صدمة وترقب في أوروبا بعد صعود اليمين المتطرف في فرنسا.. و"الإرهاب" كلمة السر

الإثنين 07/ديسمبر/2015 - 09:23 م
طباعة صدمة وترقب في أوروبا
 
اهتمت الأوساط الأوروبية بنتائج الانتخابات المحلية الفرنسية، وما أسفرته من تصاعد تيار اليمين المتطرف فى فرنسا، وتداعيات ذلك على القارة الأوروبية بعد أحداث باريس الإرهابية الأخيرة، فى ضوء توقعات بتنامي نفوذ التيار اليميني خلال الفترة المقبلة، وهو ما قد يسفر عن وصول مارين لوبان زعيمة حزب الجبهة الوطنية إلى صدارة قصر الإليزيه. 
يأتي ذلك بعد أن حقق حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف فوزًا تاريخيا في الانتخابات المحلية الفرنسية حيث تصدر نتائج الجولة الأولى بنسبة 30.6 في المئة. كما أنه جاء في الطليعة بست مناطق على الأقل من أصل 13، مقابل 27 في المئة لحزب "الجمهوريين" (اليمين المعتدل) و22.7 لـ "الحزب الاشتراكي" اليساري الحاكم، وبلغت نسبة المشاركة نحو 50 في المئة، بحسب آخر التقديرات.
ومن بين أبرز صلاحيات مجالس المناطق، إدارة المدارس ومساعدة المؤسسات والإشراف على النقل العام.
صدمة وترقب في أوروبا
وجرى الاقتراع في ظل حالة الطوارئ، وسط إجراءات أمنية مشددة بحيث قام جنود وشرطيون مسلحون بدوريات حول مراكز التصويت. وكانت اعتداءات إرهابية ضربت باريس في 13 نوفمبر الماضي، مسفرة عن مقتل 130 شخصا.
وتصدرت رئيسة "الجبهة الوطنية" مارين لوبان النتائج في منطقة نور با دو كاليه بيكاردي (شمال) بحصولها على 43 في المئة من الأصوات، متقدمة على ممثلي "الجمهوريين" كزافييه برتران (24 في المئة) و"الحزب الاشتراكي" بيار دو سانت إنيون (17.7 في المئة)، قبل أن يعلن انسحابه من الجولة الثانية.
وتقدمت ابنة شقيقة مارين لوبان، ماريون ماريشال لوبان، في منطقة بروفانس ألب كوت دا زور (جنوب) بـ 41.7 في المائة من الأصوات على "الجمهوريين" (24.5 في المئة) والاشتراكيين (18.1 في المئة)، وتصدر نائبا لوبان في الحزب المتطرف، فلوريان فيليبو ولوي أليو النتائج في منطقتي ألزاس شامباني أردين لورين (شرق) ولانغدوك روسيونميدي بيرينيه جنوب غرب
وسجل "الحزب الاشتراكي" الحاكم نتائج مخيبة في هذه الجولة الأولى، علما أنه كان يدير 21 منطقة من أصل 22 حسب التقسيم الإداري السابق، والذي تغير بعد إصلاحه في يوليو الماضي بحيث تقلص عدد المناطق إلى 13، وكان رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس قال قبل الجولة الأولى من هذه الانتخابات الجهوية إن التصويت ورقة في "مواجهة الإرهاب".

