عين السلطان القريب من أريحا عام 1955، حيث لجأ والده وأقاربه للمخيم من بلدة الدوايمة في محافظة الخليل، ينحدر من عشيرة العبسي، المنتشرة في بلاد وقرى متفرقة في فلسطين، منها قرية الدوايمة التي هاجر منها أهله عام 1948، وبلدة الفالوجا القريبة منها، وقرى يبنا وجسير وغيرها.
وشاكر العبسي هو الثالث بين إخوانه الذكور، وهو الخامس في أسرته، فهو أخ لشكري (مهندس طيران) وأحمد (فني الطيران) وعبد الرزاق الطبيب الاستشاري في طب العظام في العاصمة الأردنية عمان، وله من الأبناء الذكور واحد، أسماه على اسم أبيه "يوسف"، وله البنات ستة.
تعليمه:
درس العبسي في مدارس عين السلطان، وأكمل دراسته في مدارس الأونروا في مخيم الوحدات وفي العاصمة الأردنية عمّان. وأنهى الثانوية العامة بتقدير متفوق أهله لدراسة الطب في تونس عام 1973على نفقة حركة فتح التي انتمى إليها حين كان في السادسة عشرة من عمره، وبعد عام من الدراسة في تونس رجع إلى عمّان تاركاً دراسة الطب، رغبة منه في العمل العسكري والمشاركة في النضال ضد الاحتلال. ذهب إلى ليبيا ليلتحق بالكلية العسكرية هناك وليتخرج عام 1976 برتبة ملازم طيار حربي.
بعد التخرج؛ تلقى شاكر عدة دورات في قيادة طائرة "ميغ" السوفيتية المقاتلة من طرازي 21 و22، وذلك في كل من ألمانيا الشرقية ويوغسلافيا وروسيا والمجر، بينما كان الاتحاد السوفيتي في أوجّه إبان حقبة السبعينيات.
وشارك العبسي الي جانب ليبيا في حربها ضد تشاد، وذلك عندما استطاع الجيش الليبي تحرير واحات أوزو، وكان العبسي حينها قائد سرب.
في "فتح الانتفاضة":
انضم إلى حركة فتح في العام 1973، وبعد خروج قوات منظمة التحرير من بيروت في (سبتمبر) 1982 بسنة؛ انشقّ العبسي عن حركة "فتح" تحت قيادة أبي خالد العملة وأبي موسى، وجرى تأسيس تنظيم جديد عُرف بـ"فتح الانتفاضة" في 1983.
ويقول شقيقه الطبيب الاستشاري في جراحة العظام الدكتور عبدالرزاق، إنّ زعيم حركة فتح آنذاك الراحل ياسر عرفات طلب من شاكر شخصياً العودة عن الانشقاق، في رسالة ذكرته بالاسم، إلاّ أنّ شاكر رفض التراجع.
بعد ما التحق بحركة فتح الانتفاضة، ثم انتقل مع غالبية التنظيم الذي كان موجوداً في ليبيا إلى سورية التي بقي فيها حتى العام 2006.
وبقي ضمن معسكرات حركة فتح في ليبيا حتى العام 1983عندما انضم للمنشقين عن فتح، والتحق بحركة "فتح الانتفاضة"، ثم انتقل مع غالبية التنظيم الذي كان موجودا في ليبيا إلى سوريا.
وغادر شاكر العبسي دمشق إلى اليمن "الشمالي" آنذاك (توحّد مع اليمن الجنوبي عام 1990)، مبتعثاً من "فتح الانتفاضة" إلى الجيش اليمني هناك، وتولى مهمة مدرِّب وقائد سرب في سلاح الجو، وبعدها عاد إلى ليبيا والتحق بالجيش الليبي أيضاً، بصفة مبعوث من "فتح الانتفاضة" وتولى المهمات نفسها.
