بعد اعتذاره عن إسقاط "السوخاوي".. تركيا تتراجع أمام غضبة الدب الروسي
السبت 28/نوفمبر/2015 - 05:40 م
طباعة

رُغم موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأخير، الذي أعرب فيه عن أسفه حيال حادث إسقاط المقاتلة الروسية (سوخوي – 24)، وأعرب عن أمله في ألا يتكرر الحادث، استمرت أجواء التوتر بين روسيا وتركيا، حيث أعلن ناطق الرئاسة الروسية أن طائرات سلاح الجو الروسي تواصل عملياتها الهادفة إلى مساندة عمليات الجيش السوري على عصابات التنظيمات الإرهابية، بعد وقوع حادث "سوخوي 24".
وقال دميتري بيسكوف، ناطق الرئاسة الروسية، للتليفزيون الروسي، اليوم السبت إن الهجوم التركي على طائرة "سو-24" الروسية الثلاثاء الماضي مثّل تحدياً منقطع النظير، مشيرا إلى أن رد فعل روسيا يتناسب مع حجم التحدي التركي، وأكد أن تركيا ألحقت أضرارا لا يمكن إصلاحها بعلاقاتها مع روسيا عندما اعتدت على طائرة روسية من الخلف، وأضاف أنه تم تعليق خط ساخن للاتصالات العاجلة بين روسيا وتركيا أُنشئ من أجل تلافي الحوادث.
الرئيس التركي، الذي جاء خطابه متعجرفاً في الأيام الأولى لإسقاط الطائرة، قال في كلمة القاها خلال اجتماع عقده في (بالق أسير)، اليوم السبت 28 نوفمبر 2015: "لقد أحزننا هذا الحادث كثيرا، إنني في الواقع حزين للغاية جراء ما حدث، نحن لم نكن نريد ذلك، ولكن الأمر قد وقع وآمل في ألا يتكرر، وسنبحث هذه المسألة ونجد لها حلا.

ويبدو أن الرئيس التركي يلمح إلى احتمالية حل أزمة الطائرة، حيث أعلن الكرملين أن الرئيس التركي طلب عقد لقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في باريس خلال قمة المناخ الدولية أواخر الشهر الجاري، حيث قال أردوغان: "أرى أنها ستمثل فرصة سانحة للقاء الرئيس بوتين بما يخدم ترميم العلاقات مع روسيا".
وأدرك أردوغان خطورة الاستمرار في التصعيد مع الدب الروسي، حيث أكد أن المجابهات لن تعود بالفرحة على أحد، إذ أن روسيا تحظى بالنسبة إلى بلادنا بنفس الأهمية التي تحظى بها بلادنا بالنسبة إليها، ولا يمكننا إزاحة بعضنا البعض من الأفق.، لا ينبغي أن يتعمق هذا الوضع إلى ما هو أكثر من ذلك في العلاقات بين البلدين، بما قد يفضي في المستقبل إلى نتائج أشد أثرا، تركيا لم تكن في أي وقت من دعاة التوتر، ولن تدعو إلى التوتر أبدا، نحن نريد مستقبلا آمنا للعلاقات بين البلدين وسوف نتحرك قدما انطلاقا من ذلك.
وتابع: "نحن نقول لروسيا دعونا نبحث هذه القضايا فيما بيننا، ضمن أطر حدودنا، لنجد الحل المناسب"، مشيرا إلى استمرار بلاده في "التعاون مع روسيا على المستوى الدولي، وعبر القنوات الدبلوماسية".
العلاقات بين البلدين شهدت توترا غير مسبوق على خلفية إسقاط قاذفة روسية زعمت تركيا أنها اخترقت أجواءها، فيما يصر الجانب الروسي على كمين نصبه الأتراك للطائرة لدى عودتها من مهمة قتالية في إطار العملية الجوية الروسية لمكافحة الإرهاب في سوريا.

وأعقبت الحادث جملة من التصريحات الروسية المنددة ووصف الرئيس فلاديمير بوتين الحادث بطعنة في الظهر تلقتها روسيا من متواطئين مع الإرهابيين، وممن كانت تعتبرهم شركاء وأصدقاء، فيما تخبطت أنقرة في تصريحاتها وزعمت تارة أنها لم تتعرف على هوية الطائرة، وتارة أنها أنذرتها مرارا قبل إطلاق النار عليها، وهو ما تنفيه روسيا.
وفي أبرز التصريحات للرئيس التركي، أكد أنه حاول الاتصال غير مرة بالرئيس الروسي دون أن يلقى آذانا صاغية، في حين أكد الكرملين أنه لن يجرى أي اتصال مع الجانب التركي قبل الاعتذار الرسمي على الحادث.
من جانبه، قال نائب رئيس الوزراء التركي، نعمان كورتولموش، إن إسقاط الطائرة لم يكن عن قصد، وإن تركيا ما كانت لتسقطها لو علمت أنها روسية، في كلام شبيه لما تحدث به الرئيس رجب طيب أردوغان قبل يوم، وقال "هناك علاقات اقتصادية عديدة مع روسيا، حتى الإعفاء من تأشيرة الدخول هو نوع من العلاقات الاقتصادية. وبسبب حساسية الموقف بين أنقرة وموسكو يمكن اتخاذ بعض التدابير، لكننا نأمل من هذه التدابير ألا تبقى سارية المفعول لفترة طويلة".
ومن جانبها، كذبت واشنطن على لسان مسؤولين أمريكيين ما أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن روسيا أبلغت الجيش الأميركي بخطة طيران طائرتها قبل أن تُسقطها تركيا يوم الثلاثاء. وأكد المسؤولان الأميركيان اللذان تحدثا شريطة عدم نشر اسميهما أن الروس لم يكشفوا للولايات المتحدة عن تفاصيل دقيقة لعملياتهم الجوية في سوريا.

وفي تطور آخر، يعكس استمرار أجواء التصعيد الروسي بعد قرار بوتين نشر صواريخ "S400" في سورية، عززت روسيا الدفاعات المضادة للطائرات في سوريا من خلال الدفع بطراد حربي قبالة السواحل السورية، ونشر صواريخ جديدة في قاعدتها العسكرية هناك. وسيوفر النظام الدفاعي بعيد المدي الموجود على الطراد الحربي "موسكافا"، إضافة إلى نظام صواريخ "اس 400"، وذلك لتوفير الحماية لقواتها الجوية بالمنطقة.
كما واصلت موسكو تصعيد خطابها ضد أنقرة واتهمتها بـ "تجاوز جميع الخطوط الحمراء" مع الاتجاه لإغلاق الحدود (السورية – التركية) وعزل البلدين عن بعضهما، بالتزامن مع استعدادها لتقديم كل أنواع الدعم للنظام السوري، فيما أبدى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف استعداد بلاده للتعاون مع فصائل مختارة من الجيش السوري الحر بعد تحديد فصائله. في الوقت نفسه قال نظيره الفرنسي لوران فابيوس إن باريس مستعدة لقبول تحالف يضم الجيش النظامي السوري لقتال "داعش" بعد إقرار الحل السياسي الانتقالي، وأبدى وزير الخارجية السوري وليد المعلم خلال زيارته إلى موسكو استعداد الجيش النظامي لـ "التنسيق ضد الإرهاب" رداً على دعوة فابيوس.