الأحزاب الكردية بين الصراع الداخلي والتوازنات الإقليمية فى سوريا

السبت 09/يناير/2016 - 09:39 م
طباعة الأحزاب الكردية بين
 
لا تكف الأحزاب الكردية في سوريا عن ممارسة دورها "المُصلح" داخل الصراع السوري من أجل تحقيق أكبر نسبة من المكاسب حتى لو أدى هذا الأمر إلى ضرب المعارضة السورية من الداخل والخارج أيضا في الوقت الذى تقف فيه عاجزة عن الحصول على مشروعيتها الإقليمية من بعض الأطراف الإقليمية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية التي وصفتها بالإرهابية.  

الأحزاب الكردية بين
آخر هذه الخلافات المفتعلة بين الأكراد والأطراف الإقليمية ما أعلنته  ثلاثة أحزاب كردية من تجميد عضويتها في "هيئة التنسيق الوطنية" برئاسة "حسن عبد العظيم"،  الموالية للرئيس السوري بشار الأسد احتجاجًا على موافقة وفد الهيئة في مؤتمر الرياض للمعارضة السورية، على بند إدراج ميليشيا "وحدات الحماية" الكردية في قائمة الإرهاب وقال حزب "الاتحاد الديمقراطي" (PYD)  وحزب الديمقراطي الكردي السوري وحزب الاتحاد السرياني في بيان مشترك لهم" لقد قررنا تجميد عضويتنا  في "هيئة التنسيق الوطنية لأنها رضخت إلى الدول التي استبعدت القوات التابعة للإدارة الذاتية في  شمال سوريا، من المشاركة في مؤتمر الرياض، وان بعض أعضاء المكتب التنفيذي في الهيئة  قاموا بمخالفة أدنى قواعد العمل التحالفي، عبر تمريرهم "مسألة إدراج وحدات حماية الشعب في قائمة الإرهاب وأن "هيئة التنسيق" شكلت مكاتب وفروعًا لها في بعض الدول دون علم هذه الأحزاب التي عرفت عن نفسها كمؤسس للهيئة ولذلك فهى تدعو للعمل المشترك ضمن إطار سياسي "مجلس سوريا الديمقراطية" (مسد) برئاسة "هيثم مناع" الجناح السياسي لميليشيا "قوات سوريا الديمقراطية"،  ومحاسبة الكتلة التي أدخلتها في "مثل هذه المتاهة".

الأحزاب الكردية بين
قرار تجميد الأحزاب الثلاثة عضويتها في "هيئة التنسيق"، يأتي بعد أسبوع من سلسلة من اللقاءات التي أجراها وفد من "هيئة التنسيق" في مناطق سيطر ميليشيات "حزب الاتحاد الديمقراطي" في شمال سوريا، شملت أحزاب ومؤسسات ما يسمى "الإدارة الذاتية"، إضافة إلى اجتماعات مع الكتل السياسية الكردية الثلاثة وهي "كتلة أحزاب المرجعية السياسية الكردية"، و"حركة المجتمع الديمقراطي"، و"المجلس الوطني الكردي"، وذلك سعياً "لتوحيد الخطاب السياسي.
يأتي ذلك في الوقت الذي تعانى الأحزاب الكردية من خلافات كثيرة،  وهو ما كشفت عنه دراسة صادرة عن مجموعة الأزمات الدولية بعنوان "الصعود الهش لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (pyd)"  والتي أكدت على أن الخلاف بين الأكراد السوريين مصدره الفعلي يعود إلى أن الاتحاد الديمقراطي تابع لحزب العمال الكردستاني التركي، أما المجلس الوطني الكردي فيتبع في سياساته لحزب مسعود البرزاني. وفي ظل اختلاف المصالح بين الحزبين التركي والعراقي يتم تمزيق الأكراد السوريين إلى قوى متصارعة، لا يكاد يجمع بينها جامع، وبذلك يقترب الاتحاد من إيران والنظام السوري، فحزب العمال متحالف معهما، ويقترب المجلس من تركيا كونها متحالفة مع الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية وان كل المحاولات التي جرت للتقريب بين القوتين الكرديتين المنفصلتين فشلت تماما، بل إن خلافهما ساهم في تدهور أوضاع الأكراد حيث تغلق الحدود كردستان العراق أمامهم وكذلك تغلق الحدود التركية، لتظل الإمكانية الوحيدة لتأمين حاجات المواطنين هو النظام وكذلك معبر اليعربية الذي يسيطر عليه المالكي في بغداد، لتتعزز علاقة الاتحاد بالنظام وبكل حلفه، ومن هنا جاء الاتهام المستمر لحزب الاتحاد الديمقراطي بأنه تابع للنظام السوري وسياسته ليست لصالح الأكراد ووجوده هش كما يقول التقرير؛ فهو بسيطرته على المناطق الكردية الثلاث ساعد النظام في مواجهة بقية المناطق في سوريا، وحافظ على وجود النظام ذاته في المناطق الكردية ولكن بشكل أخف.

