تصريحات بوتين تدق طبول الحرب الباردة مع أنقرة
السبت 12/ديسمبر/2015 - 08:15 م
طباعة

في تطور جديد لتبعات إسقاط تركيا، مقاتلة روسية من طراز "سوخاوي"، وضعت الكلمة التي ألقاها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس (الجمعة)، المنطقة على حافة الهاوية، بإعطائه أوامر لجيشه الموجود حالياً في قاعدة "حميميم" الروسية على الواحل الروسية، بالرد "بمنتهى الحزم" على أي قوة تهدده في سورية، في إشارة مباشرة إلى أنقرة، التي حذرت في المقابل من نفاد صبرها تجاه استفزازات موسكو. بينما استمرت أجواء التوتر بين تركيا والعراق على خلفية استمرار وجود عسكريين أتراك في الأراضي العراقية.
بوتين قال أمام قيادات وزارة الدفاع، "آمركم بالتصرف بمنتهى الحزم لتدمير كل هدف يهدد الوحدات الروسية أو منشآتنا على الأرض فوراً"، مضيفاً: "أريد أن أحذر أولئك الذين يحاولون تدبير أي استفزازات ضد العسكريين الروس (في سورية) من أننا اتخذنا إجراءات إضافية لضمان أمن قواتنا وقاعدتنا الجوية (حميميم) التي تم تعزيز قدراتها بوسائل جديدة للدفاع الجوي، كما تنفذ الطائرات القاذفة جميع عملياتها تحت تغطية مقاتلات".
تصريحات بوتين تدق طبول الحرب الباردة مع أنقرة، رغم أنه ألمح خلال الكلمة أهمية التعاون مع أي حكومة مهتمة حقاً بالقضاء على الإرهابيين، خصوصاً الائتلاف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، لتفادي الاصطدام في الأجواء السورية، مشدداً على أن الأهداف التي تسعى موسكو لتحقيقها في سورية لا ترتبط بمصالح جيوسياسية ما أو بالسعي إلى اختبار أسلحة جديدة، بل تكمن في تحييد الخطر الإرهابي الذي يهدد الاتحاد الروسي نفسه.

كان وزير خارجية تركيا مولود جاويش، حذر أمس (الجمعة) من أن لصبر تركيا "حدوداً"، داعياً روسيا، التي وصفها بأكبر شركاء بلاده التجاريين، إلى الهدوء، وقال الوزير التركي، لمحطة "NTV": "إذا لم نقم بالرد بعد ما فعلتموه فليس لأننا نخاف أو يعترينا أدنى شعور بالذنب، نحن صابرون أملاً في عودة علاقاتنا إلى سابق عهدها".
تركيا التي سعت إلى الرد على تحركات روسيا بعد الأزمة، حيث نشرت منظومة صواريخ S400، كما كثفت من قصفها على منطقة التركمان، الحدودية مع تركيا، والتي تقول أنقرة إنهم أتراك وحمايتهم واجبة عليها، حيث رفض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، سحب قواته المتمركزة في قاعدة "بعشيقة" خارج الموصل في الوقت الراهن، مؤكداً أنها غير قتالية وتم نشرها في عام 2014 استجابة لطلب من الحكومة العراقية للمساعدة في محاربة تنظيم "داعش"، مشيراً إلى أن اجتماعاً ثلاثياً بين مسؤولين من تركيا والولايات المتحدة وحكومة إقليم كردستان، سيعقد في 21 ديسمبر لدرس الموقف، ورغم أخذها في الاعتبار "المخاوف العراقية"، اكتفت أنقرة بعد محادثات مع مسؤولين عراقيين بـ"إعادة تنظيم" قواتها المتمركزة في معسكر بعشيقة، وفق ما أعلن مكتب رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو.
ومع اتجاه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لتدويل القضية بطلبه من وزارة الخارجية تقديم شكوى إلى مجلس الأمن تتضمن طلباً بسحب تركيا قواتها فوراً، دخل المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني على خط الأزمة، شاجباً تحرك القيادة التركية دون موافقة الحكومة المركزية، ومطالباً باحترام سيادة العراق وتطبيق القوانين الدولية، ومحذراً أنقرة من التذرع بمحاربة الإرهاب.

