أباعود مسؤول تفجيرات باريس.. حانوتي "داعش" وأحد قادتها العسكريين
الثلاثاء 13/نوفمبر/2018 - 07:56 م
طباعة
حسام الحداد
في أعقاب تفجيرات باريس التي وقعت في 13 سبتمبر 2015، برز اسم أحد قيادات "داعش" المدعو عبد الحميد أبا عود، أنه العقل المدبر للهجمات التي راح ضحيتها 129 قتيلاً ومئات الجرحى، وأبا عود إرهابي متطرف دموي، معروف لدى أجهزة المخابرات الأوروبية، ويبلغ من العمر 27 سنة، من أصل مغربي، لكنه بلجيكي الجنسية ابن طبقة متوسطة مهاجرة عاش في حي مولينبيك الشعبي.
ورغم أنه عاش حياة مادية مستقرة، بل حقق نجاحا في التجارة، تم الحكم عليه بالسجن في بلجيكا في 2010 لإدانته بسرقة أسلحة، ويقول والده عمر أبا عود إنه لا يعرف كيف ومتى تحول نجله إلى التطرف، غير أنه رحل فجأة إلى سوريا عام 2013.
اللافت أن تقارير متخصصة تقول إنه لم يكن عنصرا بارزا في التنظيم، حيث لم تتعد مهمته في البداية دفن من يعدمهم "داعش"، إلا أنه ترقى إلى قيادي عسكري لمقاطعة دير الزور شرق سوريا، وأصبح همزة الوصل بين داعش في سوريا والعراق وعناصر التنظيم والمتعاطفين معه في أوروبا، وفقا لأجهزة مكافحة الإرهاب الأوروبية، حيث واجه حكماً غيابياً بالسجن عشرين سنة في يوليو 2015 في بروكسل، بتهمة تجنيد بلجيكيين للقتال في سوريا، قالت تقارير إعلامية إنه يشتبه في ضلوعه في الهجوم على مجلة شارلي إيبدو في فرنسا.
تعرفت عليه المخابرات الأوربية، بعد ظهره في مقاطع فيديو مبتسما بعد مشاركته في عمليات غاية الدموية، لكننا لم نتمكن تحديداً من حسم أسباب تحوله المفاجئ ووصوله إلى منصب القائد العسكري، إلا أن مصدر أمني فرنسي قال في تصريحات صحافية إن سلاح الجو الفرنسي قام في أكتوبر الماضي، بشن غارة على معسكر لتنظيم "داعش" في الرقة، في محاولة لقتل أباعود بعد ورود معلومات حول وجوده فيه، لكن الغارة فشلت في تحقيق الهدف.
مجلة "دابق" التي يصدرها تنظيم "داعش" تباهت في فبراير 2015، بقدرة أباعود على التنقل بين سوريا وأوروبا دون مشاكل، وزعم أباعود وقتها في المجلة إنه عاد سرا إلى بلجيكا مع اثنين آخرين، وأن ضابطا استوقفه وتأمل فيه مقارنة بينه وبين صورة معه، لكن الضابط تركه يذهب، لأنه لم ير شبها بينه وبين الصورة.
وزير داخلية فرنسا، برنار كازنوف، قال الخميس الماضي 19 نوفمبر 2015، مقتل عبد الحميد أباعود، المشتبه في أنه العقل المدبر لهجمات باريس الدامية، وقال إن قوات الأمن الفرنسية، قتلت أباعود أثناء العملية التي أجرتها القوات في ضاحية سان دوني، شمالي باريس، الأربعاء الماضي 18 نوفمبر 2015، وأكد أن أباعود لعب دورا حاسما في هجمات باريس، كما كان له يد في غيرها من أعمال الإرهاب، وكان ضالعا في أربع من ست هجمات أحبطت في فرنسا منذ الربيع الماضي.
كيف ضلع أباعود في تفجيرات باريس؟
وكما أوضحنا أن أباعود برز اسمه بعد تفجيرات باريس، إلا ان السؤال "كيف تمكن أباعود من دخول فرنسا والتنقل بحرية في أوروبا؟"، مصدر من الشرطة الفرنسية قال إن المدبر المفترض لاعتداءات 13 سبتمبر عبد الحميد أباعود رصدته كاميرات محطة المترو في مونتروي (الضاحية الشرقية لباريس) ليلة تنفيذ الاعتداءات.
وذلك يثبت أولاً أن أباعود قتل في مداهمة للشرطة في سان دوني، وأنه كان على مقربة من المكان الذي تركت فيه سيارة (سيات) سوداء استخدمتها مجموعة من ثلاثة رجال فتحوا النار على مقاه ومطاعم خلال الاشتباكات.
وأقر رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس بأن السلطات لا جواب لديها. أما وزير الداخلية برنار كازنوف فقد أعرب عن الأسف بـ"عدم نقل أي معلومات من دول أوروبية" إلى باريس حول الموضوع، وتبلغ المحققون بأن أباعود موجود في فرنسا بفضل معلومات استخباراتية من المغرب.
