"داعش ليببا".. بين التنامي والنهاية
الأربعاء 30/ديسمبر/2015 - 12:40 م
طباعة

في ظل ما تشهده ليبيا منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في عام 2011، وحالة الفوضى التي تسودها، عقب انتشار الجماعات الإرهابية على أراضيها، مستغلين عدم استقرار الأوضاع وبالأخص في ظل تناحر الأطراف علي السلطة، بدأت الجماعات المسلحة تتوغل في البلاد، ما أدي إلي انتشار السلاح في ليبيا وجعل من بعض مدنها بؤر للتنظيمات المسلحة.
بداية داعش ليبيا

وفق تقارير عالمية تمكن "أبو نبيل الأنباري" وهو الذراع الأيمن لزعيم داعش أبو بكر البغدادي، من فرض وجوده في ليبيا بعد وصوله في نوفمبر 2014، وباشر في مهمة حشد المقاتلين ووضع خطة لزيادة نفوذ التنظيم في البلاد.
وبحسب خبراء فإن مقاتلي داعش في ليبيا استغلوا الفوضى السائدة في البلاد، في ظل الصراع على السلطة، ما بين حكومتين وبرلمانيين، لتحويل مدن ليبيا بعينها إلى معقل لهم، وهو ما دفع القوى الغربية على استمالة الفصائل المتصارعة لإبرام اتفاق ترجو أن يوقف مد انتشار نفوذ "داعش" في البلاد.
وعلى مدار العام الماضي ظهر التنظيم الإرهابي "داعش" والذى أكد منذ إعلانه دولة الخلافة في العراق وسوريا على أن ليبيا هي هدفة القادم، وبالفعل استغل غياب الدولة ليمسك بزمام الأمور في عدة مناطق ليبية وتنامي التنظيم الدموي ليفرض سيطرته على معظم أنحاء ليبيا.
وأصبحت ليبيا مرتعا لعديد التنظيمات الإرهابية التي تخطط لتنفيذ عمليات إرهابية ببلدان أخرى في شمال إفريقيا و غيرها، بواسطة عناصر متدربة و غير مكشوفة أمنيا، و لنقل الأسلحة إلى العناصر الموجودة في الجبال و تعزيزها بمجموعات لها خبرة قتالية.
وبدأ التنظيم الإرهابي في إعلان اسمه بقوة في العاصمة الليبية طرابلس، عقب أن شهدت في نهاية يناير الماضي يوماً دامياً بعد هجوم نفذه مسلحو داعش على "كورنثيا" أهم وأكبر الفنادق في العاصمة، والذي ينزل فيه عدد من الدبلوماسيين والعاملين في الشركات الأجنبية، وراح ضحية الهجوم 11 قتيل و 28 جريحاً، بينهم 5 أجانب.
عقب ذلك بدأ التنظيم ينتقل إلي عدة مناطق، كان بينهم مدينة سرت الساحلية، مسقط رأس معمر القذافي، والتي تفصلها عن طرابلس 450 كلم، حيث قام "داعش" باختطاف عدد من الأقباط المصريين أثناء عملهم هناك ليصدر بعدها المكتب الإعلامي لولاية طرابلس التابع للتنظيم، شريط فيديو بثه في منتصف فبراير على الإنترنت، حيث أظهر عناصر تابعين لتنظيم الدولة، وهم ينفذون حكم الإعدام ذبحاً بحق 21 عاملاً مصرياً قبطياً.
وبرر التنظيم عملية قتلهم بأنه "الثأر" مما سماه اضطهاد الأقباط في مصر للمسلمات، في إشارة إلى بعض نساء قبطيات تردد قبل سنوات احتجازهن في أديرة مسيحية بعدما أعلنّ إسلامهن.
حملات لمواجهة داعش

وأثارت هذه الجريمة موجه من الغضب العربي والدولي، حيث شنت دول العالم حملة قوية لبحث سبل مكافحة الإرهاب، فيما أدانت معظم المنظمات العالمية ما حدث، وساد الأقباط حالة من الغضب الشديد، ونظم معظم أهالي المختطفين، مظاهرات رفعوا خلالها لافتات كتبوا عيلها: متى يتحمل المجتمع الدولي مسئولية حماية الإنسان؟، ومن أجل لقمة عيش وقعنا ضحايا صراع سياسي ودينى.
وبعد ساعات من إعلان داعش ذبح الأقباط المصريين، شن سلاح الجو المصري فجراً "ضربة جوية مركزة" ضد معسكرات تدريب ومخازن سلاح وذخائر تابعة لتنظيم "داعش" في مدينة درنة الليبية معقل التنظيم آنذاك، في رد سريع على عملية الإعدام.
وواصلت القيادة العسكرية في مصر دعم القوات الليبية التي يقودها الفريق أول خليفة حفتر، وقدمت دعماً بالسلاح والذخائر بشكل متواصل لها، وهو أمر أكده قادة عسكريون ليبيون.
وفي يوليو الماضي، كان الصدام الأول بين القاعدة و"داعش"، حيث قام عناصر الأخير بقتل الشيخ ناصر العكر وأخر، وهو مؤسس مجلس شورى مجاهدي درنة المقرب من تنظيم القاعدة، وهو أمر أدى إلى حشد المجلس لعناصره، وبدأت معارك ملاحقة التنظيم للمرة الأولى من قبل القاعدة، وانتهت بسيطرة مجلس درنة وطرد الدواعش نحو أطراف المدينة خلال أسابيع.
وفي منتصف نوفمبر الماضي أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية مقتل "أبو نبيل الأنباري" قائد تنظيم "داعش" في ليبيا، إثر غارة جوية في درنة.
وكالمعتاد ظل خبر مقتل الأنباري محل شكوك، حيث أكدت مصادر مقربة من التنظيم ومن مجلس شورى مجاهدي درنة، عدم مقتل "الأنباري" وأنه متواجد في سرت، ويشرف على قيادة "داعش".
تنامي التنظيم الإرهابي

