اليمن.. استمرار الصراع وسط مطالب دولية بالالتزام بالمسار التفاوضي
الخميس 24/ديسمبر/2015 - 09:30 م
طباعة

اقترب الجيش الوطني والمقاومة الشعبية بدعم من التحالف العربي، خطوات قليلة من تحرير صنعاء، وسط ارتباك كبير في صفوف الحوثيين، فيما طالب أعضاء مجلس الأمن الأطراف اليمينة بالتوصل إلى حل سلمي للأزمة.
الوضع الميداني:

تواصل قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في اليمن تقدمها بمدينة حرض الحدودية لتحرير مدينتي حجة والحديدة من المليشيات الحوثية. وتتقدم من جهة الجوف إلى منفذ البقع لتضييق الخناق على صعدة.
وبحسب سكان محليين تحدثوا لموقع "مأرب برس"، فإن "مليشيات الحوثي كثفت في الأيام الماضية من تحركاتها ونقلت كماً هائلاً من الأسلحة والمعدات والمقاتلين إلى صعدة"، مشيرين إلى أن الحوثيين حشدوا ترسانة كبيرة من الأسلحة والمقاتلين في تحرك غير مسبوق إلى مديريات صعدة.
إلى ذلك كشفت مصادر قبلية في محافظة صعدة عن تحركات للمليشيات الانقلابية التي فرت من أرض المعارك في مأرب والجوف إلى جبال صعدة.
ودفع التقدم المستمر للمقاومة الشعبية والجيش الوطني في الجوف باليمن ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح إلى بناء استحكامات جديدة في محيط صنعاء.
فالمقاومة الشعبية والجيش الوطني تمكنا من استعادة السيطرة على نحو 90% من مساحة هذه المحافظة الكبيرة وما تتضمنه من معسكرات هامة مثل معسكر "اللبنات"، ومعسكرات أخرى في مدينة "الحزم" مركز محافظة الجوف.
استعادة السيطرة على مدينة الحزم أثار حالة من الاضطراب في صفوف الميليشيات، نظراً لما تتمتع به الجوف من أهمية استراتيجية، فهي على تخوم ثلاث محافظات تخضع لسيطرة تلك الميليشيات.
وهو ما دفع الميليشيات إلى الفرار غرباً نحو "حرف سفيان" التابعة لمحافظة عمران، وكذلك ما تبقى من مناطق خاضعة لسيطرتهم في الجوف وملاصقة لصعدة.
فباتجاه محافظة صعدة باتت المقاومة الشعبية على مشارف "كتاف" التابعة لهذه المحافظة الخاضعة بالكامل للحوثيين، أما باتجاه محافظة عمران فباتت المقاومة الشعبية على مشارف مناطق سدبأ والغيل وعقبة خب والشعف .
وأخيراً باتجاه محافظة العاصمة صنعاء، حيث التقت مع المقاومة الشعبية في مثلث "المفرق" مأرب الجوف صنعاء للسيطرة على منطقة نهم الاستراتيجية هناك.
فيما اعترض الدفاع الجوي السعودي صاروخا أطلقه الحوثيون من الاراضي اليمنية اليوم الأربعاء، باتجاه منطقة عسير جنوب غرب المملكة السعودية.
وقالت قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن ، الذي تقوده السعودية ، في بيان لها "إن المضادات الأرضية تمكنت من تدمير الصاروخ بالقرب من مركز تندحة التابع لمحافظة خميس مشيط بمنطقة عسير (السعودية)، دون أن يسفر ذلك عن وقوع أية إصابات بشرية أو مادية".
ميناء عدن:

