التمويل الروسي للحرب في سوريا بين الـ"تكهنات" و"الأرقام"
الإثنين 14/ديسمبر/2015 - 02:13 م
طباعة

قد تكون التكلفة المالية للحرب الروسية في سوريا معوق أمام موسكو او حافز للاستمرار فيها ولان الروس غالبا لا يفصحون عن أرقام ومعلومات عسكرية وخاصة أذا كانت متعلقة بالدعم العسكرى لحلفائهم بالخارج يبقى الحديث عنها مجرد تكهنات .

الأمريكيون غالبا ما يتبرعون بالكشف عن الأرقام الروسية وكانها مسلمات التى قد تتفق مع الواقع او تختلف عنه ولكنها تبقى مجرد مؤشرات وليس حقائق كاملة حيث كشف معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى مؤخرا في دراسة حديثة له كشفت عن التكلفة اللوجستية والمادية للتدخل الروسي في سوريا والتى تجاوزت أكثر من مليار دولار سنويا وقال "إن الجهد الحربي بكامله سيكلف روسيا حوالي مليار دولار سنويا وتبلغ الكلفة اليومية للذخائر حوالي 750 ألف دولار يومي وبالنسبة للصواريخ الباليستية، فإن كل صاروخ كروز يطلق من بحر قزوين أو البحر المتوسط يكلف ما بين 1.2 و 1.5 مليون دولار.
وتابع يضاف اليها تكلفة تشغيل وذخائر ووقود لـ 30 طائرة مقاتلة، منها حوالي 12 طائرة سوخوي 25 التي تعرف بقدرتها الجوّية الداعمة، وسوخوي 24 المخصصة للأهداف الأرضية وسوخوي 30 و34 الأكثر حداثة بين المقاتلات الروسية و طائرات Il-20 وأخرى بدون طيار لأهداف قتالية واستخباراتية وما يقارب 20 قاذفة بعيدة المدى لضرب أهداف في سوريا منها طائرات توبوليف تي يو- 22 و تي يو- 95 وتي يو-160 و حوالي 20 مروحية هجومية روسية من طراز "Mi-24" ومروحية قيادة السيطرة والنقل من طراز "MI8". يضاف اليها تكلفة أعداد الطواقم الفنية الروسية البالغة حوالى 3500 شخص من القوات الجوية الروسية والوحدات البحرية والبرية في سوريا، والتى من المتوقع أن تصل إلى حوالي 7 آلاف شخص إن صحت التسريبات عن عزم الروس إقامة قاعدة جوية ثانية ونشر موسكو لأنظمة "S-400" للدفاع ضد الصواريخ.

هذا في الوقت الذى أكد خبراء عسكريّين على إن التكلفة الماليّة للحملة العسكرية الروسية على سوريا تتراوح بين 2.4 مليون دولار و4 مليون دولار يوميًا وتتوزّع التكلفة المادية على عدّة قطاعات أبرزها الجوية والذخيرة والعسكريين والوحدات البحريّة ومصاريف المخابرات العسكريّة، على النحو التالي:
1- تكلفة الطائرات الحربيّة 710 ألف دولار يوميً
2- 750 ألف دولار لليوم الواحد لميزانيّة الذخيرة
3- 250 ألف دولار تكلّفة وجود العسكريّين استخباراتيًا
4- 200 ألف دولار تكلفة الوحدات البحريّة.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين له وجهة نظر براجماتية في التكلفة الاقتصادية للحرب في سوريا حيث قال " إن أرباح بلاده خلال عام 2015م في مجال الاستثمار والطلب الأجنبي للصناعات العسكرية، تخطت عتبة 50 مليار دولار" ، وهو ما يجعل روسيا قادرة على الاستمرار في الحرب بسوريا لمدة عام كاملة على الأقل رغم ما يعانيه اقتصادها من تراجع وهو ما جعله يطالب خلال اجتماع لجنة التعاون العسكرية مع دول أجنبية بالعاصمة موسكو، الشركات الروسية بالاستمرار في التنسيق مع شركائها، وإقامة معارض عسكرية دولية، لتصدير منتجاتها العسكرية الوطنية، إلى أسواق الدول الإقليمية.

دلالات حديث بوتن أكدت عليها صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، بالاسقاط على كلفة التدخل العسكرى في روسيا قائلة " إن قدرة الروس على تحمل نفقات العبء العسكري في سوريا ترجع بالأساس إلى قلة تكلفة تلك العمليات مقارنة بما تنفقه أميركا في أفغانستان، إضافة إلى الدعم المادي الذي حصل عليه الجيش الروسي طيلة 17 عاماً مضت دون رقابة على إنفاق تلك الأموال وفي حال استمرت الضربات الجوية الروسية على سوريا طوال 2016، فإن ذلك لن يستهلك سوى أقل من 3% من ميزانية وزارة الدفاع الروسية والتي من المتوقع أن تبلغ 51 مليار دولار، وفقاً لحسابات مؤسسة HIS Jane للأبحاث العسكرية وهى ما ستزيد عن ميزانية 2015م والتى مثلت 5.42% من الدخل القومي الروسي .

