اتفاق الفرقاء الليبيين في تونس.. هل يعود بالأزمة إلي نقطة الصفر؟

الأربعاء 09/ديسمبر/2015 - 10:56 ص
طباعة اتفاق الفرقاء الليبيين
 
في ظل مساعي دول الغرب والدول العربية، للوصول إلي حل بشأن الأزمة الليبية، بات الاتفاق الذى توصل إليه الفرقاء الليبيين في تونس محل جدل واسع، حيث رفضه البعض فيما رحب به أخرون.

بنود الاتفاق

بنود الاتفاق
ويعتبر هذا الاتفاق أمر واقع على الدول التي تسعي لمصالحها الشخصية، ما يؤدي إلي تحول في الملف الليبي، حيث توقع مراقبون أن يشهد هذا الملف في الفترة المقبلة زخمًا سياسيًا من شأنه تغيير خريطة التفاهمات التي توصل إليها المبعوث الأممي السابق برناردينو ليون وأسفرت عن اتفاق الصخيرات في المغرب.
وكانت أطرافا ممثلة للبرلمان الليبي المعترف به دوليًا،  والمؤتمر الوطني العام المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، أعلنوا توصلهم لاتفاق مهم للأزمة الليبية في تونس بعد "مفاوضات سرية"، ينص على ثلاث نقاط لتسوية الأزمة السياسية في هذا البلد، حيث وقعه رئيس وفد مجلس النواب إبراهيم فتحي عميش، ورئيس وفد المؤتمر الوطني العام عوض محمد عبد الصادق.
وينص الاتفاق على العودة والاحتكام للشرعية الدستورية المتمثلة في الدستور الليبي السابق باعتباره الخيار الأمثل لحل النزاع على السلطة التشريعية لتهيئة المناخ العام لإجراء انتخابات تشريعية ولمدة أقصاها عامان، وتشكيل لجنة من 10 أعضاء بالتساوي بين البرلمان والمؤتمر الوطني تعمل على المساعدة في اختيار رئيس حكومة وفاق وطني ونائبين له، الأول يمثل البرلمان، والثاني المؤتمر يشكلان مع الرئيس "رئاسة مجلس الوزراء" خلال أسبوعين. 
وتنص النقطة الثالثة على تشكيل لجنة من 10 أعضاء من البرلمان والمؤتمر تتولى مهمة تنقيح الدستور المشار إليه في حل النزاع التشريعي، بما يتفق وخصوصية وطبيعة المرحلة.
ويثير هذا التوافق الشكوك حول إدارة الملف الليبي، ومن الذي يديره حالياً، وبالأخص بعد رحيل برناردينو ليون المبعوث الأممي السابق وانتداب الألماني مارتن كوبلر وسط اتهامات للاثنين بالعمل وفق أجندات خارجية لاسيما قطر وتركيا.
فيما عبر الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي عن دعمه للاتفاق المبدئي الذي توصل إليه فرقاء ليبيا لإنهاء الأزمة في البلاد، بينما أعلنت مصر على لسان متحدث حكومي تحفظها بشأن الاتفاق الليبي.
وقال بيان صادر عن الرئاسة التونسية، مساء أول أمس، عقب الإعلان عن "اتفاق المبادئ" أن السبسي أكد خلال استقباله وفديْن يُمثّلان المؤتمر الوطني العام ومجلس النواب المنحل، دعمه للاتفاق، مشددا على أهمية الالتزام بالاتفاق السياسي الذي تم التوصل إليه برعاية الأمم المتحدة.
ودعا البيان كافة الأطراف الليبية إلى التواصل مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر من أجل الإسراع في تنفيذ بنود الاتفاق وتشكيل حكومة وفاق وطني".
وطالب بالبناء على الاتفاق الأممي الأخير، لا البناء على شيء جديد، قائلًا "الجهود الليبية ينبغي أن تتركز على توسيع قاعدة الدعم لـ اتفاق الصخيرات وتشكيل حكومة الوفاق الوطني المنبثقة عنه".
فيما أكدت مصادر أن القاهرة لم تكن علي علم بهذا اللقاء الذي تم في تونس وأنها تلقت خبر الإعلان عن اتفاق تونس بين الفرقاء الليبيين من وسائل الإعلام.
ودعا المتحدث باسم وزارة الخارجية، أحمد أبو زيد، جميع الأطراف إلى التوافق المطلوب بشأن اتفاق سياسي يحظى بدعم جميع القوى السياسية والمناطق الجغرافية في ليبيا، وبما يضمن تشكيل حكومة وفاق وطني تضطلع بمسؤولياتها في محاربة الإرهاب الذي بدأ يستشري في أوصال الدولة الليبية.

