وسط توقعات بانقسام البلاد.. إخوان ليبيا "حجر عثرة" أمام الاستقرار

الخميس 07/يناير/2016 - 05:40 م
طباعة وسط توقعات بانقسام
 
في ظل العراقيل التي تقف في طريق حكومة الوفاق الوطني الليبية، والتي تشكلت برئاسة الأمم المتحدة في 17 ديسمبر الماضي برئاسة فايز سراج، تقوم العديد من الأطراف الليبية بمحاولة إفشالها؛ ما يؤشر إلى احتمالية انقسام البلاد إلى دويلات، ربما 4 أو 5 دويلات كل منها تسعى لفرض السيطرة على مقاليد الحكم.

الإخوان سر الفشل

الإخوان سر الفشل
يأتي على رأس المعارضين لحكومة الوفاق، المؤتمر الوطني المنتهية ولايته في طرابلس والمحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، ويواليه ميليشيات فجر ليبيا، حيث قالت مصادر مقربة من الاجتماعات الماراثونية للمجلس الرئاسي الليبي برئاسة فايز السراج التي تكثفت خلال اليومين الماضيين بتونس: إن الأعضاء المحسوبين على جماعة الإخوان انقلبوا على تفاهمات تشكيلة الحكومة الليبية وفقًا للاتفاقية الموقعة في الصخيرات المغربية.
وكشفت أن هذا الانقلاب يقوده نائب رئيس المجلس الرئاسي أحمد معيتيق المقرب من الإخوان؛ حيث بدأ بـ"التشويش" على عمل المجلس الرئاسي بإثارة موضوع عمل المؤسسة العسكرية، ودور قائد الجيش الليبي الفريق ركن خليفة حفتر، والذي قامت عليه النزاعات في أعقاب تشكيل الحكومة الجديدة حيث يرفض الإخوان بقاء حفتر في المؤسسة العسكرية، فيما يرغب في بقائه البرلمان الليبي المعترف به دوليًّا؛ ما أدى إلى حالة من الانقسام داخل البلاد.
المصادر ذاتها، أشارت إلى أن هذا التشويش ارتبط بمجريات المعركة الدائرة حاليًا على مستوى منطقة الهلال النفطي التي تتعرض منذ أربعة أيام لهجوم واسع شنه تنظيم داعش الإرهابي.
وتسبب هذا الهجوم الذي ما زال متواصلًا في بروز معادلة عسكرية جديدة كشفت عن تحالف بين حرس المنشآت النفطية الليبية مع ميليشيا فجر ليبيا الموالية للإخوان، بعد أن كان مواليًا للجيش الليبي بقيادة حفتر.
وبحسب المصادر، فإن هذا التطور في موازين القوى، دفع معيتيق إلى مطالبة السراج بإبعاد حفتر من قيادة الجيش في الترتيبات القادمة، موضحة أن هذه المطالبة تمت خلال اجتماع عُقد في تونس، خُصص لبحث التطورات الأمنية في البلاد على ضوء هجوم داعش على منطقة الهلال النفطي، تم خلاله التطرق إلى المناصب العسكرية تمهيدًا لتوفير الآليات المناسبة لتنفيذ الترتيبات الأمنية التي نصت عليها اتفاقية الصخيرات.
وبرز خلال هذا الاجتماع خلاف حاد بين علي القطراني وفتحي المجبري من جهة، وأحمد معيتيق، من جهة أخرى، وذلك على خلفية التلويح بإقصاء الجنرال حفتر.

"خليفة حفتر" عقدة الإخوان

خليفة حفتر عقدة الإخوان
ومن جانبه تتخوف النخبة الليبية من أن الخلافات حول بقاء حفتر من عدمه، تعرقل المشاورات التي يُجريها فايز السراج لاستكمال تشكيلة حكومته، وذلك في ظل تزايد الضغوط على السراج من الإخوان وقيادات فجر ليبيا الموالية لهم لإقصاء خليفة حفتر عن منصبه.
وقد ذكر مصدر مقرب من نواب برقة أن اتفاقًا توصل له المجلس الرئاسي لحكومة السراج يقضي بعدم المساس بقيادة الجيش الحالية واستمرارها في عملها، مشيرًا إلى أن عددًا من النواب من جنوب ليبيا سعوا لهذا الأمر، وقاموا بصحبة عدد من القيادات الاجتماعية والقبلية الموجودة في تونس لتقريب وجهات النظر بين المختلفين في مجلس الرئاسة.
وحسب المصدر فإن الاتفاق يقضي بأن يستمر الفريق أول خليفة حفتر في قيادة الجيش، وأن يعين العقيد سالم جحا وهو من ضباط الجيش المشهود لهم بالكفاءة والوطنية والحرص على المؤسسة العسكرية كنائب للقائد العام للجيش الليبي، وأن يتكفل بتجميع وتنسيق أمور الجيش في المنطقة الغربية وتجميعها تحت القيادة العامة.
يذكر أن سالم جحا غادر مصراتة بعد انتهاء حكم القذافي احتجاجًا على تنفيذ بعض قيادات الميليشات وعدم رضاه على أسلوب بناء الجيش في عهد القيادات التي تم تعيينها مباشرة في زمن المجلس الانتقالي وفترة خلفه المؤتمر الوطني المنتهية ولايته.

