البابا تواضروس الثاني.. تسع سنوات على كرسي مارمرقس
الإثنين 04/نوفمبر/2024 - 10:13 ص
طباعة
روبير الفارس
4 نوفمبر ذكرى ميلاد وجيه صبحي صدقي – قداسة البابا تواضروس الثالث والستون، ويمثل أيضًا ذكرى اختياره البطريرك رقم 118 في تاريخ بطاركة كرسي مارمرقس مؤسس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بمصر .وهو من مواليد المنصورة والتحق بجامعة الإسكندرية، بكلية الصيدلة، وحصل على بكالوريوس الصيدلة عام 1975 م. حصل على زمالة الصحة العالمية بإنجلترا عام 1985. التحق بالكلية الإكليركية. وتخرج منها عام 1983. ثم قرر أن يترهبن وذهب إلى دير الأنبا بيشوي في وادي النطرون وترهبن في 31 يوليو 1988 باسم الراهب ثيئودور ( أي تادرس )، تمت رسامته قسًا في 23 ديسمبر 1989. انتقل للخدمة بمحافظة البحيرة في 15 فبراير 1990 م، ثم نال درجة الأسقفية في 15 يونيو 1997 م وكان مسئولًا عن خدمه منطقه كنج مريوط والقطاع الصحراوي، وخدم بها خمسه عشر عاماً، إلى أن تم تجليسه على كرسي مارمرقس؛ حيث تم ترشيحه ليكون خليفة البابا شنودة الثالث هو وأربعة آخرون هم الأنبا رافائيل، القمص رافائيل أفامينا، القمص باخوميوس السرياني، القمص سارافيم السرياني.. فاز بمنصب البابا عن طريق القرعة الهيكلية ليصبح البابا تواضروس الثاني 118 يوم الأحد 4 نوفمبر 2012م.
عن رؤيته لمستقبل الكنيسة يقول الأنبا تواضروس: "يجب أن نهتم بفصول التربية الكنسية منذ الصغر، وأن نجعل فصول إعداد الخدام من أولوياتنا، فالخدمة هي التي سوف تصنع نهضة جديدة داخل الكنائس سواء بمصر أو ببلاد المهجر".
ويُطالب الأنبا تواضروس بإنشاء معهد لإعداد خدام كنائس بالمهجر لإطلاعهم على الثقافات المختلفة في الدول الأوروبية وأمريكا وكندا، مُعتبرًا أن إقامة قنوات للحوار مع الشباب أمر ضروري، وكذلك يدعو المسيحيين إلى الاندماج في المجتمع من خلال التعليم ووسائل الإعلام.
تم تجليسه كبابا للإسكندرية وبطريرك للكرازة المرقسية في قداس الأحد 18 نوفمبر 2012 برئاسة القائم مقام البطريرك الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية، وباشتراك كافة أعضاء المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية ومشاركة وفود من كل الكنائس في مصر والعالم.
خليفة البابا شنودة
في البداية لا بد أن نعترف أن أي بطريرك كان سوف يجلس على الكرسي خلفًا للبابا شنودة وبعد 40 عامًا سوف يتعرض لظلم كبير. وهذا لعدة أسباب، على رأسها الشخصية الكارزمية وزعامة البابا شنودة بما يمتلكه من مواهب متعددة في الوعظ وإلقاء الشعر والفكاهة وسرعة البديهة – خلطة متميزة للشخصية التاريخية كما هي مرسومة في الكتب – وأسباب أخرى تعود للظروف التاريخية التي تعرض لها البابا شنودة، وحولته إلى رمز بطولة عند الأقباط أهمها تحدي الرئيس السادات، واعتقاله في دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون – والتي أطلق عليها سنوات التحفظ- هذا من ناحية.. ومن ناحية أخرى هناك أمور تتعلق بشخصية البابا تواضروس الثاني والتي لم تتكون صورته العامة حتى الآن إلا أنه في موضوع الوعظ مثلا يسير عكس البابا شنودة تماما فالبابا تواضروس يلقى محاضرة ولا يعظ، وهناك فرق واضج بين أن تحاضر وأن تعظ. والمحاضرات تخاطب من بين الأقباط مثقفي الطبقة الوسطى.. وهنا يسقط تمامًا من حاسبته؛ بسبب تخطيط المحاضرة واللغة المستخدمة نسبة كبيرة من الشعب القبطي الجاهل، والذي كان ينتظر عظة البابا ليستمع إلى حكاية أو قصة أو نكتة، وهي أدوات في الوعظ لا يستخدمها البابا تواضروس ولا يعول عليها، وبالتالي تسببت في نفور هذه الفئة من الشعب من عظة الأربعاء. وهذه الفئة كانت تنتظر عظة البابا شنودة باشتياق ولهفة؛ لأنه يستخدم مبدأ (خاطبوا الناس على قدر عقولهم) كما أن جزءًا كبيرًا منهم كان يذهب من الساعة الثالثة عصرًا أي قبل بدء العظة بنحو أربع ساعات لمجرد رؤية البابا، وهناك كنائس في الصعيد كانت تضع عظة الأربعاء ضمن جدول رحلاتها لزيارة كنائس القاهرة ورؤية البابا شنودة!! ولكن اهتمام البابا تواضروس بالإطار الأكاديمي للمحاضرة