"القحطاني".. سر هجوم "داعش" على منطقة الهلال النفطي فى ليبيا

الثلاثاء 05/يناير/2016 - 10:20 م
طباعة القحطاني.. سر هجوم
 
"غزوة الشيخ ابن المغيرة القحطاني".. هكذا لقب التنظيم الإرهابي "داعش" عمليته الأخيرة في ليبيا، حيث قام التنظيم الدموي أمس الاثنين، بشن هجوم مفاجئ، على منطقة الهلال النفطي، في ميناءي السدرة ورأس لانوف، ونجح في السيطرة على أجزاء منه قبل أن يضطر إلى الانسحاب بعد اشتباكات عنيفة استمرت ساعات مع عناصر جهاز حرس المنشآت مدعومين بأهالي منطقة أجدابيا المجاورة وسكان محليين وبغطاء جوي لطائرات سلاح الجو الليبي التي أغارت على مواقع المهاجمين انطلاقاً من قاعدة مصراتة الجوية.

النفط يجتذب التنظيم الإرهابي:

النفط يجتذب التنظيم
شن التنظيم هجومه لمحاولة السيطرة على الهلال النفطي في سرت، واستعان برتل عسكري كبير قوامه دبابات وعربات تحمل صواريخ غراد، حيث يعد هذا الهجوم هو الأعنف من نوعه ضد موانئ النفط المغلقة بمعظمها منذ أكثر من سنة، في وقت تكثر التحذيرات من نقل التنظيم جزءاً أساسياً من كوادره من العراق وسوريا إلى ليبيا، مستغلاً حال الفوضى التي تعيشها البلاد.
ويسعى تنظيم داعش الإرهابي إلي السيطرة على مواقع النفط الليبي منذ دخوله إلي البلاد، حيث يجتذب بريق الذهب الأسود، منذ أسابيع عدة، تنظيم "داعش" المتطرف في ليبيا للاتجاه شرقًا من معقله في مدينة سرت إلى منطقة الهلال، حيث تتركز محطات النفط الرئيسية وعلى رأسها السدرة ورأس لانوف.
ويعد النفط المورد الطبيعي الرئيسي في ليبيا، وتبلغ طاقتها الإنتاجية قبل ثورة 2011 نحو 1.6 مليون برميل يوميًّا، وهو ما يمثل أكثر من 95% من الصادرات و 75 % من الموازنة، ولكن الاضطرابات تسببت في تراجع حاد في الإنتاج، ووقف احتياط البلاد على ما يقدر بـ48 مليار برميل من النفط، وهو الأكبر في أفريقيا.
وبدأت المعركة، التي دارت في مدينة السدرة، بتفجير انتحاريين اثنين أنفسهما عند نقطة تفتيش عسكري، في الوقت الذي شنّ فيه مسلحون من التنظيم هجومًا آخر منسقًا واجهته القوات الحكومية، بينما أكد مسؤول نفطي ليبي أن النيران اشتعلت في نحو 2400 برميل في مدينة رأس لانوف خلال الاشتباكات.
ويعتبر هذا الهجوم الأول من نوعه منذ سيطرة "داعش" على سرت الصيف الماضي، وهو ما يمثل تطورًا جديدًا مثيرًا للقلق، وسط تخوفات بأن يتخذ التنظيم منطقة جديدة كموطئ قدم له.
ويشير متابعون إلي استمرار الاشتباكات بين جهاز حرس المنشآت النفطية بمساندة قوات الجيش الليبي مع عناصر تنظيم داعش الإرهابي في منطقة وادي كحيلة، ومنطقة قارة الحداد بالقرب من ميناء السدرة، مشيرين إلي أن الجماعات الإرهابية أرسلت آليات وقوات تابعة لها للتقدم نحو ميناء السدرة، لافتاً إلى أن هناك قصفا عنيفا بالراجمات وصواريخ الهاوزر باتجاه الميناء.
ونجحت أفراد حرس المنشآت بمساندة القوات الليبية المسلحة في صد هجوم عنيف من قبل التنظيم، وأسفرت الاشتباكات أسفرت عن وقوع قتلى وجرحى في صفوف الطرفين.

السيطرة على بن جواد:

السيطرة على بن جواد:
وسيطر التنظيم علي مدينة بن جواد وواصلوا زحفهم شرقاً إلى ميناء السدرة النفطي الذي حاولوا اقتحام الحواجز المحيطة به بسيارات مفخخة يقودها انتحاريون أجانب.
وروى العقيد الليبي بشير بودهافير تفاصيل الهجوم بقوله: هاجمتنا قافلة تضم عشرات السيارات التابعة للتنظيم، والتي شنّت بعد ذلك هجومًا على بلدة رأس لانوف جنوب البلاد، لكن المسلحين لم يتمكنوا من الدخول.
ورأى المتحدث باسم القوات المسيطرة على غالبية حقول النفط في ليبيا، علي العبد حاسي، أن 6 من مقاتليها قتلوا في هجمات، الاثنين، جنبًا إلى جنب مع 5 من مقاتلي داعش".
وأفادت تقارير جديدة بأنه تم إرسال نحو ألف جندي من القوات الخاصة البريطانية إلى ليبيا في محاولة لوقف تقدم داعش، وانتزاع السيطرة على أكثر من 10 حقول نفط استولى عليها المتطرفون، كما يخطط التحالف الدولي للهجوم عليه في غضون الأسابيع أو الأشهر المقبلة، وفقًا لصحيفة "ديلي ميرور" البريطانية.