الخيط الأبرز الذي جعل المحققين حسب التسريبات والتحليلات المتداولة، فلم يكن سوى الجواز الذي عُثر عليه في محيط ملعب الكرة باسم المحمد "اللاجئ" السوري عند البعض والفلسطيني عند البعض الآخر، ولكن الأهم في هذا الملف ليس الجواز ولا أشلاء الانتحاري التي لن تقدم الكثير للمحققين في الوقت الراهن، ولكن مرافقه الغامض والمجهول، الذي وصل معه إلى اليونان نقطة دخول الانتحاري إلى اليونان، وسجل نفسه معه واشترى بعد ذلك تذكرة للشخصين للسفر من ليروس اليونانية إلى العاصمة أثنيا، والتي يرجح الكثير من المحققين إنه أباعود.
من هو أباعود؟
- أباعود - اسمه الحركي، أبو عمر البلجيكي – وتقول تقارير إنه انضم إلى تنظيم "داعش" أوائل 2013، وهناك غموض بشأن المكان الذي كان موجودا فيه قبل مقتله (سورية أم العراق)، إذ زعم تنظيم "الدولة الإسلامية" أنه كان في سوريا، ورجحت تقارير أن يكون التنظيم قد كذب فيما يتعلق بمكان أباعود لصرف الأنظار عنه عقب الهجوم على مقر مجلة "شارلي إبدو" وأنه كان موجود في بلجيكا.
- نشأ أباعود، البالغ من العمر 28 عاما، في مدينة بروكسل، في حي مولينبيك المعروف بساكنيه من المهاجرين العرب، الذين يعانون من البطالة، وازدحام المساكن، وهو شريك لصلاح عبد السلام، المشتبه به في هجمات باريس والذي تمكن من الفرار والذي فجر شقيقه إبراهيم نفسه في الهجمات، وسجنا أباعود وصلاح عبد السلام في بلجيكا في 2010 لإدانتهما بالسطو المسلح.
- من الصعب رصد متى أصبح أباعود متشددا، إذ تُفيد وكالة أنباء "أسوشيتد برس" أنه درس في أفضل مدارس بلجيكا الثانوية، وهي مدرسة "سان بيير دوكل"، إلا أنه الثابت أن كان على صلة بمهدي نموش، وهو متشدد جزائري – بلجيكي، قتل أربعة أشخاص في متحف يهودي في بروكسل مايو 2014.
- قال أباعود في مقابلة مع مجلة "دابق" التي يصدرها "داعش" بالإنجليزية، إنه عاد سرا إلى بلجيكا مع اثنين آخرين، وإنهم أنشأوا "منزلا آمنا" هناك، بينما كانوا يخططون لتنفيذ "عمليات ضد الصليبيين".
- أقنع أباعود شقيقه يونس البالغ من العمر 13 عاما باللحاق به في سوريا، وتناقلت الوكالات صوره وهو يحمل بندقية أوتوماتيكية أطول منه، مطلقة على الصبي المغربي الأصل لقب "أصغر جهادي" في التنظيم، كما ظهرت صور له وهو يحمل أسلحة رشاشة إلى جانب أخيه الأكبر في محافظة الرقة شمال سوريا.
- وتقول وسائل إعلام إن أباعود هو العقل المدبر لخلية إرهابية فككتها الأجهزة الأمنية البلجيكية يناير الماضي بمدينة "فيرفيه"، إلا أن أثره اختفى من وقتها عن كل رصد أمني أكثر من 10 أشهر.
- على أثر تفكيك خليته في بلجيكا، اعتقلت اليونان 4 على الأقل في أثينا بطلب من السلطات البلجيكية، التي تعتقد أنه فر إليها في يناير الماضي، وحققت معهم وبهوياتهم، سعياً لمعرفة إن كان عبدالحميد بينهم أو كان أحدهم على اتصال به ويعرفه، إلا أن سعيها كان بلا طائل، فظل أباعود فارا وغائبا عن الأنظار، فيما اعتقلت بلجيكا شبكة من متطرفي خليته في جهات عدة من البلاد في بلجيكا، وقامت بحملة ضد آخرين فيها، قتلت منهم اثنين في "فِيرفييه" على حد ما أوردت السلطات البلجيكية التي عززت تدابيرها الأمنية بنشر 300 عسكري في مواقع حساسة كانت تعتقد أنها معرضة لتهديدات، من بينها معابد يهودية.
- من بين مقاطع الفيديو الت رصدت إلى أباعود ظهره مرة في فيديو وهو يقود سيارة تسحب إلى إحدى الحفر 4 جثث، مثل بها "دواعش" الرقة في سوريا، لذلك عرف من وقتها بحانوني "داعش".
- في إحدى المرات، تم رصد وتحديد موقع هاتفه الجوال في اليمن، حيث أجرى مكالمات بشقيق أحد المتطرفين البلجيكيين المشتبه بهما أيضا، وهما رضوان حجاوي وطارق جدعون، اللذين عادا العام الماضي من سوريا وقتلا أثناء هجوم الشرطة على مخبأهما في يناير هذا العام بمدينة "فيرفييه"، حيث تم تفكيك خليته.