حزب النور يتخلى عن "النقاب" من أجل الانتخابات البرلمانية!
الإثنين 16/نوفمبر/2015 - 02:02 م
طباعة

كثيرة هي المواقف غير المتزنة وغير المبررة التي يتخذها حزب النور، والتي كثيرًا ما تدل على عدم الخبرة والانتهازية السياسية وعدم الدراية الدينية في وقت واحد، ومن بين هذه المواقف موقف الحزب والدعوة السلفية من "النقاب" فحينما أصدر الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة قرارًا بمنع أعضاء هيئة التدريس من ارتداء النقاب، خرج علينا المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية المهندس عبد المنعم الشحات مؤيدًا للقرار، بما يتنافى ومرجعيات الرجل الدينية والتي تلزم المرأة بالنقاب، وقال الشحات: «الطالب لازم يشوف شفايف المُدرس اللي بيعمله، والقرار تنظيمي للعملية التعليمية وقاصر على المدرج فقط»، بحسب قوله.
وقال «الشحات» في مداخلة هاتفية لبرنامج «البيت بيتك»، على قناة «TEN»، مساء الأربعاء 30 سبتمبر 2015: إن قرار جامعة القاهرة بمنع ارتداء المدرسات بالجامعة النقاب، أثناء إلقائهن المحاضرات، لا يتعارض مع الشريعة والدستور، طالما اقتضى المصلحة العامة.
وأضاف «الشحات»: «هناك مواد كتعليم اللغات الأجنبية ييحتاج الطالب إنه يشوف شفايف المدرس علشان يعرف النطق الصحيح، وده مفيهوش مشكلة، ففي هذه الحالة القرار تنظيمي للعملية التعليمية«.
وأوضح: «طالما أن القرار مقيد بخلع النقاب داخل المدرج فقط وليس بشكل عام كي يتواصل الطلاب مع المدرسات، فأصبح الأمر أكثر وضوحًا».
ولم يمر أسبوع على هذا التصريح من الشحات إلا وتراجع عن تأييده للقرار الذي أصدره الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، بمنع المدرسات المنتقبات من التدريس داخل الجامعة، والتي أثارت دهشة واستغراب شباب التيار السلفي والدعوة السلفية، ويرجع موقف الشحات إلى الهجوم الذي شنه شباب الدعوة السلفية والتيار السلفي على المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث أعلن الشحات تراجعه التام عن تلك الفتوى، وأعلن الشحات تمسكه بالنقاب داخل الجامعات، واستنكر تصريحات جابر نصار، وأكد "أنه يجب على الجميع أن يعلم أن زمن التمييز ضد المنتقبات ولّى دون رجعة"، في إشارة منه إلى أن الدعوة السلفية لا تريد من هذا أي موقف سياسي ولا اجتماعي، وإنما تريد أن يأخذ كل ذي حق حقه.
وأيّد الشحات البيان الذي أصدرته عضوات هيئة التدريس المنتقبات في الجامعة، للرد على قرار رئيس جامعة القاهرة، مؤكدًا أنه بيان جيد وقوي ومتفق في الجملة مع ما اتخذته الدعوة من خطوات جراء هذا القرار.
ليس هذا فقط بل وطالب الشحات حينها في بيان له، رئيس جامعة القاهرة بإلغاء قرار منع المنتقبات من التدريس داخل الجامعة، وليس مجرد تقييده، متضامنًا بذلك مع البيان الذي أصدرته عضوات هيئة التدريس المنتقبات، وأن يبدي تفهمه لمعالجة أي مشكلة خاصة، وأن يقوم بإجراءات تحقق المقصود من العملية التعليمية ولا يخل بالحق الشرعي والدستوري لعضوات هيئة التدريس المنقبات في ارتدائه.
هذا الموقف الذي تغير مرة أخرى وتحديدًا بعد فشل حزب النور في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية، فمن أجل الانتخابات ومحاولة التعويض في الجولة الثانية حرصت قيادات حزب النور والدعوة السلفية على إقناع القيادات النسائية بالحزب بأن الضرورات تبيح المحظورات، وأنه لا مانع من كشف وجوههن أمام القضاة في اللجان التي لا يوجد بها سيدات؛ وذلك بهدف حث الناخبات على المشاركة بكثافة في المرحلة الثانية من الانتخابات، بعد عزوفهن في المرحلة الأولى حتى يتمكن الحزب من الحفاظ على الهوية والبقاء.

