تفجيرات اسطنبول.. "داعش" ينقلب على أردوغان مجددًا
الثلاثاء 12/يناير/2016 - 03:42 م
طباعة

في ظل المواجهات التي تشهدها تركيا مع التنظيم الإرهابي "داعش"، على مدار الفترة الماضية، وقع انفجار قوي اليوم الثلاثاء 12 يناير 2016، في منطقة السلطان أحمد التاريخية في العاصمة التركية اسطنبول، مما أسفر عن سقوط 15 قتيلًا و15 مصابًا، وذكرت تقارير إعلامية محلية أن الهجوم ربما كان انتحاريًّا.
وقال مسئولان أمنيان كبيران لرويترز: إن هناك احتمالًا قويًّا؛ لأن يكون تنظيم الدولة الإسلامية وراء الانفجار.
الانتقام من تركيا

واندثرت الجثث على الأرض في ساحة السلطان أحمد قرب المسجد الأزرق وآيا صوفيا وهي نقطة جذب سياحي رئيسي في أكثر المدن التركية سكانًا. وقال شرطي وشاهد في المكان إنهما شاهدا أيضًا جثثًا وأشلاء.
أحد المسئولين من شركة سياحية، قال: إن فوجًا سياحيًّا ألمانيًّا كان في المنطقة عندما وقع الانفجار إلا أنه ليست هناك معلومات على الفور حول ما إذا كان أي من أفراد الفوج أصيب.
وقالت قناة "سي.إن.إن ترك" التلفزيونية التركية: إن سياحًا من ألمانيا والنرويج يبن المصابين، فيما ذكرت وكالة دوجان للأنباء أن ستة ألمان ونرويجيًّا ومواطنًا من بيرو من بين المصابين، بينما قالت وزارة الخارجية النرويجية اليوم: إن نرويجيًّا أصيب في الانفجار ويتلقى حاليًا العلاج في مستشفى بتركيا؛ حيث ذكرت المتحدثة باسم الوزارة لرويترز أن إصابته "لا تهدد حياته".
ويأتي هذا الهجوم في الوقت الذي تقاتل فيه تركيا مسلحين أكرادًا في جنوب شرق البلاد ومقاتلين من تنظيم "داعش" عبر حدودها الجنوبية في سوريا والعراق.
وكانت تركيا أعلنت أول أمس عن مقتل 18 مسلحًا من حزب العمال الكردستاني في اشتباكات مع القوات التركية في البلدات الخاضعة لحظر التجول في مناطق جنوب شرق البلاد.
وبحسب بيان للجيش التركي فإن 16 مسلحًا لقوا مصرعهم في منطقة جيزري في محافظة سيرناك القريبة من الحدود العراقية، بينما قتل اثنان آخران في منطقة سور في ديار بكر.
وقال الجيش: إن قوات الأمن التركي اعتقلت 58 من أعضاء حزب العمال الكردستاني في بلدة سيلوبي في منطقة سيرناك أثناء محاولتهم الفرار من المنطقة متنكرين في زي سكان المنطقة.
وصدت القوات التركية منذ يومين، هجومًا لتنظيم داعش على معسكر يستخدم لتدريب مقاتلين عراقيين قرب الموصل في شمال العراق، وقال أحد المصادر لوكالة فرانس برس: "حصل تبادل إطلاق نار حول معسكر بعشيقة، وشن داعش هجومًا تم صده".
وتستخدم القوات التركية معسكر بعشيقة لتدريب مقاتلين عراقيين في منطقة الموصل على قتال تنظيم "داعش".
وترحب السلطات المحلية في كردستان العراق بوجود القوات التركية، لكن تواجدها يثير خلافا مع الحكومة المركزية في بغداد التي طالبت القوات التركية بالانسحاب.
أردوغان يستنكر