بقي شاكر العبسي في ليبيا إلى عام 1993، وفيها ترفّع إلى رتبة عقيد، ومنها عاد إلى سوريا بعدما قامت السلطات الليبية بإبعاد اللاجئين الفلسطينيين إثر اتفاقية أوسلو المبرمة بين منظمة التحرير والكيان الصهيوني، وبالرغم من أنّ شاكر المدرِّب في سلاح الجو الليبي لم يكن من بين المبعدين، إلاّ أنه آثر الابعاد الاختياري رافضاً الدعوات الليبية له بالبقاء، وظل في سوريا حتى العام 2006.
لم تنجح محاولات العبسي للعودة إلى الأردن كما هو حال الآلاف من "الفدائيين" الذين عادوا من سوريا ولبنان نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، وكان ضمن الذين رفضت عودتهم، وهو ما أجبره على البقاء في المنفى.
اعتقاله:
ظل العبسي في سوريا حتى عام 1993 يقطن حي الحجر الأسود قرب مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق، حيث جنوح العبسي نحو التدين والتشدد والاقتراب من خط تنظيم القاعدة وأفكار أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، ونشر الفكر السلفي الجهادي والدعوة للقتال في أفغانستان وضرب المصالح الأمريكية في العالم وملاقاتهم في العراق، مع سفر من وقت لأخر خارج سوريا، مما ادي الي اعتقاله من قبل المخابرات السورية في 2002 على خلفية أمنية وقضت محكمة ميدانية بسجنه ثلاث سنوات.
وتشير تقارير إعلامية إلى وجود علاقة خاصة بين العبسي والمخابرات السورية، فقد بدأت علاقة العبسي مع الاستخبارات السورية في بداية الثمانينيات عندما دعمت مجموعة من الضباط الفلسطينيين وعلى رأسهم أبو خالد العملة وأبو موسى مراغة وشاكر العبسي (قوات العاصفة) في حركة التحرير الفلسطينية (فتح) بالانشقاق والانقلاب على ياسر عرفات لإضعاف الحركة والسيطرة عليها، التي ما لبثت أن فشلت وانتهت بقيام تنظيم جديد يدعى حركة فتح الانتفاضة التي انتقلت إلى دمشق ولبنان وسيطرت مع أحمد جبريل (الجبهة الشعبية) على المخيمات الفلسطينية في سوريا والبنان.
في سجن "صيدنايا" العسكري السوري، كانت بداية ظهور تنظيم "فتح الإسلام" بقيادة العبسي، حيث اعتقل في السجن بعد عودته من الأردن التي نفذ فيها عملية اغتيال للدبلوماسي الأمريكي لورنس فولي التي أكسبته الشهرة والقوة والمصداقية التي يحتاجها لبناء تنظيمه الذي أطلق عليه لاحقا فتح الإسلام.
وصلت أخبار اعتقال شاكر العبسي التي أشاعتها الاستخبارات العسكرية قصداً عبر سجناء نقلوا من فرع فلسطين إلى سجن "صيدنايا" الذي كان يقبع فيه العشرات من السجناء الإسلاميين الجهاديين الذين استخدمهم العبسي بعد نقلة إلى السجن ليكون نواة تنظيم فتح الإسلام.
نقل العبسي من فرع فلسطين إلى سجن صيدنايا في مارس 2003 وكان الإسلاميين ينتظرون وصول المجاهد بشغف، وُضِع العبسي في جناح يطلق عليه جناح القاعدة الذي شكل له المناخ المناسب للعمل والتنظيم والتجنيد بإشراف اللواء أمين شرابي (المسؤول بمخابرات السورية عن فرع فلسطين) اللذان رتبا معاً تشكيل خلايا مقاتلة لإرسالها إلى العراق عبر صفقات يتم إطلاق سراحهم فيها بعفو رئاسي مقابل الدخول إلى العراق وآخر مجموعة أطلق سراحها كانت 45 سجين في فبراير 2005 قبل اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري بأيام، والذي غير استراتيجية عمل الاستخبارات داخل السجن عبر شريكها شاكر العبسي الذي بدأ بتنظيم مجموعة جديدة للعمل داخل لبنان.
