مع اعتقال عشرات المتطرفين.. هل تنجو البوسنة من خطر"داعش"؟

الأحد 27/ديسمبر/2015 - 02:13 م
طباعة مع اعتقال عشرات المتطرفين..
 
اصبحت البوسنة تواجه الان خطر المتطرفين البوسنيين الذين تستهويهم النزاعات في العراق وسوريا بعد ان كانت نقطة جذب للجهاديين خلال حربها في تسعينات القرن الماضي.

اعتقال11 متطرف:

اعتقال11 متطرف:
أكد مدعي عام بوسني مكلف بقضايا الإرهاب السبت 26 ديسمبر2015، اعتقال عدد من المتطرفين الإسلاميين كانوا يخططون لشن هجوم في ساراييفو بمناسبة أعياد الميلاد وبداية السنة الجديدة.
ووجهت النيابة العامة البوسنية الخميس 25 ديسمبر 2015، تهمة "الإرهاب" إلى أحد الأئمة في البوسنة ويدعى حسين بوسنيك، لقيامه بحث أتباعه على الالتحاق بصفوف تنظيم "الدولة الإسلامية" في أول دعوى من نوعها تعرض على القضاء البوسني.
وأوضحت النيابة في بيان أن "حسين بوسنيك، 42 سنة، اتهم بالتحريض العلني على أنشطة إرهابية وبتنظيم مجموعة إرهابية".
وأضافت أن هذا الإمام من بوزيم (شمال غرب البوسنة) أحد رجال الدين المحليين، وهو متهم بتشجيع أتباعه على الذهاب للقتال في سوريا والعراق في خطب ألقاها في بلدات عدة خلال 2013 و2014.
واعتقل حسين بوسنيك المكنى "بلال" في سبتمبر الماضي خلال حملة للشرطة أطلق عليها "دمشق"، جرى خلالها القبض على 11 آخرين في نوفمبر، وأخلي سبيلهم جميعا أو وضعوا قيد الإقامة الجبرية باستثناء بوسنيك.
وأكدت النيابة أنه "بعد خطبه العامة غادر عدد كبير من البوسنيين السلفيين البوسنة وانضموا إلى جماعات إرهابية مثل تنظيم الدولة وارتكبوا أعمالا إرهابية"، مشيرة إلى أن بعضهم مات في سوريا أو العراق.
ونقلت وسائل الإعلام الحكومية أن المعتقلين الـ 11 ، بينهم عدد من الدعاة المتشددين، الثلاثاء في عدة مناطق في ساراييفو في عملية للشرطة.
وقالت قناة "آر تي آر أس" إن محكمة في ساراييفو أمرت الجمعة الماضية باعتقال 8 من المشتبه بهم الـ11 لمدة ثلاثين يوما.
ونقلت القناة عن المدعي العام دوبرافكو كامبارا قوله خلال جلسة استماع أمام هذه المحكمة أن المجموعة كانت تنوي تنفيذ "عمل إرهابي خلال أعياد نهاية السنة"، وأضاف "لقد هددوا بشن هجوم بالمتفجرات لقتل مئات الاشخاص".
لكن محامي المشتبه بهم وصفوا اتهامات النيابة بانها "مهزلة"، مؤكدين أن موكليهم "لم يقوموا سوى بممارسة شعائرهم الدينية".
وبحسب النيابة العامة كان المتهمون يتجمعون للصلاة في ضاحية ساراييفو في منزل قاموا باستئجاره، وبعد توقيفهم عممت النيابة على الصحافة صورة لهذه القاعة ظهر فيها علم تنظيم داعش.
وذكر المدعي العام أنه لم يتم العثور على متفجرات أثناء عملية دهم المكان.
ونفذت العملية في عدة احياء في ساراييفو خصوصا "رايلوفاتش"، حيث قتل عسكريان بوسنيان في نوفمبر الماضي في هجوم بسلاح رشاش نفذه إسلامي متطرف أقدم لاحقا على الانتحار.

تاريخ التشدد:

تاريخ التشدد:
رغم ان اغلب سكان البوسنة من المسلمين المعتدلين، الا أن هناك الاف منهم اعتنقوا المذهب السلفي المحافظ جدا من الاسلام الذي جاء به الى البلاد المقاتلون الذين تدفقوا عليها من شمال افريقيا والشرق الاوسط واسيا خلال نزاع بين المسلمين والصرب والكروات في الفترة 1992-1995.
وغادر معظم هؤلاء المقاتلين الاجانب الذين عرفوا باسم "المجاهدين"، البوسنة عندما انتهت الحرب.
الا ان البذرة التي زرعوها بدأت تؤتي ثمارها. فبعد عشرين عاما لم يعد الدعاة المتطرفون الذين يلقون خطبهم النارية في "المساجد" او قاعات الصلاة المؤقتة، من الاجانب، بل من ابناء البلد الاصليين.
فقد شاهدت في الفترة بين ( 2005 - 2008 ) انتشاراً للتيار السلفي الجهادي في مقدونيا و كوسوفا . وتابعت ترسيخه في البوسنة والهرسك منذ اندلاع الحرب الأهلية فيها في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي، كما ان من يحملون السلاح هم ايضا من السكان المحليين.

