"إخوان ليبيا".. نقطة سوداء في مواجهة حكومة الوفاق

الأحد 17/يناير/2016 - 12:02 م
طباعة إخوان ليبيا.. نقطة
 
لا زالت العراقيل التي تواجه حكومة الوفاق الوطني برئاسة "فايز السراج" تقف عائقًا أمام مواصلة عمله، ورغم أن البعثة الأممية بقيادة مارتن كوبلر أتمت الاتفاق في 17 ديسمبر الماضي، إلا أن أطراف النزاع لا زالوا يسعون لمصالحهم الشخصية دون الأخذ في الاعتبار بمصلحة البلاد.

تشنج إخواني أمام الاستقرار

تشنج إخواني أمام
ورفض رئيسا كل من البرلمان الليبي المعترف به دوليًّا برئاسة عقيلة صالح، وكذلك المؤتمر الوطني المنتهية ولايته بقيادة نوري بوسهمين، الاتفاق الذي توصل إليه الفرقاء في ديسمبر الماضي، فكل طرف لديه مطالب يرفضها الطرف الأخر؛ ما أدى إلى تفاقم الوضع يومًا بعد الآخر، وكذلك قد يؤدي إلى عودة البلاد إلى نقطة البداية.
وبالتزامن مع عرقلة الاتفاق، تستغل الجماعات الإرهابية المسلحة، هذه الحالة لتتنامى وتتوغل في أنحاء البلاد، خاصة التنظيم الإرهابي "داعش" الذي اتخذ من معظم المدن الليبية معقلًا له على مدار المرحلة الماضية، وبدأ ينشر أفكاره المتطرفة بين سكان المناطق التي احتلها منذ أن دخل البلاد.
ويواصل المؤتمر الوطني المنتهية ولايته والذي يواليه جماعة الإخوان المسلمين، تمسكه برحيل المؤسسة العسكرية بقيادة اللواء خليفة حفتر، والذي تصر الإخوان على رحيله من منصبه، من الناحية الأخرى يتمسك البرلمان الليبي باستمرار المؤسسة العسكرية بقيادة حفتر.
ومن ناحيتها صعدت حكومة طرابلس الليبية برئاسة خليفة الغويل التي تخضع للمؤتمر الوطني المنتهية ولايته الموالي لجماعة الإخوان المسلمين، من إجراءاتها لعرقلة الجهود التي يبذلها رئيس حكومة الوفاق الليبية المُكلف فايز السراج لتوفير المناخ السياسي والأمني المناسب لعمل حكومته.
وعبرت حكومة إخوان ليبيا عن معارضتها للقرارات التي يتخذها السراج، وذلك بعد أقل من 24 ساعة على إعلان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية المُنبثق عن اتفاقية الصخيرات، عن قراره الأول المتعلق بتشكيل لجنة أمنية لتنفيذ الترتيبات المنصوص عليها في اتفاقية الصخيرات؛ ما عزز المخاوف من عودة الأوضاع في ليبيا إلى المربع الأول من الفوضى.
ووزعت حكومة الإخوان، بيانًا للتعبير عن رفضها للحكومة الجديدة، معلنة أنها ستلاحق كل الضباط الواردة أسماؤهم في اللجنة الأمنية التي شكلتها حكومة السراج، وإحالتهم على المدعي العام العسكري بتهمة الانقلاب على الدولة وزعزعة نظام الحكم.
وحذرت الحكومة في بيانها كافة أفراد القوات المسلحة المنتمين لها من ما وصفته بالإصغاء لإملاءات المجلس غير الشرعي، وذلك في إشارة إلى المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية برئاسة السراج.

عرقلة حكومة السراج

عرقلة حكومة السراج
ويبدو أن إخوان ليبيا يحاولون عرقلة عمل حكومة الوفاق والضغط عليها لإعادة النظر في النقاط الخلافية المتعلقة أساسًا بالمؤسسة العسكرية.
وقبل ذلك، أعلن خليفة الغويل، عن تشكيل غرفة عمليات عسكرية برئاسته لتنفيذ قرارات بشأن أحكام النفير والتعبئة العامة.
ويرى مراقبون أن حكومة السراج ستعود إلى نقطة البداية حال استمرار الوضع الحالي بين الأطراف المتنازعين، معتبرين أن هذا الموقف المُتشنج، وما رافقه من تحذير من قبل حكومة الإخوان يهدف إلى إرباك الجهود التي يبذلها فايز السراج لتنفيذ مُخرجات اتفاقية الصخيرات الموقعة في 17 ديسمبر الماضي.
ويرى متابعون للشأن الليبي أن الوضع سيزداد تعقيدًا في ليبيا والمنطقة، لا سيما وأنه تزامن مع تنامي تهديدات تنظيم داعش الذي كان استبق بدء السراج في مشاوراته لتشكيل حكومته بشن هجوم على منطقة الهلال النفطي.
وكان وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني، كشف عن انعقاد مؤتمر دولي ستحتضنه العاصمة الإيطالية روما في 19 يناير الجاري بحضور الدول والأطراف المشاركة في مؤتمر روما 1 الذي سبق التوقيع على الاتفاق السياسي الليبي بالصّخيرات بأيام.
وأوضح جينتيلوني، أن إقرار المؤتمر الجديد حول الأزمة الليبية جاء بعد اتصالات ومشاورات مع وزراء خارجية الجزائر، مصر، قطر وتركيا.
المبعوث الأممي لدى ليبيا، مارتن كوبلر، أعلن في وقت سابق عن عقد لقاء بين أطراف الصراع الليبي يومين قبل موعد انعقاد مؤتمر روما، بهدف إقناع الأطراف المعارضة للاتفاق بالتراجع عن مقاطعتها والتحاقها بقائمة الموقعين على الاتفاق السياسي والمشروع في تنفيذ البنود التي تضمنها وعدم إهدار المزيد من الوقت.
ويرى متابعون أن مؤتمر روما سيحدد مسار حوار الفرقاء، وقد يحسم المجتمع الدولي أمره في فرض تطبيق الاتفاق، موضحين أن المجتمعين في روما هذه المرة سوف يحددون أشكال الدعم لحكومة التوافق والمرجح أن تتضمن حزمة قرارات عبر إعلان خطوات فعلية للدعم المالي وإرسال مستشارين اقتصاديين، مستشارين أمنيين وعسكريين، إرسال طائرات هليكوبتر للمراقبة، إعلان قائمة الأفراد والمجموعات الرافضة للاتفاق.
الناشط السياسي كمال مرعاش، قال في تصريح له: إن هذا الموقف المعارض كان متوقعًا باعتبار أن إخوان ليبيا والميليشيات المُسلحة الموالية لهم سبق وأن أعلنوا صراحة رفضهم لمخرجات اتفاقية الصخيرات.
ووصف مرعاش، حكومة خليفة الغويل بحكومة الميليشيات، وأن إخوان ليبيا يسعون من وراء هذا التصعيد إلى إفشال أي جهد لعودة حكومة السراج إلى العاصمة طرابلس، وهم بذلك يريدون الإبقاء على الوضع على ما هو عليه من انفلات وفوضى؛ لأنهم لا يؤمنون بمنطق الدولة.
ويخشى أعضاء المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني برئاسة السراج الذين كثفوا من اجتماعاتهم في تونس، من تداعيات موقف إخوان ليبيا، وما رافقه من تهديدات جعلت ليبيا بين "كماشة" خطيرة قد تُفسد أجواء التفاؤل بقرب الإعلان عن تشكيلة حكومة الوفاق الوطني.

انقسام ليبيا

انقسام ليبيا
ويرى محللون أن ما صدر عن حكومة الإخوان، هو خطوة استباقية لنتائج المشاورات التي يجريها السراج للتوصل إلى اتفاق حول تشكيلة حكومته، ولإفساد الترتيبات الأمنية.
وكان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق قد أعلن في أعقاب اجتماعات عقدها بتونس عن أول قرار له يتعلق بتشكيل اللجنة الأمنية المُكلفة بتنفيذ الترتيبات في طرابلس لتوفير الظروف المناسبة لعمل الحكومة.
 وتتألف هذه اللجنة التي أسندت رئاستها إلى العميد ركن عبدالرحمن عمران الطويل، من 17 ضابطًا 14 برتبة عقيد، و2 برتبة مقدم، ومستشار قانوني؛ حيث ستتولى الإشراف على وقف إطلاق النار، إلى جانب وضع الخطط المناسبة للهياكل والقوى الأمنية لترتيب الأوضاع الأمنية بطرابلس تمهيدا لدخول حكومة الوفاق الوطني إليها.
 ومُنحت هذه اللجنة صلاحية توقيع الجزاءات التأديبية والجزائية، بالإضافة إلى طلب المساعدة من المجتمع الدولي بعد إجراء مشاورات مع المجلس الأعلى للدولة والبرلمان، وذلك إلى حين استكمال تشكيل الحكومة.
ويرى متابعون أن الأمور تتأزم يومًا بعد الآخر في ظل تعنت كل طرف على حساب مصلحة وأمن واستقرار البلاد، كذلك قد يؤدي ذلك إلى انقسام ليبيا إلى 4 أو 5 دويلات، في كله دويلة حكومة مستقلة بنفسها.
هذا ويتوقع متابعون، أن الحكومة الأولي تتمثل في البرلمان الليبي المعترف به دوليًّا من قبل، إلى جانب حكومة المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، فضلًا عن حكومة الميليشيات والتي قد تتشكل اعتراضًا على الحكومات الموجودة، وكذلك حكومة مستقلة للقبائل الليبية، إلى جانب حكومة الوفاق التي لاقت دعم دولي وعربي منذ التوقيع على الاتفاق في ديسمبر الماضي.
ويرى مراقبون أن ضعف الدولة في ظل الفوضى التي تعيشها أسهم في ظهور المجموعات الإرهابية، في ظل إمكانية تمدّد داعش في المنطقة، وهو ما يمثل خطرًا على الأمن القومي لدول المنطقة.

شارك