بين المفاوضات السرية والمبادرات لحل الأزمة.. الاتفاق الليبي "يتأرجح"
السبت 26/ديسمبر/2015 - 03:22 م
طباعة

في ظل التوتر الذى تشهده ليبيا في أعقاب توقيع الاتفاق السياسي في مدينة الصخيرات المغربية، باتت الأوضاع لا تؤشر بأي استقرار للبلاد، فما بين الرفض والقبول، تتباين الآراء حول مدي قبول الأطراف للشروط التي صاغتها الأمم المتحدة للتوقيع على المسودة الأخيرة للحوار الليبي، حيث أن العديد من أطراف النزاع الليبي رفض النتائج النهائية التي خرجت بها مسودة الاتفاق فيما رحب أخرون.
مفاوضات سرية

وكان كل من عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي المعترف به دوليا و نورى أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني العام البرلمان السابق والمنتهية ولايته في العاصمة طرابلس قد حذرا من أن غياب الاتفاق على الحكومة المعلنة برعاية الأمم المتحدة سيعقد المشهد الليبي بشكل أخطر وعقدا الطرفان مفاوضات سرية على مدى اليومين الماضيين في سلطنة عمان لعقد مشاورات فيما يخص توقيع الاتفاق.
وكان أعلن المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته مساء أمس الجمعة 25 ديسمبر 2015 رسمياً عن عقد الاجتماع المذكور وأنه تم في سلطنة عمان خلال اليومين الماضيين.
وقال بيان للمؤتمر الوطني عبر موقعه الرسمي إن أبو سهمين التقى بأعضاء البرلمان بمقره في طرابلس حيث أطلعهم على نتائج لقائه برئيس مجلس النواب عقيلة صالح الذي جرى بسلطنة عمان وآخر المستجدات في ملف الحوار الليبي.
واجتمع أبو سهمين مع صالح في مالطا قبل نحو أسبوعين في أول لقاء من نوعه بين الجانبين اللذين اتفقا على رفض الاتفاق الذي وقعه ممثلون عن الطرفين برعاية بعثة الأمم المتحدة في منتجع الصخيرات بالمغرب حديثاً والذي ينص على تشكيل حكومة وفاق وطني وفترة انتقالية لمدة عامين.
وكان أبو سهمين قد أكد علي رفضه مقترحات بعثة الأمم المتحدة لتشكيل حكومة وفاق وطني جديدة برئاسة فائز السراج عضو مجلس النواب عن طرابلس قائلا: "لسنا في موقف أن تملى علينا املاءات أو تفرض علينا حكومات الخيار لنا ومفاتيح الحل في أيدنا جميعا نحن الليبيين".
وأضاف: "لا نمانع أبداً أن يكون الحوار تحت مظلة الأمم المتحدة ولكن كما نصت عليه قرارات مجلس الأمن وقرارات الأمم المتحدة بأن دور بعثة الأمم المتحدة دور فني لوجستي تيسيري لتيسير اللقاء بين الأطراف الليبية".
مجلس الأمن يتبني الاتفاق

كان مجلس الأمن تبني بالإجماع قرارا يؤيد اتفاقا ليبيًّا بتشكيل حكومة وحدة وطنية تم التوصل إليه يوم 17 ديسمبر الجاري في الصخيرات المغربية وذلك رغم تحذيرات من أطراف ليبية معارضة له وأوضح القرار الذي أعدت بريطانيا مسودته أن حكومة الوحدة التي ستتشكل مستقبلا في ليبيا يجب أن تكون الممثل الوحيد في هذا البلد.
ورحب القرار باتفاق الصخيرات بين أطراف ليبية وتشكيل المجلس الرئاسي ويدعوه إلى الإسراع بتشكيل الحكومة والانتهاء من وضع الترتيبات الأمنية الكفيلة باستقرار البلاد داعيا الدول الأعضاء إلى دعم جهود المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر وحكومة الوفاق لإعداد حزمة المساعدات المطلوبة لبناء القدرات وفقا لأولويات الحكومة.
وحض القرار أيضا جميع الدول على وقف الدعم والاتصالات الرسمية مع ما وصفها بالمؤسسات الموازية "التي تدعي أنها سلطات شرعية رغم أنها ليست في إطار الاتفاق السياسي".
وفيما حث القرار "المليشيات والمجموعات المسلحة" على احترام سلطة حكومة الوفاق وهياكلها القيادية داعيا لجنة العقوبات في مجلس الأمن إلى الاستعداد لفرض عقوبات على الأشخاص والمجموعات والكيانات والفعاليات المرتبطة بتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا.
جاء ذلك في رسالة وجهاها الأربعاء إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي ومبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا.
توقيع الاتفاق بين الرفض والقبول