محاولات لإفشال المساعي الأممية

محاولات لإفشال المساعي
ويري محللون أن إعلان تونس هدفه إفشال المساعي التي يقوم بها المبعوث الأممي الجديد مارتن كوبلر في القاهرة والتي حققت خطوات مهمة نحو تنفيذ اتفاق الصخيرات،  معتبرين أن الأطراف التي شاركت في لقاء تونس لا تمثل البرلمان الليبي، وأن الهدف من إعلان تونس هو تخريب مجهود سنة من العمل الدؤوب، بذلته أطراف إقليمية ودولية، لوضع حد للأزمة المتفاقمة في ليبيا.
والتقى كوبلر أول أمس بالفريق أول خليفة حفتر قائد الجيش الليبي، وقبلها برئيس البرلمان عقيلة صالح، وأعلن عن تفاؤله بإنجاز الاتفاق السياسي بين الفرقاء الليبيين قريبا.
وفي تعليقه على ما جرى في تونس، أكد كوبلر، أن الاتفاق السياسي الليبي الذي ترعاه الأمم المتحدة هو الأساس لإنهاء النزاع في البلاد.
كان المبعوث الأممي السابق برناردينو ليون اقترح يوم 9 أكتوبر الماضي، في الصخيرات المغربية، تكوين حكومة تقاسم سلطة أو "توافق وطني" يتضمن مجلسًا تنفيذيًا مؤلفًا من رئيس الوزراء فائز السراج وخمسة نواب لرئيس الوزراء، وثلاثة وزراء كبار، ويفترض بهذا المجلس أن يمثل توازن المناطق في البلاد.
وقوبل إعلان تونس برفض واسع لدى شخصيات ليبية بارزة من بينها أعضاء في البرلمان المعترف به دوليا، واتهمته بمحاولة ضرب تماسك البرلمان، والتهرب من نتائج اتفاق الصخيرات الذي ترعاه الأمم المتحدة ويحوز على دعم دولي واسع.

بين الرفض والقبول

بين الرفض والقبول
في هذا السياق، رفض الاتحاد الأوروبي الاتفاق الذي تم توقيعه في تونس، حيث قالت الناطقة باسم مكتب العمل الخارجي الأوروبي كاثرين راي، إن أي اتفاق بين الفرقاء الليبيين يجب أن يكون شاملا ويقر بالدور الإيجابي للمنظمات الإقليمية والمجتمع الدولي، مشيرة إلي أن الاتحاد الأوروبي يدعم دور الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، مارتن كوبلر، مضيفة “نحن نتطلع إلى المؤتمر الدولي في روما، الأحد المقبل، بوصفه تجمعا مهما في دعم إرساء الحكومة الليبية”، وهو ما ذهبت إليه مصر التي تحفّظت على الاتفاق.
فيما حثت الأمم المتحدة المشرعين الليبيين، الذين وقعوا اقتراحاً منفصلاً للسلام على دعم الاتفاق الذي تدعمه الأمم المتحدة بين الأطراف المتحاربة في البلاد، قائلة إن الخلافات المتبقية يمكن العمل عليها بعد توقيع الاتفاق.
ويري متابعون أن هذا اللقاء عين الصواب، وأن الليبييون يتصرفون لأول مرة منذ 2011 بإرادتهم الحرة: وهو اتفاق ليبي ليبي بحت دون عبث من أي دولة عربية أو غربية، حيث تم بين رئاسة البرلمانين.
ويرى محللون أن الاتفاق ما بين الفرقاء الليبيين في تونس كخطوة سياسية، أتى متأخرا جدا، وأنه كان من الأجدى أن يتم قل سنتين أو 3 سنوات، وأن ما نتج عنه قد يسبب أزمة ما بين الفرقاء السياسيين ومنظومة المجتمع الدولي: ولا أرى جدوى في حقيقة الأمر منه الآن، ولو كان قبل المفاوضات التي كانت تحت غطاء الأمم المتحدة، لكان ذا نتائج إيجابية، والضرورات التونسية هي من دفعتهم للتحرك الآن، وأتى بلقاء الأقليات التي لم يكن لها نصيب الأسد في اتفاق الصخيرات الذي تبناه الآن مارتن كوبلر.
ويري أخرون أن الأطراف التي شاركت في لقاء تونس لا تمثل البرلمان الليبي، وأن الهدف من إعلان تونس هو تخريب مجهود سنة من العمل الدؤوب، بذلته أطراف إقليمية ودولية، لوضع حد للأزمة المتفاقمة” في ليبيا.
فيما أعلن سفراء ومبعوثو فرنسا والمانيا وايطاليا وإسبانيا والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، الخاصين، إضافة إلى رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في ليبيا مجددا "دعمهم القوي لمفاوضات الصخيرات" تحت مظلة الأمم المتحدة، كونها "الطريق الوحيد للمضي قدما لحل الازمات السياسية والأمنية والمؤسساتية في ليبيا" وفق تعبيرهم.
ونوه السفراء والمبعوثون الغربيون لدى ليبيا، في بيان مشترك بأن "إتفاق المبادئ" في تونس، الذي أعلن من جانب "عدد قليل جدا من أعضاء مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام في ليبيا، بينما لن يكون هناك حل مستدام للأزمة لم يكن شاملا بقدر الإمكان". 
وأشار بيانهم إلى أن محاولة اللحظة الأخيرة، لعرقلة العملية التي تقودها الأمم المتحدة، لن يكتب لها النجاح" حسب البيان الليبية هو اتفاق الصخيرات.
وتدعم قوى غربية مقترح الأمم المتحدة كحل وحيد للصراع الذي أعطى لتنظيم داعش موطئ قدم في البلد المنتج للنفط.
وتعتزم الحكومات الغربية وزعماء ليبيون الاجتماع في روما الأسبوع المقبل، لحمل الفصائل على الاتفاق على مقترح الأمم المتحدة الذي يدعو إلى تشكيل لجنة رئاسية تضم مندوبين لاختيار حكومة.
وقد يعيد إعلان الاتفاق في تونس الأزمة الليبية إلى نقطة الصفر وتثبيت حالة الانقسام التي تعيشها البلاد، وأنه سيجعل الميليشيات التي تسيطر على طرابلس تتمسك به كمدخل للحل، باعتباره بوابتها للحافظ على امتيازاتها، وفق مراقبون.

شارك