عاد نبض الحركة الملاحية مرة أخرى إلى ميناء عدن أكبر الموانئ الطبيعية في العالم، بعد تعرضه للدمار الكبير الذي لحق به بسبب الحرب الدائرة في اليمن.
ويعتبر الميناء الذي يقع في خليج عدن على الساحل الجنوبي لليمن، أحد الخطوط الملاحية التي تربط الشرق بالغرب، وشهد مؤخراً نمواً اقتصادياً كبيراً قدره المراقبون بأنه تخطى في نشاطه ما كان عليه قبل اندلاع الأزمة اليمنية.
وبعد أن تمكنت المقاومة الشعبية مدعومة بقوات التحالف العربي بقيادة السعودية من تحرير عدن في يوليو الماضي، وإعادة الحياة إليها، بدأت كوادر العمل المتخصصة في تحديث البنية التحتية للمعدات، وإجراء عمليات توسعة لتخزين الحاويات بسبب ازدياد حركة السفن والنشاط التجاري.
وتعمل الحكومة اليمنية حالياً على بذل المزيد من الجهد على المستويين الأمني والخدمي، لضمان استمرار العمل في الميناء، وزيادة نشاطه التجاري والاقتصادي العالمي .
المسار التفاوضي:

ذكر المتحدث باسم الحكومة اليمينة، راجح بادي، أن الحكومة اليمنية لن تنتقل لخطوات أخرى في التفاوض مع ميليشيات الانقلابيين قبل إدخال المساعدات والكشف عن مصير المعتقلين.
وطالب بادي المجتمع الدولي بضرورة المساعدة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى مدينة تعز، التي تعيش أوضاعاً إنسانية متردية.
فيما قال المبعوث الأممي ولد الشيخ أحمد، الثلاثاء، إن العديد من الانتهاكات للهدنة في اليمن حصلت خلال مفاوضات سويسرا.
وأضاف خلال تقديمه تقريره عن مفاوضات سويسرا لمجلس الأمن "نريد التوصل إلى وقف لإطلاق نار يكون أكثر فاعلية".
وأوضح ولد الشيخ أحمد أن مفاوضات السلام بين الأطراف اليمنية ما زالت في بدايتها، مشيراً إلى أن أزمة ثقة عميقة بين الأطراف اليمنية، حيث إن "المحادثات كشفت عن انقسامات كبيرة بين الأطراف اليمنية".
دعا زعيم المتمردين الحوثيين في اليمن عبد الملك الحوثي، أنصاره إلى "عدم الرهان على الأمم المتحدة"، التي تسعى إلى تسوية سياسية للنزاع في هذا البلد، وحثهم على "مقاومة" القوات الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي.
وقال الحوثي في خطاب مساء الأربعاء بمناسبة المولد النبوي "لا نضيع وقتنا في الرهان على أي أحد، لا رهان على أمم متحدة، الأمم المتحدة تؤدي دورها ونشاطها وفقاً للسياسات الأمريكية".
وأضاف: "لا ينبغي أبداً الضعف مهما طالت الحرب، مهما كان حجم التحديات، مهما كان حجم المأساة، ولا الاكتراث بأي تطورات مهما كانت، لأننا حاضرون أن نحارب ونواجه المعتدين".
وزعم عبد الملك الحوثي أن "لا خيار لنا جميعا ولشعبنا إلا الصمود، الصمود طالما أن المعركة معركة حرية وكرامة، نستعد أن نواجههم إلى يوم القيامة جيلاً بعد جيل".
فيما حث أعضاء مجلس الأمن الدولي، أمس الأربعاء، الأطراف اليمنية على "الوفاء بالالتزامات التي قدمت خلال مشاورات السلام، التي عقدت خلال الفترة من 15-20 ديسمبر الجاري، في سويسرا، تحت رعاية الأمم المتحدة.
ورحب الأعضاء في بيان، أمس الأربعاء، بالتزام جميع أطراف الأزمة بعقد جولة جديدة من المحادثات منتصف شهر يناير المقبل، ودعوهم إلى المشاركة في تلك المحادثات المزمعة دون شروط مسبقة وبحسن نية، وحل خلافاتهم من خلال الحوار والتشاور".
وأكد بيان المجلس أن الهدف من تلك المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة هو "إيجاد حل سياسي توافقي للأزمة في اليمن، وفقاً لمبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها، ونتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة".
وأعرب البيان عن "القلق العميق إزاء الوضع الإنساني المتردي في اليمن، والذي يزداد سوءاً ويتطلب شكلاً من أشكال المساعدة الإنسانية".
وأعرب أعضاء المجلس، عن دعمهم الكامل لجهود المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، لافتاً إلى "الحاجة إلى انتقال سلمي، منظم وشامل في اليمن، من أجل التنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن".
الوضع الإنساني:

