مع تخاذل المجتمع الدولي.. ليبيا على أعتاب "التفكك"

الخميس 05/نوفمبر/2015 - 12:08 م
طباعة مع تخاذل المجتمع
 
يبدو أن المجتمع الدولي بدأ يفقد الأمل، في بعثة الأمم المتحدة، لعدم تطور ملحوظ في الحوار الليبي، بل بالعكس فالأمر يزداد تعقيدًا يوما عن الآخر، وبات المجتمع الدولي يبحث جاديًّا، كيفية خروج ليبيا من أزمتها الحالية.
مع تخاذل المجتمع
يأتي ذلك بعد محاولات عديدة للمبعوث الأممي برناردينو ليون، في إيجاد حل للخروج من الأزمة التي تشهدها البلاد، وأعرب الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن ندمه بخصوص ليبيا، واعترف بأنه سلك الطريق الخطأ. 
وفي أغسطس 2014 نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن أوباما قوله: "لم نُقَدِّر المسألة حق قدرها.. كان يجب علينا أن نبذل جهدًا أكثر لإعادة بناء المجتمع"، وهو ما تتأكد صحته يومًا بعد يوم، ومع كل فشل جديد تخرج به المساعي العربية والدولية والأممية لحل هذه الأزمة المتصاعدة.
المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، فقد أي أمل في نجاح جهود الأمم المتحدة، ومبعوثيها إلى ليبيا، للبحث عن طرق لتدارك هذا الخطر.
وأرجع خبراء بالمعهد أسباب ذلك إلى أن الفشل الذي لحق بنجاح الحوار الليبي، هو القوى الدولية التي تدخلت في 2011 لإسقاط نظام العقيد معمر القذافي، دون أن تكون لها رؤية طويلة المدى لتطور الأوضاع.
الخبير في شئون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بن فيشمان، دعا إلى البحث عن زوايا جديدة للنظر في الحلول الممكنة للأزمة الليبية، دون الاكتفاء بإلقاء اللوم على الجهات الغربية وتحميلها مسئولية انهيار أسس الدولة الليبية.
يدعم رؤيته هذه من خلال تحليل ما جاء في كتابين صدرا حديثا، الأول يحمل عنوان "الثورة الليبية وما تبعها"، لبيتر كول وبراين ماك كوين، والثاني بعنوان "الانتفاضات الليبية عام 2011، والنضال من أجل مستقبل ما بعد القذافي"، لجايسون باك، حيث ينتقد الكتابان "الرؤى المفرطة في التبسيط" التي تحمل المؤسسات الغربية مسئولية ما حصل في ليبيا وتتغاضى عن مسئولية الليبيين أنفسهم في ما يحصل وتعقّد حل أزمة بلادهم وتشكيل مستقبلهم.
ويشير بن فيشمان إلى أن المؤلفين اعتمدوا في تحليلاتهم على نظرة ميدانية لما يجري؛ حيث يؤكد كل من بيتر كول وبراين ماك كوين، أن كل المساهمين في كتاب ”الثورة الليبية وما تبعها” قضوا ثلاثة أشهر في إنجاز عمل ميداني في ليبيا حول هذا الموضوع؛ ونفس التوجّه يؤكّده أيضًا جايسون باك الذي اعتمد فيه على المجتمعات المحلية والجهات الفاعلة في ليبيا.
ويرى متابعون أن الأمر بات واضحًا، بأن الاتفاق السياسي وتوحيد الحكومتين سيسبب مزيدًا من الشقاق والانقسام.
مع تخاذل المجتمع
ديرك فانديفال، مؤرخ الأحداث في ليبيا، يشير إلى أن الفرصة كانت سانحة لإعادة هيكلة المؤسسات السياسية والاجتماعية وإعادة تشكيلها قبل التفكك، رغم أن القوى المختلفة في البلاد التي كانت مرتبطة بدوائر خارجية وأخرى إقليمية وثالثة راعية للحركات الإسلامية، لكن للأسف في ليبيا ما بعد الثورة، ما زال السباق غير مهيأ لمرحلته النهائية.
وتشهد ليبيا منذ الإطاحة بمعمر القذافي، حالة من الانشقاق، ما بين حكومتين وبرلمانين وجيشين: واحدة في طبرق معترف بها دوليا، والأخرى في طرابلس وهي المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين.
وفي تخاذل واضح منهم استند الغرب بشكل كبير إلى الأمم المتحدة للمساعدة في إعادة إعمار ليبيا.
ويقول الكاتب الليبي أحمد إبراهيم الفقيه: إن برناردينو ليون نفسه يقول: إن هناك توافقًا من كل الأطراف على مخرجات الحوار، على الأقل من حيث المبدأ، ولا وجود لاختلافات جوهرية، وإنما تعديل بسيط في بعض المسائل الشكلية والإجرائية، وهو قول له ما يبرره، وأيدته تصريحات لمتكلمين باسم الكيانات السياسية الليبية مثل البرلمان وجماعة فجر ليبيا والحراك السياسي في مصراتة وأغلبية المنتمين إلى المؤتمر الوطني العام السابق.
ويؤكد على أن هناك تيارًا قويًّا يؤيد الوصول إلى اتفاق يخرج البلاد من أزمتها، ويضعها على طريق المصالحة وبناء المؤسسات، وهو تيار يدعمه ما لا يقل عن تسعة أعشار الشعب الليبي، ولكن هناك أيضًا أصوات ترتفع بإعلان العداء للمصالحة، والمجاهرة بتخريب أي جهد للوصول إلى سلام، وتحتج على بعثة الأمم المتحدة لأنها لا تتمتع بالنزاهة والأمانة، وأنها أداة لتنفيذ أجندة أجنبية، وأنها تتحيز لجهات دون أخرى، خدمة لمصالح قوى استعمارية وإمبريالية، وهو كلام لا يخدم قضية الوطن، ولا يفعل سوى أن يضع العصي في دواليب المصالحة والسلام، ويعمل على استمرار حالة الفوضى، ربما لصالح جماعات لا تستطيع أن تعيش إلا في هذا المناخ الذي يُغَيِّب فيه القانون وتغيب فيه سلطة الدولة، ويُبْقي المجال فسيحًا لأهل الجريمة وعصابات المافيا المحلية والدولية، تعمل دون حساب ولا عقاب.
مع تخاذل المجتمع
ويشير الكاتب الليبي إلى أن ناقوس الخطر يدق، وبالأخص عقب التقارير التي تقول بأن حجم الجريمة في البلاد يزداد بوتيرة يومية وسريعة، وعمليات سطو تتم كل دقيقة في العاصمة، وعمليات خطف تتم بنفس المعدل وقتل على الهوية، وصار صعبًا أن يتنقل الناس بين المناطق والمدن، وأصبحت البلاد في حالة انهيار يستفحل كل يوم، والبطالة تزداد، والخزانة العامة على وشك الإفلاس، والناس يفرون من البلاد إلى حياة خارجها كلها ضنك ومعاناة، وإذا لم يصل أهل الحراك السياسي إلى إقرار مشروع الحل الموجود الآن على الطاولة، وحكومة الوحدة الوطنية التي تم اقتراحها، فإن الوطن سيضيع ضياعًا قد لا يعود بعده إلى أن يكون وطنًا.
وفي حال عدم وصول الأطراف المتنازعة إلى إقرار مشروع حكومة الوحدة الوطنية التي تم اقتراحها، فإن الوطن سيتفكك وتَصْعُب عودته مجددًا.

شارك