محاولات الحل السياسي في ليبيا دوليا والطريق المسدود ( 1 من 3)
السبت 26/سبتمبر/2015 - 10:27 م
طباعة
أعلن مبعوث الامم المتحدة الخاص الى ليبيا ( برناردنيوليون) يوم الجمعة 4 أغسطس أن المحادثات الايرانية الى جمع الاطراف المتحاربة في هذا البلد (ليبيا) في حكومة وحدة وطنية دخلت مرحلتها النهائية وأنه يأمل في التوصل الى اتفاق بحلول 20 سبتمبر القادم وقد أكد ليون على أنه من الصعب تجاوز هذه الفرصة للتوصل الى اتفاق نهائي في الايام القادمة ويأمل أن تستكمل المحادثات يوم الاربعاء في الصخيرات في المغرب. وقد صرح بأن هناك العديد من المشكلات لم تحل بعد أهمها أن الجانبين لم يحسما من ستتألف منهم الحكومة . ويأمل مبعوث الامم المتحدة في التوصل الى الاتفاق النهائي قبل موعد 20 أكتوبر القادم الذى يتواكب مع موعد انقضاء تفويض مجلس النواب للحكومة الليبية المعترف بها دوليا . لأنه في حالة تجاوز هذا الموعد سيتم الاعلان عن انتخابات جديدة في ليبيا التي وصلت الى ادنى مستوى من التدهور في جميع المجالات الامنية والاقتصادية والسياسية ... الخ . ونصف سكان ليبيا مهجرون ما بين مصر و تونس . مما يضعف الكتلة التصويتية في حاله اجراء أي انتخابات جديدة و قد تؤثر المليشيات العسكرية و نفوذها على الارض في توجيه بوصله الاقتراع خاصه بعد دخول تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في حلبة الصراع . ان هناك مراحل عديده منذ ثلاث سنوات لتفعيل مصار الحل السياسي في ليبيا و الذى تتبناه قوى دولية تحت مظلة الامم المتحدة و سنعرض لهذا المسار .
مراحل الحل السياسي في ليبيا :-
مع السقوط المدوي لنظام القذافي بعد ثورة 17 فبراير و الذى افضى الى واقع سياسي معقد و صعب السيطرة عليه . و ذلك نتيجة لأسباب عديده اهمها ان قوات حلف ( الناتو) التي ادعت انها ترغب في ازاحه القذافي عن الحكم و تساند الشعب الليبي في ثورته قد عمدت على تدمير الجيش الليبي بل و جميع مؤسسات الدولة و قامت بإلقاء الأسلحة في الصحراء الليبية لجميع الفصائل الامر الذى ادى الى تشكيل العديد من المليشيات المسلحة . كما ان النخب الثورية التي كانت في صداره المشهد قد عانت من حاله الانقسام الشديدة .
مع غياب أية مفهوم أو نمط بشكل الدولة المدنية الحديثة التي كانت على رأس مطالب الثوار. وأخيرا فأن هيكل الدولة الليبية بشكل عام نتيجة نظام حكم القذافي يتسم بالضعف والهشاشة خاصة في الاعوام الاخيرة من حكم القذافي وبالتحديد بعد الخروج من تشاد حيث تعمد القذافي تفكيك المؤسسة العسكرية مع الاعتماد على قوة غير نظامية مأجورة تخوفا من انقلاب المؤسسة العسكرية على حكمه . وبعد سقوط القذافي توالت حكومات عاجزة عن القيام بدورها نظرا لعدم قدرتها على جمع الاسلحة من المليشيات والاكراد وعدم قدرتها على اعادة بناء المؤسسة العسكرية اضافة الى ارتفاع حدة الفساد في عوائد النفط الليبي لدرجة أن النفط الليبي بات يباع في السوق السوداء عالميا من قبل المليشيات وعلى مرأى من أجهزة الدولة . جميع العوامل السابقة ساهمت في اعلاء سطوة المليشيات والتشكيلات العسكرية المبنية على أسس ايدلوجية أو قبلية أو اقليمية .وقد بدأ اهتمام الغرب بالحل السياسي في ليبيا بعد وصول تنظيم (داعش) الى الأراضي الليبية وأصبح يشكل خطرا شديدا على أوروبا كما أن دفع السكان المدنيين الى الهجرة غير الشرعية الى أوروبا وازدهار تجارة الهجرة غير الشرعية علاوة على حالة السيولة الامنية والتي أصبحت تهدد بلدان الجوار خاصة مصر وتونس والجزائر. وتم افغنة الأراضي الليبية لتدريب العناصر وتصديرها مرة اخرى عبر معسكرات التدريب هذا وقد تم اغراء القبائل الليبية بالتحالف مع المليشيات في حصد عوائد النفط الليبي. وهنا بدأت الامم المتحدة الدعوة الى حوار سياسي بين أطراف الصراع وكلفت مبعوثها السيد (برناردنيوليون) حيث ثارت المحادثات على النحو التالي :-