كانت مواقع عراقية، ذكرت إن قيادات تحرير مدينة "نينوى" أعلنت وصول 3 أفواج من القوات التركية بكامل عتادها وتجهيزاتها القتالية إلى معسكر الزلكان عند أطراف الموصل شمال العراق وأن القوة التركية تتهيأ للمشاركة ضمن قوات التحالف الدولي لتحرير الموصل من قبضة تنظيم داعش، فيما تتذرع تركيا بأنها تدرب قوة "الحشد الوطني" المكونة من رجال شرطة عراقيين سابقين ومتطوعين من الموصل، وهي قوة أحدثها المحافظ السابق أثيل النجيفي المقرب من تركيا.
وذكرت هذه المواقع أن حوالي 150 جنديا تركيا معززين بأكثر من 20 دبابة وصلوا إلى محيط مدينة الموصل التي يسيطر عليها "داعش"، وذلك في إطار مهمة لتدريب قوات إقليم كردستان العراق، ومنذ عامين ونصف يتمركز جنود أتراك في شمال العراق في إطار اتفاق بين أنقرة وحكومة إقليم كردستان العراق لتدريب البيشمركة، بينما دافعت أمريكا عن حليفتها تركيا، وقالت إنها على علم بإرسال تركيا مئات الجنود لشمال العراق، حسب تصريحات مسؤولان من وزارة الدفاع الأمريكية الجمعة 4 ديسمبر.

في أول رد فعل من الدب الروسي، على اجتماع المعارضة السورية في الرياض الاسبوع الماضي، قالت الخارجية الروسية في بيان لها أمس (السبت) إن "موسكو تقدر جهود السعودية لأداء التفويض الممنوح لها من قبل المجموعة الدولية لدعم سوريا لعقد اجتماع لأطراف المعارضة السورية في الرياض حق قدره" إلا أنها انتقدت عدم وجود ممثلي كافة أطراف المعارضة السورية في الاجتماع، (في إشارة إلى مجموعة المعارضة التي تناقشت معها روسيا خلال الفترة الماضية) وهو الأمر الذي كان له أثره على البيان الصادر في ختام الاجتماع.
ولفتت الخارجية الروسية، أن قسما كبيرا من المعارضين قرر مقاطعة الاجتماع معللا قراره بعدم الرغبة في الجلوس على الطاولة الواحدة إلى جانب المتطرفين والإرهابيين، وأكدت ضرورة إقصاء الإرهابيين من العملية السياسية في سوريا، وقالت: "لا يمكننا أن نوافق على المحاولة التي بذلها المجتمعون في الرياض لادعاء الحق في تمثيل المعارضة السورية بكاملها، خاصة أن أطراف المجموعة الدولية لدعم سوريا اتفقت على أن مصير سوريا لا يقرره إلا الشعب السوري"

وبصدد الدعوة لانعقاد اجتماع "أصدقاء سوريا" الشهر المقبل قالت: "لقد تلقينا بدهشة نبأ الدعوة إلى اجتماع عاجل في الـ14 من ديسمبر الجاري لمجموعة "أصدقاء سوريا" المعروف عنها نهجها المتمسك بالإطاحة بالحكومة الشرعية في دمشق، ومحاولات حصر عملية التسوية في نطاق منفرد من شأنها الإضرار بالتسوية، وتطعن بهيبة المجموعة الدولية لدعم سوريا والتي تم في نطاقها وبفضل جهود مضنية حشد جميع اللاعبين الخارجيين الرئيسيين.
كان مؤتمر الرياض "لتوحيد المعارضة السورية" أنهى أعماله في العاصمة السعودية بإصدار بيان ختامي أكد المجتمعون في البيان "تمسكهم بوحدة الأراضي السورية وإيمانهم بمدنية الدولة السورية، وسيادتها على كافة الأراضي، والتزامهم بالديمقراطية من خلال نظام تعددي يمثل كافة أطياف الشعب السوري، والحفاظ على مؤسسات الدولة، مع ضرورة إعادة هيكلة وتشكيل مؤسساتها الأمنية والعسكرية، ومؤسسات الدولة الشرعية ليختارها الشعب السوري عبر انتخابات حرة ونزيهة، لتكون الجهة الوحيدة التي تحتكر حق حيازة السلاح، والا يكون للأسد موضع قدم فيها.