هل ينجح طرفي النزاع في وقف مخطط "داعش" باستهداف النفط الليبي؟

الأحد 06/ديسمبر/2015 - 02:12 م
طباعة هل ينجح طرفي النزاع
 
مع استمرار حالة الفوضى التي تشهدها ليبيا الآن وفي ظل تعنت الأطراف المتنازعة في حل الأزمة الليبية والوصول إلي قرار ينهي الصراع الدائر في البلاد، أخيرًا وقع مجلس النواب الليبي المعترف به دوليا والمقيم في طبرق، على إعلان مبادئ مع المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته والمقيم في العاصمة طرابلس بهدف إنهاء الصراع في البلاد.

اتفاق طرفي النزاع

اتفاق طرفي النزاع
يقول مراقبون إنه بمقتضى هذا الإعلان ستُشكل لجنة مؤلفة من عشرة أشخاص تعين رئيسا ونائبا مؤقتين للبلاد، لتعود حالة الاستقرار نوعًا ما إلي ليبيا.
وشهد العام الماضي حالة من النزاعات بين الأطراف الليبية، لأسبقية الوصول إلي السلطة، وظلت الأزمة عالقة منذ تدخل المبعوث الأممي السابق برنادرينو ليون لحل الأزمة والتي باءت جميع محاولاته بالفشل، في حين تولي مهمته مبعوث جديد مارتن كوبلر ليكمل مسيره نظيره السابق.
وتضغط حكومات غربية لتوقيع الاتفاق الذي رعته الأمم المتحدة، بوصفه السبيل الوحيد لإنهاء الفوضى في ليبيا، التي تتنازع فيها السلطة حكومتان تساند كلاً منهما فصائل مسلّحة.
كان المؤتمر الوطني العام الليبي، في أخر جلساته، قرر تشكيل حكومة الإنقاذ الوطني، باعتماد اثني عشر وزيرا، ووكيل لكل وزير برئاسة خليفة الغويل، وتحويل باقي الوزارات إلى هيئات.
ونص القرار على تكليف عبد المنعم الدالي نائبا أولا لرئيس الحكومة، وعلي أبو زعكوك وزيرا للخارجية، وعبد اللطيف قدور ويزرا للداخلية، ومصطفى القليب وزيرا للعدل، وعبد اللطيف التونسي وزيرا للتخطيط، حيث اعتمد القرار الطاهر السنوسي وزيرا للصحة، وخليفة الساروي وزيرا للتعليم، وصالح الفاخري وزيرا للتعليم العالي، ونصر صالح وزيرا للمالية، وهاشم بلحاج وزيرا للأشغال.
يذكر أن حكومة الإنقاذ الوطني شكلها المؤتمر الوطني العام بعد دعوته للانعقاد من قبل عملية فجر ليبيا العسكرية في يوليو 2014.
يأتي ذلك فيما قال مبعوث الأمم المتحدة الجديد إلى ليبيا مارتن كوبلر، إن أطراف النزاع  قريبة جداً من التوصّل إلى اتفاق طال انتظاره، لتشكيل حكومة وحدة، وإنها قد توقعه خلال شهر.
وأيد البعض المقترح الذي استغرق التفاوض عليه عاماً كاملاً، لكن هناك من يطالب بضمانات إضافية وتنازلات من الطرف الآخر.
ويقف المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، عائقًا أمام الحل السياسي في ليبيا، وقال مبعوث الأمم المتحدة خلال محادثات في الجزائر: نحن قريبون للغاية من اتفاق، على رغم بقاء بعض العقبات. أعتقد أننا يمكن أن نوقع خلال شهر. المحادثات استمرت عاماً، وحان وقت التوقيع، مضيفاً أن حكومة الوحدة يجب أن يكون مقرّها طرابلس.
وأكد كوبلر أنه لا يوجد حديث في هذه اللحظة عن فرض عقوبات على أي طرف يرفض الاتفاق، بل تُبذل جهود لتشجيع الليبيين على التوصّل إلى حل.
ويدعو مقترح الأمم المتحدة الى إنشاء مجلس رئاسي بصلاحيات تنفيذية، يضمّ في عضويته ستة أفراد، في محاولة لتمثيل القواعد الإقليمية التقليدية في ليبيا إلى جانب مجلس نواب ومجلس دولة آخر، لكنه استشاري.
وتشهد ليبيا حالة من الفوضى منذ الإطاحة بمعمر القذافي، حيث استغلت الجماعات الإرهابية حالة الفراغ الأمني في البلاد وباتت تتوغل وتنتشر بالأسلحة، ما أدى إلي سيطرتها على معظم الأراضي الليبية.