اتهامات الأردن:
استقر لعدة أشهر في مدينة أربد الأردنية، في بداية الالفية الجديدة، بعد مبايعة تنظيم جند الشام والمشاركة معهم بعدة عمليات داخل الأردن كان أهمها اغتيال الدبلوماسي الأمريكي لورنس فولي ومن قبله رجل الأعمال اسحق سنير الذي لوحق على أثرها أعضاء التنظيم عالميا، التنظيم الذي يتزعمه أبو مصعب الزرقاوي وطبيب الأسنان السوري سليمان درويش الملقب أبو الغادية الذي كان صلة الوصل بين الزرقاوي وشاكر العبسي وبقية التنظيم في سوريا والأردن والبنان.
وفي 2002 وجهت الأردن، للعبسي اتهامات بالضلوع في مخطط لاغتيال الدبلوماسي الأمريكي لورانس فولي الذي اغتيل عام 2002،
الأهمية في التهمة الأردنية للعبسي هي الربط بينه وبين أبو مصعب الزرقاوي الزعيم السابق لتنظيم القاعدة في العراق، إذ اتهم العبسي وفقا للائحة الاتهام تلك بأنه على علاقة مباشرة مع الزرقاوي ومطلوبين من تنظيم جند الشام المرتبط بالقاعدة، وحكم عليه بالإعدام غيابيا.
الانشقاق عن فتح الانتفاضة:
خرج العبسي من السجن السوري عام 2005، بعفو رئاسي من الرئيس السوري بشار الاسد، أطلق عليه السجناء عفو الإخوان الذي تم بموجبه إطلاق آخر دفعة من سجناء تنظيم الإخوان المسلمين. لم يمكث شاكر طويلا في دمشق بعدما أُفرج عنه، فغادر سورية إلى لبنان، وهناك تنقّل بين المخيمات الفلسطينية واستقر في مخيم نهر البارد، حيث بدأت انعطافة جديدة برز بعدها زعيماً للتنظيم المثير للجدل "فتح الإسلام".
ومع ظهور خلافات عميقة بين العبسي وقيادة فتح الانتفاضة، مما أدى بالعبسي للانتقال إلى مخيم البداوي، حيث قاد انشقاقا ضد الحركة استولى خلاله على كافة قواعدها ومقارها في مخيمي البداوي ونهر البارد شمالي لبنان وبرج البراجنة قرب الضاحية الجنوبية لبيروت.
فتح الإسلام:
وفي مخيم نهر البادر، أعلن عن ولادة تنظيم فتح الإسلام الجهادي الذي اشتبك مع الجيش اللبناني في تاريخ 20 مايو 2007، ومع اعلان العبسي تأسيس "فتح الاسلام" والانشقاق عن حركة "فتح الانتفاضة" ثم الاستيلاء على مخازن الأسلحة التي كانت تابعة تاريخيا لحركة فتح "الأم" والتي كانت "الانتفاضة" استولت عليها بعد الانشقاق عام 1983، في مخيم نهر البارد.
وفيما تقدر أوساط إعلامية أتباع العبسي بنحو 250 شخصًا عدد منهم من غير الفلسطينيين، يرى المصدر الفلسطيني ذاته أن العدد تزايد بشكل كبير في الآونة الأخيرة وأن شاكر العبسي وأدبيات "فتح الإسلام" تؤشر إلى اقتراب في المنهج بينها وبين الفكر الذي تنهجه "القاعدة" وفقا لما هو منشور من أدبياتها على مواقع معروفة بترويجها لفكر القاعدة على الإنترنت.
للمزيد عن "فتح الاسلام" اضغط هنا.
وعقب اعلان "فتح الإسلام"، دخل العبسي ومجموعته في معارك دامت 4 أشهر راح ضحيتها العشرات من الجيش اللبناني وسكان مخيم نهر البارد مع تهجير للأهالي وخلق فوضى في لبنان وخصوصاً طرابلس ورغم ذلك لم تتحقق غاية النظام في تعميم الحالة الصدامية بين المخيمات الفلسطينية والمجتمع والجيش لبناني.
ومع عمليات "فتح الاسلام"، أصبح اسم شاكر العبسي يتردد كثيراً في مختلف وسائل الإعلام منذ أن بدأ أفراد جماعته بإطلاق النار على وحدات تابعة للجيش اللبناني في مخيم نهر البارد (شمال لبنان) الذي يضم زهاء 40 ألفاً من اللاجئين الفلسطينيين.
وظهر لأول مرة اعلاميا في 26 مايو 2007 في شريط فيديو بثته قناة الجزيرة، وذكرت القناة أن الرجل فلسطيني يدعى شاكر العبسي وقالت إنه أول ظهور علني له. كما تضمن الشريط صوراً لمعسكرات الجماعة وتدريبات عناصرها.
كما أكد العبسي في مقابلة مع وكالة رويترز للأنباء حيثُ إنه قال إن لجماعته هدفين اثنين وهما: الإصلاح الإسلامي لمجتمع المخيمات الفلسطينية في لبنان لكي تتوافق مع الشريعة الإسلامية، والثاني التوجه لمواجهة إسرائيل، بطرد الأمريكيين خارج الوطن العربي وإنهاء مصالحهم فيه.
و في 7 نوفمبر 2008 بث التلفزيون السوري اعترافات لبعض الأشخاص الذين ينتمون لتنظيم فتح الإسلام متهمين "بالتخطيط والتنفيذ لتفجير سيارة مفخخة في إحدى مناطق العاصمة السورية دمشق في سبتمبر 2008 والذي أدى لمقتل 14 شخصا وجرح 27 آخرين".
تراجع "فتح الاسلام":
ولكن خلال شهور استطاع الجيش اللبناني، السيطرة علي الوضع في مخيم نهر البارد والمخيمات الفلسطينية، واعتقل اغلب قيادات "فتح الاسلام"، ولكن استطاع العبسي الهروب من لبنان عبر طريق البحر مخترقا الطوق الأمني بمساعدة بعض القوى اللبنانية.
وفي 20 فبراير 2015، اصدر المجلس العدلي اللبناني برئاسة القاضي انطوني عيسى الخوري بالإنابة حكمه، بالإعدام غيابيا في حق الفارين الفلسطيني الامير السابق لحركة "فتح الاسلام " شاكر العبسي والسوري مبارك النعسان. كما قضى بعقوبة الاعدام وجاهيا للموقوف السوري مصطفى إبرهيم سيو والحبس 20 سنة للموقوف السوري ياسر الشقيري والحبس 11 سنة لمواطنه الموقوف كمال نعسان. كما قضى الحكم بحبس الظنينة الفلسطينية عريفة فارس ثلاث سنوات.
واعتبر القضاء اللبناني أن شاكر العبسي: "أسس وتزعّم تنظيما رديفا دعاه فتح الإسلام، توسّل الأعمال الإرهابية، من تفجيرات وقتل وسلب وغيرها من الجرائم... بهدف إثارة الفتنة المذهبية الدينية وتأجيج النعرات توصلا إلى إضعاف الدولة اللبنانية، وزعزعة الثقة فيها وفي مؤسساتها، وفي طليعتها الجيش اللبناني، تمهيدا لتحقيق مشروع إنشاء إمارة أصولية تكفيرية في لبنان الشمالي".
نهاية غامضة:
وتشير تقارير اعلامية الي ان المخابرات السورية، قامت بتصفية العبسي اعتقال أبو خالد العملة لعدة أيام .
وفي 10 ديسمبر 2008 قالت جماعة "فتح الاسلام"، ان شاكر العبسي وعضوين آخرين زيارتها تعرض لكمين من قبل قوات الأمن السورية جنوب دمشق، وأنه قد قتلوا أو اعتقلوا.
وحتي يبقى مصير شاكر العبسي، غامضا في ظل تضارب التقارير والمعلومات حول مقتله أو بقائه على قيد الحياة.