غزوة أبو المغيرة القحطاني:

غزوة أبو المغيرة
فيما تبني التنظيم مسؤوليته عن الهجوم، وأشار إلى أن ذلك محاولة للسيطرة على حقول نفطية، تقع شرق مدينة سرت، المعقل الساحلي للتنظيم منذ استيلائه على المنطقة في يونيو 2015.
وذكر التنظيم في بيانه أن هذه العملية جاءت ردًا على قتل أحد قادتهم "أبو المغيرة القحطاني"، في غارة جوية أمريكية قبل شهرين في مدينة درنة شرق البلاد، وأن الهجوم جاء بعد سيطرتهم على بلدة بن جواد التي تبعد 90 ميلاً شرق مدينة سرت الساحلية الوسطى.
وأعلن التنظيم سيطرته على مدينة بن جواد في عملية سماها "غزوة الشيخ ابن المغيرة القحطاني"، الانتحاريين الخمسة، بينهم: أبو عبد الله الانصاري، أبو معاذ القرعاني، عبدالرحمن المهاجر، وأبو همام الانصاري.
ووفق مصادر مطلعة أفادت أن قائد العملية أبو معاذ سوداني الجنسية، وأن القيادى الآخر أبو همام تونسي الجنسية.
فيما أسفرت الاشتباكات عن مقتل أربعة من عناصر جهاز حرس المنشآت النفطية بقيادة إبراهيم جضران، كما أسفرت عن اشتعال النار في خزان للنفط في منطقة رأس لانوف.
ونجح مسلحو التنظيم في السيطرة على معسكر استطلاع جنوب غربي المجمع الصناعي لشركة رأس لانوف للنفط وأقام حاجزاً للتفتيش أمامه، فيما شنت طائرات من طراز ميراج أف 1 انطلقت من قاعدة مصراتة الجوية، غارات على مسلحي التنظيم، بالتنسيق مع قيادة حرس المنشآت النفطية. وأصدر حرس المنشآت لاحقاً، بياناً أعلن فيه استعادة السيطرة على منطقة الهلال النفطي بالكامل ومطاردة مسلحي داعش بعد انسحابهم في اتجاه منطقة النوفلية جنوب الهلال النفطي.
وجدير بالذكر أن التنظيم الإرهابي يسيطر على مدينة سرت حيث قدر عدد مسلحيه في المدينة بحوالى 1500عنصر، كما ينشر بضعة مئات من المسلحين في مناطق أخرى، وسبق أن هاجم مسلحو التنظيم عدداً من الحقول النفطية في جنوب ليبيا، لكنهم لم يتمكنوا إلى الآن من السيطرة على أي من منشآت النفط، كما فعلوا في سورية.

تدخل المجتمع الدولي:

تدخل المجتمع الدولي:
ويرى مراقبون أن الهجوم الذى شنه التنظيم على ميناءي السدرة ورأس لانوف، لا يعني أن التنظيم حقق مساعيه، معتبرين أن التنظيم لن يستطيع الاستفادة من الموارد النفطية في البلاد، كون الميناءين مغلقين ولا يمكن للسفن الوصول إليهما.
وكان التنظيم الإرهابي حاول في أكتوبر الماضي الهجوم على السدرة، حيث استهدفها بتفجير سيارة ملغومة ومحاولة اقتحام بوابة خارجية، وهاجم مسلحو التنظيم عددا من حقول النفط جنوبي ليبيا، لكنه لم يتمكن حتى الآن من السيطرة على أي من المنشآت النفطية مثلما فعل في سرت. 
من جانبها أكدت الحكومة الليبية المؤقتة، أن المواجهات أسفرت عن إصابة خزان نفطي بميناء السدرة، ممّا تسبّب في إشعال نار ضخمة في الخزان الذي يحتوي على آلاف براميل النفط، كما لم يؤكد تنظيم "داعش" في بيان نشره سيطرته على ميناء السدرة.
وتسعي العديد من دول الغرب إلي التدخل العسكري في ظل حالة الفوضى التي تشهدها البلاد، وكذلك انقسامات الاطراف الليبية حول التوافق على حكومة الوفاق الوطني.
ويتوقع مراقبون أن سيطرة التنظيم الدموي على الهلال النفطي تشكل تهديداً خطير الأبعاد، قد يستدعي تدخل المجتمع الدولي لشن غارات لضرب مواقع داعش، ما يبدد الآمال بإمكان استئناف تصدير النفط الليبي قريباً.

شارك