خلافات في الحكومة

ربط مراقبون الضغوط بنجاح ميليشيا فجر ليبيا في استقطاب قائد حرس المنشآت النفطية إبراهيم الجضران، بعد هجوم داعش على منطقة الهلال النفطي، وذلك من خلال تقديم الدعم العسكري واللوجستي له للتصدي لمقاتلي داعش.
وتشهد حكومة الوفاق الوطني الليبية خلافات في التشكيل الجديد؛ حيث تتسبب المصالح الشخصية في صعوبة تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة فايز السراج قبل نهاية الشهر الجاري.
وتسعى أغلبية الأشخاص على تغليب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة لمواجهة الإرهاب، والسيطرة على الوضع الأمني في البلاد وضرورة دعم الاستقرار في الأراضي الليبية.
وتُسْهم معظم الدول العربية في دعم جهود حكومة الوفاق وجهود المبعوث الأممي إلى ليبيا للانتهاء من تشكيل حكومة الوفاق في أقرب وقت، والتي تعتبر حكومة مؤقتة، لكنها ستعمل على تعزيز الاستقرار في البلاد خلال الفترة المقبلة لحين وضع إطار زمني يتم من خلالها إعادة بناء مؤسسات الدولة.
وتشير الإحصائيات الدولية إلى أن ليبيا عبر من خلالها أكثر من مليون مهاجر غير شرعي إلى إيطاليا والدول الأوروبية الأخرى خلال عام 2015.
وتحاول إيطاليا وأوروبا السيطرة على أزمة الهجرة غير الشرعية، ولكن المساحة الكبيرة للحدود البحرية مع ليبيا لم تمكنهما بقوة من السيطرة على مراقبة الحدود ومنع الهجرة غير الشرعية.
ومن جانبه حذر المبعوث الأممي لدى ليبيا، مارتن كوبلر، من أن كل يوم يمر من دون المصادقة على الاتفاق السياسي الليبي يصب في مصلحة تنظيم داعش، الذي يسعى إلى الاستيلاء على الموارد النفطية في ليبيا.
وقال رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا في بيان: "كل يوم يمر دون المصادقة على الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات يوم يكسبه تنظيم داعش، مضيفًا أن الموارد النفطية ملك للشعب الليبي وأجياله الصاعدة"، داعيًا "الأطراف الليبية كافة إلى عدم توفير أي جهد لقطع الطريق أمام أي محاولة من تنظيم داعش للاستيلاء على النفط الليبي"".

الانقسام على الأعتاب

الانقسام على الأعتاب
ويحاول داعش منذ أسابيع التقدم نحو الشرق انطلاقًا من سرت، لبلوغ منطقة "الهلال النفطية"؛ حيث تقع أهم موانئ تصدير النفط الليبي.
وقال كوبلر: إن هجوم داعش على المنطقة التي تقع فيها المرافئ النفطية الرئيسية في ليبيا: "يجب أن يذكر كل الليبيين بضرورة التطبيق الفوري للاتفاق السياسي وتشكيل حكومة وحدة وطنية".
ومن جهتها أفادت كاثرين راي الناطقة باسم الاتحاد الأوروبي، في تصريحات لها، بأن التطورات الميدانية الأخيرة تؤكد الحاجة الملحة لتشكيل حكومة توافق وطني في أسرع وقت ممكن، واستعادة الاستقرار في البلاد، مضيفة أن الاتحاد الأوروبي على اتصال مستمر ودوري برئيس المجلس الرئاسي فايز السراج والأطرف الليبية، وبمبعوث الأمم المتحدة لدى ليبيا.
وتشجع الأسرة الدولية الفصائل الليبية على الاتفاق للتصدي لداعش الذي انتهز فرصة انتشار الفوضى في ليبيا بعد سقوط معمر القذافي في 2011 ليتمركز في البلاد.
وقد حذر مراقبون من إمكانية تحول ليبيا إلى ملاذ آمن للإرهاب ومركز استقطاب للمقاتلين الأجانب في ظل تغوّل تنظيم داعش الذي يشن منذ أيام هجومًا مكثّفا على منطقة الهلال النفطي للسيطرة عليها.
تتخوف العديد من الدول الأوروبية أن يتمكن التنظيم من السيطرة على هذه المناطق ومن اقتناء المزيد من الموارد النفطية وبالتالي زعزعة الاستقرار في إفريقيا الجنوبية، واستخدام المنطقة لنقل الجهاديين إلى أوروبا، عبر سلك طريق المهاجرين في المتوسط.
ويرى مراقبون أن ليبيا ستصبح منقسمة بين خمس حكومات وليس اثنان كما كان في السابق، واحدة في طبرق وأخرى في طرابلس، وواحدة منبثقة عن الاثنتين، وكذلك الحكومة الجديدة، وأخرى تحوي الجماعات المسلحة.

شارك