تدريب الحرس الثوري لشيعة المغرب.. تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين الرباط وطهران

الأحد 17/يناير/2016 - 05:27 م
طباعة تدريب الحرس الثوري
 
كشفت تقارير استخباراتية عن تدريب الحرس الثوري الإيراني لشيعة مغاربة، يؤكد مخاوف المغرب الدائمة من إيران منذ قيام الجمهورية الإسلامية في طهران وحكم آيات الله، ومساعي تصدير الثورة للخارج، وزعزعة استقرار البلاد العربية والإسلامية.

الحرس الثوري والمغرب

الحرس الثوري والمغرب
وقد قالت التقارير: إن الحرس الثوري الإيراني درب عشرات الشيعة المغاربة قبل الزج بهم في الحروب التي يشارك فيها الحرس الثوري في عدد من البلدان، مشيرًا إلى أن أغلب هؤلاء الشيعة المغاربة قدموا من الدول الأوربية، ويحمل أغلبهم جنسيات مزدوجة سهلت تنقلهم من القارة الأوربية.
وذكرت جريدة "المساء" المغربية، أن عشرات الشيعة المغاربة خضعوا لتدريبات عسكرية في معسكرات الحرس الثوري الإيراني، قبل انضمامهم إلى جبهات القتال، التي تشارك فيها قوات الحرس الثوري في اليمن حيث يواجه الحوثيون قوات التحالف العربي بقيادة السعودية، وفي سوريا لدعم قوات نظام بشار الأسد في مواجهة التنظيمات المعارضة.
وكشف القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء محمد على جعفري عن تدريب إيران لما يناهز 200 ألف مقاتل يرتبطون بالحرس الثوري، وينتشرون في عدد من بلدان المنطقة، حيث يتم تدريبهم في معسكرات توجد في مناطق متفرقة من العاصمة طهران.
ويعتمد الحرس الثوري الإيراني في تغلغله في دول المنطقة على ذراعه الخارجي "فيلق القدس"، حيث يعهد لهذا الفيلق بالقيام بأعمال خارج حدود إيران، لمساندة الانظمة التي تعرف تواجدا شيعيا كما هو الشأن بالنسبة للبحرين، اليمن وسوريا حيث تساند إيران نظام بشار الأسد.
وذهبت الاستخبارات الأمريكية إلى أن معسكرات التدريب تضم مقاتلين شيعة من جميع الجنسيات العربية، وأن عملية التدريب تتم في معسكرات تخضع لسرية تامة وتضم وحدات لا يتجاوز عدد أفراد كل واحدة عشرة مقاتلين.
يذكر أن عشرات من الشباب المغاربة من الشيعة قدموا من الدول الأوربية، مثل بلجيكا وهولندا، للقتال إلى جانب قوات الأسد بسوريا، وقد دخلوا إلى سوريا بعد أن تلقوا تدريبات عسكرية في إيران وكذا في جنوب لبنان من طرف مقاتلي حزب الله، الذي يؤيد الرئيس السوري بشار الأسد.

العلاقات المغربية الإيرانية

العلاقات المغربية
في فبراير 2015 استأنف المغرب وإيران في الآونة الأخيرة علاقاتهما الدبلوماسية التي ظلت مقطوعة منذ نحو ستة أعوام، بعد أن عينت إيران سفيرا جديدا لها في الرباط، واستبشر المراقبون بعودة العلاقات بين البلدين، ولكن سرعان ما تدهورت العلاقات مرة أخرى بسبب موقف التدخلات الإيرانية في اشلان العربي وخاصة منطقة الخليج.
ففي نهاية مايو 2015 استعدت الخارجية المغربية القائم بأعمال السفارة الإيرانية، احتجاجًا على ما ورد في تقرير إعلامي لمؤسسة إيرانية تصف فيه المغرب “بالصهيونية” على خلفية مشاركته في حرب اليمن، وهو ما أغضب الرباط وأعاد استئناف العلاقات المغربية الإيرانية إلى نقطة الصفر مرة أخرى.
وكانت وكالة “فارس للأنباء” التي ينظر إليها بأنها الذراع الإعلامي للحرس الثوري الإيراني قد بثت مؤخرًا تقريرًا بعنوان “المغرب أسير سياسات الصهيونية”، جعل وزيرة الخارجية المغربية مباركة بوعيدة تستدعي السفير الإيراني الجديد لتبلغه “استياء المملكة لهذا الأسلوب غير المسئول الذي يقوض جهود البلدين الرامية إلى إعادة بناء الثقة”، بعدها أصدرت الخارجية الإيرانية بيانًا بشأن الاحتجاج تأكد فيه عدم التدخل في الشئون المغربية.
وخلال عهد حكم آيات الله في طهران لم تشهد العلاقات المغربية الإيرانية، استقرار بل كانت دائما شبه متوترة أو مقطوعة تماما، بعكس ما كانت عليه قبل 1979م، حيث أعلن المغرب معارضته للنظام الخميني في طهران، ونظراً للعلاقة التي كانت تربط العاهل المغربي بالشاه محمد رضا، لم يتوانى المغرب في استقبال الشاه الإيراني حيث أعلن قرار استضافة المخلوع بقوة الدين سنة 1981م، فيما تبنت إيران موقفًا مؤيدًا لجبهة البوليساريو ومعاديًا للمغرب، كما أيدت الرباط العراق في حربها مع دولة الخميني الجديدة، مما وسع الهوة بينهما طوال الثمانينات.
وبعد قطعية استمرت ما يقرب من 10 سنوات وعقب وفاة الخميني، سحبت طهران اعترافها بـ”الجمهورية الصحراوية”، ودعمت تسوية هذا الملف بموجب قرارات الأمم المتحدة، مقابل إقرار المغرب بحق إيران في استعمال الطاقة النووية للأغراض السلمية، لتعود العلاقات بين البلدين من جديد في 1991 رغم خفوتها إلا أنها وصلت هذه العلاقات أوجها في سنة 2001، حينما قام الوزير الأول المغربي آنذاك عبد الرحمن اليوسفي بزيارة رسمية إلى طهران بصحبة وفد رفيع، ولكن مرت برقابة دقيقة ونوع من الريبة والشك منن قبل النام المغربي ادي في النهاية إلى قطع العلاقات بين البلدين تماما في فبراير 2009، مع أعاد المتشدد احمدي نجاد رئيسا لإيران.
الأسباب الرئيسية التي أدت إلى توتر العلاقات بين المغرب وإيران تتمثل في العنصر الديني بشكل أساسي، حيث أشار بيان وزارة الخارجية المغربية إلى تقارير تظهر دعم إيران لحركة تشيع في المغرب، مما أدى إلى إغلاق السفارة الإيرانية بالرباط عام 2009م. والأمر يعتبر من زاوية الإساءة لمقومات المغرب الدينية الجوهرية، والمس بالهوية الراسخة لشعبه ووحدة عقيدته ومذهبه السني المالكي؛ حيث تقوم إيران بضخ أموال هائلة لنشر التشييع في صفوف المغاربة، والمقيمين منهم في الديار الأوربية بشكل خاص.
واستمرت العلاقات مقطعة طوال فترة حكم الرئيس الإيراني المتشدد احمدي نجاد، حتى الأربعاء 5/2/2014م، بعد أن دعا المغرب الجانب الإيراني لحضور اجتماع لجنة القدس قبل شهر من تاريخه والمنعقد بمدينة مراكش، معلناً بذلك انفراجاً في العلاقات بين البلدين.