واتهمت منسقة الطوارئ في منظمة "أطباء بلا حدود" "سيلين لانغلوا" الحوثيين بمنع شاحنات تابعة للمنظمة، كانت محملة بإمدادات طبية إلى مدينة تعز في نقاط تفتيشهم من دخول المناطق المحاصرة في تعز المنكوبة وفق ما أوردت محطة بي بي سي البريطانية.
من جهته، قال المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد "لقد أصبحت ظروف الحياة في اليمن صعبة للغاية".
وذكر بن رعد أن 80% من سكان اليمن يعتمدون على بعض المساعدات الإنسانية.
وأشار إلى أن أكثر من 2700 يمني قتلوا منذ بدء الأزمة في اليمن، معتبراً أن فشل الدولة باليمن سيفتح ملاذات آمنة لتنظيم داعش.
ودعا المفوض السامي إلى إزالة كل المعوقات التي تمنع توزيع الإغاثة الإنسانية.
المشهد الإقليمي:

سلم وزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي رسالة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من نظيره اليمني عبد ربه هادي منصور، يؤكد فيها أهمية دور مصر في عمليات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، وأهمية تنفيذ القرار الخاص بتعزيز الحل السياسي في اليمن.
وقال مسؤول في السفارة اليمنية في القاهرة في تصريحات لـ24، إن الوزير اليمني شدد على أهمية الدور المصري في حل القضية اليمنية، وذلك خلال اللقاء الأول بين المخلافي والرئيس عبد الفتاح السيسي، مشيراً إلى أن السيسي أكد دعم مصر القوي للشرعية في اليمن وضرورة تعزيز الحل السياسي للأزمة من خلال تفعيل الحوار بين الأطراف المختلفة.
وأشار المسؤول اليمني إلى أن الرئيس السيسي أكد لوزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي استمرار مصر في دورها تجاه اليمن، حتى تعود الشرعية بالكامل لحماية الشعب اليمني.
فيما أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أنه في سياق حرص المملكة على أداء واجباتها تجاه الدول الشقيقة ونصرتها، جاءت عملية "عاصفة الحزم" بمشاركة عدد من الدول العربية والإسلامية وبطلب من الحكومة الشرعية في اليمن لإنقاذه من فئة انقلبت على شرعيته وعبثت بأمنه واستقراره.
جاء ذلك في خطاب مطول للملك سلمان خلال افتتاحه أعمال السنة الرابعة من الدورة السادسة لمجلس الشورى بالرياض.
وأضاف الملك سلمان أن هذه الفئة سعت إلى الهيمنة وزرع الفتن في المنطقة، ملوحة بتهديد أمن دول الجوار وفي مقدمتها المملكة، ومنفذة لتوجهات إقليمية تسعى إلى التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية من خلال تحويل اليمن إلى بؤرة للصراع المذهبي والطائفي.
واعتبر الملك سلمان أن هذا الأمر أملى على دول التحالف التعامل مع هذا الخطر المحدق بأمن اليمن وشعبه وأمن المنطقة العربية بما يعيد الشرعية والاستقرار إلى اليمن الشقيق، ويمنع التهديدات التي تمثلها هذه الفئة ومن يدعمها إقليمياً، ويؤمن للمنطقة استقرارها وسلامة أراضيها، وأعقب ذلك عملية إعادة الأمل، وبرامج الإغاثة والمساعدات الإنسانية للشعب اليمني الشقيق عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وذلك ليتجاوز ظروفه وأوضاعه وليستعيد دوره الطبيعي إقليمياً ودولياً، وينهض بوطنه في أجواء من الأمن والاستقرار.
وقال الملك سلمان إن المملكة منذ بداية الأزمة حتى الآن تدعو إلى حل سياسي وفقاً للمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني الشامل ، ولقرار مجلس الأمن رقم (2216).
المشهد اليمني:
لا تزال أصوات الرصاص ونزيف الدم اليمني مستمرين، مع فشل مباحثات جنيف والتي جاءت مخيبة لآمال الشعب اليمني في إنهاء الصراع، فيما يواجه المبعوث الدولي صعوبات كبيرة في التوصل إلى اتفاق بين الفرقاء لهدنة إنسانية.