السجن الانفرادي لـ"فؤاد بلقاسم".. هل تنجح بلجيكا في مواجهة الإرهاب؟

الإثنين 23/نوفمبر/2015 - 02:29 م
طباعة السجن الانفرادي لـفؤاد
 
في إطار إجراءاتها الأمنية من أجل الحفاظ على الأمن القومي للبلاد، وأيضًا ملاحقة المتهمين في تفجيرات باريس، أمرت إدارة السجون البلجيكية سجن أنفرس، بعزل الزعيم السابق لمنظمة "الشريعة من أجل بلجيكا" الإرهابية المحظورة، فؤاد بلقاسم.

فؤاد بلقاسم

فؤاد بلقاسم
فؤاد بلقاسم (32 سنة)، الملقب بأبو عمران، شاب مغربي من أصل بلجيكي، نشأ وترعرع في مدينة "بووم" بمقاطعة "أنفرس" شمال بلجيكا، متزوج وأب لطفلين، شخص لم يختف عن رادار أجهزة الأمن البلجيكية، فهو معروف لدى الشرطة بسوابقه القضائية منذ صغره، قبل أن يتحول إلى التطرف، وقد أدين بالسرقة والسطو في عام 2002 و2004 و2007، وهو مطلوب بتهريب مخدرات من قبل السلطات المغربية كما أدين بالسجن في 2012.
وتعتبر نقطة تحول بلقاسم من الانحراف إلى الراديكالية، حدث عقب لقائه في سنة 2010 بالمتشدد الإسلامي "أنجيم شودري" الإنجليزي الجنسية، والباكستاني الأصل؛ حيث أبدى "شودري" عزمه تطبيق الشريعة في بلجيكا عبر إنشاء فرع له هناك. وبعد شهرين من اللقاء، أسس "فيصل يامون"، الذي قتل لاحقًا في سوريا، وفؤاد بلقاسم تنظيم "الشريعة من أجل بلجيكا"، هذا الأخير سيصبح فيما بعد المتحدث الرسمي والزعيم الروحي للتنظيم .
في مارس 2010 كان أول ظهور إعلامي للتنظيم وعبره بلقاسم؛ حيث قام أفراد التنظيم بإلغاء محاضرة للكاتب الهولندي Benno Bernard بجامعة أنفرس. 
وأكد أبو عمران خلال ذلك اللقاء أن "الإسلام جاء ليحكم بلجيكا، وإن كان هناك أشخاص غير متفقين مع هذا الرأي، فليرحلوا، أو يحرقوا أنفسهم في جهنم، رفعت الأقلام وجفت الصحف".
وفي فبراير 2015 قضت محكمة بلجيكية على زعيم تنظيم "الشريعة من أجل بلجيكا " بالسجن 12 عامًا، كما حكمت على 44 عضوًا آخر في التنظيم بمدد مختلفة تراوحت بين 3 و15 سنة، كما قضت بوقف التنفيذ في بعض الأحكام في أكبر محاكمة من نوعها يشهدها البلد.
واتهم بلقاسم بنشر الإرهاب في بلجيكا والخارج، وفي تسفير المجندين إلى سوريا والعراق، عن باقي السجناء وفرض "النظام الأمني الخاص"، لمنعه من التأثير في رفاقه من المسجونين، أو تسريب معلومات خطيرة إلى شبكات المتطرفين في بلجيكا، بمناسبة الطوق الأمني المشدد المفروض على البلاد بعد هجمات باريس وإعلان الطوارئ في بروكسل.
ويقول مسئولون بلجيكيون: إن نحو 450 بلجيكيًّا توجهوا للقتال في سوريا والعراق، وهو رقم يمثل أعلى نسبة في أوروبا إذا أخذ عدد سكان كل بلد في الحسبان.
ويقدر مسئولون أن 10% من المواطنين البلجيكيين الذين توجهوا للقتال في سوريا لهم ارتباطات بتنظيم "شريعة من أجل بلجيكا".