وقد تباينت الآراء السياسية فيما يخص قرار مجلس الأمن حيث قال عضو مجلس النواب الليبي يونس فنوش إن قرار مجلس الأمن اعتراف دولي بصحة حكمنا على حكومة الوفاق بأنها حكومة وصاية دولية لافتاً الى ان الليبيين لم ينتخبوا مجلس الأمن ليمنح ويسحب الشرعية لحكومات ليبيا لذا بالنسبة إلى هذه الحكومة لا تمثلني والفشل مصيرها عاجلاً غير آجل.
وقال أحمد بوني عضو المؤتمر الوطني إن القرار أتى كما هو متوقع تكريساً لما بدأه مبعوثه برناردينو ليون وخلفه مارتن كوبلر باعتمادهما آراء وتوجهات فردية وغضهما الطرف عن المواقف الرسمية للمؤسسات والهيئات التشريعية والقانونية في البلاد مضيفًا بل هما احالا عدداً من المستشارين لفريقي الحوار الى عناصر اساسية في الاتفاق واعتبرا توقيعهما ملزماً لليبيين الذين لم يفوضوهم بالنيابة عنهم. وقرار مجلس الأمن يبدو انه ينحاز لتوجه الدول الدائمة العضوية ومن يسير في فلكها بصرف النظر عن الاسس والنظم القانونية الدولية وذلك ما لن يحقق لليبيا الاستقرار واعادة الحياة الى طبيعتها.
ويري محللون أن قرار مجلس الأمن بتأييد اتفاق الصخيرات أصبح الملاذ الأخير لإخراج الأزمة من عنق الزجاجة اقامة حكومة وحدة وطنية تنهي حالة الانقسام والتشظي التي وصلت لها ليبيا بسبب تعدد الحكومات وتزايد عدد النازحين واستفحال الازمة الاقتصادية التي اوصلت ليبيا الى حال الافلاس والفقر على رغم ما تزخر به البلاد من ثروات تم تبديدها واختلاسها.
ورأى أن حكومة الوفاق المرتقب قيامها هي الضمان الأكيد لعدم عودة حكم العسكر الذي لن يجد قبولاً لا من الليبيين ولا من العالم.
وفيما رحب وزراء الخارجية العرب بقرار مجلس الأمن، داعيين في ختام اجتماعهم غير العادي الذى عقد اليوم في مقر الجامعة العربية برئاسة الإمارات، كافة الأطراف الليبية إلى احترام الاتفاق السياسي الليبي الموقع في مدينة الصخيرات المغربية بتاريخ 17-12-2015، الذى ينص على تشكيل حكومة وفاق وطني.
وأعرب مجلس الجامعة العربية الوزاري عن أمله في أن ينهى هذا الاتفاق معاناة الأشقاء الليبيين، ويفتح المجال للبدء في مرحلة جديدة تتضمن تحقيق تطلعات الشعب الليبي في الأمن والاستقرار، كما دعا المجلس الذين لم يوافقوا على الاتفاق إلى سرعة الانخراط في ركب الوفاق الوطني الليبي.
كما أكد المجلس التزامه التام بسيادة واستقلال ليبيا وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية، كما رحب بالجهود الإقليمية الدولية الهادفة إلى وضع الترتيبات الأمنية اللازمة التي تضمن مباشرة حكومة الوفاق الوطني عملها من العاصمة طرابلس، وتدعو الميليشيات والجامعات المسلحة الى احترام سلطة هذه الحكومة.
وقد وقع الخميس الماضي 17 ديسمبر وفود عن المؤتمر الوطني الليبي العام في طرابلس ومجلس النواب المنعقد في طبرق شرقي البلاد والنواب المقاطعين لجلسات الأخير بالإضافة إلى وفد عن المستقلين على اتفاق يقضي بتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة فايز السراج في غضون شهر من التوقيع الليبي الذى وقع في مدينة الصخيرات.
مبادرة لحل الأزمة