صدمة وترقب في أوروبا
وأشادت مارين لوبان بالنتائج "الرائعة" التي حققها حزبها، وقالت من مدينة إينان بومون، الواقعة في منطقة نور با دو كاليه بيكاردي، والتي يديرها حزبها منذ 2014، إن "الجبهة الوطنية هي الحزب الجمهوري الوحيد في فرنسا"، مضيفة: "نحن قادرون على تحقيق الوحدة الوطنية".
بينما شدد زعيم "الجمهوريين"، الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، في كلمة ألقاها فور إعلان النتائج الأولية على أن حزبه لن ينسحب أمام اليمين المتطرف كما أنه لن يتحالف أبدا مع "الحزب الاشتراكي" في الجولة الثانية. 
قال ساركوزي إن "الأولوية أن لا تتراجع الجمهورية كما تفعل منذ أربع سنوات" أي منذ وصول الرئيس فرانسوا هولاند إلى سدة الحكم.
من جانبها أجمعت الصحف الفرنسية الصادرة اليوم على "الصدمة" الكبيرة التي خلفتها نتائج الدور الأول من الانتخابات الجهوية التي شهدتها فرنسا، وحاولت أن تتوقف عند الأسباب التي جعلت من الجبهة الوطنية المتطرفة القوة السياسية الأولى في فرنسا، والاستراتيجية الممكنة أمام الأحزاب السياسية لقطع الطريق عليها في الجولة الثانية المزمع إجراؤها الأحد المقبل.
وركزت صحيفتا "لوفيجارو" و"لومانيتي" عنونتا صفحتيهما الأوليين بـ"الصدمة"، التي تلخص وقع هذه النتائج التي وصفتها الجريدتان بـ"الكارثية" على الطبقة السياسية الفرنسية، حيث كتبت "لوفيجارو" بأن "صدمة الجبهة الوطنية تحولت إلى شيء مألوف..."، مضيفة "الجبهة الوطنية صارت أول حزب سياسي في فرنسا، لا مجال للشك في ذلك، فالحزب الاشتراكي الحاكم يتلقى خامس صفعة انتخابية منذ بداية العهدة الانتخابية لفرانسوا هولاند".
أما صحيفة "لوكوروا" "الصدمة كانت قوية"، ومن المفروض أن تستفيق الأحزاب السياسية بيمينها المعتدل ويسارها بأسرع وقت حتى تعد العدة لدخول المرحلة الثانية من هذه الانتخابات بنفس جديد، لعلها تتمكن من وضع سكة المشهد السياسي الفرنسي على الطريق الصحيح.

صدمة وترقب في أوروبا
وحاولت الصحف الفرنسية أن تتوقف عند الأسباب التي أدت إلى هذه النتائج غير المسبوقة في انتخابات من هذا النوع. وترى صحيفة "لوباريزيان" أنها ترجمت بشكل أو آخر "غضب الناخبين" نظرا للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها شرائح واسعة من الفرنسيين بسبب ارتفاع نسبة البطالة، وفشل الحكومة الحالية في إيجاد مخارج اقتصادية للأزمة.
وأكد كاتب المقال ستيفان ألبوي أنه "لم يكن مستبعدا أن يتصدر حزب الجبهة الوطنية في الشمال وبروفانس ألب كوت دازور" بالجنوب، معتبرا أن "نسبة البطالة" في المنطقتين "تجاوزت بكثير المعدل الوطني"، وكان لسكانها الكثير من الانتظارات تحولت لمجرد "أوهام".
وتساءلت الصحف الفرنسية عن الإستراتيجية التي تسعى الأحزاب التقليدية لتبنيها في الجولة الثانية من هذه الانتخابات، علما أن الحزب الاشتراكي دعا إلى تقديم لوائح مشتركة مع "الجمهوريون"، وهو ما قوبل بالرفض القطعي من زعيم الحزب الرئيس السابق نيكولا ساركوزي.
وزكت صحيفة "لوفيجارو" اليمينية، موقف ساركوزي، واعتبرت أن الاندماج مع اليسار في هذه الانتخابات "يعطي الانطباع للفرنسيين بأن هناك محاولة للحفاظ على مواقع ومكاسب" في الجهات.
أما صحيفة "ليبراسيون" ترى أن الصراع يجب ينتقل من يسار- يمين إلى يمين- يمين متطرف. وكتب لوران جوفران أن "المنطق الكلاسيكي بشأن العدو الرئيسي يجب أن يفرض نفسه بين اليمين واليمين المتطرف، وكل جمهوري يجب أن يفهم أن الأسوأ في انتظارنا، يجب فعل كل شيء لتفاديه"، يشدد جوفران.
وتعتبر صحيفة "لومانيتي" من جهتها، أنه "في المناطق التي يلمس فيها تهديد من قبل حزب "الجبهة الوطنية"، لا يمكن أن يحصل تردد في التصويت ضده".

شارك