وتابعت " روسيا تقوم بتدبير العمليات العسكرية في سوريا بأقل التكاليف مقارنة بما تنفقه أميركا علي سبيل المثال على عدد ضئيل من الجنود في أفغانستان حيث يصل معدل إنفاق واشنطن على هؤلاء حوالي 4 مليون دولار في اليوم الواحد كما ا يرى العديد من الخبراء صعوبة حساب تكاليف الحملة الروسية بدقة نظرا لإخفاء موسكو الكثير من الأرقام، ولكن من المرجح أنها ضئيلة جداً مقارنة بحجم الإنفاق العسكري الروسي ويعتقد العديد من المحللين أيضاً أن الجيش الروسي يقوم بخفض بعض تكاليف الحرب عن طريق استخدام الذخيرة منتهية الصلاحية في حربه في سوريا.
وتسألت الكاتبة الصحفية اللبنانية روزانا بومنصف من سيدفع كلفة الحرب الروسية في سوريا؟ قائلة " السؤال عمن يمول الحملة العسكرية الروسية يستند الى محاولة معرفة المدى الذي ستذهب اليه روسيا والمدة التي ستستغرقها الحرب التي تشنها ضد معارضي الرئيس بشار الاسد ولو بالتزامن مع عدم اهمال المصالح الاستراتيجية لروسيا ان في الدويلة الساحلية التي يتم تثبيتها على الساحل الروسي او عبر طموح روسيا الى عقود استثمار الغاز في المنطقة.

وتابعت " لكن ذلك للقول ان هذه الحرب لا يمكن ان تكون مفتوحة في الزمن في ظل عقوبات يعاني منها الاقتصاد الروسي. فالحرب مكلفة بالنسبة الى روسيا الى درجة الشك في قدرتها على متابعتها لاشهر طويلة كما رجح أحد نواب البرلمان الروسي بان تستمر بين ثلاثة واربعة اشهر ثم ما لبث ان تراجع عن تصريحه والسؤال التالي يرتبط بما سينجزه الرئيس الروسي في سوريا وهل هو إعادة احياء النظام وترميمه وحماية دمشق امتدادا الى الساحل السوري مركز الثقل العلوي فضلاً عن موقع القاعدة العسكرية الروسية على المتوسط وفق ما هو مرجح، ام هل هو العمل على تثبيت النظام ومساعدته من اجل محاولة استعادة السيطرة على مدن أساسية خسرها او ربما محاولة مساعدته على استعادة السيطرة على سوريا مجدداً؟
وشددت على أن فارق كبير بين محاولة منع النظام من الانهيار من اجل تمكينه من الجلوس على طاولة التفاوض قوياً نسبياً وبين تمكينه كلياً من المعارضين على استحالة هذا الاحتمال الاخير في ضوء اعتبارات متعددة ولا يهمل مراقبون سياسيون وديبلوماسيون في بيروت حجم الحملة التي بدأتها روسيا في سوريا وتأثيرها في محاولة قلب التوازنات التي رست على الارض والتي تشكل منعطفاً كبيراً في الحرب في سوريا والحملة في حد ذاتها كما طبيعتها وابعادها هي مدعاة للقلق بالنسبة الى لبنان نظرا الى ان لكل تطور من التطورات السورية انعكاساته وتداعياته في لبنان.

يُذكر أن ما تم ذكره من أرقام مخصّصة فقط للتدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا ولا يشمل الدعم اللوجستي والاستخباراتي المقدّم للجيش النظامي السوري وأنها تختصر في التدخل العسكري الروسي في سوريا بعدد الطلعات الجوية أو نشر صواريخ أو غواصات، أما التكلفة المادية واللوجستية فغالبا تختفي وراء هدير الطائرات وانفجار الصواريخ.
مما سبق نستطيع أن نؤكد على أن قضيّة التمويل الروسي للحرب في سوريا تمثل أحد أهم المعوقات أمام موسكو للاستمرار في الحرب او انهاءها ولان الروس غالبا لا يفصحون عن معلومات وأرقام عسكرية وخاصة أذا كانت متعلقة بالدعم العسكري لحلفائهم بالخارج فإن الامر يزداد صعوبة وتبقى التكهنات مجرد حديث لا يثبت حقيقة او ينفيها .