والبعد عن العظة يجعلنا نتساءل عن المسئولية الرعوية عن الفئة الأمية التي هي أيضًا من رعيته، وتحتاج إلى خطاب قريب إلى عقولها وفهمها ومستوى تعليمها. والتي قد يؤدي انسحابها من عظة الأربعاء إلى البحث عن وعاظ شعبيين أو وعاظ تليفزيونيين أصبحوا يقلدون البابا شنودة، سواء في فقرة الأسئلة التي ألغاها البابا تواضروس وحَوَّلَها إلى برنامج تجمع فيه الأسئلة المتشابهة، يسبقه تحضير يظهر على طريقة إلقاء المذيعين للأسئلة على عكس فكرة طرح السؤال مباشرة، والتي أصبحت سمه عامة في المحاضرات والندوات، ولكنها أيضًا كانت تظهر الموسوعية الثقافية واللاهوتية والعقائدية التي كان يتمتع بها البابا شنودة حتى وهو يهرب من إجابة أحد الأسئلة ببيت شعر أو نكتة. وبالطبع لا يمكن أن يكون البابا تواضروس نسخة كربونية من البابا شنودة، فقداسته وقد مر عامين على جلوسه على سدة مارمرقس في مرحلة رسم صورته الخاصة به. نحن فقط نحاول أن نضع بعض الخطوط والملاحظات في مرحلة انسلاخ الكنيسة من أسلوب زعيم إلى أسلوب مؤسسة وكثيرون على المستوى الشخصي يروقهم كثيرًا أسلوب محاضرة البابا تواضروس، ولا يقبلون أبدًا إلقاء النكت أثناء الوعظ بالآيات المقدسة، وانتقدوا تجميع نكت البابا شنودة في شريط كاسيت صدر بعنوان (اضحك مع البابا شنودة)، ولن يكون هذا هو الحل لجذب المزيد من المستمعين للعظة فقد يكون الحل استخدم أكثر للقصص والأمثال واللغة العامية. وفي إطار وضعنا للملاحظات يجعل البابا تواضروس البعض يتساءل حول دور الأنبا بولا والأنبا آرميا السياسي، خاصة وقد ظهر بوضوح توجيههم للناخبين كما يتساءل الأقباط عن سر السفر المتكرر للبابا في وقت يشكو فيه الأقباط ضيق ذات اليد؟ خاصة السفر إلى بلاد لا يوجد عدد كبير من الأقباط بها مثل فنلندا والدول الإسكندنافية. وغيرها. كذلك يتساءل الأقباط حول عدم اهتمام البابا بطبع كتبه بشكل شعبي، كما كان يفعل البابا شنودة الثالث– أي يوفرها بسعر متاح رغم وجود مطبعة الأنبا رويس – ولم يطبع من كتبه سوى كتاب صغير بعنوان (هذا إيماني)، على الرغم من وجود سلسلة مهمة له بعنوان مفاتيح العهد الجديد يقدم فيها تفسير مبدع للكتاب المقدس – ولم يسافر إلى إيبارشيات الداخل ويمكث بها كثيرًا، ويقال: إن هذا يرجع إلى الحفاظ على أمنه الشخصي، خاصة وأن هناك خطورة على حياته ترجع لظهوره في الصورة يوم بيان 3 يوليو بعد ثورة 30 يونيو العظيمة. وبعد أن تم حرق نحو 86 كنيسة ومنشأة مسيحية، الأمر الذي اعتبره بعض الأقباط مع حوادث الخطف والاعتداء على الأراضي خاصة في محافظتي المنيا وأسيوط عددًا ضخمًا في مدة قصيرة – بمقارنة وقوع 167 حادثًا طائفيًّا في حبرية البابا شنودة الثالث الذي جلس على الكرسي 40 عامًا.
اهتمامات البابا المستقبلية
يرى البعض في شخصية البابا تواضروس اهتمامًا كبيرًا بالطفولة، ويقوم البابا بنفسه بحكي قصص للأطفال تحتوي على حكم وتجارب بأسلوب جميل ومدهش، وسبق وأعلن البابا بأنه يريد تأسيس أول اسقفية للأطفال، وهو أمر رائع بكل المقاييس ولكن لم يدخل في الحيز العملي حتى الآن.
قضايا صادمة
من منطلق علمي أثار البابا تواضروس خلال الثلاث سنوات الماضية الكثير من الجدل في القضايا الصادمة؛ حيث قام بتجديد سر الميرون – زيت كنسي- يصنعه الأساقفة؛ حيث استخدم العلم ككيميائي في استخدام الزيوت بدلًا من الطرق القادمة في الحصول عليها عن طريق الغليان، الأمر الذي استفز أصحاب التقاليد في الكنيسة القبطية، والذين لا يعترفون بأي تغيير يناسب العصر حفاظًا على التقاليد. كما قام البابا بالتأكيد على أن سكان رهبان دير أبو مقار السكندري بالفيوم ليسوا رهبانا، وأنه ليس ديرًا، الأمر الذي أغضب الأقباط بشدة. وآخر القضايا الصادمة صلاته مع كنيسة لوثرية برئاسة امرأة وهي كنيسة تجيز رسم الشواذ قساوسة في السويد، الأمر الذي ما زال مطروحًا كقضية مخالفة لكل تقاليد وقوانين الكنيسة.
الإصلاح
هناك من يرى في البابا مصلحًا كبيرًا يهتم بالتعليم والأطفال والانفتاح على الآخر، وهو الأمر الذي يجدد دم الكنيسة، كما أنه أمر مؤسسي يحتاج لسنوات لجني حصاده.