هجمات مقلقة:

هجمات مقلقة:
ووقعت العديد من الهجمات من قبل متطرفين ضد رجال الدين، ففي ابريل الماضي فتح مسلح النار على مركز للشرطة في بلدة زفورنيك الشرقية بعد ان هتف "الله اكبر" فقتل ضابطا وجرح اثنين اخرين قبل ان يقتل باطلاق النار عليه.
والمسلح هو الشاب نيردين ابرييتش (24 عاما) من قرية قريبة من زفورنيك ويشتبه بعلاقته مع جماعات اسلامية متطرفة. والثلاثاء اعتقل رجل اخر يعتقد انه سافر الى سوريا لعلاقته بالهجوم.
ونفذ مسلحون متطرفون هجمات سابقا في هذا البلد.
ففي اكتوبر 2011 فتح مسلح النار على السفارة الاميركية في ساراييفو ما ادى الى اصابة شرطي قبل ان يصاب هو نفسه ويعتقل.
وفي يونيو2014 فجر رجل عبوة ناسفة في مركز للشرطة في بلدة بوغوجنو وسط البلاد ما ادى الى مقتل شرطي واصابة ستة اخرين في هجوم وصفته الحكومة ب"العمل الارهابي".
ويشتبه بان دعاة متطرفين يقومون بتجنيد اشخاص يرغبون بالمشاركة في الجهاد، ويعملون من خلال شبكة من قاعات الصلاة غير الرسمية.
وصرح الصحافي المحلي ايساد هيجيموفيتش الذي كتب الكثير من التقارير حول هذه المسالة، "لا شك في ان عملية التجنيد ممكنة بسبب وجود شبكة من قاعات الصلاة هذه".
ويمثل المتشددون الذين تقدر السلطات عددهم بنحو 3 آلاف شخص، مجرد عدد صغير من المسلمين البوسنيين الذين يشكلون نحو 40% من عدد السكان البالغ 3.8 مليون شخص.
الا انه يشتبه بانهم يرسلون عشرات المقاتلين الى ساحات القتال في الشرق الاوسط.

الانضمام لـ"داعش":

الانضمام لـداعش:
وعقب اعلان تنظيم "داعش" الارهابي، دولة الخلافة بدأ عدد من المتشددين السلفيين في دول أوربا ومنهم البوسة التوجه الي العراق وسوريا للمشاركة في "الجهاد".
وفي 3سبتمبر 2014 احتجزت شرطة البوسنة 16 شخصاً بتهمة تمويل أنشطة إرهابية وتجنيد متطوعين والقتال إلى جانب جماعات متشددة في سوريا والعراق.
ويعتقد ان نحو 150 بوسنيا انضموا الى المجموعات الجهادية في العراق وسوريا، فيما عاد نحو 50 اخرين الى البلاد بعد المشاركة في القتال في البلدين، طبقا لاجهزة الاستخبارات.
وفي مطلع يناير 2014، ذكرت التقارير أن 20 بوسني على الأقل قُتلوا في المعارك، وفي مطلع أغسطس 2014، فجر الانتحاري البوسني "إمرا فوجنيكا" نفسه في سوق مكتظ في بغداد فقتل 24 شخصًا من بينهم 11 امرأة و6 أطفال. 

تحرك لوقف الظاهرة:

تحرك لوقف الظاهرة:
للوقف ضد ظاهرة انضمام مواطني البوسنة الي الجماعات الارهابية كتنظيم "داعش" و"القاعدة"، دعا مفتي البوسنة حسين كفازوفيتش السلطات في بلاده إلى الإسراع في اتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة الإرهاب، من بينها سحب الجنسية من المقاتلين الإسلاميين الذين يتوجهون لخوض معارك في الخارج.
وصرح المفتي لصحيفة “دنيفني أفاز” البوسنية في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، قائلا “اعتقد أنه يتعين على الحكومة (البوسنية) سحب الجنسية من الذين يتوجهون إلى الجبهات في الخارج من أجل القتال لحساب دول أخرى”، في إشارة إلى تنظيم داعش المتطرف.
كما طالب بمعاقبة كل من يخالف قوانين البلاد وخصوصا لمن ينضمون للجماعات المسلحة المتطرفة، وقال “إن التصدي للتطرف والإرهاب داخل البلاد يبدأ بمعاقبة من لا يحترم قوانين البلاد”.
وأقرت البوسنة تشريعات صارمة أواخر العام الماضي عقب حملة مداهمات أمنية في أنحاء البلاد، وينص إحداها على “سحب الجنسية من المتطوعين في قوات أجنبية".
في المقابل، دخلت قوانين أخرى حيز التنفيذ، ولعل أبرزها تجريم من يذهب للقتال في الخارج بهدف للتصدي للعدد المتزايد من الشباب الذين يلتحقون بمجموعات إسلامية في العراق وسوريا، إذ يواجه الجهاديون ومن يقوم بتجنيدهم عقوبات تصل الى السجن عشر سنوات.
ويعتقد محللون أن دعوات المفتي البوسني يبدو أنها تأتي في سياق حملة موسعة في أوروبا من قبل أعلى الهيئات الدينية لتوضيح صورة الإسلام التي شوهها الإسلاميون المتطرفون بأعمال العنف التي يرتكبونها في حق الناس.

البوسنة.. المشهد الآن:

البوسنة.. المشهد
مواجهة التطرف اصبح الظاهرة الأكبر ليس في المجتمعات العربية والاسلامية ولكن ايضا في الدول الغربية التي يتواجد بها نسبة كبيرة من المسلمين، واصبح الظاهرة مقلقة مع تمدد نفوذ "داعش" وقوته الاعلامية في عملية جذب المقاتلين الي صفوف التنظيم.. فهل ستنجح البوسنة في مواجهة خطر التطرف والتشدد؟

شارك