الأزمة الليبية.. بين الانفراجة وتخوفات من تنامي "داعش"
السبت 12/ديسمبر/2015 - 10:59 ص
طباعة

بعد مماطلة دامت أكثر من عام على توقيع الاتفاق السياسي في ليبيا، لتشكيل حكومة وفاق وطني، لتدفع البلاد إلي الاستقرار، أعلن أمس الجمعة 11 ديسمبر 2015 الفرقاء الليبيون عن موعد توقيع الاتفاق النهائي للحوار الذي أشرفت عليه الأمم المتحدة وينص على تشكيل حكومة وفاق وطني، في 16 ديسمبر الجاري.
توقيع الاتفاق دون وساطة

يأتي الإعلان عقب اجتماع استمر ليومين في تونس بين ممثلين عن مجلس النواب والمؤتمر الوطني المنتهية ولايته برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
ويمهد الاجتماع للمؤتمر الدولي المقرر عقده في روما الأحد المقبل، والرامي لاعطاء زخم دولي للاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية.
يأتي ذلك عقب تولي المبعوث الأممي الجديد مارتن كوبلر مهامه لإقناع الأطراف المتناحرة بأهمية توقيع الاتفاق في أسرع وقت، وقال ممثل المؤتمر الوطني العام صالح المخزوم أنه سيتم توقيع الاتفاق السياسي يوم 16 ديسمبر، مضيفًا: أنا بصفتي نائبًا لرئيس المؤتمر الوطني العام أدعو زملائي إلى الالتحاق بهذا الحوار الليبي-الليبي الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة، في محاولة لإقناع الأطراف بأهمية توقيع الاتفاق.
وأكد المعلومة ممثل مجلس النواب إمحمد شعيب، الذي رجح توقيع الاتفاق في المغرب، وقال نعلن لشعبنا بأننا قد عزمنا على الانتقال من هذه المرحلة الصعبة وأن نفتح الطريق نحو المستقبل.
ووقع أعضاء من مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام، الأحد الماضي في تونس إعلان مبادئ ينص على تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال أسبوعين وإجراء انتخابات تشريعية والعودة إلى أحكام الدستور الصادر في 1963.
وتوصلت الأطراف المشاركة إلى توقيع هذا الإعلان من دون وساطة بعثة الأمم المتحدة، ما دفع المنظمة الدولية والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا إلى التشكيك به. حيث طالب سفراء ومندوبو هذه الدول في ليبيا بالتمسك بخطة الأمم المتحدة، معتبرين أن الإعلان لا يلقى اجماعا داخل ليبيا.
يرأس وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مع نظيره الايطالي باولو جينتيلوني الاجتماع الدولي حول ليبيا، في روما الأحد المقبل، حيث دعت الولايات المتحدة وإيطاليا إلى المؤتمر للضغط على الأطراف الليبية من أجل تسريع تشكيل حكومة الوحدة الوطنية كأساس وحيد لمواجهة تنظيم داعش، كما أعلن مؤخرا وزير الخارجية الايطالي.
مخاوف من تنامي داعش

ويتطلع المجتمع الدولي إلى إنهاء النزاع في ليبيا عبر توحيد السلطة في البلاد لتلقى مساندة دولية في مهمتين رئيسيتين: مواجهة خطر التطرف الذي وجد موطئ قدم له في الفوضى الليبية، ومكافحة الهجرة غير الشرعية.
وكان أبلغ مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا مارتن كوبلر مجلس الأمن الدولي بأنه سيتم الأربعاء المقبل توقيع اتفاق لتشكيل حكومة وحدة وطنية وإنهاء الصراع، بينما ناشد السفير الليبي لدى المنظمة الدولية إبراهيم الدباشي مجلس الأمن تخفيف حظر السلاح على بلاده.
وفي إحاطة لمجلس الأمن قدمها عبر الفيديو من تونس مساء الجمعة، قال كوبلر إن أطراف الصراع الليبي اتفقوا على تحديد يوم 16 ديسمبر الجاري موعدا لتوقيع اتفاق تشكيل حكومة وحدة وطنية بوساطة الأمم المتحدة.
وجاءت هذه الإحاطة بعد يومين من المحادثات بين ممثلين عن طرفي النزاع، حيث أشاد المبعوث الأممي "بشجاعة نحو 40 رجلا وامرأة خاطروا مخاطرة كبيرة من أجل وضع مصالح ليبيا فوق مصالحهم الشخصية، وأعلنوا على الملأ أنهم يهدفون إلى التوقيع يوم 16 ديسمبر.
وتشهد ليبيا منذ الإطاحة بمعمر القذافي حالة من الفوضى، وانتشار العناصر المسلحة التي استغلت حالة عدم الاستقرار وبدأت تتوغل في البلاد وعلى رأسهم تنظيم "داعش" الإرهابي، الذى اتخذ من سرت الليبية عاصمة له في الأسبوع الماضي، وكذلك أعلن أن مدينة صبراته أصبحت إمارة إسلامية، كما أنه توغل وتمدد في البلاد بشكل لافت.
من جانب أخر أبدت الأطراف الإقليمية والدولية قلقها من تنامي خطر تنظيم داعش الذي أعلن مساء أول أمس تحويل مدينة صبراتة الليبية المحاذية للحدود التونسية إلى إمارة إسلامية، وهو إعلان رد عليه ضمنيا رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس أمس، عندما رجح أن تشمل محاربة تنظيم داعش في سوريا والعراق، معاقل هذا التنظيم الإرهابي في ليبيا.
بداية انفراجه للازمة الليبية