لماذا السجن الانفرادي؟

لماذا السجن الانفرادي؟
يأتي قرار السجن الانفرادي لمنع بلقاسم من التأثير في رفاقه من المسجونين، أو تسريب معلومات خطيرة إلى شبكات المتطرفين في بلجيكا، بمناسبة الطوق الأمني المشدد المفروض على البلاد بعد هجمات باريس وإعلان الطوارئ في بروكسل.
وسادت حالة من الجدل في الأوساط السياسية والحزبية والإعلامية في بلجيكا؛ بسبب المخاوف من نشر الفكر المتشدد بين المساجين، وظهرت مخاوف لدى السلطات المختصة في العاصمة بروكسل من وضع الأشخاص المدانين في قضايا تتعلق بالإرهاب بين المساجين الجنائيين الآخرين.
وقال وزير العدل البلجيكي كوين حينس: «إذا لم يكن هناك خطر من انتشار الفكر المتشدد داخل السجون البلجيكية، فيمكن أن يمضي الأشخاص الذين صدرت ضدهم أحكام في قضية الشريعة في بلجيكا العقوبة بين المساجين الآخرين في سجن أنتويرب».
وأوضح الوزير أنه إذا كانت هناك قناعة بعدم وجود مخاطر لنشر الفكر المتشدد فسنعمل على دمج بعض الحالات مع باقي المساجين، لكن هناك بعض الحالات سيكون فيها خطر التحريض على التطرف «وبالتالي لن نتردد في تطبيق العزل الانفرادي إذا لزم الأمر".
وقالت صحيفة "درنيار أور" البلجيكية الناطقة بالفرنسية نقلاً عن "غازيت فون انتورب" الصحيفة الناطقة بالهولندية في مدينة أنفرس: إن السلطات القضائية تخشى أن يستغل بلقاسم التوتر الأمني والإعلامي الكبير في أوروبا، بعد هجمات باريس، ليستأنف نشاط التجنيد في السجن للوافدين الجدد على منشآت العقاب، مستفيداً من حالة الاحتقان الكبيرة التي تسود البلاد.
وقالت إدارة السجون البلجيكية في تعميمها لسجن أنفرس: إن "المناخ السائد في البلاد، ربما يُشجع بعض السجناء المسلمين على التطرف أكثر وقطع جديدة على طريق الإرهاب، بدفع من زعيم "الشريعة من أجل بلجيكا" السابق، الذي يمكنه أن يتسبب في أضرار إضافية سلبية جداً".
وعليه "مُنع بلقاسم من أداء الصلاة جماعة، وحُرم من النزهة اليومية، والخروج من زنزانته" لأي سبب كان، وفق ما نقلت الصحيفة عن محاميه، الذي يستعد لمقاضاة السجون الفدرالية البلجيكية باسم موكله.
وتعيش بلجيكا حالة تأهب قصوى بعد أن كشفت السلطات عن مخطط لقتل أفراد من الشرطة في شتى أنحاء البلاد . وتخشى الأجهزة الأمنية الأوروبية من احتمال قيام المسلحين العائدين إلى بلدانهم من سوريا والعراق بتنفيذ هجمات في تلك البلدان.

"الشريعة من أجل بلجيكا"

الشريعة من أجل بلجيكا
تنظيم "الشريعة من أجل بلجيكا"، تأسس عام 2010 بهدف فرض الشريعة، وإقامة إمارة أو الدولة الإسلامية في بلجيكا.
أسس التنظيم كلا من "فيصل يامون"، الذي قتل لاحقًا في سوريا، وفؤاد بلقاسم، ويصبح الأخير المتحدث الرسمي والزعيم الروحي للتنظيم .
 وقد حل التنظيم بعد سنتين، ولكن السلطات البلجيكية تعتقد أنه واصل العمل على تجنيد المحاربين وإرسالهم إلى سوريا.
في مارس 2010 أنها قامت بتعطيل الدراسة بجامعة أنتويرب. وفي وقت مبكر من أبريل 2010، أمر وزير الداخلية البلجيكية بوضع المنظمة تحت المراقبة. 
وفي 2011 هددت المنظمة بقتل وزير الدفاع البلجيكي؛ بسبب مشاركة بروكسل في عملية حلف الناتو وإسقاط نظام معمر القذافي.
وفي يونيو 2012 شهد حي مولانبيك في العاصمة بروكسيل، أحداث عنف وشغب؛ بسبب ما قيل عن اعتقال امرأة رفضت خلع نقابها خلال تحقيق مع الشرطة، واعتُبر بلقاسم المحرض الرئيسي على العنف؛ حيث كان قد دعا المسلمين إلى الرد على حادثة احتجاز منتقبة.
هذه الدعوة استجاب لها مجموعة من الشباب، وحاولوا اقتحام مركز الشرطة، وقال بلقاسم خلال مؤتمر صحفي: "خدام الشيطان الذين اعتقلوا أختنا، يريدون شن حرب على المسلمين، لكنهم لن يفوزوا أبدًا في بلجيكا".

المشهد البلجيكي

المشهد البلجيكي
عقب هجمات باريس ومع رعب أوروبي من وقوع هجمات جديدة وفي ظل التغلغل لمتشددين في المدن الأوروبية، بدأت بلجيكا في مواجهة المتطرفين والستار القوي لتنظيم "داعش" في البلاد، بانتفاضة بلجيكية في مواجهة التنظيمات المتطرفة، تنهي حالة هذا التباطؤ الأوروبي في حصار التنظيمات المتشددة في أوروبا والمسئولة عن إرسال المقاتلين إلى سوريا.
فأخيرًا بدأت الحكومات الأوروبية في اتخاذ خطوات جادة، وإن كانت متأخرة؛ حيث أعطت مسئوليها القانونيين الحق الكامل في تجريد المشتبه في انتمائهم لتنظيمات إرهابية من جوازات سفرهم وجنسياتهم، دون أي إشراف قضائي، فهل ستنجح بلجيكا في مواجهة متطرفي "الشريعة من أجل بلجيكا"؟

شارك