اجتماع رباعي في أفغانستان.. هل ينجح الحوار مع طالبان؟
الثلاثاء 19/يناير/2016 - 11:53 ص
طباعة

تشهد العاصمة الافغانية كابل جلسة حوار رباعي من اجل السلام مع حركة طالبان وانهاء الحرب التي تستمر منذ 15 عاما، في ظهر عوامل محلية واقليمية تساهم في نجاح الحوار وانهاء الحرب.
اجتماع رباعي:

أنهى مسؤولون من أفغانستان وباكستان والصين والولايات المتحدة، الثلاثاء 19 يناير2016، جولة ثانية من الاجتماعات بدعوة حركة طالبان للدخول في محادثات سلام مع الحكومة الأفغانية.
وفي بيان مشترك أصدرته وزارة الخارجية الأفغانية أمس الاثنين، دعت مجموعة التنسيق الرباعية التي تضم دول الأربع، "كل الجماعات المنضوية تحت لواء طالبان إلى الدخول في محادثات مبكرة مع الحكومة الأفغانية لحل كل الخلافات سياسيا".
وتحدث البيان عن "إحراز تقدم صوب إطلاق محادثات سلام مع طالبان"، لكنه لم يقدم أي تفاصيل في هذا الشأن، علما بأن كابل كانت قد تحدثت في الأسبوع الماضي عن استعداد عناصر من طالبان للتفاوض.
من جانبه، قال وزير الخارجية الأفغاني صلاح الدين رباني خلال الاجتماع إن أي تأخر من جانب طالبان في المشاركة في العملية لن يؤدي سوى إلى عزل الجماعة، مضيفا أن الشعب الأفغاني "لن يقبل ولن يثق في عملية سلام طويلة الأمد دون نتائج".
وبدأت مجموعة التنسيق الرباعية اجتماعاتها في إسلام آباد قبل أسبوع، ومن المقرر أن تجتمع هناك مجددا في 6 فبراير لمقبل دون أن يكون معروفا ما إذا كانت طالبان ستقبل الدعوة للمشاركة في المفاوضات أم لا، علما بأنها سبق أن تفاوضت مع الحكومة الأفغانية مباشرة في يوليو الماضي قرب إسلام آباد، لكن سرعان ما تعثرت المفاوضات بعد الإعلان في الشهر نفسه عن وفاة زعيم طالبان الملا محمد عمر.
والتقي ممثلون للدول الـ 4 في كابل لاستئناف عملية السلام التي انهارت الصيف الماضي، في مسعى لجمع بين ممثلي الحكومة الأفغانية وحركة طالبان في مفاوضات مباشرة بشأن مستقبل البلاد.
وكانت جولة سابقة من المحادثات عقدت في إسلام أباد قبل أسبوع ولم تحضرها طالبان التي تسيطر حاليا على مساحة من الأراضي الأفغانية أكثر من أي وقت مضى.
وكان مسؤول كبير في الحكومة الأمريكية، قد صرح سابقا، أن حركة طالبان الأفغانية لم تقرر بعد الانضمام إلى جهود السلام الجديدة، بالرغم من الحاجة الملحة إلى بدء المحادثات قبل بدء موسم قتال الربيع في أبريل.
يذكر أن الدول الـ4 اتفقت على عدم استبعاد أي جماعة أفغانية من المحادثات، وعدم وضع أي شروط مسبقة للانضمام إليها.
تقارب باكستاني أفغاني:

وفي 28 ديسمبر، أعلنت باكستان وأفغانستان، أنهما ستعقدان اجتماعا مع الصين والولايات المتحدة مطلع يناير المقبل، لاستئناف محادثات السلام بين حركة طالبان الأفغانية وكابل.
وعقد رئيس أركان الجيش الباكستاني رحيل شريف، محادثات في كابل مع الرئيس أشرف غني ورئيس الحكومة عبد الله عبد الله، اتفقوا خلالها على عقد لقاء رباعي خلال الأسبوع الأول من يناير2016، حسبما أعلن المتحدث باسم الجيش الباكستاني عاصم بجوا.
وأعلنت الرئاسة الأفغانية في بيان، أن ممثلين للدول الأربع سيشاركون في هذا الاجتماع الذي لم يعلن مكانه، إلا أن حركة طالبان الأفغانية لم تعلق بعد على هذا الإعلان.
واستقبلت باكستان الصيف الماضي على أراضيها محادثات بين كابل وطالبان، تحت إشراف الصين والولايات المتحدة، وكان من المفترض عقد جولة ثانية من هذه المحادثات إلا أنها علقت بعد إعلان وفاة الملا عمر مؤسس الحركة.
ويعد التقارب في العلاقة بين افغانستان وباكستان من اهم العوامل التي تساهم في انهاء الصراع بالبلاد، فقد كانت باكستان واحدة من ثلاث دول اعترفت بحكم طالبان لأفغانستان بين 1996 و2001، وطالما واجهت اتهامات أفغانية بأنها تدعم مقاتلي طالبان وتقدم ملاذا لهم.
موقف الحكومة الافغانية:

من جانبه، قال الرئيس الافغاني «أشرف غني» خلال اجتماعات منفصلة مع أعضاء البرلمان الأفغاني، والمجلس الأعلى للسلام الأفغاني ومجلس المجاهدين بأن الحكومة الأفغانية متفائلة بحذر حول الجهود الجارية بشأن عملية المصالحة الأفغانية.
وأضاف أن الحكومة الأفغانية تمكنت من ضمان شروطها لإجراء محادثات سلام بينما تعمل على حل جذور العنف المستمر في البلاد، مضيفا أنه تم الاتفاق على شروط الحكومة الأفغانية خلال الاجتماعات الثنائية والثلاثية والرباعية مع باكستان والولايات المتحدة والصين.
وأوضح، أن الحكومة متفائلة بحذر حول التحركات الإقليمية فيما يتعلق بعملية السلام بين الحكومة الأفغانية والجماعات المتشددة المسلحة المناهضة للحكومة وتابع غني قائلا إن المجتمع الدولي بات مقتنعا بأن الحرب في أفغانستان له أبعاد مختلفة والتي تشمل التمرد الذي يقوده إرهابيون دوليون وإقليميون .
واكد علي أنه يجب دراسة مختلف أبعاد الحرب في أفغانستان بعناية لتوضيحها للناس وإعلامهم بالوضع الصحيح حتي يكون لديهم توقعات واقعية بشأن جهود السلام واستمرار الحرب.
موقف طالبان:

وتشترط حركة "طالبان" الأفغانية قبل أي مفاوضات سلام انسحاب جميع القوات الأجنبية من أفغانستان التي أزاحتها عن السلطة في عام 2001، وتدعم الحكومة الموالية لها في كابول.
وأثارت الحوار مع حكومة كابل، خلافة بين قادة طالبان، في ظل الخلافات الذي وقع بين القادجة علي خلافة الملا عمر.
وأكد قيادي بارز سابقاً في حركة طالبان سيد أكبر آغا، ان هناك فصيلي من طالبان يتفاوضان مع الحكومة الافغانية ولكن اذا لم يجر التوصل الى سلام نهائي فلن يستتب الامن .
واضاف وزير العدل في حكومة طالبان، أن داعش ظاهرة جديده وعاجزة في أفغانستان وقال إن هذه الجماعة لا يمكنها أن تصمد أو أن تسيطر على مناطق أكثر ولهذا السبب فإن التوصل إلى سلام نهائي مع طالبان سيقود إرساء دعائم السلام الحقيقي في أكثر ولايات أفغانستان.
وقال أمير حركة طالبان الملا أختر محمد منصور، في رسالته بمناسبة عيد الأضحى عام 1436هـ للشعب قائلاً: “إن الإمارة الإسلامية بجانب بقية فعالياتها تقوم بمساعي سياسية أيضاً… إن المكتب السياسي للإمارة الإسلامية هو مكتب مختص مشغول بفعاليات منذ عدة سنوات والذي منحناه صلاحيات الاتصال بالجهات المتعددة والمفاوضات معها، إن المكتب السياسي أوصل رسالة الإمارة الإسلامية القائلة بأننا نريد العلاقات الحسنة والمشروعة مع دول الجوار والمنطقة والعالم، وخاصة الدول الإسلامية".
وظهرت الخلافات إلى العلن عندما انشق فصيل يقوده الملا محمد رسول أواخر العام الماضي، وفي ديسمبر أصيب الملا منصور بجروح خلال تبادل إطلاق نار نجم عن خلاف بين قادة في باكستان.
لكن هذه الخلافات لم تمنع الحركة من تكثيف عملياتها في كل أنحاء أفغانستان، وتمكنت في أواخر سبتمبر من السيطرة لثلاثة أيام على مدينة قندوز الكبرى في الشمال، وكانت هذه المرة الأولى التي ينجح فيها المتمردون في السيطرة على عاصمة ولاية منذ 2001.
وضاعف عناصر طالبان في الأسابيع الأخيرة الهجمات على رموز الوجود الأجنبي في البلاد، واستولوا على أجزاء واسعة من منطقة سانجين، مركز زراعة الأفيون، في ولاية هلمند التي تعتبر معقلًا لطالبان في الجنوب.
عوامل تساهم في النجاح:

سيتواصل جهود المفاوضات والحوار، مع تفاءل بصورة كبيرة بنجاحه، تساعده عوامل عديدة في مقدمتها ظهور تنظيم "داعش، الذي يشكل عامل ضغط علي طالبان بالتصالح مع الحكومة الافغانية وانهاء الصراع لمواجهة تنظيم"داعش" الذي بدأ يتمدد علي حساب حركة طالبان.
كما يساهم الرغبة الباكستانية الافغانية في انهاء الصراع في افغانستان من أجل ضمان حدودها وامنها، مع ارتفاع موجهة الارهاب ضد اسلام اباد من قبل جماعات متطرفة، ومخاوف حكومة باكستان من تمدد وانتشار تنظيم "داعش" في البلاد.
الدور الإيراني والرغبة في ضبط الحدود مع أفغانستان مع معاناة من تهريب السلاح والمخدرات من أفغانستان الي ايران، وضبط الحدود خاصة في اقليم بلوشستان، والذي تنشط فيه جماعات راديكالية مسلحة ضد حكومة طهران.
الرغبة الامريكية، في استقرار الوضع بأفغانستان وعدم اتاحة الفرصة لتمدد جماعات متطرفة موالية لتنظيم "داعش" في البلاتد مما يهدد جهود سنوات طويلة ل حفط الاستقرار والسلام في البلاد، وايضا يزيد من فاتورة الدعم الامريكية لحكومة كابل.
دخول روسيا علي خط العلاقات مع طالبان، ادي الي ضغط الولايات المتحدة علي حلفائها من أجل انهاء الصراع الدائر بالبلاد، وجلوس طالبان علي طاولة المفاوضات، وهو ما يعطي مؤشر علي التوصل الي اتفاق سلام.
كان ظهور الصين، والتي كانت بعيدة عن التدخل في الصراع بالبلاد، من اجل ضمان حماية اراضيها من تغول للجماعات المتطرف، عبر الحدود، في ظل تنامي تنظيم "داعش" الارهابي، ووجود جذور لتنظيم القاعدة وخاصة في اقليم "سنجان" او تركستان الشرقية.
كما يساهم التقارب الباكستاني الهندي في انهاء الصراع بأفغانستان، فرغم التنافس بين البلدين، أحياناً على النفوذ في أفغانستان، فإن مصالحهما مشتركة هناك وتتعلق أساساً بالأمن الإقليمي والتجارة. ويرجح أن يحظى الوضع الأمني في أفغانستان خلال الأسابيع المقبلة بمزيد من الانتباه والتعاون من كلا اسلام اباد ونيودلهي.
عوامل نجاح الحوار الرباعي من اجل الصلح والسلام في أفغانستان، يعطي مؤشرات قوية علي نجاحه.. ولكن يبقي راي قادة الحركة وخاصة اصحاب الكلمة العليا في عملية التفاوض وانهاء الحرب التي تستمر منذ 2001، فهل ستنتهي باتفاق سلام؟