من جانبها أعلنت جبهة النضال الوطني الليبي في بيان لها أمس الجمعة 25 ديسمبر 2015، أنه كثرت مؤخرا المؤامرات التي تحاك ضد ليبيا وشعبها وهي فرصة لتحية الشعب الليبي العظيم و قبائله وحركاته الوطنية المناضلة داعية إلى التمسك بالوحدة الوطنية والوعي واليقظة المستمرة إزاء ما يجري من مستجدات في الشأن الليبي ومنها ملف الحوار والمصالحة.
وأكدت الجبهة على أنها قامت من أجل إنقاذ ليبيا مما هي فيه الأن وسيلتها في ذلك العمل من خلال تفعيل أليات الحوار الليبي العمل المثمر الجاد لتحقيق المصالحة الوطنية وقد حددت في ميثاقها و برنامج عملها الذي وضعته مكوناتها داخل ليبيا وخارجها أن ليبيا لن تخرج من مأزقها الحالي إلا بالاحتكام لمخزونها الحضاري من عرف و دين و تاريخ نضالي كبير ولابد من وضع البلاد على عتبة التغيير الوطني الديمقراطي.
وأعلنت الجبهة عن مبادرة لحل الأزمة، وأبلغت بذلك دول الجوار والعالم، في مقدمتها الأمم المتحدة، بأن الأزمة الليبية لا تحل إلا سلميا بالاعتماد على قوى الشعب الليبي بعيدا عن العزل والاقصاء والتهميش، كذلك التدخل الخارجين وإنما تحل بالعدل والمساواة والديمقراطية محددة الجهات التي يمكن لها أن تحقق الحوار و المصالحة الوطنية الشاملة من خلال كل مكونات الشعب وهي، المكون الاجتماعي يتمثل في القبائل و المدن الليبية، المكون السياسي ويتمثل في القوى السياسية الوطنية التي تؤمن بالحوار و ترفض التطرف والإرهاب، والقوات المسلحة العربية الليبية.
4 دول تستعد للتدخل عسكريًا
وتدخل ليبيا مرحلة حرجة في ظل العراقيل التي تقف أمام الاتفاق الليبي، تتعرض البلاد، إلي احتماليه التدخل العسكري من جانب الغرب، وبالأخص عقب التصريحات التي كشفها إبراهيم الدباشي مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة عن نية أربع دول كبرى إطلاق عملية عسكرية جوية ضد مواقع تنظيم "داعش" الإرهابي في ليبيا.
وقال الدباشي في تصريح لإحدى الصحف الإيطالية إن دول إيطاليا والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا عازمة على توجيه ضربات جوية لمواقع التنظيم على الأراضي الليبية حال توفر الظروف السياسية في البلاد.
وعن الدور الليبي قال الدباشي عن القوات الليبية سيقتصر دورها على العمليات البرية على مواقع التنظيم بينما ستدعمنا الدول الأربع جويا.
ويسيطر تنظيم "داعش" على مدينة سرت وما جاورها وسط البلاد بينما يتواجد جزئيا في درنة وبنغازي وأجدابيا وصبراتة والعجيلات.