ويتوسع التنظيم بشكل كبير غرب ليبيا، واتخذ مدينة صبراتة القريبة من الحدود الليبية - التونسية، قاعدة مهمة نظراً لطبيعتها الجغرافية كما أعلن الأسبوع الماضي مدينة صبراتة الليبية إمارة إسلامية، وكانت المدينة شهدت استعراض أرتال عسكرية قوامها 30 آلية مسلحة، ورفع خلالها المسلحون الرايات السوداء.
وينذر توسع التنظيم الدموي، في سرت القريبة من الحقول والموانئ النفطية، بحرب دولية ضد التنظيم الذي يحشد قواته للاستيلاء على منابع النفط، وجعلها مصدراً حيوياً لتمويل ترسانة مقاتليه، وهو ما عبرت عنه الولايات المتحدة الأمريكية على لسان مسؤول رفيع المستوى من واشنطن تجري مباحثات مع دول بشمال إفريقيا من أجل إنشاء قاعدة لطائرات بلا طيّار لمراقبة "داعش" في ليبيا.
ونقلت صحيفة" وول ستريت جورنال" عن المسؤول الأمريكي أن هذه القاعدة قرب معاقل التنظيم في ليبيا" ستساعد على سدّ النقص في قدرتهم على فهم ما يجري في تلك المنطقة مشيرا إلى عدم موافقة أيّ دولة في شمال إفريقيا على استخدام إحدى قواعدها لهذا الغرض.
وقال مسؤولون عسكريون أمريكيون للصحيفة إن الطائرات التي ستنطلق من القاعدة المقترحة يمكن أيضا أن تستخدم في شنّ غارات جوّية على أهداف تنظيم "داعش" في ليبيا وأن هذه القاعدة يمكن أن تكون نقطة انطلاق لعمليات خاصة ضد من وصفتهم بـ المتشدّدين.
من جانبها تستعد بريطانيا لإرسال حوالي ألف عنصر من الجنود والقوات الخاصة إلى ليبيا، ويمكن لأفراد الجيش البريطاني أن يشاركوا في بعثة عسكرية بقيادة إيطاليا قوامها 6000 عنصر ، مهمتها تدريب ودعم قوات الأمن الليبية.
عناصر القوات البريطانية الخاصة ستكون على قدر عال من التسليح لاستهداف أهداف إرهابية نوعية لداعش.
وتعمل بريطانيا وإيطاليا مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة على خطة لدعم السلطات الليبية الوليدة من خلال إعادة بناء الدولة وتدريب قوات الأمن في ليبيا.
ألاف المقاتلين من داعش

وكان متابعون، توقعوا ضربات جوية قريبا في ليبياً، من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا، معتبرين أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2214) بمثابة تفويض واضح بالحرب على التنظيمات الإرهابية، وكل ما تحتاجه الدول المختلفة هو إبلاغ الحكومة الليبية مسبقاً والتنسيق معها.
وكان وقع الأطراف المتناحرة على مسودة الاتفاق لتشكيل حكومة وفاق وطني، في ظل ترحيب دولي وعربي، وأبدت واشنطن والاتحاد الأوروبي ودول أوروبية وعربية وحلف الناتو والأمم المتحدة ترحيبها ودعمها للحكومة الوطنية في مكافحة الإرهاب، أشادت عواصم عالمية بالتوصل إلى هذا الاتفاق الذي يعيد الأمل لليبيين في التطلع لمستقبل افضل، ويعلّق العديد من الليبيين آمالا على اتفاق الصخيرات الذي من شأنه أن يعيد تماسك ووحدة ليبيا.
ويأمل محللون في الشأن الليبي ألا يلقى اتفاق الصخيرات مصير الاتفاق السابق الذي عقد في الصخيرات أيضا في يوليو 2015 والاتفاقات السابقة التي حاولت الأطراف الليبية التوصل إليها ليصبح بذلك هذا الاتفاق أول خطوة حقيقية على طريق الديمقراطية والاستقرار في ليبيا.
ووفق احصائيات فإن تنظيم داعش الإرهابي في ليبيا يضم ما بين 4000 و 5000 مقاتل، من بينهم عناصر تونسية تحتل مناصب قيادية في التنظيم.
ووفق متابعون فإن احتمالية تنامي داعش تتضاعف في ظل عجز كافة المحاولات الأوروبية والعربية عن مواجهة التنظيمات الإرهابية وبالأخص تنظيم "داعش".