انتهى اجتماع تونس الذي شارك فيه أعضاء عن مجلس النواب الليبي البرلمان المعترف به دوليا، والمؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته، وعدد من الأحزاب السياسية ورؤساء بلديات، وبعض الشخصيات السياسية المستقلة، مساء أمس، بالإعلان عن توافق حول خارطة الطريق التي عرضها المبعوث الأممي مارتن كوبلر لتذليل العقبات التي تحول دون تنفيذ ما نصت عليه اتفاقية الصخيرات الموقعة في 24 يوليو الماض.
وقال جمعة القماطي رئيس حزب التغيير الليبي ، لقد تم الاتفاق خلال هذا الاجتماع على مُخرجات اتفاقية الصخيرات التي سيتم التوقيع عليها رسميا يوم السادس عشر من الشهر الجاري في المغرب.
وأوضح أن هذا الاتفاق جاء بعد التوصل إلى توافق حول بعض المسائل العالقة وخاصة منها مسألة الترفيع في عدد أعضاء مجلس رئاسة الدولة من 6 إلى 9، إلى جانب بعض الآليات الأخرى لتسهيل عمل الحكومة المرتقبة.
وقال الطّيب البكوش وزير الخارجيّة التّونسي، إنه سيتم في القريب العاجل عقد مؤتمر لدول جوار ليبيا لم يحدد تاريخه بعد، لأن القضية ليست مرتبطة فقط بالتوصل لحل في ليبيا وتشكيل حكومة، ولكن المهم هو ما بعد هذا الحل وما بعد الاتفاق، وهو ما سيتطلب جهوداً كبيرة (...) ومن واجب دول الجوار وفي مقدمتها تونس والجزائر ومصر أن تساعد ليبيا في ما بعد الحل.
وينص الاتفاق على العودة والاحتكام للشرعية الدستورية المتمثلة في الدستور الليبي السابق باعتباره الخيار الأمثل لحل النزاع على السلطة التشريعية لتهيئة المناخ العام لإجراء انتخابات تشريعية ولمدة أقصاها عامان، وتشكيل لجنة من 10 أعضاء بالتساوي بين البرلمان والمؤتمر الوطني تعمل على المساعدة في اختيار رئيس حكومة وفاق وطني ونائبين له، الأول يمثل البرلمان، والثاني المؤتمر يشكلان مع الرئيس "رئاسة مجلس الوزراء" خلال أسبوعين.
وتنص النقطة الثالثة على تشكيل لجنة من 10 أعضاء من البرلمان والمؤتمر تتولى مهمة تنقيح الدستور المشار إليه في حل النزاع التشريعي، بما يتفق وخصوصية وطبيعة المرحلة.
من جانبه، قال السفير الليبي لدى الأمم المتحدة إبراهيم الدباشي أمام مجلس الأمن إنه آن الأوان للتوقيع على الاتفاق، وناشد المجلس تخفيف حظر السلاح المفروض على بلاده، مؤكدا أن الجيش لا يمكنه مكافحة الإرهاب بدون موارد كافية وبدون مصادر شرعية للأسلحة والذخيرة.
ويشير مراقبون إلي أن الأزمة الليبية ستشهد بداية انفراجة عقب توقيع الأطراف المتنازعة على الاتفاق السياسي، موضحين أن مجرد الاتفاق على موعد التوقيع يعتبر أمل جديد لعودة ليبيا.