الأحزاب الكردية بين
وشددت الدراسة على ضرورة  الامتناع عن استعمال القوة العسكرية لفرض أيديولوجيا حزب العمال الكردستاني، بقيادة عبد الله أوجلان، وهيكليته المؤسساتية على الأكراد السوريين وعلى غير الأكراد و توسيع قاعدة تأييده للاستجابة لتوقعات واقعية، وليس ببساطة للخشية من الجهاديين والأحلام القومية الكردية التقليدية والسعي إلى تطبيع علاقاتهم مع محيطه غير الكردي بالتواصل مع الأقليات غير المتحالفة مع دمشق ومع الشرائح الأكثر براغماتية في المعارضة السورية، والذي سيظل الاتحاد الديمقراطي دونها رهينة لنظام قمعي سيتحول ضده عندما يحين الوقت والابتعاد عن الاعتماد الحصري على النظام في التواصل أيضا مع الفصائل الكردية وغير الكردية لتنويع الوصول إلى الموارد  مع وضع استراتيجية، بالتعاون مع الفصائل الكردية وغير الكردية الأخرى، لاستبدال النظام كمقدم للخدمات، بما في ذلك نزع المركزية عن تقديم الخدمات من القامشلي والحسكة وتوزيعها على المناطق الأخرى التي لا تتواجد فيها الأجهزة الأمنية للنظام والسعي، مع تقليص التوترات الكردية الداخلية وتعزيز العلاقات مع المجتمعات الأخرى على المستوى المحلي، إلى إقامة علاقة أكثر توازنًا مع القوى الأجنبية المتنافسة لتقليص قدرتها على استغلال التوترات الداخلية لدفع أجنداتها الخاصة.
الأحزاب الكردية بين
واعتبر محمود مرعي  عضو المكتب التنفيذي لـ"هيئة التنسيق الوطني" أن عدم دعوة الأحزاب الكردية الى مؤتمر الرياض يعود الى هناك اعتراض تركي على الأكراد، وهناك اعتراض سعودي على المعارضة الداخلية، فهذه الدعوة "دعوة دول" لها مصالح في سورية، والسعودية هي طرف صراع وليست دولة محايدة، لأن الذين حضروا  مؤتمر الرياض "غير متجانسين" حتى "الائتلاف الوطني غير متجانس"، فهناك خلافات في وجهات النظر بين "هيئة التنسيق" و"الائتلاف" وهناك خلاف أيضا بوجهات النظر بين الفصائل المعارضة المسلحة و"الائتلاف" و"هيئة التنسيق"، أن مؤتمر الرياض ضم شخصيات غير منسجمة يربطها التواصل مع دول سواء كانت تركيا أو قطر أو الولايات المتحدة الامريكية او الدول الراعية والممولة للائتلاف وللفصائل المسلحة وان الحل هو توافق اقليمي ودولي، بينما لا يمثل  المدعوون إلى الرياض كل المعارضة السورية، بل هم جزء من المعارضة، فالمعارضة الداخلية "غيبت" ولم تدعَ إلى الرياض لذلك هناك خلل كالخلل الذي وقعت به الولايات المتحدة الأمريكية عندما دعت "الائتلاف" إلى جنيف 2 وفشل.
يذكر أن "الهيئة العليا للمفاوضات" التي انبثقت عن مؤتمر الرياض للمعارضة السورية، وصفت ميليشيا "وحدات الحماية" الكردية بأنها "إرهابية". وأن السعودية لم توجه دعوة إلى حزب "الاتحاد الديمقراطي الكردي" بزعامة "صالح مسلم"  للمشاركة في مؤتمر الرياض، كما لم توجه الدعوة إلى ما يسمى "قوات سوريا الديموقراطي"، حيث اعتبر حزب "الاتحاد الديمقراطي" وميليشيا "الوحدات" التابعة له أن المشاركين في مؤتمر الرياض "لا يمثلون كل مكونات الشعب السوري"، بسبب عدم دعوة " المكون الكردي" للمؤتمر، حيث وصف ذلك بأنه "تنصل واضح من حقوق التمثيل الكردي. 

من خلال ما سبق نستطيع التأكيد على أن الأحزاب الكردية في سوريا تمارس دور  "مصلحى" داخل الصراع السوري من أجل تحقيق أكبر نسبة من المكاسب  لصالحها  وهو ما يجعلها دائما في موضع اتهام من السورية بالداخل والخارج  بل وليست في منأى عن خسارة مشروعيتها الإقليمية  بالخارج التي وصلت إلى وصمها بالإرهابية.  

شارك