حوار غنامس 1 سبتمبر 2014:--1
في 29 سبتمبر 2014 في مدينة غنامس التي تقع على الحدود الليبية الجزائرية تم انعقاد اول جولة للحوار السياسي على الرغم ما أحيط بالحوار من مشكلات ( اطراف الحوار – أهداف الحوار – اليات تحقيق مخرجات الحوار... الخ) فقد انعقد قبيل صدور حكم المحكمة العليا في طرابلس بعدم دستورية قانون الانتخابات ومن ثم حل مجلس النواب بطبرق واعلان المؤتمر العام بأعاده انعقاده و قد تجاهل مبعوث الامم المتحدة ( ليون) الطرف الإسلامي في الحوار على الرغم من ظهور قوات فجر ليبيا في هذا التوقيت و قام مبعوث الامم المتحدة بإقصاء عدد من اعضاء المؤتمر الوطني العام المنحل و عدد من القوى العسكرية . و بالتالي جاءت نتيجة الحوار قاصرة حيث انها اقتصرت على اطراف بعينها مع اقصاء الطرف الإسلامي . لقد اقتصر الحوار على الجهة التي لها شرعية و على هذا فقد فشل مؤتمر غنامس 1 للتوصل الى اية نتائج حقيقيه سوى الاستفادة من تجربه الحوار مع طرف واحد خاصة ان الاطراف المتصارعة لها اذرع عسكرية هي التي تعبر عن مستوى كل فصيل على الارض و بالتالي فأن التمثيل السياسي لابد و ان يتناسب مع التمثيل العسكري .
2) حوار جنيف ( يناير 2015) :-
على خلفية الفشل في حوار غنامس واحد قامت بعثه الامم المتحدة بالتحضير لعقد جلسات حوار (جنيف) في 14 و 15 يناير 2015 . قامت بدعوة و اشراك اكبر عدد ممكن من الاطراف المتصارعة . بل و قامت في توسيع دائرة الحوار لتشمل شخصيات من المجتمع المدني لمحاولة التوصل الى اتفاق كما اعلنت الامم المتحدة على اتساع مجالات الحوار لتشمل جميع المسارات السياسية و الاجتماعية . و ان هناك نقاشات حول المسألة الامنية و محاولة الوقف الكامل لأعمال القتال المسلح بين الاطراف . على اعتبار ان المدنيين هم الذين يدفعون ارواحهم ثمن هذا الصراع علاوة على تهجير الالاف من ديارهم و دفعهم للهجرة خارج ليبيا مما يسبب اضرار جسيمه على البنيه الاقتصادية و السكانية . كما اكدت ان المباحثات ستضع تصورا حول انسحاب مرحلي للجماعات المسلحة في المدن و البلدان الرئيسية خاصة طرابلس . و محاوله تمكين الدولة ببسط سلطتها على المؤسسات الحكومية و المنشآت الاستراتيجية و المرافق الحيوية .
اذن ان اهداف مؤتمر جنيف كانت اكثر بلورة و اكثر وضوحا و لكن جاء تخلف المؤتمر الوطني عن مباحثات و عدم حضور ممثليه حيث اعلن المؤتمر مبررا موقفه ان المبعوث الأممي في ليبيا لم ينسق معه بشكل كافي .واعترض المؤتمر الوطني على انعقاد أي مؤتمرات خارج ليبيا. وفى ذات التوقيت أعلن المكتب الإعلامي لمليشيات فجر ليبيا – وهو الجناح العسكري للإخوان المسلمين وحلفاؤهم- عدم التزامهم بنتائج الحوار مهما كانت انه سيحاول عقد مؤتمر داخل ليبيا بعد تقريب وجهات النظر بين الاطراف .اذن هذه هي المرة الثانية التي تعيق الطائرات الاسلامية امكانية الحوار والتوصل الى نتائج من شأنها دعم الشرعية و في مواجهة تمدد المليشيات العسكرية التي تعزز موقف تيار الاسلام السياسي على الارض (البقية الاسبوع القادم)