تحت ذريعة مواجهة "داعش".. شبح التدخل الأجنبي يطارد العراق مجددًا

الأربعاء 02/ديسمبر/2015 - 05:50 م
طباعة تحت ذريعة مواجهة
 
مازال الملايين من أبناء الشعب العراقي يتذكرون سنوات الاحتلال الأجنبى للعراق بكثير من الحزن والأسى بعد حول  كل بيت من بيوتها لمأتم كبير فى سنوات عجاف امتلأت بالدم والتفجيرات ولم يكد يفيق من هذا الكابوس حتى جاء  تنظيم داعش  بكابوس جديد ليستدعي مجددا شبح التدخل الأجنبي  الذى لازال حتى الآن يطارد العراق تحت ذريعة مواجهة  التنظيم الدموى "داعش".
تحت ذريعة مواجهة
ملايين العراقيين يرفضون عودة التدخل الأجنبي الذي جر إلى بلادهم الخراب والدمار، وهو ما أكد عليه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي  قائلا " إن بلاده لا تحتاج إلى قوات برية أجنبية،  وأن أي عملية عسكرية أو انتشار لأي قوات أجنبية سواء خاصة أو غيرها في أي مكان بالعراق لا يمكن أن يحدث دون موافقة حكومته والتنسيق معها وبالاحترام الكامل للسيادة العراقية ، وإن التدخل الأجنبي في العراق لمحاربة  داعش  ليس ضروريا وغير مرغوب فيه في الوقت الراهن، وأن الغارات الجوية الأمريكية  ساعدت بشكل فعال في صد التنظيم ، لكن وجود قوات أجنبية على الأراضي العراقية هو أمر غير مرغوب فيه،  ولن نسمح بحدوثه إطلاقا".
تحت ذريعة مواجهة
حديث العبادي جاء رداً على الإعلان الأمريكي بخصوص إرسال قوة خاصة لمساندة القوات العراقية في مواجهة "داعش" حيث أعلن  وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر عن أن واشنطن أرسلت قوة خاصة لمساندة القوات العراقية في مواجهة "داعش"  وأنها  ستنتشر من أجل القيام بعمليات أحادية في سوريا وبغارات في العراق،  وسيكون هناك توسيع لعمل هذه القوة الخاصة التي تبلغ حتى الآن  3500 جندي أمريكي  تقدم المشورة والعون للقوات العراقية.
 وعلى الرغم من ذلك ما زالت الولايات المتحدة تروج لتدخل عسكري بري في العراق من خلال عدة إجراءات على رأسها :
1- الزيادة المطردة في الاعداد الرسمية للقوات الأمريكية التي بدأت ن من 1500  ووصلت حتى الآن 3500 عنصر . 
2- محاولة واشنطن الاستفادة من وجود داعش بتحقيق الأهداف  الاستراتيجية لها في العراق بإعادة صياغة البنى السياسية والعسكرية للنظام العراقي بما يضمن توازن  لصالحها  يضمن لها عودة نفوذها كما كان بعد 2003م  . 
3- يراهن الأمريكيون، على تكرار تجربة عام 2007 ــ 2008،  في العراق من خلال بناء قوة موازية للجيش العراقي ومليشيات الحشد الشعبي يكون ولاءها لواشنطن وبعديدة عن النفوذ الإيراني المتمدد في الجسد العراقي.  
4-  الاستفادة من نجاح المفاوضات النووية الأميركية الإيرانية،  في خلق علاقة  بين القوتين  في الداخل العراقي،  تكون أكثر تناغماً وتتجنب  الصدام المباشر.
تحت ذريعة مواجهة
وقد حقق الأمريكيون وحلفائهم بعض النتائج الايجابية لصالحهم منذ بدء الحملة العسكرية على سوريا والعراق في 8 أغسطس 2014م ، مما يعد تمهيد للتدخل البرى حيث نجحت الحملة الدولية فيما يلى 
1- منع سقوط محتمل لأربيل على أيدي تنظيم داعش 