وجاءت ردود الأفعال حول هذا الموضوع متباينة إلى حد كبير، فقد أكد الدكتور عبد الغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبي، أن الخطوات التي يأخذها حزب النور في سبيل البقاء على الساحة السياسية المصرية عن طريق التنازل عن عدد من أفكاره الراسخة في منهجه خطوة إيجابية.
وأضاف أن الأوضاع السياسية القائمة تفرض على كل الأحزاب بشكل عام التنازل عن جوانب من آرائهم وأفكارهم، مشيرًا إلى أن إقدام «النور» على تغيير موقفه من المرأة خطوة في صالح المجتمع المصري الذي يحتاج إلى قوى سياسية معتدلة.
وذكر رئيس التحالف الشعبي أن ما يقوم به حزب النور حاليًا أساسه محاولة التوافق مع الأوضاع الحالية، وهذا يدل على أن الحزب في طريقه إلى التكيف مع المجتمع، وتوقع أنه أن استمر فترة طويلة سوف يتعلم ويقدم المزيد من التنازلات وسيكون جزءًا من المجتمع المصري المعتدل

كما أشاد الدكتور سعد الدين إبراهيم، مدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، بموقف النور الأخير، مؤكدًا أن تنازل الحزب عن عدد من الأفكار الأساسية في منهجه خطوة جيدة.
وأشار إلى أن السياسة في الأساس هي حوار سلمى قائم على التوافق وتقديم تنازلات متبادلة، وبالتالي فإن إدارة الصراع السياسي تتم بصورة سلمية.
وأوضح أن حزب النور يرغب في أن يكون فاعلًا ومقبولًا على الساحة السياسية المصرية، وبالتالي فإنه يقدم بعض التنازلات مثل إقناع قواعده النسائية بضرورة المشاركة في المرحلة الثانية من الانتخابات، وكشف وجوههن أمام القضاة في اللجان التي لا يوجد بها سيدات، مؤكدًا أنها خطوة لا بأس بها وبداية طيبة لهذا الحزب الذي يمكنه أن يتحدث باسم الشارع الإسلامي ولكن بشكل معتدل وبلا إرهاب.
ويرى الدكتور إيهاب الخراط، مرشح حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، بدائرة مدينة نصر، أن تنازل حزب النور عن عدد من الأفكار الأساسية في منهجه يُعد تطورًا في اتجاه الديمقراطية والمدنية الحديثة، وخطوة جيدة للاندماج في المجتمع المصري، مُشيرًا إلى ضرورة أن يتبع هذه الخطوة عدة خطوات جوهرية أخرى.
وأكد أن هذه الخطوات الجوهرية تتضمن ضرورة تبنى حزب النور للديمقراطية كفلسفة وليست كإجراءات، مؤكدًا أنه هذا لم يحدث حتى الآن، فضلًا عن الاعتراف بحقوق متساوية لكل المواطنين باختلاف جنسهم ودينهم.
وأكد «الخراط» ضرورة الاعتراف بمفهوم الدولة الوطن كإطار للسلطة والتخلي عن مفهوم الخلافة، إلا باعتبارها رابطة عامة تجمع الدول الإسلامية، بالإضافة إلى تخلى قيادات الحزب عن خطاب الحض على الكراهية والطائفية وتحديد الحزب للصلة بين الدين والسياسة.

وعلق شهاب وجيه، المتحدث باسم حزب المصريين الأحرار، على تنازل حزب النور الذراع السياسية للدعوة السلفية عن ثوابته من أجل السياسية، قائلا: إن حزب النور أمامه اختيارين، إما يستمر في التحول التدريجي والانسلاخ من أفكاره، أو بقاؤه في إطار الأفكار الظلامية.
وأضاف «وجيه» أن حزب النور حال تحوله تدريجيًا ليصبح حزبًا عاديًا، سيفقده مؤيديه السلفيين ويصبح ضعيفًا، وحال تمسكه بأفكاره الظلامية لن يجد له مستمعين أو مؤيدين ولن ينال أو يحظى باهتمام أحد.

بينما قال عبدالرحمن صقر، القيادي السابق بحزب البناء والتنمية: إن حزب النور فقد محبي السلفية ووقع في فخ الإخوان وتنازل عن مبادئه في سبيل السياسة.
وأوضح صقر أن قيادات حزب النور لديهم عنجهية وغرور الإخوان والحركة الإسلامية، وعليهم إعادة هيكلة أنفسهم، وفك الارتباط بين الحزب والدعوة السلفية.
كم أكد ربيع شلبي، القيادي المنشق عن الجماعة الإسلامية، أن تراجع حزب النور عن ثوابته بمطالبة المنتقبات بخلع النقاب في اللجان الانتخابية يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن حزب النور والدعوة السلفية جماعة يخلطون الدين بالسياسة فباعوا الدين والسياسية، مؤكدًا أن التخلي عن ثوابتهم يؤكد أنهم يستخدمون منهج الغاية تبرر الوسيلة وأينما تكون مصلحتهم فهذا من شرع الله، حسب زعمهم.
وقال شلبي: إن حزب النور يضحي بكل شيء من أجل مقاعد البرلمان بدليل هذا المطلب الغريب الذي كانوا يتشدقون به ويحاربون من أجله، وأضاف أن عليهم ترك السياسة والعودة إلى الدعوة بعد أن فقدوا مصداقيتهم في الشارع المصري.