شيعة المغرب

شيعة المغرب
مع نجاح نموذ حزب الله اللبناني والمليشيات الشيعية العراقية في تنفيذ الاجندة الإيرانية بالدول المنتمين لهان سعت إيران عبر التشيع إلى تكرار نموذج الجماعات المسلحة، يكون التشيع هو بداية ثم يأتي التدريب والتمويل لإنشاء مليشيات عسكرية كأمر لاحق في المخطط الإيراني وهذا ما كان واضحا في نيجيريا وتنظيم "الشيح إبراهيم الزكزاكي"، وهو ما سعت من خلاله إيران في المغرب والذي أدى انقطاع العلاقات في 2009.
وتشير إحصائيات أوردتها وزارة الخارجية الأمريكية حول الحريات الدينية في العالم، السنة الماضية، إلى أن عدد الشيعة في المغرب يبلغ زهاء 8 آلاف شيعي، جلهم وافدون من العراق ولبنان"، غير أنه لا يمكن الجزم بحقيقة عدد الشيعة في البلاد، بالنظر إلى التحولات الجارية.
ويرى المسئول في مؤسسة الخط الرسالي الشيعية بالمغرب، عبد الله الحمزاوي، أنّ موقف “المغرب في الأزمة بين الرياض وطهران يبقى متحفظاً. كما أنّ علاقة الرباط وطهران ورغم محاولة ترميمها مؤخراً، لا ترقى إلى المستوى المنشود لدى الطرفين، لأنّ المغرب يدخل ضمن الخانة السعودية لارتباطه الوثيق بالمملكة اقتصادياً وسياسياً”.
ويضيف المتحدث في حديثه لموقع (إرفع صوتك) “الدبلوماسية المغربية تبحث عن مصالحها، خاصّة وأن المغرب يراهن على محور إيران روسيا وبلدان أمريكا اللاتينية في ما يخص قضية الصحراء، ويريد أن يمسك العصا من الوسط”.
لكنّ الحمزاوي يرى أنّ “موقف المغرب لن يؤثر في قرارات السعودية وإيران”.
ويشير الحمزاوي إلى أنّ “علاقات المغرب وطهران يحكمها المزاج بسبب اختلاف أنظمة الحكم بين جمهوري وملكي، وبذلك يكون المغرب أقرب إلى السعودية لتشابه نظاميهما”.
ويعزو تأخّر استئناف العلاقات بين طهران والرباط إلى “حذر المغرب من السياسات الإيرانية”، لكنّه يضيف أنّ “الواقع الدولي هو الذي يفرض إعادة العلاقات بين الطرفين خاصة بعد الاتفاق النووي الإيراني مع الدول العظمى".
للمزيد عن الوجود الشيعي في المغرب اضغط هنا

المشهد المغربي

المشهد المغربي
تبقى السياسة الإيرانية لتيار المتشدد، القائمة علي تصدير الثورة وزرع خلايا تابعة لها سواء شيعية وفق نظرية ولاية الفقيه، أو عبر جماعات إسلامية أخرى تدين بالولاء لطهران، مع الكشف عن تدريب الحرس الثوري الإيراني لشيعة مغاربة يؤكد مخاوف الرباط من السياسة الإيرانية الخارجية، فهل ستغير الانتخابات البرلمانية القادمة في فبراير المقبل، إذا حقق الإصلاحيون الأغلبية وأُعيد انتخاب روحاني رئيسًا لإيران ليساهم في الحد من سياسية المتشددين "المحافظين"، وتعود العلاقات مع المغرب مرة أخرى.

شارك