التوريث والفساد يطيحان بـ"نداء تونس" من الأغلبية البرلمانية.. والنهضة يصعد
الثلاثاء 12/يناير/2016 - 09:31 م
طباعة

كما كان متوقعًا نتيجة الأزمة التي عصفت به في الأشهر الأخيرة، خسر حزب نداء تونس رسميًا الأغلية في البرلمان التونسي، ويتصدر المشهد حركة النهضة، بعد أن أعلن ما لا يقل عن ثمانية من نواب حزب حركة نداء تونس، الذي يقود الائتلاف الحكومي عن استقالتهم من الكتلة البرلمانية ليرتفع بذلك عدد الاستقالات إلى 27 نائبًا حتى الآن.
واعتبر النواب أن هذا القرار إلى النتائج التي أفرزها مؤتمر الوفاق الذي عقده الحزب يومي السبت والأحد وانتهى باختيار قيادة جديدة بعد أشهر من الخلافات الداخلية تمهيدا لعقد مؤتمر انتخابي في وقت لاحق من العام الجاري، ضمت القيادة الجديدة 14 عضوًا من بينهم حافظ السبسي نجل الرئيس الباجي قايد السبسي مؤسس الحزب وقد تم تكليفه بمنصب الإدارة التنفيذية، وشكل هذا التعيين أحد أبرز النقاط الخلافية مع النواب المستقيلين بسبب مزاعم بوجود نوايا "للتوريث" داخل الحزب.

من جانبه قال النائب المستقيل عن النداء مصطفى بن أحمد إن النواب المستقيلين من الحزب سيتجهون لتشكيل كتلة برلمانية جديدة، موضحا أن النواب سيلتحقون بالمشروع السياسي الجديد الذي أعلن عنه الأمين العام المستقيل للنداء محسن مرزوق أمس ويتوقع أن يتحول إلى حزب سياسي في مارس المقبل.
ولم تتوقف اتهامات مرزوق على وجود محاولات للتوريث داخل الحزب الحاكم، وإنما تقصير حكومي في مكافحة الإرهاب والفساد، حيث سبق وأكد على أن الفساد يشكل تحديا كبيرا للدولة، وقال إن العلاقة بين مافيا التهريب والجماعات المسلحة كانت واضحة تماما، وأن الصلة بين المهربين والإرهابيين واضحة جدا على الحدود وعلى المناطق الحدودية.
شدد على أن الحكومة التونسية تكافح لحل هذه المشاكل، إلا أن مؤسسات الدولة ضعيفة لذا هناك محاولات لبناء مؤسسات جديدة". وأضاف بقوله " لا نؤمن بحرية أقل مقابل أمن أكثر في مكافحتها الإرهاب، فالديمقراطية والحرية هي جيش، هي سلاح في الحرب على الإرهاب".

وفقد نداء تونس الفائز في الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 2014 الأغلبية البرلمانية بعد أن كان ممثلا بـ86 مقعدا لمصلحة القطب السياسي الآخر في البلاد حركة النهضة الإسلامية التي تملك 69 مقعدا وهي أحد المكونين للائتلاف الحكومي.
وفى هذا السياق اعتبر الكاتب والمحلل السياسي صلاح الدين الجورشي أن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ربح بحضوره المؤتمر الأول لحزب نداء تونس سياسيًا جولة أخرى من دون التدخل في الشأن الداخلي لحزب النداء المنشق على نفسه، مشيرا إلى أن الغنوشي أراد من حضوره مؤتمر حزب نداء تونس تحقيق هدفين، أولهما تأكيد انحياز النهضة لمساندة مؤسس الحزب الباجي قايد السبسي والطرف الذي بقي معه ولم ينشق عن مؤسس الحزب.
شدد على أن الغنوشي أراد بحضوره توجيه رسالة مفادها أنه لا يزال يمثل حركة النهضة الأقوى في البلاد، وأن الحركة حركة منفتحة ولا تشيطن حزب النداء بل ستبقى حليفة ومؤازرة له، والاشارة إلى أن تونس بحاجة إلى استقرار سياسي، والتقارب بين هذه الحزبين يمثل فرصة لتحقيق التوازن السلمي والشراكة على مستوى العمل الحكومي من أجل تحقيق أهداف الثورة.

وكان الحبيب الصيد رئيس الوزراء التونسي سبق وأعلن عن تعديلات في حكومته الأسبوع الماضي من بينها ثلاث وزارات سيادية، والاشارة إلى أن التعديلات شملت وزير الخارجية، حيث عين الهادي مجدوب بدلا من الهادي البكوش وخميس الجيناوي وزيرا للداخلية بدلا من ناجم الغرسلي، وعين عمر منصور وزيرا للعدل في المنصب الذي كان يشغله مؤقتا وزير الدفاع فرحات الحرشاني منذ إقالة الوزير السابق صالح بن عيسى في 20 أكتوبر الماضي، وشملت التعديلات أيضا تعيين خالد شوكات وزيرا للعلاقة مع مجلس نواب الشعب وناطقا رسميا باسم الحكومة بدلا من لزهر العرمي المستقيل في الخامس من أكتوبر الماضي.
ودفع الصيد بمحمد خليل وزيرا للشؤون الدينية وسنية مبارك وزيرة الثقافة ومنجي مرزوق وزيرا للطاقة والمناجم ومحسن حسن وزيرا للتجارة وأنيس غديرة وزيرا للنقل وكمال العيادي وزيرا للوظيفة العمومية ومكافحة الفساد، وعين يوسف الشاهد وزيرًا للشؤون المحلية في خطة جديدة وتم تعيين محمود بن رمضان في منصب وزير الشؤون الاجتماعية عوضا عن عمار الينباعي.
وأبقى على كمال الجندوبي وزيرا للعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان وفي المقابل ألغى الحبيب الصيد منصب كاتب الدولة من الحكومة، ويعد هذا هو التعديل الأول من نوعه منذ تنصيب الحكومة بعد انتخابات 2014 واستلامها لمهامها في فبراير الماضي.

في المقابل وصف أستاذ العلاقات الدولية في جامعة السوربون الدكتور محمد هنيد حضور الغنوشي مؤتمر نداء تونس بأنه "تعايش مزيف وتجمع شبكات انتهازية".
وأضاف أن التوافق بين النهضة ونداء تونس هو "توافق هش، ولو كان توافقًا حقيقيًا لكان من المفترض أن يكون على مستوى قاعدة الحزبين".
وقال "نحن ضد الإيهام بالتوافق وإعادة تصدير الأوهام وتوزيع الكراسي".
ورأى أن المطالب التي قامت من أجلها الثورة لم تتحقق "فمطلب الثورة بتحرير الإنسان التونسي من سلطة رجال المال لم يتحقق وليس هناك تكافل اجتماعي، والبطالة في أعلى مستوياتها".