مساجد الكاميرون.. ورقة جديدة لهجمات "بوكو حرام"
الخميس 14/يناير/2016 - 03:52 م
طباعة

دخلت جماعة بوكو حرام الإرهابية، مرحلة جديدة من الاستهدافات التي تشنها منذ أن ظهرت في إفريقيا؛ حيث باتت الجماعة تستهدف المساجد في نيجيريا والكاميرون ودخلت منطقة أقصى الشمال الكاميروني مرحلة خطيرة عقب التفجيرات الانتحارية على أحد المساجد ببلدة كويابي، في الكاميرون؛ ما أسفر عن مقتل 10 أشخاص، بينهم إمام المسجد.
استهداف المساجد

استهدفت الغارات الدامية للجماعة في مرحلتها الأولى القرى الواقعة في منطقة أقصى الشمال الكاميروني، ثم اتّخذت شكل كمائن ضدّ الجيش، قبل أن يتبنّى التنظيم أسلوب التفجيرات الانتحارية مستهدفًا الأسواق فالمساجد.
والجدير بالذكر أن الأسبوع الماضي قام انتحاري بعملية تفجيرية في أحد مساجد مدينة كولوفاتا الواقعة على الحدود النيجيرية، متسبّبًا في إصابة شخصين بجروح بليغة.
وبحسب مصادر من محافظة مايو سافا الكاميرونية، فإنّ الهجمات التي استهدفت، في الأشهر الأخيرة، مساجد بمنطقة أقصى الشمال لا تقل عن 10، مضيفًا أن وتيرتها تتسارع بنسق متصاعد.
ويرى متابعون أن أسلوب بوكو حرام الجديد يتخذ أبعادًا تكتيكية واستراتيجية وأيديولوجية، حيث قال فكتوران هاماني بييلي، المختص في قضايا الدفاع عن الكاميرون: إن المساجد تخضع لذات المنطق الذي تتبناه بوكو حرام لدى استهدافها للأسواق، فالاثنان يعتبران أماكن لتجمّع الناس، وهذا ما يجعل منهما الهدف المفضل لهذا التنظيم الذي يسعى لإسقاط أكبر عدد ممكن من الضحايا خلال عملياته.
أضاف هاماني، أن الجزء الشمالي من الكاميرون يضمّ أعدادًا أكبر من المساجد والكنائس، ولذلك- وفي إطار سعيها للحصول على أقصى تأثير نفسي ممكن على الناس- توجّهت بوكو حرام نحو استهداف تلك المساجد؛ حيث غالبًا ما يتجمّع الكثير من الأشخاص، لافتًا إلى أنّ هذا التنظيم المسلّح لا يستهدف المساجد لردع المسلمين عن ارتيادها لأداء الصلاة، وإنما يوجه ضرباته إلى أي مكان يضم الناس.
وعلى الرغم من أن الأسواق كانت الهدف المفضّل لـ بوكو حرام، إلا أن تكتيك المجموعة النيجيرية تحول نحو استهداف المساجد، بما أن الأخيرة تضمن وقوع أكبر عدد من الضحايا في حيز زمني قياسي مقارنة مع الأسواق التي غالبًا ما تقام أسبوعيًّا في حين أن التجمع لأداء الصلاة يحصل بشكل يومي، بحسب متابعين.
ويرى خبراء أن هناك تفسيرات أخرى لتغيير بوكو حرام خطتها في الاستهداف، تتمثل في إحكام سيطرة قوات الأمن الكاميرونية وأعضاء لجان اليقظة الشعبية على منافذ الأسواق؛ ما تسبب في إحباط العديد من محاولات التفجير الانتحارية للمجموعة المسلحة؛ نظرًا لحالة التأهّب التي تنتاب جميع رواد الأسواق في ظل تواتر الهجمات، بعكس حالة الخشوع التي غالبًا ما تسود النفوس عند دخول المساجد.
وتعتمد جماعة بوكو حرام في معظم عملياتها الإرهابية استخدام القنابل والعبوات الناسفة والأحزمة الناسفة؛ مما يزيد من أعداد القتلى والجرحى.
أهداف بوكو حرام