كانت سحبت تركيا في ديسمبر الماضي قسمًا من قواتها، بعد أن واجهت ضغوطًا من الولايات المتحدة، ولا يعرف بشكل مؤكد حجم القوات المتبقية في المعسكر.
وجرح 4 جنود أتراك في 16 ديسمبر الماضي عندما أطلق عناصر تنظيم داعش قذائف هاون على معسكر التدريب، فيما قتل عراقيان في الهجوم.
ودخلت تركيا ضمن الدول المستهدفة من قبل التنظيم الإرهابي "داعش"، حيث اتُّهم التنظيم الدموي في انفجارين وقعا العام الماضي، أحدهما في بلدة سروج القريبة من الحدود السورية والآخر في العاصمة أنقرة وقتل فيه أكثر من مئة شخص.
وتصاعد العنف في جنوب شرق تركيا منذ انهيار اتفاق وقف لإطلاق النار دام لمدة عامين في يوليو بين تركيا وحزب العمال الكردستاني الذي يقاتل منذ ثلاثة عقود من أجل حكم ذاتي للأكراد، ولكن حزب العمال الكردستاني تفادى بوجه عام مهاجمة أهداف مدنية في مراكز حضرية خارج جنوب شرق تركيا في السنوات الأخيرة.
وعلى الفور عقد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو اجتماعًا طارئًا في أنقرة مع وزير الداخلية وقادة الأمن، وقال مسئول كبير إنه يشتبه أن يكون للهجوم "صلة بإرهابيين".
من جانبه استنكر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الهجوم الإرهابي، مرجحًا أن منفذه انتحاري من أصل سوري، متسائلًا: هل توجد دولة أخرى في العالم تواجه تنظيم داعش الإرهابي بحزم أكثر من تركيا، وتدفع ثمنًا مثلنا؟
وأكد أردوغان خلال مؤتمر صحفي عقب التفجير، أن روسيا لا تواجه داعش، بل على العكس تعمل على إقامة دويلة سورية في اللاذقية ومحيطها، وتقصف أبناء جلدتنا التركمان هناك.
وقال: "إننا مجبرين على أن نعمل بشكل قوى ضد الحركات الإرهابية، ولن نعطي الفرصة للإرهابيين أن يصلوا إلى مساعيهم، مؤكدا أن لديهم كدولة أعمال وقرارات أساسية ضد الإرهاب".
وأضاف أردوغان، "على الرغم من أن الإرهاب أزال القناع عن وجهه، فإنه ما زال هناك بعض المواطنين يتعاونون مع هؤلاء الإرهابيين"، موضحًا أن هناك "مَن يعتقدون أنفسهم علماء يدافعون عن الحركات الإرهابية ويتطاولون بألسنتهم على دولتهم، لافتًا إلى أن الذي يقوم باختراق حقوق الإنسان هي الحركات الإرهابية وليس الدولة".
في ذات السياق، قال نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتولموش: "إن الانتحاري الذي فجر نفسه في ساحة السلطان أحمد باسطنبول، سوري الجنسية ومن مواليد 1988، وجاري التحقيق في ارتباطاته، معلنًا عن مقتل 10 أشخاص منهم أجانب، فضلاً عن وجود 15 مصاباً حتى الآن، بينهم اثنين في حالة خطرة".
داعش يتبنى

تبنى التنظيم الإرهابي "داعش"، العملية التفجيرية في منطقة السلطان أحمد التاريخية في العاصمة التركية اسطنبول، وقال مكتب حاكم اسطنبول: "إن السلطات تحقق لتحديد نوع المتفجرات المستخدمة والجهة المسئولة عن الانفجار".
وقالت السائحة الكويتية فرح زماني 24 عامًا، التي كانت تتسوق في أحد الأسواق المغطاة مع والدها وشقيقتها، لرويترز، "سمعنا صوتًا عاليًا ونظرت إلى السماء حتى أرى إن كانت تمطر؛ لأني اعتقدت أنه صوت رعد ولكن السماء كانت صافية".
قناة خبر ترك التلفزيونية، أشارت إلى أن الانفجار ربما نجم عن هجوم انتحاري لكن لم يتأكد هذا من مصدر مستقل، وأسرعت سيارات الإسعاف إلى المكان ونقلت المصابين فيما طوقت الشرطة الشوارع خشية وقوع انفجار ثان.
وقالت امرأة تعمل في متجر قريب للتحف لرويترز دون أن تكشف عن اسمها: "كان صوت الانفجار عاليًا للغاية، شعرنا باهتزاز قوي وجرينا ورأينا أشلاء”
الجدير بالذكر أنه في العام الماضي فجرت انتحارية نفسها في مركز للشرطة في نفس الساحة؛ مما أسفر عن مقتل شرطي وإصابة آخر، وأعلنت جماعة يسارية في بادئ الأمر مسئوليتها عن الهجوم، إلا أن مسئولين قالوا بعد ذلك إنه يعتقد أن منفذة الهجوم لها.
وفرض مكتب داود أوغلو حظر نشر تماشيًا مع قانون يسمح باتخاذ مثل هذه الخطوات عندما يكون هناك احتمال إضرار بالأمن القومي أو النظام العام.
كان وصف التنظيم الإرهابي "داعش" في وقت سابق، رجب طيب أردوغان بالخائن، وذلك لسماحه لأمريكا باستخدام قواعد تركيا الجوية لقصف التنظيم واستهدافه، كما حرض مسلمي تركيا على دعم التنظيم الإرهابيين ومحاربة الصليبيين والملحدين على حد تعبيره.
وفي تسجيل مصور نشره التنظيم على موقع التواصل الاجتماعي تويتر ظهر إرهابي يتحدث اللغة التركية ويتهم أردوغان بالسماح لأمريكا قصف المسلمين، على حد قوله، مضيفاً: بعد انتهاء حقبة كمال الدين أتاتورك العلماني، جاء إلى تركيا عهد الطاغوت الخائن أردوغان.
كما حرض الشعب التركي ضد أردوغان قائلاً: "التوبة إلى الله من تأييد هذا الخائن أردوغان، ثم القيام لقتاله قبل فوات الأوان؛ لأن الأمر خطير جدا".
ويرى مراقبون أن تخطيط "داعش" لتنفيذ اعتداءات بمدينة إسطنبول يرمي إلى إظهار تركيا كدولة ضعيفة معرضة لاعتداءات كبرى؛ الأمر الذي سيضر بسمعتها، وكذلك يعتبر انتقام من أردوغان مجددًا عقب التفجيرين الذي شهدتهما أنقرة العام الماضي.