داعش يتوغل

داعش يتوغل
وعلى الصعيد الميداني، حقق التنظيم الإرهابي داعش مكاسب على الأرض، حيث يسيطر الآن على مدينة سرت.
وفيما قال القائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر في تصريحات سابقة إن العالم اقتنع أخيراً وبدأ يصحو من سباته بأن الجيش على حق وأنه يحارب الإرهاب نيابة عن العالم".
يأتي هذا بعد عام ونصف العام على إطلاق القائد العام للجيش الليبي عملية عسكرية تحت اسم "عملية الكرامة" تستهدف استئصال المجموعات الإرهابية التي خططت للتمركز في بنغازي المدينة الأكبر في شرق ليبيا وذات التأثير الاقتصادي والاجتماعي المباشر في كل البلاد.
جاءت تصريحات حفتر بعد تنامي خطر داعش في البلاد وإعلانه السيطرة على سرت وسط البلاد إضافة لمدينة درنة وأنباء عن انتقاله للسيطرة على أجدابيا الاستراتيجية إضافة لصبراته التي تقع في منتصف الطريق بين العاصمة طرابلس والحدود التونسية.
وبحسب تسريبات صحفية غربية، فإن الولايات المتحدة وبريطانيا أرسلت فرقاً خاصة إلى ليبيا لجمع المعلومات الاستخباراتية بعد تزايد الأنباء عن انتقال كبار قادة تنظيم داعش من سوريا والعراق إلى ليبيا بعد تركز العمليات الجوية ضدهم في العراق وسوريا .
وقالت مصادر محلية إن أبو علي الأنباري الضابط السابق في جيش صدام حسين والذي تحول لــ"داعش" وصل بواسطة قارب عبر البحر إلى سرت قبل أسابيع .
وتعتبر سرت في قبضة التنظيم بالكامل إضافة لتوسع الأخير للسيطرة على محيط المدينة من النوفلية المتاخمة للهلال النفطي شرقاً إلى منطقة بوقرين غرب سرت 100كم .
وكان التنظيم قد أعلن عن نفسه قبل سنتين في مدينة درنة الجبلية شرق البلاد حيث قُتل القيادي البارز في التنظيم العراقي وسام الزبيدي في غارة أميركية قبل أسابيع .

استهداف النفط الليبي

استهداف النفط الليبي
في ظل مساعي داعش للتوغل والتمدد والسيطرة على الأراضي الليبية،  بدأ التنظيم الإرهابي يستهدف النفط الليبي، حيث انطلق رتل تابع لتنظيم داعش من بلدة هراوة عبر الطريق الرئيسي الرابط بين النوفلية وسرت ولم تعرف بعد الوجهة الرئيسية التي غادر إليها الرتل، غير أنه من المحتمل أن يتجه نحو الحقول النفطية.
وأوضحت أحد المصادر أن الرتل كان كبيرا، حيث يتكون من 23 سيارة مسلحة بسلاح ثقيل ومن المتوقع أن تكون وجهتهم الحقول النفطية، مشيرًا إلي أن تنظيم داعش قام بحفر خنادق و تكوين سواتر ترابية خارج بلدة النوفلية.
وكان تنظيم داعش قد قام بإخلاء أغلب مواقعه التي كان يتمركز بها عناصر مسلحين تابعين له في مدينة سرت، وتقدر عناصر تنظيم داعش في سرت بحوالي 1500 مقاتل.
ويرى مراقبون أن الهدف الجديد لتنظيم داعش هو السيطرة على الموارد النفطية في ليبيا، أسوة بما يسعى إليه في العراق وسوريا، وتعد الهجمات الأخيرة التي استهدف بها التنظيم، عدة منشآت نفطية في البلاد، مؤشرا واضحا على نيته.
ويقول محللون إن السيطرة على منابع النفط موجود في جينات التنظيم، مشيرين إلى أن الأخير نفذ عدة هجمات في هذا الإطار على مواقع عدة في ليبيا، إلا أنه لا تتوفر معلومات مؤكدة حول سيطرته على أي حقل أو منشأة حتى الآن.
وأوضح خبراء أن أولى هجمات التنظيم كانت على ميناء "مرسى الحريقة" البحري النفطي، وكان الهجوم الثاني على حقل "المبروك"، الواقع على بعد نحو 100 كيلومتر جنوب مدينة سرت، شمال وسط البلاد، والذي تشغله شركة "توتال" الفرنسية، فيما كان من آخر الهجمات، هي الذي استهدف موقعا آخر في سرت، الواقعة وسط المنطقة المعروفة بالهلال لنفطي.
كان في وقت سابق، اعتبر ريتشارد هاينبرج الباحث في الشؤون الليبية في معهد بوست كاربون في كاليفورنيا، أن ليبيا لا تقل أهمية استراتيجية عن سوريا والعراق، بالنسبة لداعش الذى يسعي وراء مكاسب المنتجات النفطية، وعليه سيعمل بنفس المنطق الذي يسعى فيه للسيطرة على المنشآت النفطية في إقليم شمال العراق ومدينة كركوك، معتبرًا أن هجمات القوى الغربية على التنظيم، لا تمثل حلا من وجهة نظره، كون مثل تلك التنظيمات خرجت من رحم الفراغ الذي خلّفه تدخل القوى ذاتها في المنطقة، لاسيما العراق، ما يجعل القضية تدور في حلقة مفرغة، وهو ما يلزم جميع الأطراف بالسعي لتقديم بدائل للحل.
وتتوسط منطقة الهلال النفطي المسافة بين بنغازي وطرابلس، وتحوي المخزون الأكبر من النفط، وتضم عدة مدن بين بنغازي وسرت، إضافة إلى مرافئ السدرة ورأس لانوف والبريقة.
ويشكل قطاع النفط والغاز المصدر الأساسي لإيرادات الخزينة الليبية، وكانت ليبيا تنتج قرابة 1.4 مليون برميل نفط يومياً حثي منتصف العام 2013، حتى وصلت إلى ما يقارب 350 ألف برميل يومياً؛ بسبب الصراعات المُسلحة، ويدرّ النفط الليبي نحو 94% من عائدات البلاد من النقد الأجنبي، و60% من العائدات الحكومية.
ووفق مراقبون فإن هدف داعش القادم هو الاستحواذ على حقول النفط الليبي، في ظل توغله وانتشاره داخل المناطق الغنية بالنفط.

شارك