يشير العديد من الخبراء إلى أن استهداف بوكو حرام للمساجد يحمل أهدافًا استراتيجية، خصوصًا وأن مطاردة عناصره من قبل الجيش الكاميروني أسهم في التقليص من خزانه البشري أو من عدد مقاتليه، فالضربات الموجهة إلى المساجد، والتي أسفرت عن عشرات القتلى، على سبيل المثال، ستخلّف أيضا المزيد من العائلات الملتاعة ومن الأيتام الذين سيكون من اليسير استقطابهم، في مرحلة موالية، من قبل التنظيم، ضمن هدف استراتيجي أيدته حيثيات الواقع، خصوصًا وأن معظم عناصر بوكو حرام، باستثناء بعض قياداتها العليا، هم من المراهقين أو المنبوذين من أسرهم، وفق مراقبين.
كانت قامت الجماعة الانتحارية باستغلال فتيات صغيرات لا يتجاوز معدل أعمارهن الـ 15 عامًا، لتنفيذ كافة مخططاتهم؛ الأمر الذي يلوح بأن بوكو حرام تسير وفق خطة محكمة تريد بها المزيد من العلميات الإرهابية الناجحة.
وفي سبتمبر من العام الماضي استهدفت بوكو حرام مسجدًا بولاية بورنو بنيجريا، حيث قتل 54 شخصًا، وجرح 90 على الأقل نتيجة ثلاثة تفجيرات في مدينة مايدوغوريز.
وبحسب صحيفة الإندبندنت البريطانية فإن بوكو حرام تكونت في نيجيريا، ولكنها بدأت في إطلاق هجماتها الإرهابية في الكاميرون وبعض الدول الأخرى المجاورة لها مثل تشاد والنايجر منذ العام الماضي.
وأشارت الإندبندنت أن تزايد الهجمات الإرهابية خلال المرحلة السابقة أدى إلى اتخاذ الحكومة قرارًا لمنع النساء من ارتداء النقاب؛ حيث يستغله الكثيرون من الرجال في الهجمات الإرهابية التي يقومون بها.
وصرح أحد أبرز المسئولين المحليين في باكستان أن الهجوم وقع بأحد المساجد بمنطقة كوياتي؛ مما أسفر عن مقتل 13 شخص بما فيهم منفذ العملية وجريح واحد، وقال أحد المسئولين الآخرين أن حصيلة القتلى 10 فقط منوهًا أن ذلك أيضًا ليس مؤكدًا ولا يزال البحث جاريًا لمعرفة مجمل الضحايا بشكل مؤكد.
ووصفت الصحيفة أنصار جماعة بوكو حرام بمن يدينون بالولاء لجماعة داعش، وأنهم قاموا بحملة دموية قوية في نيجيريا طيلة ست سنوات، كما أنها تحاول مد نشاطها في مختلف البلاد المجاورة لنيجيريا وتسببت في مقتل المئات من الأبرياء.
هذا وقد عملت الولايات المتحدة على إرسال قوات عسكرية تابعة لها لمساعدة القوات الإفريقية في حربها ضد جماعة بوكو حرام.
ووفق إحصائيات تمتلك جماعة بوكو حرام ما بين 4 إلى 6 آلاف مقاتل متشدد، حسبما نقل عن مسئولين بالاستخبارات الأمريكية "سي آي أيه."
هروب الأئمة

وتأسست بوكو حرام عام 2002، وركزت في البداية على رفض التعليم الغربي، واسم "بوكو حرام" يعني أن التعليم الغربي محرم.
وتخوض بوكو حرام صراعًا عسكريًّا داميًا منذ سنوات مع الحكومة النيجيرية بهدف "إنشاء دولة إسلامية" في شمال شرق البلاد.
وامتدت أنشطة الجماعة إلى الدول المجاورة؛ الأمر الذي استدعى تدخلًا من جانب الاتحاد الإفريقي بإقرار خطة لتشكيل قوة مشتركة لمواجهة الجماعة.
ويقول عليون بالا، إمام مسجد، واضطر للإقامة بقرية قرب مدينة ماروا، عاصمة منطقة أقصى الشمال: إن استهداف المساجد لن ينجح في إقفارها من المصلين، إلاّ أنه اعترف بأنّ تلك الهجمات ترمي إلى زرع اليأس في قلوب السكان.
ويقول عليون: "صحيح أن الجيش نجح، في معظم الأحيان، في القضاء على عناصر بوكو حرام غير أنّ ذلك لا يعتبر كافيًا، والصلاة تظلّ، في مثل هذه الحالات، ملاذ الناس، ولكن حين يقع استهداف المساجد، فإنما يتم في الواقع استهداف آخر ملاذ للسكان.
وأضاف عليون أن أعضاء هذه الطائفة السادية يدعون أنهم مسلمون، ومع ذلك يستهدفون المساجد رغم أنها رمز الإسلام، تمامًا مثلما هو الحال بالنسبة لما تقوم به داعش في الشرق الأوسط، هذا التنظيم الذي يعتبر أنّ المسلمين الذين لا ينخرطون ضمن أيديولوجيته هم زنادقة ينبغي قتالهم.
واكتسبت الجماعة الإرهابية موطئ قدم جديد خارج منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك بعد أن أطلقت جماعة "بوكو حرام" النيجيرية على نفسها اسم "ولاية الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا".
وقتلت جماعة بوكو حرام، التي تسعى إلى تأسيس إمارة إسلامية في شمال نيجيريا، أكثر من 13 ألف شخص في نيجيريا منذ عام 2009، وتشن هجمات عبر الحدود في تشاد والكاميرون والنيجر التي انضمت في تحالف عسكري مع نيجيريا لقتال الجماعة المتطرفة.
وكان زعيم الجماعة النيجيرية، أبو بكر شيكاو، تعهد بالولاء إلى "داعش" العام الماضي، إلا أن التنظيم واسع الانتشار يبدو وأنه يواصل عمله تحت مسمى جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد.