مع تعنت الأطراف الليبية المتنازعة.. حكومة "السراج" آيلة للسقوط

الثلاثاء 05/يناير/2016 - 01:49 م
طباعة مع تعنت الأطراف الليبية
 
فيما يبدو أن حكومة الوفاق الوطني التي تشكلت في ليبيا نهاية ديسمبر الماضي برئاسة فايز السراج، بعد مفاوضات دامت ما يقارب عامًا عن طريق الأمم المتحدة- سيكتب لها الفشل، بالأخص في ظل انشقاق الأطراف المتناحرة، فبينما يرفض البرلمان الليبي المعترف به دوليًّا التشكيل الجديد، كذلك يرفض المؤتمر الوطني المنتهية ولايته تلك الحكومة.

عودة السيناريو

عودة السيناريو
ووفق خبراء سيؤدي هذا الانقسام حتمًا إلى تفرع السلطة في البلاد، وانبثاق ثلاث أو أربع حكومات؛ حيث توقع أبو بكر بعيرة النائب في البرلمان الليبي والرئيس السابق لفريق الحوار، تشكّل 4 حكومات في البلاد، حال استمرار الخلافات بين الفرقاء السياسيين.
وكانت بوابة الحركات الإسلامية أشارت إلى احتمالية استمرار السيناريو السابق في بقاء الحكومتين في طبرق وطرابلس إلى جانب الوفاق الوطني، وهذا ما توقعه الكثيرون.
وقال بعيرة في تصريحات تلفزيونية: "إن الحوار الليبي الليبي بين البرلمان والمؤتمر الوطني المنتهية ولايته، قد يؤدي إلى تشكل حكومة جديدة مع وجود حكومة في طرابلس وأخرى في طبرق، بالإضافة لحكومة الوفاق المنبثقة عن اتفاق الصخيرات"، مؤكدًا أن انبثاق حكومة من الحوار بين البرلمان والمؤتمر، سيفاقم المشاكل السياسية ويضع البلاد في حالة جديدة من الفوضى، مضيفًا أنه يصعب الوصول إلى إجماع في البرلمان حاليًا في ظل غياب عدد كبير من النواب، وكون معظمهم يقيمون مواقفهم من منطلق مصالحهم الشخصية، وعندما تتقاطع المصالح يصعب الحل والإجماع.
وكان البرلمان الليبي عزم على تجميع الاطراف المتناحرة بهدف التصويت على منح الثقة لحكومة الوفاق الوطني المنبثقة عن اتفاق الصخيرات برعاية أممية، ولكن مع كل موعد انعقاد يتغيب الأطراف عن الحضور؛ ما أدى إلى كافة المساعي للتوقيع على التشكيل الجديد.

حكومة الوفاق معرضة للانهيار

ويرى محللون أن حكومة الوفاق دخلت مرحلة المصاعب بالجملة مبكراً وذلك بعد اجتماعات مبدئية عقدتها برئاسة فائز السراج؛ حيث قام عضوان من المجلس الرئاسي لحكومة السراج في اجتماع مغلق بتقديم استقالتيهما من التشكيلة الرسمية للحكومة بعد إصرار أحد الأعضاء على اعتبار المناصب العسكرية في ليبيا شاغرة بمجرد توقيع الاتفاق، وهو ما يرفضه البعض مع وجود المؤسسة العسكرية بقيادة اللواء خليفة حفتر.
وطالبا النائبان علي القطراني وفتحي المجبري بأن لا تكون المناصب العسكرية ‫شاغرة بحسب الاتفاق الذي نتج عن مفاوضات السلام التي رعتها بعثة الأمم المتحدة الشهر الماضي في منتجع الصخيرات بالمغرب، بل حسب المسودة الرابعة التي وقع عليها بالأحرف الأولى سابقاً، وتمسك النائبان بالقيادة الحالية للجيش الليبي وببقاء الفريق خليفة حفتر في منصبه وبنفس رتبته العسكرية، وأشارت المصادر إلى أنهما هددا في الاجتماع الرئاسي لحكومة السراج بالانسحاب أو تعليق عضويتهما فيها.‬‬
ويعد ذلك انقساماً جديداً حول منصب القائد العام للجيش الوطني، الذي يترأسه حفتر المدعوم من السلطات الشرعية في ليبيا، وكذلك في إقليم برقة بالكامل شرق ليبيا وعدة مناطق جنوب غرب ليبيا، وكذلك مناطق أخرى بوسط البلاد وجنوبها، التي تستعد ببعض الوحدات العسكرية لدعم القيادة العامة للجيش حال الطلب منها.
وتسعى بعض الأطراف الليبية والدولية لمنع انهيار هذه الحكومة حيث عُقد بتونس اجتماعاً في وقت متأخر مساء أمس الاثنين، ضم عددٍ من أعضاء مجلس النواب، مع وفد لبعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا.
ووفق متابعين فإن السراج يتعرض لضغوط كبيرة جدًا من عدة تيارات، أهمها تنظيم الإخوان المسلمين وقيادات الجماعة الإسلامية المقاتلة، لإقصاء حفتر من منصبه، وهذا ما يرفضه البرلمان الليبي والموالون لحفتر.
وكان السراج ضمن وفد من مجلس النواب الليبي الذي زار واشنطن خلال العام الماضي لمناقشة كيفية إنهاء الوضع السياسي والأمني في ليبيا، وتم كذلك مناقشة سبل الإطاحة بحفتر الذي تم تنصيبه كقائد عام للجيش من خلال مجلس النواب، الجهة التشريعية الشرعية في البلاد.

فجر ليييا والإخوان عائق أمام الاستقرار

فجر ليييا والإخوان
ويتسمك المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته المحسوب علي جماعة الإخوان المسلمين، والمدعوم من ميلشيات فجر ليبيا، بإقصاء حفتر ومنعه من تشكيل جيش نظامي مرة أخرى في الحكومة الجديدة شريطة الموافقه علي حكومة الوفاق، ويأتي في مقدمة هؤلاء عبد الحكيم بلحاج قائد الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة الذي يتزعم حزباً سياسياً الآن، ويعتبر من ضمن قادة مجموعات فجر ليبيا المسلحة، والذي أعلن في عدة تصريحات له عن رغبته في إقصاء حفتر من المشهد السياسي في ليبيا بصورة نهائية.
كانت أعلنت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا في بيان لها مساء أمس الاثنين، أن ممثلين عن مجموعة جديدة من البلديات الليبية، سيجتمعون اليوم الثلاثاء في تونس للتوقيع بصفتهم شهودًا على الاتفاق السياسي الليبي بحضور المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، رغم أن مجالس البلديات أداة حكم محلي، ليس لها علاقة بالشأن العام، وأغلبها انتهت مدة انتخابها الرسمية.
الناشط السياسي محمد عزيز، والذي يعتبر مقرباً من حكومة السراج، قال عبر صفحته على الفيسبوك: إن "نائبي رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني عن برقة، فتحي المجبري، وعلي القطراني، علقا عضويتهما بالفعل في المجلس بعد رفض طلبهما المتعلق بالاستحواذ على المؤسسة الليبية للاستثمارات الخارجية ووزارة الخارجية".

تنامي "داعش"

وعلي الصعيد الميداني، أكدت صحيفة ميرور البريطانية في تقرير لها، أن الحكومة البريطانية تستعد لإرسال قوات خاصة إلى ليبيا، لتمهيد الطريق أمام وصول قوات دولية قوامها نحو 6 آلاف، لوقف تقدم تنظيم داعش الإرهابي نحو الحقول النفطية، يأتي ذلك في الوقت الذي بدأ التنظيم فيه، أمس، التحرك داخل منطقة السدرة للاقتراب من موانئ تصدير النفط في منطقة الهلال النفطي، وقالت: "إن نحو 1000 من القوات البريطانية الخاصة سينتشرون في ليبيا، لتمهيد الطريق أمام دخول قوة دولية قوامها نحو 6 آلاف جندي لوقف تقدم مسلحي داعش في ليبيا نحو مناطق الحقول النفطية والمقدر عددهم بنحو 5 آلاف عنصر إرهابي".
 وأوضحت أن القوة ستشكل من أمريكا ودول أوروبية، وقوات مشاة البحرية وتقودها إيطاليا، والدعم الرئيسي سيكون مقبلاً لها من بريطانيا وفرنسا.
وشهدت مدينة درنة، اشتباكات متقطعة بين مجلس شورى مجاهدي درنة والوحدات المساندة من شباب المناطق، ضد مقاتلي تنظيم داعش المتحصنين في حي 400 آخر أحياء المدينة من الجهة الشرقية، ومرتفعات الفتائح الزراعية خارج درنة. 

التدخل العسكري اقترب

التدخل العسكري اقترب
وكانت فرنسا أكدت على استعدادها لتتدخل العسكري في ليبيا في غضون 6 أشهر، وكذلك تستعد كل من بريطانيا وأمريكا وإيطاليا، وفيما كشف تقرير أمني فرنسي عن الأسباب التي تعوق التدخل العسكري الخارجي في ليبيا.
وأكد التقرير الذي نشرته جريدة لوموند، أن الجزائر كانت وما زالت عظمًا شائكا في حلق باريس التي تنوي التخطيط لتدخل عسكري في ليبيا، موضحًا أن التدخل العسكري في ليبيا ورغم كل شيء بات وشيكًا حسب نظرة الحكومة الفرنسية؛ بسبب اختلاف الرؤى بين الجزائر، مصر، تونس، فرنسا، وبريطانيا، في حين سيأخذ التدخل شكل غارات جوية ضد مواقع داعش انطلاقًا من القاعدة الفرنسية "مادما" في شمال النيجر. 
التقرير أكد على أن سبب اقتناع فرنسا بضرورة التدخل العسكري في ليبيا خطورة تمدد تنظيم داعش سواء على سواحل مدينة سرت، أو باتجاه مواقع النفط، وهي نقطة ستعجل بالتدخل العسكري في ليبيا الآن، أكثر من أي وقت مضى، على حد قول التقرير، مشيرًا إلى دفاع رؤساء مصر، مالي، النيجر، وتشاد، عن التدخل العسكري، على عكس جيرانهم الجزائر والسودان وتونس، وتابعت الصحيفة الفرنسية بأنه "رسميا، لا تزال الجزائر من حيث المبدأ تعارض أي تدخل خارجي".
وتدخل ليبيا في نفق مظلم للغاية، فبعد أن باتت الأوضاع تؤشر على حد ما بعودة الاستقرار، عادت عاصفة الانقسامات مجددًا في ظل تعنت كل طرف على حساب مصلحة البلاد، وقد يدفعه ذلك إلى تقسيم ليبيا إلى دويلات.

شارك