2- استعادة السيطرة على سد الموصل
3- صد الهجوم على سد حديثة
4- إنقاذ آلاف من الإيزديين الذين تم  في جبل سنجار
5-  كسر الحصار حول قرية آمرلي التركمانية.
تحت ذريعة مواجهة
ولكن عدم  نجاح الولايات المتحدة وحلفائها  في القضاء على داعش،  يدفع الى التدخل الأجنبي بقوات برية  لعدة أسباب هي:
 أولا :   ما زالت ضربات التحالف الدولي محدودة، فبرغم أن قوات التحالف الدولي أطلقت 1700 ضربة جوية في 1 أكتوبر، فإن 20% من هذه الضربات حقق نتائج فعلية  غير أنها لا زالت محدودة الحجم، إذا قورنت بالغارات العسكرية ضد القذافي في ليبيا، حيث شنَّت ضربات جوية تعادل 9700 في 203 يوم، ومكنَّت المعارضة من هزيمة 20-40 ألف من القوات الليبية، حتى وصلت في نهاية المطاف إلى 26000 ضربة، وكذلك إذا قارنناها حرب الخليج الثانية عام 1991م، حيث أطلقت الولايات المتحدة 116000 ضربة جوية في غضون أسابيع قليل  وفي كوسوفو، شنَّ الناتو 3400 ضربات جوية  في 78 يوم.
ثانيا تعاظم نفوذ القدرات العسكرية لداعش  برغم أنه لا توجد تقديرات رسمية حتى الآن على حدود قدرات داعش العسكرية، ولكن هناك اعتقاد أنها تمتلك مجموعة واسعة من المعدات والقواعد والدبابات والمدافع الميدانية وقاذفات وصواريخ متقدمة، سواء في سوريا أو العراق، استولت عليها من مستودعات الأسلحة السورية والعراقية حيث  أشارت تقارير إلى أن داعش حصلت  على الأقل  وعلى سبعة صواريخ  (BM-21)، وقاذفات وصواريخ متعددة من طراز(MRLS)، وعدد 400-500 صواريخ جراد، ودبابات القتال الرئيسية التي تسمًى T-55، ومئات من الدبابات العسكرية، ومئات من القذائف الصاروخية، وعشرات الآلاف من طلقة ذخيرة الأسلحة الصغيرة، وصواريخ مضادة للدبابات (RPG)، وعشرات الآلاف من طلقات ذخيرة الأسلحة الصغيرة، وكميات كبيرة من بنادق هجومية وقنابل يدوية.
تحت ذريعة مواجهة
ثالثا :  قدرة  داعش علي التكيف مع الضربات الجوية التي تتلقاها من قبل دول التحالف، نتيجة لوجود مقاتلين أجانب داخل التنظيم، يمتلكون خبرات واسعةً جراء المشاركة في الحرب على أفغانستان أو الشيشان أو حتى ليبيا، والتي تساعدهم على الفرار والاختباء في أوقات الأزمات والصراعات. 
رابعا: نجاح "داعش" في كسب تعاطف بعض السنة وأهل العشائر في الأنبار، برغم ما ذِيع ونُقِل عن وحشية التنظيم في التعامل مع المدنيين، إلا أن هذه الممارسات بدا أنها لا تختلف كثيرًا عن باقي التنظيمات الشيعية، وهذا ما أشار إليه تقرير صدر عن منظمة العفو الدولية، أكد أن الشيعة المسلحة تستهدف السنة المدنيين في بغداد وضواحيها، بمساندة الحكومة العراقية، حيث يتم استهدافهم سواء في منازلهم أو عملهم أو حتى في نقاط التفتيش، مستغلة غياب القانون والإفلات من العقاب، وفي ظل أيضًا غياب الحكومة العراقية.
تحت ذريعة مواجهة
مما سبق يتضح أن شبح التدخل الأجنبي، مازال يطارد العراق  والزريعة  هذه المرة جاهزة وهى مواجهة "داعش"  وذلك بعد أن فشلت الجملة البرية في تحقيق أهدافها ولكن يبقى السؤال هل يقبل العراق بتدخل أجنبي جديد؟ أم ستتحول العراق الى ساحة جديدة للصراع ومزيد من الدماء .

شارك